باجة: اعادة اكثار واحياء قرابة 5 الاف صنف من الحبوب بنجاح    الصين تدعو مواطنيها إلى مغادرة إيران في أسرع وقت    الملعب التونسي يعزز صفوفه بالحارس نور الدين الفرحاتي    بطولة برلين المفتوحة: "أنس جابر" وشريكتها الاسبانية "باولا بادوسا" في الدور ربع النهائي    الدورة الأولى لتظاهرة "لقاءات توزر: الرواية والمسرح" يومي 27 و28    عاجل/ بلاغ هام حول التجارة عبر الانترنات    عاجل: شرارة الحرب تشتعل.. كيف انفجرت المواجهة بين إيران وإسرائيل؟    حياتي في الصحافة من الهواية الى الاحتراف    اصدارات جديدة لليافعين والاطفال بقلم محمود حرشاني    شنيا الماكلة اللي تنفع أو تضرّ أهم أعضاء بدنك؟    الاتفاق على احداث لجنة قيادة وبرنامج وطني لتفعيل "إعلان قرطاج" للصحّة الواحدة    إيران تعتقل عميلا للموساد الإسرائيلي    تحذير طبي: خطر الاستحمام بالماء الساخن قد يصل إلى الإغماء والموت!    منوبة: فتح الجزء الثاني من الطريق الحزامية " اكس 20 " بولاية منوبة    قفصة : حلول الرحلة الثانية لحجيج الولاية بمطار قفصة قصر الدولي وعلى متنها 256 حاجا وحاجة    المكتبة الخضراء تفتح أبوابها من جديد يوم الأحد 22 جوان بحديقة البلفدير    ملتقى تونس الدولي للبارا ألعاب القوى: العناصر التونسية تحرز 9 ميداليات من بينها 5 ذهبيات    ترامب: نريد "رضوخا كاملا" من إيران    عاجل/ الصين تدعو مواطنيها إلى مغادرة إيران في أسرع وقت..    المائدة التونسية في رأس السنة الهجرية: أطباق البركة والخير    تونس ترشّح صبري باش طبجي لقيادة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية    الكاف: تطوير القطاع الصحي بتدعيم طب الاختصاص وتوفير تجهيزات متطورة (المدير الجهوي للصحة)    الحرس الثوري: استهدفنا مقر الموساد في تل أبيب وهو يحترق الآن (فيديو)    بعد التهام 120 هكتارًا من الحبوب: السيطرة على حرائق باجة وتحذيرات للفلاحين    عاجل : ''طيران الإمارات'' تمدد تعليق رحلاتها إلى 4 دول    تعرفش علاش الدلاع مهم بعد ''Sport''؟    منوبة: الانطلاق في تزويد المناطق السقوية العمومية بمياه الري بعد تخصيص حصّة للموسم الصيفي ب7,3 مليون متر مكعب    ماهر الكنزاري : " أشعر بالفخر بما قدموه اللاعبون"    الدورة 12 من الملتقى الوطني للأدب التجريبي يومي 21 و 22 جوان بالنفيضة    موعد إعلان نتائج البكالوريا 2025 تونس: كل ما تحتاج معرفته بسهولة    الطقس اليوم: حرارة مرتفعة..وأمطار مرتقبة بهذه الجهات..    تحويلات التونسيين والسياحة تغطي أكثر من 80٪ من الديون الخارجية    قائد عسكري إيراني: شرعنا باستخدام أسلحة جديدة ومتطورة    عاجل/ آخر مستجدات أخبار قافلة الصمود لفك الحصار على غزة..    الحماية المدنية : إطفاء 192 حريقا خلال ال 24 ساعة الماضية    عاجل/ رئيس الدولة يفجرها: "لا أحد فوق المساءلة والقانون..ولا مجال للتردّد في إبعاد هؤلاء.."    6 سنوات سجنا لنائب سابق من أجل الإثراء غير المشروع    أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بوزيري الشؤون الاجتماعية والاتصال..    بعد السقوط أمام فلامنجو... الترجي في مواجهة هذا الفريق بهذا الموعد    مطار طبرقة عين دراهم الدولي يستأنف نشاطه الجوي..    عدد ساعات من النوم خطر على قلبك..دراسة تفجرها وتحذر..    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي ينهزم أمام نادي فلامينغو البرازيلي    كيف سيكون طقس اليوم الثلاثاء ؟    