الدفع مقابل الإستمتاع بالبحر: هذا ما ينصّ عليه القانون    أرقام "خيالية": هذه أسعار الدروس الخصوصية لتلاميذ الباكالوريا    كاس تونس لكرة القدم : تعيين مقابلات الدور ثمن النهائي    عاجل/ وزارة الرياضة: سيتم رفع عقوبات وكالة مكافحة المنشطات قريبا    وقفة احتجاجية أمام مقر الاتحاد الأوروبي بتونس    لطفي الرياحي: 3000 مليار كلفة الدروس الخصوصية في تونس !    حوادث مرور: 376 قتيلا منذ بداية سنة 2024    الزمالك المصري يعترض على وجود حكام تونسيين في تقنية الفار    القصرين: الاحتفاظ يشخص من اجل الاعتداء على محامي بالة حادة    أبطال أوروبا: دورتموند الأكثر تمثيلا في التشكيلة المثالية لنصف النهائي    زغوان: حجز 94 طنا من الأعلاف غير صالحة للاستهلاك منذ افريل المنقضي    يمنى الدّلايلي أوّل قائدة طائرة حربية مقاتلة في تونس    عاجل/ حادثة اعتداء امرأة على طفليها: معطيات جديدة وصادمة..    دراسة صادمة.. تناول هذه الأطعمة قد يؤدي للوفاة المبكرة..    السلطات السعودية تفرض عقوبة على كل من يضبط في مكة دون تصريح حج.    قفصة: المصادقة على بعث موارد رزق لفائدة 22 عائلة    الزغواني: تسجيل 25 حالة تقتيل نساء في تونس خلال سنة 2023    قضية مخدّرات: بطاقة ايداع بالسجن في حق عون بالصحة الأساسية ببنزرت    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    حماية الثروة الفلاحية والغابية من الحرائق في قابس....و هذه الخطة    الثلاثي الأول من 2024: تونس تستقطب استثمارات خارجيّة بقيمة 517 مليون دينار    مقارنة بالسنة الفارطة: تطور عائدات زيت الزيتون ب91 %    العالم الهولندي المثير للجدل ينفجر غضباً..وهذا هو السبب..!!    الفيلم العالمي The New Kingdom في قاعات السينما التونسية    على طريقة مسلسل "فلوجة": تلميذة ال15 سنة تستدرج مدير معهد بالفيسبوك ثم تتهمه بالتحرّش..    مائة ألف عمود إنارة عمومي يعمل فقط من بين 660 ألف مالقصة ؟    4 جوائز لمسرحية تونسية بمهرجان مفاحم الدولي لمسرح الطفل بالمغرب    الرابطة الأولى: الغموض والتشويق يكتنفان مواجهات مرحلة تفادي النزول    البطولة العربية لألعاب القوى للشباب: ميداليتان ذهبيتان لتونس في منافسات اليوم الأول.    عاجل/ نشرة استثنائية: أمطار متفرقة بهذه المناطق..    قفصة: القبض على شخص بصدد بيع تجهيزات تستعمل للغشّ في الامتحانات    كتاب«تعبير الوجدان في أخبار أهل القيروان»/ج2 .. المكان والزّمن المتراخي    نقطة بيع من المنتج الى المستهلك: هكذا ستكون الأسعار    آخر أجل لقبول الأعمال يوم الأحد .. الملتقى الوطني للإبداع الأدبي بالقيروان مسابقات وجوائز    «قلق حامض» للشاعر جلال باباي .. كتابة الحنين والذكرى والضجيج    هل انتهى القول في قضية تأصيل الأدب ؟    بطولة روما للتنس للماسترز : انس جابر تواجه الامريكية صوفيا كينين في الدور الثاني    بطولة الكرة الطائرة: نتائج منافسات الجولة الرابعة لمرحلة "السوبر بلاي أوف" .. والترتيب    كلمة أثارت'' الحيرة'' لدى التونسيين : ما معنى توطين و مالفرق بينها و بين اللجوء ؟    إذا علقت داخل المصعد مع انقطاع الكهرباء...كيف تتصرف؟    محمد بوحوش يكتب...تحديث اللّغة العربيّة؟    مدْحُ المُصطفى    ستنتهي الحرب !!    يهم التونسيين : ما معنى التضخم ولماذا ترتفع أسعار السلع والخدمات؟    "ألقته في نهر التماسيح".. أم تتخلص من طفلها بطريقة صادمة    بعد التقلبات الأخيرة: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة بداية من هذا التاريخ    وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي تنبه من خطر قائم    عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين جراء قصف متواصل على قطاع غزة    سالفيني عن ماكرون بعد اقتراحه إرسال جنود إلى أوكرانيا: "يحتاج إلى علاج"    بدء تشغيل أكبر محطة في العالم لامتصاص التلوث من الهواء    أعوان الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية يهددون بالإضراب    يديمك عزي وسيدي ... أصالة ترد على شائعات طلاقها من فائق حسن    معهد باستور: تسجيل ما بين 4 آلاف و5 آلاف إصابة بمرض الليشمانيا سنوياّ في تونس    90 % من الالتهابات الفيروسية لدى الأطفال لاتحتاج إلى مضادات حيوية    عاجل/ فضيحة تطيح بمسؤولة بأحد البرامج في قناة الحوار التونسي..    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"عبد الوهاب الهاني" (رئيس حزب المجد) ل "التونسية" : نعم، هناك أطراف تراهن على إسقاط الحكومة وإفشال المعارضة
نشر في التونسية يوم 10 - 03 - 2012

مطلوب دستور توافقي بقطع النظر عن التمثيلية العدديّة في المجلس التأسيسي
أيّ تحوير للفصل الأول من الدستور القديم هو إخلال بالتوافق التاريخي بين التونسيين حول الهوية ومدنيّة الدولة
أدعو الحكومة إلى الابتعاد عن منطق التصادم
هذا موقفنا من مشروع إلغاء العمل بالمرسوم 106

ضيفنا اليوم في هذا الحوار المطوّل هو السيد عبد الوهاب الهاني رئيس «حزب المجد» والناشط الحقوقي واللاجئ السياسي بفرنسا على مدى 20 عاما.
كيف يقيّم الرجل الوضع السياسي والاجتماعي بالبلاد؟ وما رأيه في سياسات الحكومة إزاء القضايا التي تشغل الشارع؟ وماذا يقول عن الاتهامات الموجهة لبعض أطراف المعارضة بالتآمر لإسقاط الحكومة؟ وما موقفه من التوتر الحاصل مؤخرا بين السلطة واتحاد الشغل؟ وماذا عن مشاريع تحالف حزبه مع بعض الأحزاب الأخرى؟ ثم أيّ دستور يرى السيد عبد الوهاب الهاني أصلح لتونس؟ وكيف ينظر إلى مشروع المرسوم 106.
حول هذه القضايا وغيرها كان ل «التونسية» معه المصافحة التالية:
يلاحظ في فترة ما بعد انتخاب المجلس الوطني التأسيسي أن «حزب المجد» غائب عن الساحة السياسية، فما هي الأسباب؟
«حزب المجد» منكبّ منذ فترة على عملية توزيع الأدوار بين أنصاره أو بالأحرى نحن منشغلون بالبناء الداخلي الذي تبيّن أنه يعاني من بعض الإخلالات، إذ تمّ التفطّن مؤخرا إلى نقص في التأطير السياسي للمنخرطين وإلى مشاكل هيكلية على المستوى المحلي والجهوي، ولابدّ ل «حزب المجد» من تجاوز هذه النقائص حتى يتفادى السقوط في انقسامات وصراعات ينجرّ عنها تفكك أوصاله.
هل هناك نيّة في الانصهار مع أحزاب أخرى؟
بعد الانتخابات، أجرينا حوارات مع أحزاب وقائمات نلتقي معها في قواسم مشتركة بهدف بناء جبهة يكون لها تأثير في الرأي العام، ويكون لها «قدم» في الانتخابات القادمة ويمكن أن تمثل بديلا حقيقيا ل«الترويكا» بتقديمها لحلول عملية وواقعية للخروج ببلادنا من الأزمات التي تعيشها خاصة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، حيث أن الانهماك في إعداد تصوّرات وبرامج جديدة تتلاءم ومميزات وخصوصيات المرحلة أمر ضروريّ والانصهار في تحالف يتطلّب الحفاظ على مبادئ «حزب المجد» الوسطية والمتمسّكة بالدفاع عن الهوية العربية الإسلامية والانفتاح والحداثة وترسيخ مبادئ المواطنة.
