لايختلف اثنان في تونس أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لعبت دورا هاما في إنجاح عملية الانتقال الديمقراطي للسلطة وحسن سير أول انتخابات بعد ثورة 14 جانفي 2011. نجاح مكنها من فرض ذاتها في وقت سادت فيه الشكوك كل مراحل العملية الانتخابية، وأجمع أغلب الأطراف الفاعلة في البلاد إن لم نقل كلها على ضرورة بقاء هذا الهيكل المستقل على مدار السنة والإشراف على كل العمليات الانتخابية التي ستشهدها البلاد مستقبلا. وبين تأييد شديد ورفض ضمني في بقاء هيئة الانتخابات ما انفك رئيسها كمال الجندوبي في التوجه بطلب بقاء الهيئة سواء بمقابلة المعنيين بشكل مباشر على غرار مقابلته لرئيس الحكومة السابق الباجي القايد السبسي أو باللجوء إلى وسائل الإعلام بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011 لحشد أكبر عدد ممكن من المؤيدين وتفعيل طلبه. غير أن سلط الإشراف لم تقدم أي رد رسمي سواء بالرفض أو القبول ولم يحدد المجلس الوطني التأسيسي أجلا مسمى لأشغاله ولم يحدد أيضا موعدا للانتخابات القادمة الشيء الذي يطرح استفهاما كبيرا: ما هو مصير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات؟؟ لقد أكد كمال الجندوبي في أكثر من مناسبة أن هدفه الأساسي هو تفعيل عمل هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات على مدار السنة ولا يهمه أن وقع تسميته للإشراف على مهامها هو أو غيره... تصريحات تأتي في الوقت الذي قال فيه رئيس الحكومة حمادي الجبالي "قررنا تفعيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهناك اتفاق ضمني على إعادة تعيين كمال الجندوبي مهندس انتخابات الثالث والعشرين من أكتوبر، على رأسها". كما صرح الجبالي مؤخرا "ان تحديد موعد الانتخابات مرتبط بانتهاء اعمال المجلس الوطني التاسيسي" مضيفا انه بعد انتهاء المجلس من اعماله سيتم "اعطاء مهلة" تنجز على إثرها الانتخابات, و اكد على ان "الحكومة ستعد مشروع قانون حول الهيئة المستقلة للانتخابات لعرضه على المجلس" مبينا انه "لا شرعية اخرى غير شرعية المجلس "الا اذا قام بتفويض الحكومة لاختيار هذه الهيئة". و بين المجلس و الحكومة سيبقى الراي المهيمن لاحزاب الترويكا و النهضة خاصة التي ستسعى بكل الوسائل و الطرق الى تهيئة الاجواء الملائمة للظفر بالفوز في الانتخابات القادمة... قراءة و اشارات تطرح استفهاما ملحا: هل أن هيئة الانتخابات القادمة ستكون مستقلة؟