رونالدو يهدي ترامب قميصا يحمل 'رسالة خاصة'عن الحرب    كاس العالم للاندية : التعادل 2-2 يحسم مباراة بوكا جينيور الارجنتيني وبنفيكا البرتغالي    القيروان: إزالة توصيلات عشوائية على الشبكة المائية في الشبيكة    يهم اختصاصات اللغات والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفنون التشكيلية والتربية الموسيقية..لجنة من سلطنة عُمان في تونس لانتداب مُدرّسين    المندوبية الجهوية للتربية بمنوبةالمجلة الالكترونية «رواق»... تحتفي بالمتوّجين في الملتقيات الجهوية    في اصدار جديد للكاتب والصحفي محمود حرشاني .. مجموعة من القصص الجديدة الموجهة للاطفال واليافعين    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    تونس تحتضن من 16 الى 18 جوان المنتدى الإقليمي لتنظيم الشراء في المجال الصحي بمشاركة خبراء وشركاء من شمال إفريقيا والمنطقة العربية    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خيار العرب أم بديل الغرب: صعود التيارات الإسلامية في العالم العربي؟
نشر في الحوار نت يوم 16 - 05 - 2011

أفرزت الثورات العربية القائمة صعود قوى وتيارات جديدة وعلى رأسها التيارات الإسلامية التي تمتلك مخزونا شعبيا يسمح لها بالوصول الى الحكم والسلطة في بلدانها.وأمام هذه التحولات الجديدة تطرح عديد التساؤلات حول موقف الغرب مما يحصل اليوم ومن صعود هذه التيارات التي كانت بالأمس القريب تشكل عدوا له يقض مضاجعه.

"الأسبوعي" ارتأت التوجه الى مفكرين واكاديميين ومختصين في الحركات الإسلامية والإسلام السياسي على غرار المفكر الإسلامي التونسي الكبير محمد الطالبي والمفكرالمصري المتخصص في الحركات الإسلامية عمرو الشوبكي والاكاديمي والباحث الفلسطيني عبد الستار قاسم الى جانب المفكروالاكاديمي التونسي ورئيس مرصد التحول الديموقراطي حمادي الرديسي والباحث والمؤرخ المغربي محمد حاتمي. وفيما يلي نص الحوارات:

د. محمد الطالبي
مفكر إسلامي تونسي
محمد الطالبي اسم غني عن التعريف ورسخ حياته من اجل بلورة فهم جديد للإسلام يتماشى مع الفكر الحداثي. وهو من اهم المفكرين والعلماء الاسلاميين ولديه العديد من المؤلفات والدراسات البحثية والعلمية التي اغنت المكتبة العالمية بأهم المراجع الفكرية عن الاسلام وقضاياه واتسمت كتاباته بالجرأة والنقد في طرح القضايا الجدلية والانسانية والدينية، وأثارت حولها الكثير من الجدل والأخذ والرد بين الكتاب والاكاديميين التونسيين وغيرهم. وهو يعد أحد مؤسسي الجامعة التونسية ويعتبر حالياً عميد الأساتذة والأكاديميين والمؤرخين التونسيين حيث ناهز التسعين من عمره..
«الأسبوعي» توجهت الى الدكتور الطالبي بجملة من التساؤلات حول كيفية تعامل الغرب مع صعود التيارات الاسلامية في العالم العربي ورؤيته لما يحصل اليوم وفيما يلي نص الحديث:
بداية، نلاحظ ان الثورات الحاصلة اليوم فتحت الباب لصعود التيارات الإسلامية بشكل لافت وخاصة ان لديها قاعدة شعبية كبيرة في مقابل صمت غربي ومهادنة لما يجري فهل هوتمهيد لقبول الغرب بهذه الحركات والتعامل معها؟
-أجيب بنعم. كيف ذلك؟ الغرب عندما يكتسح البلاد الاسلامية بالقوة ويقتل عشرات الآلاف؛ يجعل الرأي العام الاسلامي يثورضده ويرفض هذا الغرب جملة وتفصيلا . انطلاقا من هذا الموقف يصبح كل من يقاوم الغرب ويصد بلاء ه وأطماعه ويجابهه بحد السيف يجلب ميل المجتمع الاسلامي. وهنا اعطي مثلا. فبن لادن كيف أصبح بن لادن؟ لولا ان الغرب اكتسح العراق وافغانستان وقتل بالآلاف لما وجد بن لادن ولما تكونت حوله هذه الشهرة حتى بات رمزا للكفاح لدى الشباب المسلم الذي لا يرضى باكتساح الغرب والاعتداء عليه. اذن الغرب هو الذي خلق التيارات المتشددة ودعاها الى البروز والى المقاومة فالغرب هو المسؤول.
