باهرة هي دورن في محيط المواقع التي أقيم بها المؤتمر الأممي الأخير لتغير المناخ، ومسار رحلات المشاركين من المطار إلى مركز الإجتماع... جميلة هي ومرتبة ، وبالغة الحفاوة، وحسن الضيافة والقبول.. زوارها كانوا بالآلاف من كل انحاء العالم.. صافحت إحداهن في طريقي للنزل وتبين أنها مشاركة من " غرينلاند" ، حدثتني بتقديرها لتونس رائدة الربيع العربي، وبشواغلها البيئية الراسخة، حيث دأبت على المشاركة في مختلف الإجتماعات الدولية البيئية الكبرى.. ود لامتناه.. بهرنا مضيفونا منذ نزولنا من الطائرة بعد رحلة جاوزت الثلاثين ساعة، عبر دبي، فقد خصصوا للمشركين في المؤتمر مرشدين ومضيفين وممرا خاصا ومركزا للتوجيه والغرشاد وحافلات تقلهم لكل الوجهات في دوربن، عن طريق مأوى ضخم للحافلات ، وهيئت بجواره ساحة اسطفت فيها مئات الدراجات العادية الموضوعة على ذمة المشاركين، مساهمة في النقل النظيف. تلفت الزائر لوحة فوتوضوئية عملاقة لتزويد أركان مركز الإجتماعات والمعارض بالطاقة "النظيفة" مئات من المنظمين واعوان الأمن ومن المتطوعين بأزياء مميزةن يتعاملون ببشاشة وود مع الزوار كامل ساعات اليوم.. ولمزيد المعلومات، أعد كتيب أنيق خاص بالمؤتمر وبالمدينة، سلم للضيوف، وشارة خاصة استخرجت خلال دقائق في مدخل مؤركز المؤتمر، وعشرات الممرات المخصصة للمراقبة المنية والثبت من الهوية ، كان المرور بها منسابا، مصحوب ببسمات لطيفة ملأى بالمودة.. تمخض الجمل؟؟ ماذا كانت الحصيلة إذن؟؟هل تمخض الجمل ف..في قمة تغير المناخ في دوربن؟؟ كثيرون يشتركون في هذا الإنطباع، وكثيرون توقعوا نهاية مخيبة لاشغال ، دارت فيه المفاوضات الحقيقية بعيدا عن الأضواء وفي قاعات مغلقة..حكمتها مصالح الدول الكبرى..القوى الصناعية التقليدية تشير لبقية الدول الكبرى/تلويثا/ وفي مقدمتها الصين..والتي ظلت تؤكد على أهمية حاجتها الإجتماعية والإقتصادية لمواصلة النمو، مستبعدة التساوي مع البقية/خاصة أمريكا/ في تعهدات غير عادلة، نظرا لاستحقاقاتها التنموية المتأكدة.. الولاياتالمتحدة التي لوقعت ولم تنضم لبروتوكول كيوتو، ظلت الرقم الصعب، ولكن الصين شاركت في خلط الأوراق..والإبقاء على التشويق إلى آخر لحظة.. الغرب يعتبر الصين الأكثر نهما للموارد الطبيعية ، وأنها إذا تركت على هواها ستستنزف الكوكب برمته..ولكنه لا يغفل الإشادة بخطواتها الإيجابية في الإتجاه السليم.. آيا كانت النتائج ،فإن المؤتمر الذي احتضنته مدينة دوربن ، تميز بجو عاصف طبعته تحركات متواصلة ل حشود من الناشطين البيئيين ، داخل الفضاء وأمام مداخل المركز، ومن بينهم ناشطو غرين بيس الذين تم طردهم، لتجاوزهم خطوطا حمرا في رأي المنظمين، وعدد من ناشطين كوريين ويابانيين معارضين للإنتشار النووي..وحشود ناشدت المشاركين والزوار ، بأشكال استفزازية مباشرة بالصياح بالمعلقات وحتى بالصراخ في وجوه المسؤولين واأعضاء الوفود بحتمية مواصلة وتجديد روح بروتوكول كيوتو الإتفاق الوحيد الموقع من معظم دول العالم في مجال تغير المناخ والذي تنتهي صلوحيته سنة 2012/السنة التي تحتضن فيها قطر الإجتماع 18 للأطراف المتعاقدة في إتفاقية تغير المناخ. ولفتت عديد الإحتجاجات بشكلها الطريف ومنها بالخصوص مفاجأة بعضهم رئيس جنوب إفريقيا برفع شعارات مناهضة في وجهه، مما اضطر الشرطة لتفريقهم، والبعض ممن اتخذ شكل شجرتين متحركتين تستغيثان العابرين للمشاركة المادية في إنقاذ الكوكب عبر التشجير. سؤال عالق؟؟ مع كل ما تنعم به الزوار، وما دار من حوارات وتبادل للتجارب والمعرارف والأفكار في مئات المحاور المتصلة بحماية البيئة والتعاون في تسريع التوجه نحو منع حصول المحظور بارتفاع درجات الحاراة خلال أقل من 20 عاما بنحو درجتين وأكثر، مع ما بذل من جهد في المعارض ولعروض والمبادرات الهامة واثرية من مختلف الجهات الحكومة والمدنية والمؤسساتية من شتى بقاع العالم.. مع هذا التناغم الرائع في لقاء وفود ممثلة لفسيفساء من نحو 190 دولة ، تحدثوا جميعا لغة واحدة ملؤها الشعور بالخطر الداهم والوعي بالكسؤولية الاكيدة نحو الكوكب والأجيال القادمة والمصير المشترك.. يظل السؤال..هل نجحت جنوب إفريقيا بمساعدة لهند والصين وغيرهما في إنقاذ الموقف، وإنعاش حصيلة مؤتمر دوربن، فإن جهد المنظمين لفت الإنتباه بالدقة وحسن التنظيم في اقتبال الضيوف وتسهيل الإجراءات الخاصة بالنقل والتوجيه والإيواء ومختلف المرافق خاصة داخل مركزي لمعارض والجلسات العامة والفرعية. كما تم تسهيل مهمة الإعلاميين بتخصيص جانب مهم من الفضاء مع توفير المرافق والوسائل اللوجستية للإعلاميين وللمشاركين (انترنت، هاتف مجاني عبر السكايب، نشريات يومية عن اشغال المؤتمر وحصيلة المفاوضات..) انتهت أعمال مؤتمر الأطراف في إتفاقية التغيرات المناخية مساء السبت 10 ديسمبر أي بعد يوم كامل من الوقت المدد، على بارقة أمل يتيمة، وغير متوقعة،بإعلان الدول الصناعية الكبرى تعهدها بالتوقيع على التزامات مقننة ومرقمة لتخفيضات محددة لإنباعاثاتها من الغازات المساهمة في الإحتباس الحراري وتغير المناخ. جاءت البشرى بعد يوم على أكبر تحرك إحتجاجي وقع قرب القاعة الكبرى لاجتماعات كبار المسؤولين ، تعبت قوات الأمن في تطويق والحد من تداعياته و"تشويشه" على مفاوضات اللحظات الأخيرة، وقد تكون أثرت شيئا ما في انتزاع القرار المبدئي الأخير.