عميد المحامين يدعو إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    المدرسة الابتدائية سيدي احمد زروق: الدور النهائي للانتاج الكتابي لسنوات الخامسة والسادسة ابتدائي.    القلعة الكبرى: اختتام "ملتقى أحباء الكاريكاتور"    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    تعزيز جديد في صفوف الأهلي المصري خلال مواجهة الترجي    طبرقة: المؤتمر الدولي لعلوم الرياضة في دورته التاسعة    سوسة: وفاة طالبتين اختناقا بالغاز    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    أقسام ومعدّات حديثة بمستشفى القصرين    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    اليوم.. انقطاع الكهرباء بمناطق في هذه الولايات    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    يتضمن "تنازلات".. تفاصيل مقترح الإحتلال لوقف الحرب    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    إمضاء اتفاقية توأمة في مجال التراث بين تونس وإيطاليا    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    رئيس الفيفا يهنئ الترجي ع بمناسبة تاهله لمونديال الاندية 2025    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    أخبار الملعب التونسي ..لا بديل عن الانتصار وتحذير للجمهور    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يمهد الغرب لصعود التيارات الإسلامية في العالم العربي؟
خيار العرب أم بديل الغرب؟
نشر في الصباح يوم 16 - 05 - 2011

أفرزت الثورات العربية القائمة صعود قوى وتيارات جديدة وعلى رأسها التيارات الإسلامية التي تمتلك مخزونا شعبيا يسمح لها بالوصول الى الحكم والسلطة في بلدانها.وأمام هذه التحولات الجديدة تطرح عديد التساؤلات حول موقف الغرب مما يحصل اليوم ومن صعود هذه التيارات التي كانت بالأمس القريب تشكل عدوا له يقض مضاجعه.
"الأسبوعي" ارتأت التوجه الى مفكرين واكاديميين ومختصين في الحركات الإسلامية والإسلام السياسي على غرار المفكر الإسلامي التونسي الكبير محمد الطالبي والمفكرالمصري المتخصص في الحركات الإسلامية عمرو الشوبكي والاكاديمي والباحث الفلسطيني عبد الستار قاسم الى جانب المفكروالاكاديمي التونسي ورئيس مرصد التحول الديموقراطي حمادي الرديسي والباحث والمؤرخ المغربي محمد حاتمي. وفيما يلي نص الحوارات:

د. محمد الطالبي
مفكر إسلامي تونسي
محمد الطالبي اسم غني عن التعريف ورسخ حياته من اجل بلورة فهم جديد للإسلام يتماشى مع الفكر الحداثي. وهو من اهم المفكرين والعلماء الاسلاميين ولديه العديد من المؤلفات والدراسات البحثية والعلمية التي اغنت المكتبة العالمية بأهم المراجع الفكرية عن الاسلام وقضاياه واتسمت كتاباته بالجرأة والنقد في طرح القضايا الجدلية والانسانية والدينية، وأثارت حولها الكثير من الجدل والأخذ والرد بين الكتاب والاكاديميين التونسيين وغيرهم. وهو يعد أحد مؤسسي الجامعة التونسية ويعتبر حالياً عميد الأساتذة والأكاديميين والمؤرخين التونسيين حيث ناهز التسعين من عمره..
«الأسبوعي» توجهت الى الدكتور الطالبي بجملة من التساؤلات حول كيفية تعامل الغرب مع صعود التيارات الاسلامية في العالم العربي ورؤيته لما يحصل اليوم وفيما يلي نص الحديث:
بداية، نلاحظ ان الثورات الحاصلة اليوم فتحت الباب لصعود التيارات الإسلامية بشكل لافت وخاصة ان لديها قاعدة شعبية كبيرة في مقابل صمت غربي ومهادنة لما يجري فهل هوتمهيد لقبول الغرب بهذه الحركات والتعامل معها؟
-أجيب بنعم. كيف ذلك؟ الغرب عندما يكتسح البلاد الاسلامية بالقوة ويقتل عشرات الآلاف؛ يجعل الرأي العام الاسلامي يثورضده ويرفض هذا الغرب جملة وتفصيلا . انطلاقا من هذا الموقف يصبح كل من يقاوم الغرب ويصد بلاء ه وأطماعه ويجابهه بحد السيف يجلب ميل المجتمع الاسلامي. وهنا اعطي مثلا. فبن لادن كيف أصبح بن لادن؟ لولا ان الغرب اكتسح العراق وافغانستان وقتل بالآلاف لما وجد بن لادن ولما تكونت حوله هذه الشهرة حتى بات رمزا للكفاح لدى الشباب المسلم الذي لا يرضى باكتساح الغرب والاعتداء عليه. اذن الغرب هو الذي خلق التيارات المتشددة ودعاها الى البروز والى المقاومة فالغرب هو المسؤول.