وسعيا منّا لدمج هذه «التوليفة» مع ما يتوافق وتوجّهنا السياسي تحدّثنا والقائمين على بعض الأحزاب على غرار «حزب الإصلاح والتنمية» و«حزب التحالف من أجل السلم والنماء» و«حركة مواطنة» و«الحزب التونسي»... وتحدّثنا مع عبد الفتاح مورو وعدّة قوائم أخرى، كما أجرينا حوارات مع «حركة الديمقراطيين الاشتراكيين» و«الحزب الاجتماعي التحرّري» ومع مناضلين من «حزب التكتل من أجل العمل والحريات» ومناضلين من «المؤتمر من أجل الجمهورية» وآخرين من «الحزب الديمقراطي التقدّمي» و«حزب آفاق» ومع مرشحين عن «العريضة الشعبيّة".
كما جاءتنا طلبات الانخراط عديدة من قبل عدّة أحزاب.
ما هو برنامج الحزب المستقبلي؟
نحن بصدد التحضير ل«منتدى المجد» ونسعى لتحويل هذا المنتدى إلى مؤسسة للدراسات السياسية بهدف المشاركة في الحوار الوطني حول القضايا الكبرى وهدفنا الانفتاح على النخبة والاستفادة من كفاءاتها وتمكينها من المشاركة دون إجبارية الانتماء إلى الحزب.
كما أننا بصدد إعداد خطّة للإعلام والاتصال لتأمين حضور الحزب في وسائل الإعلام والخروج عن الحضور الموسمي مع تنظيم الظهور، ويأتي هذا الإجراء في إطار «مواجهة» مشهد إعلامي يتميّز بالتركيز أساسا على مواقف الحكومة وإبراز أعضائها وإهمال باقي مكوّنات المشهد السياسي.
كيف تصفون الموقع السياسي ل«حزب المجد»؟
لقد اخترنا موقعنا السياسي بعد الانتخابات مباشرة وقرّرنا عدم «الموالاة» ل«الترويكا» والابتعاد عن الانخراط في صفّ المعارضة الصدامية الآلية لكلّ ما تقوم به الحكومة واخترنا موقع المساندة النقدية للحكومة وذلك بدعمها عندما تأخذ الإجراءات الصحيحة ونقدها عندما تخطئ الطريق مع تقديم الحلول العملية الواقعية لأنّ بلادنا اليوم في حاجة إلى صوت العقل.
هل من أمثلة عن مواقف الحكومة التي ساندتموها؟
عبّر «حزب المجد» عن مساندته لعديد المواقف الحكومية على غرار الاستشارة الوطنية للتنمية الجهوية التي كنّا قد طالبنا بها سابقا.
... وما هي نقاط المؤاخذة على سياسة الحكومة القائمة حاليّا؟
عبّرنا عن نقدنا لعديد الإجراءات بخصوص السياسة الخارجية التي تتميز بالتخبّط والفوضى إلى درجة أنها بدأت تهدّد المصالح العليا للبلاد ومنها طرد السفير السوري وقد كان موقفنا منذ الصائفة الفارطة، دعوة السفير التونسي في سوريا ودعوة نظيره السوري للاحتجاج والتعبير عن موقف تونس الرّافض للقمع، كما أننا كنا قد شاركنا في عضوية التنسيقية الوطنية لمساندة الشعب السوري ولكننا فوجئنا بالقرار الانفعالي بطرد السفير السوري... ولا يمكن أن نصف هذا القرار إلاّ بأنه قرار متسرّع شكلا ومضمونا.
هذا بالإضافة إلى أننا أعربنا عن استيائنا عن الغموض الذي اكتنف «مؤتمر أصدقاء سوريا» الذي نرى أنه كان مطيّة لتنفيذ أجندات لا علاقة لها بمصلحة الشعب السوري الشقيق إذ يعلم الجميع أن هناك تنسيقا أمريكيّا فرنسيا تركيا قطريا يريد رسم وفرض خارطة جديدة للمنطقة، ولا يخفى عن الجميع الصراع الخفي على الزعامة بين السعودية وقطر بالإضافة إلى صراع استراتيجي بين تركيا وإيران.
