سعيد يشدد على ضرورة وقوف العالم الإسلامي صفا واحدا نصرة لفلسطين    تونس تشارك في المعرض الدولي 55 بالجزائر (FIA)    استعدادات لانجاح الموسم الصيفي    استرجاع مركب شبابي بعد اقتحامه والتحوّز عليه    برنامج تعاون مع "الفاو"    مع الشروق .. خدعة صفقة تحرير الرهائن    العدوان على غزّة في عيون الصحف العربية والدولية.. حماس في موقف قوة و كل اسرائيل رهينة لديها    الاعتداء على عضو مجلس محلي    اليوم الدخول مجاني الى المتاحف    لتحقيق الاكتفاء الذاتي: متابعة تجربة نموذجية لإكثار صنف معيّن من الحبوب    بنزرت الجنوبية.. وفاة إمرأة وإصابة 3 آخرين في حادث مرور    تدشين أول مخبر تحاليل للأغذية و المنتجات الفلاحية بالشمال الغربي    هند صبري مع ابنتها على ''تيك توك''    شيرين تنهار بالبكاء في حفل ضخم    تونس العاصمة : الإحتفاظ بعنصر إجرامي وحجز آلات إلكترونية محل سرقة    وفاة 14 شخصا جرّاء فيضانات في أندونيسيا    أخصائيون نفسيّون يُحذّرون من أفكار مدرّبي التنمية البشرية    بداية من الثلاثاء المقبل: تقلبات جوية وانخفاض في درجات الحرارة    غدا الأحد.. الدخول إلى كل المتاحف والمعالم الأثرية مجانا    4 ماي اليوم العالمي لرجال الإطفاء.    عاجل/ أحدهم ينتحل صفة أمني: الاحتفاظ ب4 من أخطر العناصر الاجرامية    روسيا تُدرج الرئيس الأوكراني على لائحة المطلوبين لديها    صفاقس :ندوة عنوانها "اسرائيل في قفص الاتهام امام القضاء الدولي    عروضه العالمية تلقي نجاحا كبيرا: فيلم "Back to Black في قاعات السينما التونسية    إنتخابات الجامعة التونسية لكرة القدم: لجنة الاستئناف تسقط قائمتي التلمساني وبن تقية    قاضي يُحيل كل أعضاء مجلس التربية على التحقيق وجامعة الثانوي تحتج    الرابطة الأولى: برنامج النقل التلفزي لمواجهات نهاية الأسبوع    نابل: انتشار سوس النخيل.. عضو المجلس المحلي للتنمية يحذر    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    بطولة الكرة الطائرة: الترجي الرياضي يواجه اليوم النجم الساحلي    عاجل/ تلميذة تعتدي على أستاذها بشفرة حلاقة    لهذا السبب.. كندا تشدد قيود استيراد الماشية الأميركية    الثنائية البرلمانية.. بين تنازع السلطات وغياب قانون    القصرين: حجز بضاعة محلّ سرقة من داخل مؤسسة صناعية    هام/ التعليم الأساسي: موعد صرف مستحقات آخر دفعة من حاملي الإجازة    القبض على امرأة محكومة بالسجن 295 عاما!!    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    التوقعات الجوية لليوم    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    قتلى ومفقودون في البرازيل جراء الأمطار الغزيرة    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة(السوبر بلاي اوف - الجولة3) : اعادة مباراة الترجي الرياضي والنجم الساحلي غدا السبت    الرابطة 1- تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    كأس تونس لكرة القدم- الدور ثمن النهائي- : قوافل قفصة - الملعب التونسي- تصريحات المدربين حمادي الدو و اسكندر القصري    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها (رئيس دائرة الإنتاج الحيواني)    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    قرعة كأس تونس 2024.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تتوالى السنوات و حروب الشرق الأوسط لا زالت تحصد الأرواح
نشر في الخبير يوم 03 - 06 - 2021

تعتبر منطقة الشرق الأوسط منطقة جد ساخنة على مستوى التطور السريع لنسق الأحداث، و لطالما كان هذا المكان رقعة متنوعة ثقافيا و سياسيا و تاريخيا… و من الأزمات الحديثة في المنطقة كثرة الحروب و الثورات و الإنقلابات و الإنتفاضات… كما يتميز هذا الجزء من العالم بانقسامه إلى شيعي و سني… هذا عدا الصراع العربي الإسرائيلي المحتدم على الدوام..
دائما ما كان الشرق الأوسط خاضعا للتسييس و التدخلات الخارجية على مر الحقب التاريخية المتنوعة.. و بالرغم من التنوع الديني الذي يغلب على هذه المنطقة، إلا أن التركيز فيها كان و لا يزال منصبا على المسلمين.