اذن كيف ستيعامل معها اذا وصلت الى الحكم؟
-سيتعامل مع هذه الحركات لسبب رئيسي فمن الناحية السياسية دفاعا عن مصالحه. فهو يدخل في حسابه امكانية بلوغ هذه الحركات -الحكم. فإذا وصلت بطرق ديمقراطية عن طريق انتخاب الشعب لها، فحينها يجد الغرب نفسه في حاجة الى التعامل معها ولهذا فهو من دون ان يقف الى جانبها بصورة فعلية يترك مجالا للتصالح معها. وهذا يجعل هذه الحركات تستفيد من دعم الغرب غير المباشر.
برايكم. هل يحضرالغرب بديلا عن الانظمة الديكتاتورية في الدول التي لا زلت تعيش على وقع الثورات التي نراها اليوم في سوريا وليبيا واليمن..؟
-بالطبع. هو يركب على الأحداث في سوريا وفي اليمن والبحرين وليبيا لانه يريد ان يظهر بمظهر المساعد على انتصار الديمقراطية في هذه البلدان. واذا ما انتصرت الديمقراطية يكون مستفيدا من التحول الجديد لأن ذلك يرضي « رأيه العام « الذي يدعو الى ترسيخ قيم الحريات والديمقراطية واحترام حقوق الانسان في العالم.
النموذج التركي الإسلامي المعتدل يعتبر ناجحا واستطاع التعامل مع الغرب وفرض احترامه له واليوم الكل يطلب ود تركيا( حزب العدالة والتنمية). فهل يمكن ان يطبق هذا النموذج في الدول العربية اليوم؟
-نرجو ذلك. فالنموذج التركي نموذج ناجح ووفق في جمع كل التيارات الاسلامية وغير الإسلامية. ففي تركيا يوجد مسيحيون وعلويون ايضا ووجود نظام ديمقراطي يمكن هذه المجتمعات التعددية من التعايش في سلم ويعطي امكانية لهذه المجموعات بأن تعيش طبق معتقداتها وتوفرلها الحريات اللازمة. اذن هذا النظام التركي الذي يحكمه الإسلام المعتدل وجد الموازنة بين قيم الإسلام ومبادئه وبين قيم الديمقراطية والدولة الحديثة.
واعتقد ان التوجه اليوم في العالمين العربي والإسلامي هو نحو نظام علماني الدولة فيه محايدة لا تتبنى اي تيارمن التيارات وتحترم كل الأديان على السواء وتوفر لها امكانية التعايش مع التيارات الأخرى. كلمتي الأخيرة: ديني هوحريتي.

د. عمرو الشوبكي مفكر مصري متخصص في الحركات الإسلامية
«تحول التيارات الإسلامية من دعوية إلى أحزاب هو الإشكال»
يرى عمرو الشوبكي الكاتب و المفكر السياسي المصري و مدير تحرير مجلة «أحوال مصرية « والمتخصص فى حركات الاسلام السياسى أن قبول الغرب لصعود التيارات الاسلامية يجب ان يكون قضية تخص المجتمعات العربية . ويلفت في حديث ل « الأسبوعي» الى ان الإشكالية المطروحة اليوم تكمن في تحول هذه التيارات الاسلامية من تيارات تقوم على الدعوة الى احزاب مشاركة في العملية السياسية.
