رهن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون نهاية الأزمة الليبية بانتخاب رئيس للدولة في خطوة تُعيد إلى الواجهة التساؤلات بشأن من يعرقل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا حيث يُتهم الإخوان الذين يسيطرون على العاصمة طرابلس وامتدت أياديهم للهياكل المعنية بالانتخابات على غرار المفوضية العليا للانتخابات. ويرى مراقبون أن تصريحات تبون، التي أدلى بها لصحيفة لوبينيون الفرنسية الأربعاء، تكشف عن عدم رضا الجارة الشرقية لليبيا عن المحادثات الجارية الآن في المغرب ومصر من أجل إيجاد مخرج سياسي للأزمة ترعاه الأممالمتحدة. وقال الرئيس الجزائري إن ''السبيل الوحيد لإعادة بناء الدولة الليبية يمر عبر تنظيم انتخابات مهما كانت الصعوبات التي تواجهها‘‘، ما يؤشر على أن الجزائر انضمت إلى الدول التي تطالب بضرورة إرساء شرعية جديدة في ليبيا رغم تمسك الإخوان بشرعية حكومة الوفاق. وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد دعا هو الآخر إلى ضرورة تركيز شرعية جديدة في البلاد خلال زيارة له إلى فرنسا التي كانت قد نادت هي الأخرى بإرساء شرعية جديدة. وشبّه تبون الحالة الليبية ب''الجسم المنهار الذي يسعى الأطباء لتطعيمه بالأسبرين من أجل إنقاذه لكن دون جدوى‘‘، مضيفا أن ''الطريقة الوحيدة لإعادة بناء ليبيا هي الشرعية الشعبية، عن طريق تنظيم انتخابات مهما كانت الصعوبات‘‘. وأضاف الرئيس الجزائري أنه لا يمكن أن تتم إعادة توحيد المؤسسات دون الاتفاق على شخص مشروع ينتخب من قبل الشعب الليبي كله. ولكن تبون ربط كذلك تنفيذ هذه الخارطة بوقت طويل على حد تعبيره قائلا ''إن هذا الأمر سيستغرق وقتا، ربما ثلاث أو أربع سنوات، لكن مرت 9 سنوات منذ أن عرضت الدول المهتمة بالشأن الليبي حلولا صغيرة لم تقدم شيئا ولن تقدم شيئا على الإطلاق‘‘. وأشار تبون إلى خطورة الوضع في ليبيا مضيفا ''إنه مقلق للغاية خاصة بالنسبة لدول الجوار‘‘. ويأتي هذا الموقف الجزائري في وقت يستضيف فيه المغرب مباحثات أحرز فيها الفرقاء الليبيون تقدما ملموسا، وذلك في وقت يُتهم فيه إخوان ليبيا الذين يسيطرون على العاصمة طرابلس بعرقلة الاستحقاقات الانتخابية في البلاد الغارقة في الفوضى منذ سنوات. وتم تأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية مرارا في ليبيا لأسباب يُرجعها مراقبون لتوجس الإخوان من هزيمة محتملة لهم في هذه الاستحقاقات حيث لا يملك هؤلاء أي قاعدة شعبية. وأوصى مؤتمر باريس الذي انعقد في 2018 بضرورة إجراء انتخابات غير أن ذلك لم يتم حتى اقتراب نهاية 2019، رغم تجهيز دستور جديد للبلاد، ما جعل الجيش يشن هجومه على العاصمة من أجل تحريرها من قبضة الميليشيات. وفي وقت سابق اتهم رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح حكومة الوفاق بعرقلة إجراء استفتاء على الدستور الذي يعد إقراره أول خطوة نحو تنظيم انتخابات تنهي سنوات من الفوضى. ويرى متابعون للشأن الليبي أن الإخوان يعرقلون الانتخابات خشية هزيمة جديدة بعد تلك التي منيوا بها في 2014 ودفعتهم إلى الانقلاب على نتائجها من خلال ما عرف آنذاك بانقلاب فجر ليبيا الذي أغرق البلاد في فوضاها منذ ذلك الحين إلى الآن.