شهدت هذه المنطقة مؤخرا ديناميكية غير معهودة، فهذه الدول دائمة التغير و التحول، و هي دائما ما تكون بعيدة كل البعد عن الإستقرار و الهدوء.. و هو ما جعلنا نلقي نظرة شاملة على مستجدات بلدان الشرق الأوسط و ما يحدث فيها من تحولات هامة.

إيران ترفض الركوع و تواصل التمرد
هي أكثر البلدان تمردا و إثارة للجدل، من خلال تحديها لأقوى بلدان العالم و تعنتها القوي أمامهم، دون أن تخشى التهديدات و التخويف من قبل أي كان.. هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ثاني أكبر بلدان الشرق الأوسط مساحة بعد السعودية. هذا و تعتبر إيران قوة إقليمية لا يستهان بها، من حيث احتوائها على كميات هائلة من احتياطيات النفط (رابع أكبر احتياطي من النفط) و الغاز الطبيعي (ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي)… كل هذه السمات تجعل من الدولة الإيرانية ذات سيادة عالمية خاصة على مستوى الطاقة.. هذا عدا امتلاك إيران للأسلحة النووية، من ما يزيدها قوة و صلابة، و يجعل منها دولة عصية عن كل من يسعى للإطاحة بها.
يمكن القول أن أهم المشاكل التي تحيط بالعملاق الإيراني دائما ما تكون متعلقة بصناعاتها النووية.. و يعلم الجميع أن الولايات المتحدة الأمريكية دائما ما كانت تسعى لاحتكار هذه الصناعة، و ذلك حفاظا على سيطرتها على العالم، حتى لا تقدر أي دولة أخرى على مزاحمتها في قوة السلاح النووي، و هو ما نكتشفه من خلال العقوبات التي فرضتها أميركا على إيران بسبب توجهاتها النووية.. و ذلك من أجل الحد من الترسانة النووية الإيرانية بتعلة أنها تهديد حقيقي و خطير على منطقة الشرق الأوسط بل و العالم ككل.
و من المستجدات الطارئة على إيران مؤخرا تعرض منشأتها النووية "نطنز" لخلل كهربائي جزئي من ما أدى إلى انقطاعات للتيار الكهربائي في عدة أجزاء من المجمع.. و لحسن الحظ لم يؤثر الحادث في شبكة توزيع الكهرباء بالمنشأة. و من المرجح أن يكون هذا العطل قد حدث لسببين، أولا أن لا يتعدى الخلل كونه عطلا فنيا في مولد التيار الكهربائي. ثانيا يمكن أن يكون العامل خارجيا و ذلك بسبب الحرب السيبرانية التي تخوضها إيران ضد كل من إسرائيل و الولايات المتحدة.
و يأتي هذا الحادث بعد أن أعلنت إيران عن ارتفاع مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% إلى 55 كيلوغراما. هذا و سجلت إيران حوادث أخرى في منشآت من نفس النوع.. و قد اغتيل العالم النووي الإيراني "محسن فخري زاده" في طهران، و رجحت إيران أن إسرائيل هي التي تقف وراء ملابسات هذا الإغتيال، إلا أن الأمر غير مؤكد إلى يومنا هذا.. و لكن ما هو مؤكد و فعلي و ملموس هو العداء الإسرائيلي الإيراني.. خاصة و أن إسرائيل في الوقت الراهن تسعى بكل الطرق الممكنة إلى أن تحول دون عودة العملاق الإيراني إلى التحرر من القيود النووية المفروضة عليه، و كانت طهران قد وجهت أصابع الاتهام إلى إسرائيل كونها المتسبب الحقيقي في محاولة تخريب موقع "نطنز" متوعدة إياها بالإنتقام، و كان "سعيد خطيب زاده" المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية قد أفاد بأن هذا الهجوم بمثابة الإنتقام الإسرائيلي من الشعب الإيراني الذي كان ينتظر بفارغ الصبر و الحكمة رفع العقوبات الأمريكية، حتى تعود إيران إلى تنشيط مصانعها النووية. و في هذا السياق اتهم سعيد بشكل غير مباشر إسرائيل بسعيها إلى ثني الولايات المتحدة عن العودة إلى اتفاقية 2015 أو حتى إمكانية رفع العقوبات الأمريكية عن إيران منذ سنة 2018.
يبدو أن إسرائيل تسعى لاستفزاز الإيرانيين من خلال الضغط عليهم لشن هجمات ضدها، حتى تبين إسرائيل للعالم بأن إيران بلد غير جدير بامتلاك الأسلحة النووية، من ناحية عدم القدرة على تحمل مثل هذا العبء الكبير الذي يمكن أن يشكل خطرا و تهديدا على كل دول العالم.. و لكن ما تسعى إليه إسرائيل فعلا هو التفرد بالقوة في منطقة الشرق.