برأيكم. هل يمهد الغرب لقبول صعود الحركات الإسلامية التي تمتلك زخما جماهيريا اليوم؟
-يجب ان يكون هذا القبول قضية مجتمعية تخص المجتمعات العربية التي تعد تاريخيا متصالحة مع التيارات الإسلامية المعتدلة وهي جزء من نسيجها وليست مستوردة من الخارج. فالمسألة اليوم تتعلق بتحول هذه التيارات من تيارات «دعوية» كجماعة» الإخوان المسلمين «الى أحزاب سياسية تشارك في الحكم بمعنى ان تكون مندمجة في العملية السياسية وإجبارها على احترام القواعد الديمقراطية والدولة الحديثة والدستوروالقانون . وهنا نلاحظ ان التيارات الاسلامية مثلا في تونس على غرار حزب النهضة هي جزء من الحالة السياسية الموجودة وتعد جزءا مهما من الحياة السياسية ومشاركا فاعلا بها وتخطت مجرد التيارالإسلامي القائم على مبدإ الدعوة حتى لوكان بعض قيادات النهضة قادمين من مدرسة الإخوان المسلمين . بعكس الحال في مصر حيث نجد ان الإخوان المسلمين وهو التيارالإسلامي المسيطرلا زال في بوتقة التيار الدعوي ولم يتحول الى حزب سياسي علما أن هناك توجها من قبل جماعة الإخوان لتأسيس حزب سياسي في المستقبل المنظور.
هل تعتقدون ان الغرب يحاول اليوم التدخل لإيجاد بديل عن الانظمة الحاكمة بعد سقوطها؟
-اعتقد ان النموذجين التونسي والمصري نجحا في اسقاط النظام دون تدخلات خارجية والأهم من ذلك تم اسقاط النظام دون اسقاط مؤسسات الدولة الحديثة حيث إن الجيش لم ينقسم ومازالت مؤسسات الدولة تتحمل واجباتها واعباءها. وبالتالي الإشكالية المطروحة هي إصلاح مؤسسات الدولة وليست إعادة تأسيسها من جديد. وهنا وجد الغرب نفسه مضطرا للتعامل مع ما ستفرزه هذه الثورات من قوى سياسية جديدة حتى لوكانت إسلامية. اما في ليبيا فالحالة مغايرة تماما فالمؤثرات الخارجية موجودة بقوة وهناك أصلا حرب أهلية قائمة بين كتائب القذافي والثواروهذا يعتبرخطرا أمام تأسيس نظام ديمقراطي مثلما حصل في امريكا اللاتينية حيث إن هناك انفلاتا امنيا وفوضى وضعفا في المؤسسات وهي كلها تحديات جسام في المرحلة الانتقالية .
واعتقد ان الغرب الذي فقد المبادرة في تونس ومصر يحاول اليوم الركوب على الاحداث والتحكم بالأوضاع في ليبيا من خلال تدخل» الناتو». فالغرب يمكن ان يلعب دورا في ليبيا واليمن ولكن في سوريا الحالة مغايرة فهناك معارضة فاعلة وقادرة على استكمال المسيرة بعد سقوط النظام.

د. حمادي الرديسي (مفكر وأكاديمي تونسي)
الغرب يتعامل مع صعود الحركات الاسلامية انطلاقا من أمر واقع
يعتبراستاذ العلوم السياسية ورئيس مرصد التحول الديمقراطي في تونس حمادي الرديسي ان الغرب يتعامل مع التيارات الاسلامية الصاعدة في العالم العربي اليوم انطلاقامن امرواقع وانه لا توجد نظرية تآمرية . ويلفت في حديث ل « الاسبوعي» الى ان الغرب يحاول التعامل مع هذا الواقع انطلاقا من معادلة توفيقية بين قيمه الديمقراطية الكونية ومصالحه في المنطقة. يشارالى ان الدكتور الرديسي هو أحد اهم المفكرين النقديين للحداثة في العالم العربي ولديه العديد من المؤلفات والدراسات الفكرية والنقدية وقد ركز فكره وأبحاثه على المطابقة بين الإسلام والقيم الديمقراطية.