هذا دون الحديث عن الرغبة الأمريكية الإسرائيلية في محاصرة المقاومة الفلسطينية للاحتلال وتقليم أظافرها... كلّ هذه المعطيات لم يأخذها وزير الخارجية والرئيس المؤقت بالاعتبار إلى جانب عدم التفكير في الانعكاسات الجيواستراتيجية لهذا المؤتمر، ثم فوجئنا ببلاغ الرئاسة المؤقتة للجمهورية تعبّر فيه عن استعداد تونس لاحتضان «بشار الأسد» وتمتيعه بالحصانة، وهو عين التناقض والفوضى الديبلوماسية، وهو ما يمكن تفسيره بقلّة التجربة وقلّة الخبرة، فالمطلوب اليوم تنظيم حوار بين مختلف الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي لتحديد ثوابت الديبلوماسية الجديدة وخياراتها بعد الثورة مع ضرورة التأكيد على الابتعاد عن القرارات الاعتباطية والانفعالية والفردية.
ما رأيكم في تعيينات الولاّة مؤخّرا؟
شأن التعيينات كشأن قطع العلاقات مع الدول حيث لم يتمّ الاستماع إلى المجلس الوطني التأسيسي باعتباره السلطة الشرعية الوحيدة للبلاد ولم يتمّ التشاور داخل مجلس الوزراء رغم أن الديمقراطية تقتضي أن يتمّ تداول القضايا الخطيرة والمهمّة، وحتى التعيينات في السلك الديبلوماسي أو الولاّة كان من المفروض أن تعلن إثر مداولات في مجلس وزاري وليس عبر بلاغات صامتة يصدرها رئيس الحكومة أو رئيس الدولة أو رئيس المجلس التأسيسي.
ما هو تقييمكم لطريقة تعامل السلطة الحاكمة مع اتحاد الشغل؟
عديد المسائل توحي بفشل التجربة التونسية بعد تفشّي أخبار عن «إمارة سجنان» وبروز السّلفية ومحاولات قمع الإعلام وخاصة الصراع مع الاتحاد العام التونسي للشغل... لقد انتقدنا السياسة الصدامية التي انتهجتها الحكومة مع الإعلام ومع اتحاد الشغل والنخبة ودعونا إلى التهدئة وفتح قنوات الحوار والبحث عن التوافق.
وقد لاحظنا أن الحكومة عدّلت هذه السياسة وبدأت في التفاوض وإبعاد تدريجي للوجوه الصدامية.
كما انتقدنا أيضا النزعة الصدامية والمطلبية المجحفة التي حرّكت عديد النقابيين مما أدّى إلى تسييس القضايا الاجتماعية وألحق الضرر بمصالح المواطنين.
هل تراهن «أطراف مجهولة» على إسقاط الحكومة؟
نعم، هناك قوى تراهن على إسقاط الحكومة وعلى إفشال المعارضة وتشويهها وتخوينها لدى الرأي العام.. ولكن ذلك لن يحول دون أن نكون صارمين في مراقبة الحكومة وفي النقد البنّاء حرصا على نجاح التجربة.
هناك أصوات تنادي بأن تكون الشريعة الإسلامية مصدر التشريع الرئيسي في الدستور، ما رأيكم؟
يجب أن يكون الدستور توافقيّا بين كلّ فئات المجتمع وكلّ قواه السياسية ومدارسه الفكرية بقطع النظر عن حجم التمثيلية العددية داخل المجلس الوطني التأسيسي وهو ما يتطلّب بناء مناخ ثقة وحوار وبحث دؤوب عن القواسم المشتركة بين كلّ التونسيين حتى يكون هذا الدستور ضامنا للحقوق وللحريّات وضامنا للاستقرار الدائم لبلادنا، فالمجلس التأسيسي ليست لديه الحريّة المطلقة لكتابة الدستور الذي يريد لأنه مفوّض من طرف الشعب الذي قاد الثورة ليعبّر عن مطالب واضحة وأهمها التشغيل ومكافحة الفساد والاستبداد.