اذن كيف ستيعامل معها اذا وصلت الى الحكم؟
-سيتعامل مع هذه الحركات لسبب رئيسي فمن الناحية السياسية دفاعا عن مصالحه. فهو يدخل في حسابه امكانية بلوغ هذه الحركات -الحكم. فإذا وصلت بطرق ديمقراطية عن طريق انتخاب الشعب لها، فحينها يجد الغرب نفسه في حاجة الى التعامل معها ولهذا فهو من دون ان يقف الى جانبها بصورة فعلية يترك مجالا للتصالح معها. وهذا يجعل هذه الحركات تستفيد من دعم الغرب غير المباشر.
برايكم. هل يحضرالغرب بديلا عن الانظمة الديكتاتورية في الدول التي لا زلت تعيش على وقع الثورات التي نراها اليوم في سوريا وليبيا واليمن..؟
-بالطبع. هو يركب على الأحداث في سوريا وفي اليمن والبحرين وليبيا لانه يريد ان يظهر بمظهر المساعد على انتصار الديمقراطية في هذه البلدان. واذا ما انتصرت الديمقراطية يكون مستفيدا من التحول الجديد لأن ذلك يرضي « رأيه العام « الذي يدعو الى ترسيخ قيم الحريات والديمقراطية واحترام حقوق الانسان في العالم.
النموذج التركي الإسلامي المعتدل يعتبر ناجحا واستطاع التعامل مع الغرب وفرض احترامه له واليوم الكل يطلب ود تركيا( حزب العدالة والتنمية). فهل يمكن ان يطبق هذا النموذج في الدول العربية اليوم؟
-نرجو ذلك. فالنموذج التركي نموذج ناجح ووفق في جمع كل التيارات الاسلامية وغير الإسلامية. ففي تركيا يوجد مسيحيون وعلويون ايضا ووجود نظام ديمقراطي يمكن هذه المجتمعات التعددية من التعايش في سلم ويعطي امكانية لهذه المجموعات بأن تعيش طبق معتقداتها وتوفرلها الحريات اللازمة. اذن هذا النظام التركي الذي يحكمه الإسلام المعتدل وجد الموازنة بين قيم الإسلام ومبادئه وبين قيم الديمقراطية والدولة الحديثة.
واعتقد ان التوجه اليوم في العالمين العربي والإسلامي هو نحو نظام علماني الدولة فيه محايدة لا تتبنى اي تيارمن التيارات وتحترم كل الأديان على السواء وتوفر لها امكانية التعايش مع التيارات الأخرى. كلمتي الأخيرة: ديني هوحريتي.

د. عمرو الشوبكيمفكر مصري متخصص في الحركات الإسلامية
«تحول التيارات الإسلامية من دعوية إلى أحزاب هو الإشكال»
يرى عمرو الشوبكي الكاتب و المفكر السياسي المصري و مدير تحرير مجلة «أحوال مصرية « والمتخصص فى حركات الاسلام السياسى أن قبول الغرب لصعود التيارات الاسلامية يجب ان يكون قضية تخص المجتمعات العربية . ويلفت في حديث ل « الأسبوعي» الى ان الإشكالية المطروحة اليوم تكمن في تحول هذه التيارات الاسلامية من تيارات تقوم على الدعوة الى احزاب مشاركة في العملية السياسية.
برأيكم. هل يمهد الغرب لقبول صعود الحركات الإسلامية التي تمتلك زخما جماهيريا اليوم؟
-يجب ان يكون هذا القبول قضية مجتمعية تخص المجتمعات العربية التي تعد تاريخيا متصالحة مع التيارات الإسلامية المعتدلة وهي جزء من نسيجها وليست مستوردة من الخارج. فالمسألة اليوم تتعلق بتحول هذه التيارات من تيارات «دعوية» كجماعة» الإخوان المسلمين «الى أحزاب سياسية تشارك في الحكم بمعنى ان تكون مندمجة في العملية السياسية وإجبارها على احترام القواعد الديمقراطية والدولة الحديثة والدستوروالقانون . وهنا نلاحظ ان التيارات الاسلامية مثلا في تونس على غرار حزب النهضة هي جزء من الحالة السياسية الموجودة وتعد جزءا مهما من الحياة السياسية ومشاركا فاعلا بها وتخطت مجرد التيارالإسلامي القائم على مبدإ الدعوة حتى لوكان بعض قيادات النهضة قادمين من مدرسة الإخوان المسلمين . بعكس الحال في مصر حيث نجد ان الإخوان المسلمين وهو التيارالإسلامي المسيطرلا زال في بوتقة التيار الدعوي ولم يتحول الى حزب سياسي علما أن هناك توجها من قبل جماعة الإخوان لتأسيس حزب سياسي في المستقبل المنظور.