*هل يمهد الغرب لقبول صعود التيارات الاسلامية في العالم العربي؟
-انا لا اعتقد بالنظرية التآمرية التي تعتبران الغرب له مخطط خاص يستهدف به المنطقة و يديرها في الخفاء.وانا لا اشاطرهذه الوجهة وهذه النظرية التآمرية للسياسة والتاريخ التي تعتبران لا شيء يحدث صدفة وان كل حدث مرتبط بحدث آخروان المظاهرخاطئة والحقيقة متخفية وان هنالك تحولات كبرى تتحكم فيها قوى خارجية تلعب في الخفاء وان الغرب يتعامل مع ما يحدث في بلداننا انطلاقا من هذا المبدإ. الغرب كان يعتبرانه لا يوجد بديل للديكتاتوريات القائمة الا الاصلاح السياسي ولكن ما حدث برهن العكس وقلب المعادلة وأثبت ان هناك بديلا ثوريا.
*الآن تطرح اشكالية موقف الغرب من الصعود الاسلامي بعد هذه الثورات. فماذا تقولون؟
-هناك امر واقع فرض نفسه فنحن نرى ان الحركة الاسلامية اليوم هي حركة قوية . فلم لا يتعامل معها الغرب؟ فهولا يختار؛ لكن المسألة تكمن في ان الغرب لا يمكنه التخلي عن الديمقراطية في العالم العربي بعد ان برهنت النظم الديكتاتورية التي حكمت لسنوات طويلة انها غيرقادرة على اصلاح نفسها وغير قادرة على الحد من الحركات الاسلامية المتشددة بالعنف . والسؤال الذي يطرح نفسه هو الى أي مدى هذه الحركات الصاعدة بقوة اليوم قادرة على احترام قواعد الديمقراطية والحريات ونمط العيش الليبرالي؟
*اذن . ماذا يحضرالغرب بديلا عن الأنظمة الديكتاتورية في البلدان التي تعيش ثورات لم تكتمل بعد في ليبيا وسوريا واليمن وغيرها؟
-الغرب براغماتي ويبدوانه فقد المبادرة التاريخية في تونس ومصرويحاول ان يستعيدها ربما من خلال التدخل الجلي في ليبيا وسوريا وهوالآن سيتعامل انطلاقا مع الواقع وما ستفرزه الثورات من انظمة جديدة . فهو يبحث عن معادلة للتعامل معها بطريقة او باخرى او نوعا من المهادنة مع ما يحصل.لا شك ان هذه التحولات حصلت بدون تدخل غربي. فبوش حاول فرض شرق اوسط جديد بالعنف والحروب وتونس قدمت نموذجا لشرق اوسط كبير بشكل سلمي وهي من المفارقات الغريبة . الغرب فكرفي معادلة توفيقية بين قيمه الديمقراطية الكونية ومصالحه. ومن يفكربان الغرب مجرد قيم كونية فهوساذج ومن يفكر بانه مجرد مصالح فهو بسيط.

د. محمد حاتمي (باحث ومؤرخ مغربي)
استئناس الغرب بفكرة التعامل مع التنظيمات الإسلامية من دون خلفيات
يرى المؤرخ والباحث المغربي محمد حاتمي ان الأطرالإسلامية اليوم بلغت درجة النضج السياسي وبدأت في تقييم واقعي للوضع الراهن. وفهمت أن الشعوب تثورمن أجل تحسين أوضاعها المادية ولتنعم بالحريات، وليس من أجل الدخول في متاهات الصراع ضد الغرب وفزاعات الامبريالية. ويوضح في حديث ل «الاسبوعي» ان الغرب بدأ بما يشبه الاستئناس بفكرة التعامل مع التنظيمات الاسلامية من دون خلفيات وأنشأ لذلك الغرض العديد من مراكز البحوث والدراسات المتخصصة في الشأن الاسلامي لفهم الآخر.