والمطلوب أن يلبّي الدستور الجديد مطالب الشعب حتى يكون صالحا ليس لجيلنا فقط وإنما كذلك للأجيال القادمة. ولا يمكن ذلك إلاّ بتجاوز صراعات اللحظة بين علمانيين وإسلاميين، فهذا الدستور يأتي في ظرف تاريخي تراكمي ليس في قطيعة مع الماضي بل هو تجسيم وتتويج لمسار الإصلاح الذي عرفته بلادنا، بالإضافة إلى أن الدستور لا يتدخّل في العقائد ولا في العبادات، والمطلوب أن يحدّد الدستور هوية البلاد التاريخية والثقافية ويعيّن الحقوق والواجبات ويحدّد النظام السياسي ويضمن استقلالية السلطات.
وبخصوص مصطلح «تطبيق الشريعة» الذي يتداول في الآونة الأخيرة والذي يتمسّك به البعض فهو يحيل على تجارب طبّق فيها الإسلام بطريقة مشوّهة، هذا بالإضافة إلى أنه ليس من صلاحيات الدستور تعيين مصادر التشريع.
هذا بالإضافة إلى أن الفصل الأوّل من الدستور حدّد بطريقة توافقية الهوية السياسية للجمهورية وأيّ تحوير للفصل الأول من الدستور وللديباجة هو إخلال بالتوافق التاريخي الذي حصل بين التونسيين حول قضايا الهوية والطبيعة المدنية للدولة.
ومن الأجدى توجيه النقاش للفصول المتعلّقة بالنظام السياسي للبلاد وضمان عدم انحراف السلطة في المستقبل وسقوطها في ممارسات الاستبداد والفساد وهو ما طرحته الثورة.. فلم نسمع عن مظاهرة أيام الثورة طالب فيها الشعب بتغيير فصول الدستور المتعلّقة بالهوية لا باتجاه الدولة الدينية ولا باتجاه الدولة اللائكية.
ما موقفكم من قضية النقاب؟
لقد اقترحنا منذ البداية إحداث آلية موفّق جامعي في كلّ مؤسسة جامعية يحلّ النزاعات بطريقة سلمية تحفظ جامعتنا من الفوضى ومن العنف ومن إنتاج الجهل لأن إضرابا ب 3 أشهر هو أكبر كارثة يمكن أن تحصل لقيمة شهائدنا العلمية ولمكانة جامعاتنا. فالانقطاع عن الدراسة الذي دام 3 أشهر هديّة لأعداء الأمة وخصومها، وهنا أريد تقديم إشارة فقهية.. لقد قام الفقه المالكي ومدرسة أصول الفقه وخاصة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في نظريته حول مقاصد الشريعة الإسلامية بتحديد سلّم الأولويات ووضع على رأسها حفظ النفس وحفظ الدين وحفظ العقل ثمّ حفظ العرض والمال، فحفظ العقل ومنه العلم مقدّم على حفظ العرض، هذا بالإضافة إلى المسؤولية المدنية والجزائية التي تضمن السلم الاجتماعية، فلا يمكن أن تدخل طالبة منقبة للامتحان بتعلّة حفظ عرضها ويكون ذلك مدخلا للغشّ في الامتحانات أو للتحرش بالطالبات، فالتثبت في الهوية شرط لإقامة المسؤولية الأكاديمية والجزائية والمدنية.
ماهو موقفكم من انتشار التمذهب الديني والفكر التكفيري؟
تعايش التونسيون منذ القدم مع المذهب الإباضي والشيعي دون أن يؤدي ذلك الى الفوضى او الى العنف، أما هذا الفكر التكفيري فهو دخيل على الثقافة الإسلامية ودخيل على بلادنا والهدف منه تقسيم التونسيين الى مسلمين وكفار وتحويل الأنظار عن القضايا الأساسية التي تشغل المواطن وخاصة القضايا الاجتماعية والمعيشية.
وإني أنصح كل من أراد «الدعوة» من مشائخ القنوات الفضائية ان يتوجه الى الأمصار التي لا تدين بدين الإسلام.