هل تعتقدون ان الغرب يحاول اليوم التدخل لإيجاد بديل عن الانظمة الحاكمة بعد سقوطها؟
-اعتقد ان النموذجين التونسي والمصري نجحا في اسقاط النظام دون تدخلات خارجية والأهم من ذلك تم اسقاط النظام دون اسقاط مؤسسات الدولة الحديثة حيث إن الجيش لم ينقسم ومازالت مؤسسات الدولة تتحمل واجباتها واعباءها. وبالتالي الإشكالية المطروحة هي إصلاح مؤسسات الدولة وليست إعادة تأسيسها من جديد. وهنا وجد الغرب نفسه مضطرا للتعامل مع ما ستفرزه هذه الثورات من قوى سياسية جديدة حتى لوكانت إسلامية. اما في ليبيا فالحالة مغايرة تماما فالمؤثرات الخارجية موجودة بقوة وهناك أصلا حرب أهلية قائمة بين كتائب القذافي والثواروهذا يعتبرخطرا أمام تأسيس نظام ديمقراطي مثلما حصل في امريكا اللاتينية حيث إن هناك انفلاتا امنيا وفوضى وضعفا في المؤسسات وهي كلها تحديات جسام في المرحلة الانتقالية .
واعتقد ان الغرب الذي فقد المبادرة في تونس ومصر يحاول اليوم الركوب على الاحداث والتحكم بالأوضاع في ليبيا من خلال تدخل» الناتو». فالغرب يمكن ان يلعب دورا في ليبيا واليمن ولكن في سوريا الحالة مغايرة فهناك معارضة فاعلة وقادرة على استكمال المسيرة بعد سقوط النظام.

د. حمادي الرديسي (مفكر وأكاديمي تونسي)
الغرب يتعامل مع صعود الحركات الاسلامية انطلاقا من أمر واقع
يعتبراستاذ العلوم السياسية ورئيس مرصد التحول الديمقراطي في تونس حمادي الرديسي ان الغرب يتعامل مع التيارات الاسلامية الصاعدة في العالم العربي اليوم انطلاقامن امرواقع وانه لا توجد نظرية تآمرية . ويلفت في حديث ل « الاسبوعي» الى ان الغرب يحاول التعامل مع هذا الواقع انطلاقا من معادلة توفيقية بين قيمه الديمقراطية الكونية ومصالحه في المنطقة. يشارالى ان الدكتور الرديسي هو أحد اهم المفكرين النقديين للحداثة في العالم العربي ولديه العديد من المؤلفات والدراسات الفكرية والنقدية وقد ركز فكره وأبحاثه على المطابقة بين الإسلام والقيم الديمقراطية.
*هل يمهد الغرب لقبول صعود التيارات الاسلامية في العالم العربي؟
-انا لا اعتقد بالنظرية التآمرية التي تعتبران الغرب له مخطط خاص يستهدف به المنطقة و يديرها في الخفاء.وانا لا اشاطرهذه الوجهة وهذه النظرية التآمرية للسياسة والتاريخ التي تعتبران لا شيء يحدث صدفة وان كل حدث مرتبط بحدث آخروان المظاهرخاطئة والحقيقة متخفية وان هنالك تحولات كبرى تتحكم فيها قوى خارجية تلعب في الخفاء وان الغرب يتعامل مع ما يحدث في بلداننا انطلاقا من هذا المبدإ. الغرب كان يعتبرانه لا يوجد بديل للديكتاتوريات القائمة الا الاصلاح السياسي ولكن ما حدث برهن العكس وقلب المعادلة وأثبت ان هناك بديلا ثوريا.