برامج
وحول سؤالنا له عن اهتمام الغرب بصعود التيارات الاسلامية في العالم العربي يجيب بالقول :» من إيجابيات أحداث 11 سبتمبر، طبعا؛ إذا اعتبرنا أن لهذه الواقعة إيجابيات، الدفع بالمجامع العلمية الغربية عموما والأمريكية على وجه الخصوص إلى إطلاق برامج بحث علمية همها الرئيسي فهم ديناميات الإسلام السياسي ومسارات الحركات الإسلامية التي تعج بها المجتمعات الإسلامية، عربية وغيرها. ولا بد من التسطيرعلى أن هذه البرامج ممولة من طرف جهات رسمية وخصوصية، لها امتدادات داخل أجهزة الدولة الأمريكية، خاصة في الخارجية والدفاع والشركات العالمية الكبرى، البترولية وغيرها. ويدل اهتمام هذه الهيئات بالشأن الإسلامي على أن البرامج المعتمدة هادفة، وتندرج ضمن توجه عام يصبو إلى فهم الآخر قصد التعامل معه من منطلقات واقعية تأخذ بعين الاعتبارما هو ثقافي وسيكولوجي. لقد بات السيكولوجي عنصرا مهما، بل مؤسسا للعلاقات القائمة على الاحترام والتقدير».
صورة جديدة للإسلام
وعن التحول في نظرة الغرب الى التيارات الاسلامية يردف بالقول :» بعد مرور عقد من الزمان، بدأت تظهر تدريجيا ملامح صورة جديدة للإسلام كعنصر مؤسس للعلاقات الدولية، فنجد بعض مؤشراتها في خطب الرئيس أوباما من خلال إصراره على أن الدين المحمدي هودين سلام وتعاون وانفتاح... ونجد ملامحها كذلك في ما تعبرعنها العديد من المقالات المنشورة في مجلات متخصصة تصدر عن أهم المؤسسات السياسية الأمريكية، وهي مادة تعرض فحوى ما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الدول الغربية ونظيراتها الإسلامية، وتؤكد على إيجابيات التعامل مباشرة مع منظمات المجتمع المدني، بما فيها الفعاليات ذات المرجعية الإسلامية المشتغلة في ميادين التكوين والتطبيب والتأطيرالرياضي... هنالك ما يشبه الاستئناس بفكرة التعامل مع التنظيمات الإسلامية من دون خلفيات، من جهة لفهمها أحسن، ومن جهة أخرى استعدادا لتطبيع العلاقات معها في حالة حصولها على نصيب من السلطة. وما من شك أن هذا التطورالحاصل في تمثل القوى الإسلامية هو ما يفسرولو بشكل ضيق التحفظ الرسمي للسياسيين الأمريكيين في تصريحاتهم وتقييمهم للأحداث الأخيرة في العالم العربي.
النضج السياسي
ويؤكد الدكتور حاتمي بان التقعيد الفكري، والسيكولوجي، رفع من قيمة الأحداث الأخيرة التي عصفت بنظامين عربيين، التونسي والمصري، وما تزال تخلخل الأوضاع العامة في جميع الدول بصرف النظرعن حدتها ومدى استعداد الأنظمة للاستجابة لها أو إخمادها. كل هذه لم يلعب فيها الإسلاميون دورالمحرك الرائد، بل يمكن الجزم بأن الإسلاميين فشلوا في الالتفاف عليها وتحويل مجراها في اتجاهات تخدم مصالحهم، ومن ثمة وجدوا أنفسهم في وضع المجبرعلى التعامل إيجابيا مع العلمانيين واليساريين والليبراليين... بدا هذا واضحا في تونس ومصروسوريا واليمن والبحرين والمغرب. الأكثر من ذلك، يبدو واضحا من خلال تصريحات الأطر الإسلامية نفسها أنهم بلغوا درجة النضج السياسي، اي إلى تقييم واقعي للوضع الراهن. لقد فهموا أن الشعوب تثورمن أجل تحسين أوضاعها المادية ولتنعم بالحريات، وليس من أجل