الجريدة: ياسر المعروفي أطلق أمس الناطق الرسمي باسم رئاسة الحكومة نضال الورفلي صيحة فزع نبّه من خلالها إلى خطورة الوضع الاقتصادي واستفحال العجز التجاري بما صار يتهدد رواتب التونسيين وموارد عيشهم.
هذه الوضعية التي انحدرت فيها البلاد يعرف المتابعون للشأن السياسي والاقتصادي أنها نتيجة طبيعية ومتوقعة للأداء المهتز والمرتعش لحكومتي الترويكا قبل ان تسلم دكة قيادة البلاد في منعرج خطير لحكومة جمعة التي سارعت لايجاد حلول سريعة ومستعجلة كان ابرزها التعويل على العلاقات الخارجية والصداقات لانعاش الاقتصاد الوطني. ولكن رغم كل المجهودات الدبلوماسية والسياسية لاقناع شركائنا واصدقائنا بضرورة دعم المسار الانتقالي تبقى هناك حجرة عثرة ف''ساكن قرطاج'' المسؤول الأول عن العلاقات الخارجية ورغم سلسلة هفواته الدبلوماسية والسياسية ''القاتلة'' لا زال متمسكا بكرسي الرئاسة محاطا بما تبقى في حزبه المؤتمر من أجل الجمهورية في تحد لكل الشرعيات السياسية والانتخابية والتوافقية. فالرجل الذي صعد لقصر قرطاج بعدد أصوات لا يتجاوز ال10 الاف صوت لا زال يتمسك بشرعية موهومة لا تظهر إلا في خياله معتبرا نفسه شرعيا والحال أن حلفائه قبل معارضيه اقروا بانه ''غير شرعي'' وان عليه مغادرة قصر قرطاج وآخر هذه الدعوات صدرت من رئيس حكومة الترويكا الأولى حمادي الجبالي الذي دعاه صراحة للانسحاب والامتثال لقانون الانتخابات والانطلاق من نفس المسافة مع بقية المترشحين. من جهة أخرى فإن المرزوقي وبعناده المعهود يقلل احترامه لكل المنظمات الوطنية وللمنجز الوحيد الذي خرجت به الثورة الا وهو الحوار الوطني كما انه لا يحترم أولى مبادئ الشرعية التوافقية، هذه الشرعية التي اصطفت ورائها كل القوى الوطنية لحماية النتقال الديمقراطي من الانهيار، والتي تنص في اولى بنودها على ضرورة تحييد السلطة التنفيذية على كل التجاذبات السياسية الحزبية. فساكن القصر تحصّن وسط بضعة أصدقائه من حزب المؤتمر، هذا الحزب ''الميكروسكبي'' الذي لم يعد يتجاوز الصفر فاصل في كل استطلاعات الرأي وهو ما جعل من قصر قرطاج وموارده المالية والبشرية حكرا لهذا الحزب يتصرفون فيه كإقطاعية خاصة ومنبرا يطلقون منه حملاتهم الانتخابية. ويتعلل عدد من ''محتلي'' القصر بأن الانتخابات على الابواب وأن اي تغيير قد يطرأ على الرئاسة في هذه الفترة سيعطل المسار الانتقالي ولكن هذه الحجة واهية فالتغيير إن حصل سيرسل رسائل ايجابية للخارج والداخل وسيدعم أداء الدبلوماسية التونسية خاصة في هذه الفترة الحساسة أضف لذلك فإن الانتخابات لن تصير حسب الخبراء قبل 8 اشهر من الآن وهي فترة طويلة نسبيا. أخيرا على السيد المنصف المرزوقي وهو الذي لا يفوّت مناسبة إلا ويذكرنا فيها بماضيه ''الزاخر'' و''بطولاته'' التي لا يشق لها غبار في ارساء الديمقراطية أن يحترم أولى مبادئ الديمقراطية وهي الانطلاق على قدم المساواة مع بقية المرشحين دون استغلال المرافق العمومية ومؤسسات الدولة لأغراض حزبية وهو ما لم يستجب له سيادة الرئيس.