يسود انطباع الكثير من المراقبين والمحللين العرب ان عام 2012 سيكون إيرانيا بامتياز في الوقت الذي يبدو فيه الصراع في سوريا... جزءا من المواجهة المفتوحة بين طهران وأمريكا والتي تأخذ أشكالا متعددة : سياسية، اقتصادية وأمنية تضاف إليها في الفترة الأخيرة لمسات عسكرية مع ارتفاع لهجة التهديدات وأجواء الحرب كما قدم المراقبون العرب انطباعات حركة المواجهة المتصاعدة بين إيران وأمريكا في السنوات الأخيرة ستبلغ عام 2012محطة فاصلة يتوقف على نتائجها مستقبل المشروع الإيراني النووي ومستقبل الشرق الأوسط بهويته السياسية ونظامه الأمني وخارطته الجيوسياسية وبالتالي فان كل ما تشهده الساحتان الدولية والإقليمية خلال هذه الفترة من تحركات وتطورات لا يعدو كونه إظهارا لدرجة الاستعدادات التي تتطلبها المواجهة والانعكاسات للمستويات الخطيرة التي بلغها مسار الصراع المحسوم في المنطقة بين الأمريكيين والإيرانيين وما كاد الأمريكيون يحزمون أمتعتهم في العراق ونفّذوا انسحابا هادئا منظما حتى بدأ الإيرانيون في هجوم مضاد يشير خصوصا بإطلاق تهديدات وتحذيرات لم يسبق لهم ان أطلقوها بمثل هذا الوضوح تجاه كل من : -أولا : تركيا في حال تم الهجوم على منشاتها النووية من قبل قوات الأطلسي المنتصبة في الأراضي التركية. -ثانيا : تهديد العالم في حال فرض عليها حصار نفطي بقيامها بغلق مضيق هرمز -ثالثا : تحذير دول الخليج من عواقب قيامها بالتعويض عن إنتاجها النفطي في حال فرضت عقوبات غربية على النفط الإيراني بعد ما أعلن مسؤولون غربيون ان الدول النفطية في الخليج لا سيما المملكة العربية السعودية ستعوض عن النفط الإيراني في حال فرض عقوبات لإقناع الدول الآسيوية وخصوصا اليابان وكوريا والصين بتأييد العقوبات الغربية على صادرات إيران النفطية. لقد شكل الانسحاب الأمريكي من العراق حافزا لإيران لتثبت نفوذها في هذا البلد الذي يعد خط دفاع ثان عنها بعد خط الدفاع الأول المتمثل بسوريا وارتفاع مستوى العقوبات الأمريكية الأوروبية على إيران إلى حد تضييق الخناق عليها وإعلان حرب اقتصادية ضدها حملها على رفع درجة تهديداتها الى مستويات غير مسبوقة وهو ما أوصل المنطقة الى حافة الحرب التي أصبح وقوعها ممكنا عند أول خطإ في التقدير في ظل وضع شرق أوسطي يشهد تعبئة عسكرية متصاعدة ويبدو أشبه ببرميل بارود قابل للانفجار في اي لحظة ولكن الملاحظ ان التشدد الإيراني قابله سعي أمريكي الى تبريد المواقف والتهديدات الإيرانية قابلتها إشارات أمريكية تعكس عدم الراغبة في الانجرار الى حرب تلعب إسرائيل دورا أساسيا في تأجيجها وابرز هذه الإشارات الأمريكية وكما التقطها العديد من المحللين العرب نذكر : -قيام واشنطن بتمرير رسائل خاصة إلى الاسرائيلين لتحذيرهم من الإعداد لعمل عسكري منفرد ضد ايران. -اتخاذ أمريكا لقرار مفاجئ بالنسبة لإسرائيل والمتمثل في تأجيل المناورة العسكرية المشتركة للدفاع الجوي كان مقررا إجراؤها في أفريل المقبل وتم تبرير ذلك التأجيل برغبة أمريكا في خفض حدة التوتر مع إيران إضافة الى عدم إظهار التحالف الأمريكي الإسرائيلي في هذا الوقت العربي الحساس والدقيق وذهب محللون إسرائيليون الى حد اعتبار ان المناورة المشتركة ربما تكون أول ضحية لمحاولات أمريكا خلق أجواء للحوار مع طهران. -اعتماد أمريكا قناة ديبلوماسية ربما تكون القناة التركية عبر احمد داوود اوغلو وزير الخارجية لإيصال رسائل الى المرشد الأعلى خامنئي مفادها ان إغلاق مضيق هرمز خط احمر" إذن كل هذه الإشارات وغيرها تعكس حرص واشنطن على عدم الدخول في مواجهة مع إيران في الوقت الحاضر على الأقل ورغبتها في عدم الانزلاق الى مواجهة مفتوحة واليوم يتقاسم المناخ الأمريكي اتجاهان هما : -الاتجاه الذي يتزعمه الحزب الجمهوري وفيه تهديد جدي بورقة الحرب على ايران مجاراة للموقف الإسرائيلي - الاتجاه الذي يتزعمه اوباما وحزبه الديمقراطي الذي يريد الابتعاد عن الخيار العسكري واللجوء الى خيار العقوبات الاقتصادية الموجهة والاستمرار في ضرب المحور الإيراني في المنطقة وخط التواصل الجيوسياسي فيه وعلى كل حال يؤكد المراقبون العرب وحتى الأمريكيون انه يوجد حذر أمريكي راهن تجاه فكرة الحرب على إيران لعدة عوامل من بينها : خشية اوباما من ارتفاع أسعار النفط في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة او خشية من رد شامل يشمل السفارة الأمريكية في بغداد او تخشى مغامرة غير مضمونة النتائج في سنة الانتخابات الأمريكية. هوامش الصراع على سوريا جزء من المواجهة المفتوحة بين إيران وأمريكا الانسحاب الأمريكي من العراق يشكل حافزا لإيران لإثبات نفوذها في هذا البلد التشدد الإيراني يقابله سعي أمريكي لتبريد الموقف واشنطن مررت رسائل إلى اسرائيل تحذرها فيها من الإعداد لعمل عسكري منفرد ضد إيران اوباما يحاول الابتعاد عن الخيار العسكري واللجوء الى خيار العقوبات الموجهة ضد إيران تحسبا لسنة الانتخابات الأمريكية