ابرز نتائج الثورات التي اندلعت إلى حد هذا اليوم تمثلت في الجدل القائم حول دور الحركات... الإسلامية إبّان هذه الثورات والتي يمكن القول أنها وان كانت من أهم الأطراف المستفيدة من سقوط الأنظمة الديكتاتورية العربية فان ثمة استحقاقات سوف تواجهها هذه الحركات أبرزها على الإطلاق : -إن الحركات الإسلامية لم يكن لها دور بارز في إشعال الثورات العربية -أن الثورات العربية وان وفرت للحركات الإسلامية فرصة ربما توصف بالتاريخية فيما يتعلق بالشرعية والتمتع بالشرعية القانونية فإنها أيضا تحمل تحديات عديدة لهذه الحركات أهمها القدرة على العمل في بيئة متفتحة سياسيا وإيديولوجيا وهي التي اعتادت العمل في سرية ووفق بنية تنظيمية مغلقة تعتمد على التعبئة الفكرية والحركية إضافة الى قدرتها على التماسك والبقاء بشكل موحد دون التعرض لانشقاقات وانقسامات داخلية. الإسلاميون والركوب على موجة المد الديمقراطي وعموما فإن مستقبل الحركات الإسلامية والتحولات التي قد تطالها سوف يتوقف على ما قد تفضي إليه الثورات العربية الراهنة من نتائج على المدى الطويل والأشكال التي قد تتخذها الدولة العربية الجديدة سواء بالانتقال نحو نظم ديمقراطية حقيقية او الواقع مجددا في براثن الديكتاتورية. لقد طرحت التطورات الأخيرة في المنطقة العربية مفهوم العدوى الثورية او ما أطلق عليها بعض المنظرين "نظرية الدومينو" ،وهذا المفهوم يرتبط بما تحدث عنه صموئيل هنتكتون في نهاية القرن ال20 عن موجات المد الديمقراطي في العالم وينطلق هذا التصور من تناقض أهمية الحدود السياسية والجغرافية في عالم اليوم... وان ما يحدث اليوم في مدينة او قرية صغيرة في دولة من الدول النامية الصغيرة يمكنها ان تؤثر في مناطق بعيدة من العالم وينسحب هذا المنطق على ما حدث ويحدث في تونس ومصر ولبيا منذ بداية عام 2011 وانتشاره في البحرين واليمن وغيرها على الرغم من جاذبية فكرة المد الثوري وانتشار رقعة المطالبين بالحرية في الدول العربية التي يعاني مواطنوها من درجات مختلفة من القمع وكبت للحريات الفردية والجماعية وفقدان العدالة الاجتماعية والسياسية فان الواقع السياسي يجعلنا ندرك ان هناك غيابا لعدد من العوامل الموضوعية لقيام الثورات بما يضع عددا من القيود على احتمالية تحول عدد من الدول العربية التي تعاني من اضطرابات سياسية على درجة عالية مثل البحرين أولى درجات منخفضة مثل الأردن والمغرب والجزائر بمراجعة سياساتها وتقديم الإصلاحات او تعديل القوانين او التبشير بالديمقراطية. جيل الثورات العربية :ظاهرة مؤثرة في المجتمع ولئن استفادت الحركات الإسلامية من سقوط الأنظمة الديكتاتورية في تونس ومصر وليبيا فالعلماء الاجتماع بالخصوص يرون ان الشباب في هذه البلدان الثلاثة وفي كل البلدان العربية الذين يرومون التغيير نحو الأفضل على مستوى أنظمة الحكم يستحقون لقب "جيل الثورات العربية" واعتبروا ان هذا الجيل يتسم بمجموعة من الملامح التي تراوحت ما بين انخراطه في العولمة بقيمها والياتها مع ارتباطه بمحلية تكوينه الاجتماعي لجهة الهوية العربية والإسلامية. كما مثل الشباب العربي ابرز القوى التي مثلت المحرك الأول والحافز الأساسي للثورات والانتفاضات والاحتجاجات وهم يشكلون أكثر من ثلث سكان البلدان العربية وهذه الفئة تعاني ورغم ذلك وكما يقول علماء الاجتماع العرب من الإقصاء والتهميش جعلتها ساخطة على أوضاعها وتعد البطالة من أهم المشاكل التي يعاني منها شباب الدول التي انخرطت في الثورات على أنظمتها الحاكمة ،هذا بالطبع إلى جانب عوامل أخرى مثل تدني مستوى الأجور وسوء ظروف العمل ان وجد وتوفر ولكن لا يجب إهمال وكما يجمع علماء الاجتماع العرب مسالة معاناة الشباب العربي الثائر من الإقصاء السياسي حيث أدى غياب الحريات السياسية والمدنية وضعف الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان الى انصراف الشباب في الانخراط في العمل السياسي من خلال القنوات الشرعية . وفي هذا الإطار اجمع علماء الاجتماع العرب على ان ابرز الملامح الأساسية لجيل الثورات والانتفاضات العربية تتمثل في : *خروج هذا الجيل من رحم الثورات التكنولوجية والمعلوماتية وبالتالي فهو جيل يختلف عن أجيال الستينيات والسبعينيات والثمانينات جيل انخرط في العولمة وبالتالي لم تؤثر فيه الأبنية السياسية السلطوية في المنطقة العربية فاستخدام "الفايس بوك" وبقية وسائل الاتصال الاجتماعية ليست مجرد أدوات تواصل فحسب بل ان تلك الأدوات حملت قيما وأفكارا تسللت الى عقول هؤلاء الشباب و جعلتهم ظاهرة مؤثرة في الحراك الشامل للأمة في المجالات التنموية وفي الجوانب العلمية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وكمغير أساسي لمجتمعاتهم برمتها وكعنصر ثائر ومدرك لما يجري في المطابخ السياسية التي لم تعد مغلقة في وجوههم وأضحت في متناولهم بفضل الانترنات وغيرها كالتي نشرت وثائق ويكيليكس وملفات خطيرة حول خفايا الحروب وصفقات السلاح وغسيل الأموال والأدوار الاستخبارتية وفضائح السياسيين ونهب الثروات والفساد المالي لرجال الأعمال *تمازج العالمي والمحلي وهو شيء مهم فهم شباب الثورات العربية ،فهذا الجيل تخطى وكما يقول علماء الاجتماع العرب مرحلة "التدجين" وانخرط في بناء مجتمعات جديدة توائم عالميتهم مع محليتهم. وانطلاقا من أن الثورة وكما يعرف بها علماء السياسة والتاريخ هي "عملية تغيير كامل لأوضاع المجتمع نحو الأحسن" فان الشباب العربي أصبح العنصر الأساسي في عملية التغيير هذه إذ من طبيعة الشباب انه يعمل على التغيير نحو ما يعتقد انه الأحسن ومن طبيعته أيضا رفض الجمود والتلكؤ في اتخاذ القرارات المصيرية. وهنا يمكن أن نطرح سؤالا جوهريا أي مستقبل للحركات الإسلامية التي تمكنت من الوصول إلى الحكم في تونس ومصر وليبيا إلى حد هذا اليوم بعد ثورات كان الشباب محركها ووقودها وضحاياها والاهم من كل ذلك انه لم يكن يرفع شعارات لها طابع إسلامي او يساري او يميني بل حركات كل همه تحقيق استحقاقات اقتصادية بالأساس والحريات السياسية.