*الآن تطرح اشكالية موقف الغرب من الصعود الاسلامي بعد هذه الثورات. فماذا تقولون؟
-هناك امر واقع فرض نفسه فنحن نرى ان الحركة الاسلامية اليوم هي حركة قوية . فلم لا يتعامل معها الغرب؟ فهولا يختار؛ لكن المسألة تكمن في ان الغرب لا يمكنه التخلي عن الديمقراطية في العالم العربي بعد ان برهنت النظم الديكتاتورية التي حكمت لسنوات طويلة انها غيرقادرة على اصلاح نفسها وغير قادرة على الحد من الحركات الاسلامية المتشددة بالعنف . والسؤال الذي يطرح نفسه هو الى أي مدى هذه الحركات الصاعدة بقوة اليوم قادرة على احترام قواعد الديمقراطية والحريات ونمط العيش الليبرالي؟
*اذن . ماذا يحضرالغرب بديلا عن الأنظمة الديكتاتورية في البلدان التي تعيش ثورات لم تكتمل بعد في ليبيا وسوريا واليمن وغيرها؟
-الغرب براغماتي ويبدوانه فقد المبادرة التاريخية في تونس ومصرويحاول ان يستعيدها ربما من خلال التدخل الجلي في ليبيا وسوريا وهوالآن سيتعامل انطلاقا مع الواقع وما ستفرزه الثورات من انظمة جديدة . فهو يبحث عن معادلة للتعامل معها بطريقة او باخرى او نوعا من المهادنة مع ما يحصل.لا شك ان هذه التحولات حصلت بدون تدخل غربي. فبوش حاول فرض شرق اوسط جديد بالعنف والحروب وتونس قدمت نموذجا لشرق اوسط كبير بشكل سلمي وهي من المفارقات الغريبة . الغرب فكرفي معادلة توفيقية بين قيمه الديمقراطية الكونية ومصالحه. ومن يفكربان الغرب مجرد قيم كونية فهوساذج ومن يفكر بانه مجرد مصالح فهو بسيط.

د. محمد حاتمي (باحث ومؤرخ مغربي)
استئناس الغرب بفكرة التعامل مع التنظيمات الإسلامية من دون خلفيات
يرى المؤرخ والباحث المغربي محمد حاتمي ان الأطرالإسلامية اليوم بلغت درجة النضج السياسي وبدأت في تقييم واقعي للوضع الراهن. وفهمت أن الشعوب تثورمن أجل تحسين أوضاعها المادية ولتنعم بالحريات، وليس من أجل الدخول في متاهات الصراع ضد الغرب وفزاعات الامبريالية. ويوضح في حديث ل «الاسبوعي» ان الغرب بدأ بما يشبه الاستئناس بفكرة التعامل مع التنظيمات الاسلامية من دون خلفيات وأنشأ لذلك الغرض العديد من مراكز البحوث والدراسات المتخصصة في الشأن الاسلامي لفهم الآخر.
برامج
وحول سؤالنا له عن اهتمام الغرب بصعود التيارات الاسلامية في العالم العربي يجيب بالقول :» من إيجابيات أحداث 11 سبتمبر، طبعا؛ إذا اعتبرنا أن لهذه الواقعة إيجابيات، الدفع بالمجامع العلمية الغربية عموما والأمريكية على وجه الخصوص إلى إطلاق برامج بحث علمية همها الرئيسي فهم ديناميات الإسلام السياسي ومسارات الحركات الإسلامية التي تعج بها المجتمعات الإسلامية، عربية وغيرها. ولا بد من التسطيرعلى أن هذه البرامج ممولة من طرف جهات رسمية وخصوصية، لها امتدادات داخل أجهزة الدولة الأمريكية، خاصة في الخارجية والدفاع والشركات العالمية الكبرى، البترولية وغيرها. ويدل اهتمام هذه الهيئات بالشأن الإسلامي على أن البرامج المعتمدة هادفة، وتندرج ضمن توجه عام يصبو إلى فهم الآخر قصد التعامل معه من منطلقات واقعية تأخذ بعين الاعتبارما هو ثقافي وسيكولوجي. لقد بات السيكولوجي عنصرا مهما، بل مؤسسا للعلاقات القائمة على الاحترام والتقدير».
صورة جديدة للإسلام
وعن التحول في نظرة الغرب الى التيارات الاسلامية يردف بالقول :» بعد مرور عقد من الزمان، بدأت تظهر تدريجيا ملامح صورة جديدة للإسلام كعنصر مؤسس للعلاقات الدولية، فنجد بعض مؤشراتها في خطب الرئيس أوباما من خلال إصراره على أن الدين المحمدي هودين سلام وتعاون وانفتاح... ونجد ملامحها كذلك في ما تعبرعنها العديد من المقالات المنشورة في مجلات متخصصة تصدر عن أهم المؤسسات السياسية الأمريكية، وهي مادة تعرض فحوى ما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الدول الغربية ونظيراتها الإسلامية، وتؤكد على إيجابيات التعامل مباشرة مع منظمات المجتمع المدني، بما فيها الفعاليات ذات المرجعية الإسلامية المشتغلة في ميادين التكوين والتطبيب والتأطيرالرياضي... هنالك ما يشبه الاستئناس بفكرة التعامل مع التنظيمات الإسلامية من دون خلفيات، من جهة لفهمها أحسن، ومن جهة أخرى استعدادا لتطبيع العلاقات معها في حالة حصولها على نصيب من السلطة. وما من شك أن هذا التطورالحاصل في تمثل القوى الإسلامية هو ما يفسرولو بشكل ضيق التحفظ الرسمي للسياسيين الأمريكيين في تصريحاتهم وتقييمهم للأحداث الأخيرة في العالم العربي.