الدخول في متاهات الصراع ضد الغرب وفزاعات الامبريالية والصهيونية... لنأخذ على سبيل المثال خطاب الإخوان المسلمين في الأردن. إنهم في تقييمهم للتحديات الكبرى التي تواجه المملكة الهاشمية لا يتحدثون عن السياسة الخارجية، بل يركزون على ضرورات القضاء على الفساد والارتجالية والتهرب من المحاسبة... نلاحظ نفس الخيار التكتيكي والاستراتيجي عند الإخوان المسلمين في مصر. إن قياديي الحركة أعربوا بوضوح أن الخيارات الكبرى مثل السلام مع مصروالعلاقات المتميزة مع الغرب، التزامات يستوجب الوفاء بها والدفع بها في اتجاهات تخدم مصلحة الطرفين وفق مسطرة الربح المشترك. وأكدوا كذلك على أنه من شبه المستحيل إخراج مصر مما تتخبط فيه من دون دعم الغرب، والغرب هنا لا يعني فقط الدول الغربية، بل يعني هذه الأخيرة وحلفاءها في المنطقة، أي دول الخليج. في المغرب لا يترك قياديو حزب العدالة والتنمية فرصة دون التصريح بأنهم لا يكنون أي عداء لشركاء المغرب الأجانب، وأن جميع البرامج التنموية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مساهمة الرأسمال الأوروبي، بل يذهبون إلى اعتبار بعض مصالح المغرب من مصالح الغرب. ولعل أهم مؤشر عن هذا التطور، الرأي المتداول في شأن تدخل قوات حلف الشمال الأطلسي في ليبيا. لا نجد إدانة، ولا حديثا عن حرب صليبية أو عدوان... ثمة ما يشبه الاتفاق على أن الفرج يمكن أن يأتي من فوهات رشاشات طائرات الحلف.
استعداد واقعي
وعن سؤالنا حول نظرة الغرب للحضور الاسلامي المتزايد وقبوله للتعامل معه يجيب :» ما يثيرالانتباه هوأن الإدارة الأمريكية، وبشكل مماثل حكومات الدول الغربية بصرف النظرعن حجم الحضور الإسلامي على ترابها، تبدي عن استعداد واقعي للتعامل مع القوى التي تستمد من المرجعيات الإسلامية أسانيدها في التخطيط للحصول على قسط من السلطة. إنها تعتقد في فعالية التعامل الإيجابي في احتضان التوتر الاجتماعي داخل الدول الإسلامية وتصريفه في اتجاهات تخفف من وطأة الأزمة، وبشكل أخص في الوقوف بحزم وقوة في وجه التيارات الإسلامية الراديكالية. إن العديد من المؤشرات تدل على أن الأطر الإسلامية المندمجة في اللعبة السياسية تعتبرالإسلام الراديكالي عدوا داخليا يستوجب العمل من أجل الحيلولة دون استشرائه في المجتمع. إنها من دون أن تدري وبشكل غير مباشر تتخندق في نفس متاريس الغرب، وإن وفق اطروحات مغايرة وظاهريا فقط، إسلامية. لنعط خيرنموذج عن ذلك في التجربة التركية. إن حكومة أنقرة الحالية كانت في بداياتها متحمسة لتطبيق برامج إسلامية محضة، ولكنها مباشرة بعد الوصول إلى السلطة انتبهت إلى أن للسياسية منطقا لا يتطابق والمنطق الإسلامي، ولم تتأخرفي القيام بالخيارالحسن، السياسة على حساب البرنامج الديني. إن هذا الخيار لم يسمح لها فقط بالسير قدما في تحقيق تقدم ملموس على المستوى الداخلي، وإنما مكنها من التموقع بقوة في قلب خريطة المنطقة. فتركيا الحالية حققت طفرة سياسية ملموسة، وباتت محاورا قويا للاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، فضلا عن أدوارها في دول الجوار وريثة الاتحاد السوفيتي».