حسب رأيكم ما الغاية من تواتر زيارات الدعاة الإسلاميين إلى بلادنا؟
على هؤلاء الدعاة ان يحترموا أن الفقه والافتاء مرتبطان بخصوصيات كل بلد وعليهم احترام السلم الاجتماعية وأن يمتنعوا عن كل ما من شأنه أن يساهم في تقسيم التونسيين.
وعلى الدولة أن تمنع كل خطاب يحث على الكراهية ويحرض المواطنين على مقاتلة بعضهم البعض وما ساءني في زيارة وجدي غنيم أنه اعتلى منبر الجامع الأعظم بالقيروان، منبر عقبة بن نافع، منبر الفقه المالكي، منبر الاجتهاد منذ قرون ليبثّ خطابا يجمّد العقل وما ساءني أيضا أنه اعتلى المنبر يوم الجمعة ليؤمّ الناس في فريضة صلاة الجمعة أي أنه فرض نفسه إماما على المسلمين في هذه البلاد هنا نتساءل عن دور وزارة الشؤون الدينية في المسألة!!!
ماذا تقولون عن اتهامات لطفي زيتون حول وجود مؤامرة على الحكومة بمشاركة عديد الأطراف؟
هي تصريحات غير مسؤولة تساهم في تأجيج الصراعات وتأزيم الوضع السياسي في البلاد عبر نزعتها الصدامية والتخوينية والانفعالية، وندعو الحكومة الى الابتعاد عن منطق التصادم مع الشركاء الاجتماعيين والسياسيين ومع الاعلاميين وإبعاد رموز التصادم لتوفير مناخ الثقة والحوار والشراكة. وإذا كانت للسيد زيتون معطيات تٌجرّم هذا الطرف او ذاك فعليه تقديمها الى القضاء وعليه ان يلتزم بخيار الحوار وإلا فإنه سيصبح عبئا على «الترويكا» التي عيّنته ليكون مستشارها السياسي فأصبح «المصادم» أو «الموتّر السياسي !".
ما رأيكم في مشروع إلغاء العمل بالمرسوم 106 المتعلق بسقوط جريمة التعذيب بعد مرور 15 سنة؟
المطلوب من العدالة الانتقالية تفعيل القوانين على كل الفترة الزمنية التي مورس خلالها التعذيب دون الالتزام بمبدإ سقوط الدعوى العمومية وتساقط الجريمة بالتقادم، وهو مبدأ لا يمكن احترامه إلا في الوضع العادي وليس في الوضع الذي جُمّدت وعُطلت فيه مقومات العدالة علما وأن هذا التفسير هو ما استقر عليه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول العدالة الانتقالية، وأصبح هذا التفسير يرقى الى مرتبة فقه القضاء الدولي في مجال العدالة الانتقالية وهو نفس التفسير الذي ذهبت اليه لجنة تقصي الحقائق حول الفساد والرشوة.
أين وصلت تحضيرات حزب «المجد» للاستحقاق الانتخابي القادم؟
أعتقد أن تونس دخلت اليوم في حملة انتخابية سابقة لأوانها تهدد بتحويل كل القضايا الى مادة للمزايدة السياسية الانتخابية وهو ما من شأنه أن يؤثر على أداء «الترويكا» وعلى المعارضة .
أما على مستوى حزب «المجد» فإننا نفصل بين الاستعداد للاستحقاقات الانتخابية القادمة ومراقبة أداء الحكومة، وبخصوص الاستعدادات فنحن بصدد بناء أرضية تحالفات لتكوين جبهة وسطية وإعداد التوجهات الرئيسية للإصلاحات الكبرى التي تحتاجها البلاد لتكون برنامجنا الانتخابي المقبل.
ما ردّك على حملات تشويه قياديي بعض الأحزاب على المواقع الاجتماعية؟
هناك حملات تشويه مغرضة خاصة على شبكة الاتصال الاجتماعي لتشويه النشطاء السياسيين وخاصة المناضلين الذين صمدوا أمام دولة الاستبداد ..عديد الأحزاب اعتمدت أسلوب التشهير وهتك الأعراض وتشويه الحقائق لمجابهة خصومها عوضا عن مقارعة الحجة بالحجة. ويجوز لنا اليوم ان نتساءل عن حقيقة الجهات التي تقف وراء هذه الحملات التي تُذكّرنا بأساليب النظام السابق.