النضج السياسي
ويؤكد الدكتور حاتمي بان التقعيد الفكري، والسيكولوجي، رفع من قيمة الأحداث الأخيرة التي عصفت بنظامين عربيين، التونسي والمصري، وما تزال تخلخل الأوضاع العامة في جميع الدول بصرف النظرعن حدتها ومدى استعداد الأنظمة للاستجابة لها أو إخمادها. كل هذه لم يلعب فيها الإسلاميون دورالمحرك الرائد، بل يمكن الجزم بأن الإسلاميين فشلوا في الالتفاف عليها وتحويل مجراها في اتجاهات تخدم مصالحهم، ومن ثمة وجدوا أنفسهم في وضع المجبرعلى التعامل إيجابيا مع العلمانيين واليساريين والليبراليين... بدا هذا واضحا في تونس ومصروسوريا واليمن والبحرين والمغرب. الأكثر من ذلك، يبدو واضحا من خلال تصريحات الأطر الإسلامية نفسها أنهم بلغوا درجة النضج السياسي، اي إلى تقييم واقعي للوضع الراهن. لقد فهموا أن الشعوب تثورمن أجل تحسين أوضاعها المادية ولتنعم بالحريات، وليس من أجل الدخول في متاهات الصراع ضد الغرب وفزاعات الامبريالية والصهيونية... لنأخذ على سبيل المثال خطاب الإخوان المسلمين في الأردن. إنهم في تقييمهم للتحديات الكبرى التي تواجه المملكة الهاشمية لا يتحدثون عن السياسة الخارجية، بل يركزون على ضرورات القضاء على الفساد والارتجالية والتهرب من المحاسبة... نلاحظ نفس الخيار التكتيكي والاستراتيجي عند الإخوان المسلمين في مصر. إن قياديي الحركة أعربوا بوضوح أن الخيارات الكبرى مثل السلام مع مصروالعلاقات المتميزة مع الغرب، التزامات يستوجب الوفاء بها والدفع بها في اتجاهات تخدم مصلحة الطرفين وفق مسطرة الربح المشترك. وأكدوا كذلك على أنه من شبه المستحيل إخراج مصر مما تتخبط فيه من دون دعم الغرب، والغرب هنا لا يعني فقط الدول الغربية، بل يعني هذه الأخيرة وحلفاءها في المنطقة، أي دول الخليج. في المغرب لا يترك قياديو حزب العدالة والتنمية فرصة دون التصريح بأنهم لا يكنون أي عداء لشركاء المغرب الأجانب، وأن جميع البرامج التنموية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مساهمة الرأسمال الأوروبي، بل يذهبون إلى اعتبار بعض مصالح المغرب من مصالح الغرب. ولعل أهم مؤشر عن هذا التطور، الرأي المتداول في شأن تدخل قوات حلف الشمال الأطلسي في ليبيا. لا نجد إدانة، ولا حديثا عن حرب صليبية أو عدوان... ثمة ما يشبه الاتفاق على أن الفرج يمكن أن يأتي من فوهات رشاشات طائرات الحلف.
استعداد واقعي
وعن سؤالنا حول نظرة الغرب للحضور الاسلامي المتزايد وقبوله للتعامل معه يجيب :» ما يثيرالانتباه هوأن الإدارة الأمريكية، وبشكل مماثل حكومات الدول الغربية بصرف النظرعن حجم الحضور الإسلامي على ترابها، تبدي عن استعداد واقعي للتعامل مع القوى التي تستمد من المرجعيات الإسلامية أسانيدها في التخطيط للحصول على قسط من السلطة. إنها تعتقد في فعالية التعامل الإيجابي في احتضان التوتر الاجتماعي داخل الدول الإسلامية وتصريفه في اتجاهات تخفف من وطأة الأزمة، وبشكل أخص في الوقوف بحزم وقوة في وجه التيارات الإسلامية الراديكالية. إن العديد من المؤشرات تدل على أن الأطر الإسلامية المندمجة في اللعبة السياسية تعتبرالإسلام الراديكالي عدوا داخليا يستوجب العمل من أجل الحيلولة دون استشرائه في المجتمع. إنها من دون أن تدري وبشكل غير مباشر تتخندق في نفس متاريس الغرب، وإن وفق اطروحات مغايرة وظاهريا فقط، إسلامية. لنعط خيرنموذج عن ذلك في التجربة التركية. إن حكومة أنقرة الحالية كانت في بداياتها متحمسة لتطبيق برامج إسلامية محضة، ولكنها مباشرة بعد الوصول إلى السلطة انتبهت إلى أن للسياسية منطقا لا يتطابق والمنطق الإسلامي، ولم تتأخرفي القيام بالخيارالحسن، السياسة على حساب البرنامج الديني. إن هذا الخيار لم يسمح لها فقط بالسير قدما في تحقيق تقدم ملموس على المستوى الداخلي، وإنما مكنها من التموقع بقوة في قلب خريطة المنطقة. فتركيا الحالية حققت طفرة سياسية ملموسة، وباتت محاورا قويا للاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، فضلا عن أدوارها في دول الجوار وريثة الاتحاد السوفيتي».