عبد الستارقاسم كاتب واكاديمي فلسطيني
الأنظمة العربية آفلة والحركات الإسلامية ناهضة
يؤكد عبد الستار قاسم كاتب واكاديمي فلسطيني بان الغرب له مصالح تتناقض مع طروحات الحركات الإسلامية، لكنه يرى أن الحوار يمكن أن يخفف من هذا التناقض اوالتوصل إلى حل وسط يحافظ على بعض المصالح الغربية وعلى إسرائيل. ويوضح في حديث ل « الأسبوعي» بان النظم العربية كانت تلبي مصالحه في المنطقة حتى لو كانت تخالف ارادة الشعوب وانه يتعامل اليوم مع صعود التيارات الإسلامية انطلاقا من منطق براغماتي .
مصالح خاصة
وحول موقف الغرب من التحولات التي يشهدها العالم العربي وتساقط النظم الديكتاتورية لصالح صعود تيارات اسلامية قوية يقول د قاسم :» يدرك الغرب أن الأنظمة الاستبدادية الحاكمة في الوطن العربي تشكل عبئا كبيرا عليه على الرغم من أنها تلبي حاجة غربية هامة. هذه أنظمة خدمت مصالح الغرب وإسرائيل من ناحية تطويع الشعوب العربية وترك الثروات العربية عرضة للنهب والسلب. لقد كانت الأنظمة خير مثال على التخلي عن الإرادة السياسية لصالح مصالح خاصة يلبيها أهل الغرب وعلى رأسها ضمان استمرارها في الحكم لكن وعي الإنسان العربي بحقيقة هذه الأنظمة تراكم وتعاظم مع الزمن وبدأ يدرك العربي انه لولا أهل الغرب لما استمرت هذه الأنظمة في قمعها واستغلالها وتبذيرها للثروات العربية ولما استمرت إسرائيل في غطرستها.»
ويتابع بالقول : «بدأ الغرب يدرك أن استمرار دعمه لهذه الأنظمة سيولد ثورات أوحركات يسميها متطرفة تهدد مصالحه بشكل خطير، وبات واضحا له أن تكاليفه المادية الآن الناجمة عن حربه ضد طالبان والقاعدة أكبر مما يجنيه من أرباح تجارية. وأن النقمة الشعبية عليه في مختلف البلدان العربية ماعدا دول الخليج تتزايد وتهدد استمرارهيمنته. وقد أدرك بعد عام 2006 أن إسرائيل باتت عاجزة عسكريا وتأكد من ذلك في حرب غزة 2008/2009. ولهذا لا مانع لديه الآن من مهادنة ثورات عربية ضد الأنظمة لكنه يحاول أن يدخل إلى هذه الثورات لحرفها عن مسارها بهدف الحفاظ على المصالح الغربية ومصالح إسرائيل».
تدخل مباشر
وعن تدخل الغرب المباشر في الدول التي لا زالت تشهد ثورات شعبية يقول : «يبدو واضحا اليوم التدخل الأمريكي المباشر في تونس وفي مصر، وتدخل الناتوفي ليبيا وتهديد الغرب لسوريا ووقفته مع حكومة البحرين ضد الشعب وتردده بالنسبة لليمن. طبعا بالنسبة للبحرين واليمن، مواقف الغرب واضحة من حيث أن خسائره من سقوط هذين النظامين ستهدد مصالحه في كل دول الخليج ولهذا هولا يرى خسارة كبيرة في دعم حكومة البحرين والانحناء أمام تعنت علي عبد الله صالح ومن حيث أن الغرب يرى أن الحركات الإسلامية ذات حضور قوي في البلدان العربية فإنه أدرك ضرورة فتح الباب أمام الحوار معها وهذا يعبر عن النهج العملي (البراغماتي) الذي يتبعه الغرب في المحافظة على مصالحه إذا كان عدوك قويا، فالأفضل أن تحاول تليينه اوتحييده أوكسبه».
ويختم بالقول : «هناك حركات إسلامية ليست على نمط طالبان والقاعدة، ولديها الرغبة في الحوار. الأنظمة العربية آفلة، والحركات الإسلامية ناهضة والأفضل الحديث مع المستقبل بدل الحديث مع الماضي. الغرب له مصالح تتناقض مع طروحات الحركات الإسلامية، لكنه يرى أن الحوار يمكن أن يخفف من هذا التناقض او التوصل إلى حل وسط يحافظ على بعض المصالح الغربية وعلى إسرائيل. فالمسألة لا تتعلق بحب أهل الغرب للحركات الإسلامية لكن السير مع التيارقليلا أفضل من الانجراف أمامه».

