الجريدة: ياسر المعروفي: أطلقت عديد المنابر الإعلامية المقربة من الإسلاميين منذ مدة حملة واسعة ''لاسترجاع الثروات المنهوبة'' كما وصفها البعض أو ''الثورة الثانية'' على حد وصف قناة ''الزيتونة'' لمالكها أسامة بن سالم ابن القيادي في حركة النهضة المنصف بن سالم.
فجأة اكتشف الإسلاميون أن أرض الجنوب التونسي تعج بالثروات الطبيعية من بترول وغاز، ثروات ستدر علينا الخير العميم والرزق الكثير لتنطلق النظريات والتحليلات ''الاقتصاد-رعوانية'' وتتحفنا حول كميات من البترول كفيلة بأن تجعلنا أغنى من باقي دول الخليج مجتمعة ونوعية رفيعة من النفط لا تجدها من المحيط الأطلسي للهادي.. فجأة وبقدرة قادر ظهرت هذه الثروات الوافرة بعد مغادرة الترويكا للحكم. فطيلة 3 سنوات لم تظهر هذه النعمة التي من بها الله علينا لتظهر في حكومة جمعة التي لم تصارح الشعب بحقيقة الثروة التي وجدتها. إذا كانت تونس تسبح فوق بركة من النفط فلماذا لم يسارع الإسلاميون بحميتهم هذه ووطنيتهم العالية إلى تأميم الثروات وإغلاق الباب أمام ''المستعمرين الجدد''. الخطير في الأمر ان هذه الحملة تقوم على التفرقة بين أفراد الشعب الواحد واللعب على عامل الجهويات عبر تمرير رسائل خطيرة مفادها ان هناك مؤامرة من العاصمة والساحل لإقصاء الجنوب وإبقائه تحت الهيمنة وحرمان أهالي الجنوب من ثرواتهم كل ذلك بخطاب شعبوي تحريضي لا يستند على مبررات أو دلائل ملموسة. فقد مررت قناة ''الزيتونة'' تقريرا حول ما أسمته ''بانتفاضة الجنوب'' (العنوان يعج بالايحاءات الجهوية المقيتة) وكان تقريرا موجها يحرض أهالي الجنوب على الخروج والتظاهر ل''استرجاع حقوقهم المنهوبة وثرواتهم المسروقة'' ويتهم دوائر القرار السياسي بتعمدها اخفاء الحقيقة.. يبدو ان الإسلاميين وبالخصوص حركة النهضة استباحت كل الوسائل المشروعة منها وغير المشروعة في حملتها القادمة أول هذه الوسائل اللعب على عامل الجهويات وتحريك هذا المارد الذي عانت تونس من ويلاته سنينا طويلة في سبيل الوصول إلى سدة الحكم. يبدو ان حملة النهضة الانتخابية اتخذت من شباب مناطق الجنوب المهمشة وقودا لنارها دون دراية ان هذه النار ستأتي على الأخضر واليابس. كان الاسلاميون قبل اشهر قليلة يشتكون من تعطيل الاقتصاد ويتهمون اليسار والاتحاد ب''وضع العصا في العجلة'' لنجدهم اليوم في الصفوف الأولى لما وصفوه ب''ثورة الجنوب'' و''الثورة الثانية'' ومنهم حتى من وصفها ب''الثورة الاسلامية''. طبعا لا يمكن لأحد أن يصادر حق أهالي الجنوب بل وحق كل التونسيين في الاحتجاج للترفيع من مستوى معيشتهم وتحقيق التنمية المحلية وحقهم في الثروة الوطنية إلا أن استغلال معاناة أهالي تطاوين ومدنين وغيرها من مدن الجنوب لأهداف سياسية ضيقة والركوب على الاحتجاجات عبر أدلجتها واعطائها بعدا سياسيا هذا ما لا يمكن القبول به وهو ما سيدفع بانهيار الدار على كل ساكنيها.