وتعود الأسباب الكامنة وراء مساعي التشويه في فشل الاحزاب وخاصة حزب الأغلبية في تأطير قواعدها على شبكة «الفايسبوك» فأصبح كل مخالف ل «النهضة» عدوا يجوز التشهير به وهتك عرضه عبر الأكاذيب.
في ظل التجاذبات والحسابات السياسية القائمة ينظر بعض المحللين السياسيين بسيناريوهات عديدة من الممكن أن تشهدها بلادنا، فما هو السيناريو الذي يتوقعه عبد الوهاب الهاني للفترة القادمة؟
تونس على مفترق طرق إما ان ننجح في بناء الوحدة الوطنية وبناء مشروع للاندماج الوطني يصهر طاقات كل التونسيين من أجل البناء والنهوض ببلادنا وإما الانقسام وعودة التجاذبات والاحتقان المقيت الذي لن يؤدي الا الى تراجع المواطنة وإضعاف اللحمة الوطنية وهو أتعس السيناريوهات الممكنة. فالتحدي الرئيسي اليوم هو بناء الوفاق بين كل التونسيين حتى يشعر الجميع بأن الانتقال الديمقراطي هو مسؤولية الجميع.
ما سرّ زيارتكم لبعض البلدان الأوروبية؟
زرت فرنسا وسويسرا وإيطاليا وموريتانيا للمشاركة في حوارات حول حقوق الإنسان تهم الشراكة بين تونس ومحيطها، لأنني أعتقد أن بلادنا في حاجة الى الاستئناس بتجارب الآخرين وذلك كما علمنا ديننا الحنيف «الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحقّ بها".
وهذه الزيارات الهدف منها الاستفادة من تجارب الآخرين وإعطاء صورة ناصعة عن الثورة والمساهمة في الديبلوماسية غير الحكومية لخدمة المصالح العليا للبلاد.
ما موقفكم من أداء الحكومة؟
الحكومة أمامها خياران، إما الانطلاق في مسار الإصلاحات الكبرى التي لا تنتظر على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي حتى وإن أدى الأمر الى اتخاذ إجراءات غير شعبية آنيا لكنها تمهّد للانطلاق والنهوض على أسس سليمة بعد سنوات، وإما أن تعتمد أسلوب شراء السلم الاجتماعية، عبر إجراءات شعبوية الهدف منها إرضاء هذا وذاك لتتمكن من تقديم رصيد انتخابي يمكن «الترويكا» من التقدم الى الانتخابات القادمة دون التفكير في التبعات الكارثية لهذه الإجراءات على مستقبل البلاد.
وللأسف فإن الحكومة اختارت المنحى الثاني كما فعلت قبلها حكومة الباجي قائد السبسي والأمل الوحيد لتدارك الأمر أن يحيط رئيس الحكومة الحالية نفسه بمستشارين أكفاء يغلبون المصلحة العليا للوطن عن مصالحهم الحزبية والشخصية والنرجسية الضيقة.
بماذا تنصح المرزوقي؟
أدعو رئيس الدولة بتنفيذ ما وعد به بأن يتحول قصر قرطاج من سجن للرئيس إلى مكان مفتوح لخصومه قبل أصدقائه وأن يعتمد التشاور والحوار وتشريك الكفاءات الوطنية قبل أخذ القرارات المصيرية.
كلمة الختام؟
أدعو الجميع لتغليب المصلحة العامة والحفاظ على وحدة التونسيين والتونسيات والحرص الجماعي الدؤوب على بناء أقصى درجات الوفاق والحفاظ على مكتسبات الثورة مع الابتعاد عن إلغاء التاريخ والخطاب العدمي الذي يعتبر فيه المسؤول نفسه أول مسؤول شرعي يركبه جنون العظمة والقوة المغشوشة.
وأرجو أن يقع النظر في أهم القضايا المستعجلة كإشاعة الديمقراطية المحلية وخاصة ميدانية الجماعات العمومية المحلية التي تعاني من نقص وتراجع شديد في مواردها الذاتية.
كما أننا ندعو إلى إيلاء القضايا الكبرى الأهمية التي تستحقها وعلى رأسها التنمية والتشغيل والعلاقات الخارجية والأمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.