عبد الستارقاسم كاتب واكاديمي فلسطيني
الأنظمة العربية آفلة والحركات الإسلامية ناهضة
يؤكد عبد الستار قاسم كاتب واكاديمي فلسطيني بان الغرب له مصالح تتناقض مع طروحات الحركات الإسلامية، لكنه يرى أن الحوار يمكن أن يخفف من هذا التناقض اوالتوصل إلى حل وسط يحافظ على بعض المصالح الغربية وعلى إسرائيل. ويوضح في حديث ل « الأسبوعي» بان النظم العربية كانت تلبي مصالحه في المنطقة حتى لو كانت تخالف ارادة الشعوب وانه يتعامل اليوم مع صعود التيارات الإسلامية انطلاقا من منطق براغماتي .
مصالح خاصة
وحول موقف الغرب من التحولات التي يشهدها العالم العربي وتساقط النظم الديكتاتورية لصالح صعود تيارات اسلامية قوية يقول د قاسم :» يدرك الغرب أن الأنظمة الاستبدادية الحاكمة في الوطن العربي تشكل عبئا كبيرا عليه على الرغم من أنها تلبي حاجة غربية هامة. هذه أنظمة خدمت مصالح الغرب وإسرائيل من ناحية تطويع الشعوب العربية وترك الثروات العربية عرضة للنهب والسلب. لقد كانت الأنظمة خير مثال على التخلي عن الإرادة السياسية لصالح مصالح خاصة يلبيها أهل الغرب وعلى رأسها ضمان استمرارها في الحكم لكن وعي الإنسان العربي بحقيقة هذه الأنظمة تراكم وتعاظم مع الزمن وبدأ يدرك العربي انه لولا أهل الغرب لما استمرت هذه الأنظمة في قمعها واستغلالها وتبذيرها للثروات العربية ولما استمرت إسرائيل في غطرستها.»
ويتابع بالقول : «بدأ الغرب يدرك أن استمرار دعمه لهذه الأنظمة سيولد ثورات أوحركات يسميها متطرفة تهدد مصالحه بشكل خطير، وبات واضحا له أن تكاليفه المادية الآن الناجمة عن حربه ضد طالبان والقاعدة أكبر مما يجنيه من أرباح تجارية. وأن النقمة الشعبية عليه في مختلف البلدان العربية ماعدا دول الخليج تتزايد وتهدد استمرارهيمنته. وقد أدرك بعد عام 2006 أن إسرائيل باتت عاجزة عسكريا وتأكد من ذلك في حرب غزة 2008/2009. ولهذا لا مانع لديه الآن من مهادنة ثورات عربية ضد الأنظمة لكنه يحاول أن يدخل إلى هذه الثورات لحرفها عن مسارها بهدف الحفاظ على المصالح الغربية ومصالح إسرائيل».
تدخل مباشر
وعن تدخل الغرب المباشر في الدول التي لا زالت تشهد ثورات شعبية يقول : «يبدو واضحا اليوم التدخل الأمريكي المباشر في تونس وفي مصر، وتدخل الناتوفي ليبيا وتهديد الغرب لسوريا ووقفته مع حكومة البحرين ضد الشعب وتردده بالنسبة لليمن. طبعا بالنسبة للبحرين واليمن، مواقف الغرب واضحة من حيث أن خسائره من سقوط هذين النظامين ستهدد مصالحه في كل دول الخليج ولهذا هولا يرى خسارة كبيرة في دعم حكومة البحرين والانحناء أمام تعنت علي عبد الله صالح ومن حيث أن الغرب يرى أن الحركات الإسلامية ذات حضور قوي في البلدان العربية فإنه أدرك ضرورة فتح الباب أمام الحوار معها وهذا يعبر عن النهج العملي (البراغماتي) الذي يتبعه الغرب في المحافظة على مصالحه إذا كان عدوك قويا، فالأفضل أن تحاول تليينه اوتحييده أوكسبه».