د . حازم فاروق منصور سياسي مصري من الإخوان المسلمين
صعود التيارات الإسلامية أمر مفروض على الغرب
يرى د. حازم فاروق منصور، سياسي مصري وقيادي من الإخوان المسلمين ان الغرب أصبح مفروضاً عليه و ليس باختياره أن يقبل بصعود التيارات الإسلامية والوطنية والقومية في العالم العربي اليوم . وأكد في حديث ل « الأسبوعي» ان الغرب يدبر حالياً للالتفاف على الثورات و محاولة حرف بوصلتها للإتجاه الي ما يصب في صالح المشروع الصهيوني الغربي .
تغيير
ويؤكد منصورانه في عالمنا العربي تم التسويق ( عبرأجهزة حكومية و أخرى مرتبطة بالمشروع الغربي ) لفكرة أن «الكاوبوي» والرجل الأبيض قادران على السيطرة علي العالم و معرفة أين تخبيء النملة غذاءها. ولكن أثبتت الثورة أن الانسان العربي اليوم يستطيع أن يغيروأن يكون الفاعل و الصانع لمستقبله إن أراد، بل هو الذي يصنع تاريخه . وبالتالي فالغرب أصبح مفروضاً عليه و ليس بإختياره أن يقبل بصعود التيارات الإسلامية و الوطنية و القومية في العالم العربي اليوم . وربما الغرب يدبر حالياً للالتفاف على الثورات و محاولة حرف بوصلتها للإتجاه الي ما يصب في صالح المشروع الصهيوني الغربي ، ولكن الزمن قد تغير والعجلة لن تعود الي الوراء .... قد تكون قوتها الدافعة ليست بالكبيرة و لكن العزم شديد و الارادة قوية و التصميم على الوصول أكيد وعنيد.
علاقات
وعن سؤالنا حول كيفية تعامل الإسلاميين مع الغرب اذا وصلوا للحكم وما النموذج الذي سيحكم العلاقات بينهما يجيب بالقول: «في مقولة صحيحة وحكيمة لأحد السياسيين الحكماء «حينما تكون رجل دولة فعليك أن تتصرف بحكمة كرجل دولة.
وعليه فأتصور أن ما نريده لبلادنا اليوم هو تأسيس دولة مدنية حضارية قائمة على احترام الدستوروالقانون وسيادة الشعب على أسس ديمقراطية و بالتالي فهذا هو النموذج « الحضاري «و» الديمقراطي» و» القانوني « الذي سوف يحكم علاقات بلادنا مع كل بلاد العالم و كل القوى السياسية على أساس من الاحترام المتبادل والاستقلالية في اتخاذ القرارات . فنحن اليوم بعد 25 جانفي !!!» .
بديل
وحول استراتيجيا الغرب ومخططاته المستقبلية للمنطقة يقول :» من الطبيعي و المنطقي أن الغرب يحاول أن يحضر بدائل للأنظمة الديكتاتورية بعد سقوطها و يسعى لإستقطاب البعض فيلوح للبعض بالمعونات الاقتصادية وللبعض الأخر بالضغوط السياسية وللبعض بالتحرش وافتعال ما ينغص مكاسب الثورات. ولكن الأهم أن المارد قد استيقظ وأن نجم الغرب في أفول.
فالاقتصاد الغربي الي تقلص مستمر (وخاصة بعد العديد من المغامرات الحربية الاستعمارية الفاشلة و الأزمات المالية الطاحنة التي عصفت بالاقتصاد الغربي) وتعداد السكان في العالم الغربي الي تناقص سريع مما يجعل شمس الثورات تسطع في سماء الحضارة إيذاناً بمرحلة تاريخية هامة وجديدة. وأن هذه المرحلة سوف تعاجل تلك المخططات الغربية وتسبقها و تئدها إن شاء الله».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.