بسم الله الرحمان الرحيم، الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، و الصلاة و السلام على سيّدنا محمّد و على آله و صحبه و التابعين.. أمّا بعد:...
إنّ الشباب هم ركيزة أساسية من أسس المجتمع، فلا يقوم مجتمع إلا بالشباب، ولا يستجلب العز إلا بالحفاظ عليهم، ولا يستدفع الذلّ إلا بالاعتناء بهم، فهم سرّ قوة هذه الأمة و أساس نهضتها.. وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم تربيتهم، والاهتمام بتكوينهم وتعليمهم وتنشئتهم، ويوم أن قتل السبعون من شباب الأنصار وكانوا من القرّاء كما في مسند الإمام أحمد: بقي النبي صلى الله عليه وسلم يدعو على من قتلهم واستمر في دعائه خمسة عشر يوما في صلاة الغداة، وما هذا إلا لفضلهم وعظيم أهميتهم.. وفي البيهقي أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لولا شباب خُشَّعٌ وبهائم رُتَّعٌ وشيوخ رُكَّعٌ لصب عليكم العذاب صبا "، فتجد أنّ النبي عليه الصلاة والسلام بدأ بالشباب وهو يتكلم عن أسباب حلم الله تعالى على عباده، في حين أنّ الشيوخ أكبر منهم سنًّا، وهذا يدلّ على عظيم فضلهم وبيان منزلتهم.. وهل كان الصحابة إلا شباب ؟، وهل الذين قاتلوا وجاهدوا لإيصال رسالة الإسلام والدفاع عنها إلا شباب ؟، وهل الذين دفعوا عن فلسطين و العراق إلا شباب ؟، وهل الذين دافعوا عن القدس إلا شباب ؟، بل حتى أهل الجنة هم شباب.. وهذا هو السر في استهداف الصهيونية العالمية للشباب المسلمين، هذا هو السر في الحرص على تمييعهم ونشر الرذيلة بينهم، وهم يعلمون جيدا أن الشباب إذا صُنعوا من جديد أعادوا المجد التليد على أنقاض ذلك الكفر العنيد.. فالاعتناء بالشباب في بلدان المسلمين وخصوصا المحتلة منها هو فريضة شرعية و واجب حتمي.. ومما يثلج الصدر أنّي زرت في إحدى رحلاتي إلى إحدى البلدان العربية، مؤسسة تعتني بالشباب اسمها: " مؤسسة شباب الغد "، وهي مؤسسة مستقلة تعتني بتربية الشباب على الكتاب والسنة فرأيتها نموذجا عربيا فريدا لمن أراد الاعتناء بهذا الجيل.. حيث تحتوي المؤسسة على مربين ينتهجون منهج القران الكريم وسنة سيد المرسلين في تربيتهم للشباب البالغ عددهم فيها 120 شابا، ويعتبر هذا الرقم في مثل هذه الظروف التي يمر بها العالم العربي رقما كبيرا.. ويركز المرّبون فيها على 4 سنوات في إعطاء المنهج موزّعة على العطل الصيفية والعطل القصيرة طوال العام.. فهذا نموذج يحتاج لمن يحتذي به، ولمن يدعمه، ولمن يسنده، ويحتاج أيضا إلى مضاعفة الجهود لاستحداث مؤسسات على غراره وهذا هو واجب الكل وفريضة الجميع كل على حسب طاقته.. فلنبدأ بذلك ولنعمل قبل فوات الأوان وسؤال الملكان، فإنّ التحدي قائم، والخطر داهم، والله المستعان.. و صلّى الله على سيّدنا محمّد و على آله و صحبه أجمعين.. لم يعد لنا مزيد و غدا هناك جديد