ويختم بالقول : «هناك حركات إسلامية ليست على نمط طالبان والقاعدة، ولديها الرغبة في الحوار. الأنظمة العربية آفلة، والحركات الإسلامية ناهضة والأفضل الحديث مع المستقبل بدل الحديث مع الماضي. الغرب له مصالح تتناقض مع طروحات الحركات الإسلامية، لكنه يرى أن الحوار يمكن أن يخفف من هذا التناقض او التوصل إلى حل وسط يحافظ على بعض المصالح الغربية وعلى إسرائيل. فالمسألة لا تتعلق بحب أهل الغرب للحركات الإسلامية لكن السير مع التيارقليلا أفضل من الانجراف أمامه».

د . حازم فاروق منصورسياسي مصري من الإخوان المسلمين
صعود التيارات الإسلامية أمر مفروض على الغرب
يرى د. حازم فاروق منصور، سياسي مصري وقيادي من الإخوان المسلمين ان الغرب أصبح مفروضاً عليه و ليس باختياره أن يقبل بصعود التيارات الإسلامية والوطنية والقومية في العالم العربي اليوم . وأكد في حديث ل « الأسبوعي» ان الغرب يدبر حالياً للالتفاف على الثورات و محاولة حرف بوصلتها للإتجاه الي ما يصب في صالح المشروع الصهيوني الغربي .
تغيير
ويؤكد منصورانه في عالمنا العربي تم التسويق ( عبرأجهزة حكومية و أخرى مرتبطة بالمشروع الغربي ) لفكرة أن «الكاوبوي» والرجل الأبيض قادران على السيطرة علي العالم و معرفة أين تخبيء النملة غذاءها. ولكن أثبتت الثورة أن الانسان العربي اليوم يستطيع أن يغيروأن يكون الفاعل و الصانع لمستقبله إن أراد، بل هو الذي يصنع تاريخه . وبالتالي فالغرب أصبح مفروضاً عليه و ليس بإختياره أن يقبل بصعود التيارات الإسلامية و الوطنية و القومية في العالم العربي اليوم . وربما الغرب يدبر حالياً للالتفاف على الثورات و محاولة حرف بوصلتها للإتجاه الي ما يصب في صالح المشروع الصهيوني الغربي ، ولكن الزمن قد تغير والعجلة لن تعود الي الوراء .... قد تكون قوتها الدافعة ليست بالكبيرة و لكن العزم شديد و الارادة قوية و التصميم على الوصول أكيد وعنيد.
علاقات
وعن سؤالنا حول كيفية تعامل الإسلاميين مع الغرب اذا وصلوا للحكم وما النموذج الذي سيحكم العلاقات بينهما يجيب بالقول: «في مقولة صحيحة وحكيمة لأحد السياسيين الحكماء «حينما تكون رجل دولة فعليك أن تتصرف بحكمة كرجل دولة.
وعليه فأتصور أن ما نريده لبلادنا اليوم هو تأسيس دولة مدنية حضارية قائمة على احترام الدستوروالقانون وسيادة الشعب على أسس ديمقراطية و بالتالي فهذا هو النموذج « الحضاري «و» الديمقراطي» و» القانوني « الذي سوف يحكم علاقات بلادنا مع كل بلاد العالم و كل القوى السياسية على أساس من الاحترام المتبادل والاستقلالية في اتخاذ القرارات . فنحن اليوم بعد 25 جانفي !!!» .
بديل
وحول استراتيجيا الغرب ومخططاته المستقبلية للمنطقة يقول :» من الطبيعي و المنطقي أن الغرب يحاول أن يحضر بدائل للأنظمة الديكتاتورية بعد سقوطها و يسعى لإستقطاب البعض فيلوح للبعض بالمعونات الاقتصادية وللبعض الأخر بالضغوط السياسية وللبعض بالتحرش وافتعال ما ينغص مكاسب الثورات. ولكن الأهم أن المارد قد استيقظ وأن نجم الغرب في أفول.
فالاقتصاد الغربي الي تقلص مستمر (وخاصة بعد العديد من المغامرات الحربية الاستعمارية الفاشلة و الأزمات المالية الطاحنة التي عصفت بالاقتصاد الغربي) وتعداد السكان في العالم الغربي الي تناقص سريع مما يجعل شمس الثورات تسطع في سماء الحضارة إيذاناً بمرحلة تاريخية هامة وجديدة. وأن هذه المرحلة سوف تعاجل تلك المخططات الغربية وتسبقها و تئدها إن شاء الله».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.