في الوقت الراهن يبدو أن الرئيس الأمريكي "جو بايدن" منفتح على خيار العودة إلى اتفاق فيينا، و قد أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران بدأت تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 60%. و هو ما يبشر بقدوم عصر جديد من التفاهم بين كل من أميركا و إيران و أوروبا، خاصة و أن طهران تؤكد بأن طموحاتها سلمية، و لكن هناك تخوفات أوروبية من اقتراب إيران من تخصيب اليورانيوم بنسبة تسعين في المائة الضرورية للاستخدام العسكري. و يبقى هذا الموضوع محل جدل واسع في ظل تشبث إيران بمطلب رفع العقوبات، و فعلا تم رفع بعض العقوبات شرط التزام الجانب الإيراني بالتخفيض في النشاطات النووية حتى لا تمتلك قنبلة ذرية.

لبنان: أزمة مالية قاتلة زادتها الصراعات المذهبية احتداما
هي أزمة اقتصادية و سياسية عميقة تعاني منها لبنان منذ أكتوبر 2019، و هو ما أدى بالشعب اللبناني إلى الوقوف على مشارف أزمة مالية غير مسبوقة، و تقف الدولة اليوم عاجزة كل العجز عن إيجاد الحلول لحلحلة هذه الأزمة، و يبدو أن الخروج من هذا الوضع أو تغييره شيء يبدو مستحيلا حسب الوضع العام الذي يسود الدولة اللبنانية اليوم.
بدأت الأزمة اللبنانية في التفاقم منذ اندلاع ثورة "كلن" أو "كلهم" في أكتوبر 2019، حيث نادى الشعب برحيل الطبقة السياسية التي حملها مسؤولية الخراب الإقتصادي و الفوضى السياسية و الإنهيار الإجتماعي… و لكن للأسف لم تستطع هذه الثورة تحقيق أهدافها، ليتواصل بذلك النزيف المالي و الإقتصادي، الذي لا يزال متواصلا إلى يومنا هذا، و هو ما نلخصه في سقوط الليرة اللبنانية إلى القاع كما لم تسقط من قبل.. و ما زاد الطين بلة هو انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أوت 2020، انفجار حصد ما يقارب ال200 روح، و خلف آلاف الجرحى و المصابين، هذا عدا الضرر الإقتصادي الكبير الذي لحق ببيروت جراء هذه الأزمة، رفقة ارتفاع مستويات التضخم.. و بسبب الفوضى العارمة في الدولة و عدم قدرتها إلى حد هذه اللحظة على تشكيل حكومة، لا تستطيع لبنان الحصول على الأموال و القروض من صندوق النقد الدولي، الذي يشترط حزمة من الإصلاحات و إرساء حكومة لبنانية حتى يمكن الدولة من القروض قصد الإصلاح و النهوض من جديد.
الحل للوضع اللبناني ينشطر لقسمين داخلي و خارجي:
أولا على المستوى الداخلي، حيث يجب إرساء برنامج إصلاحي ضامن لعودة الإستقرار و حل المشاكل المالية، و تراجع أداء بعض القطاعات الأساسية.
ثانيا على المستوى الخارجي، فلبنان في حاجة إلى الدعم الخارجي عن طريق استقطاب المنح و التمويلات، و هذا مشروط بضرورة إرساء حكومة و وضع خطة اقتصادية محكمة و بناءة.
الأطراف المشاركة في هذه الأزمة كثيرة، و نذكر من أهمها قوى الثامن من آذار المدعومة من طهران، و التي ينسب إليها رئيس الدولة "ميشال عون"، و كذلك رئاسة الحكومة المستقيلة، التي تتولى في الوقت الحاضر مهمة تصريف الأعمال بقيادة حسان دياب، إضافة إلى رئاسة مجلس النواب الممثلة في رئيس حركة أمل "نبيه بري" الذي يشكل مع حزب الله لحمة قوية جدا ضمن الطائفة الشيعية.
و بالتالي فالطرفان الأقوى في الساحة اللبنانية هما، رئيس الدولة و حزب الله اللذان اندمجا و انصهرا خدمة لمصالحهما الضيقة داخل دولة تنخرها الأزمات، إذ ساعد حزب الله عون على بلوغ كرسي الرئاسة، و بدوره ساعد عون حزب الله على التجذر في لبنان و منها إلى سوريا، ضمن اتفاق أطلق عليه اسم (تفاهم مارمخايل).
و يعتبر سلاح حزب الله السبب الأساسي للأزمة اللبنانية، و تعتبر الدولة ككل تحت هيمنة هذا الحزب الملتحم بالرئاسة.
الحل لكل المشاكل اللبنانية كامن في إرساء حكومة قادرة على فرض و تحقيق السلم الداخلي، و هو السبيل الوحيد للحصول على المال الخارجي سواء من صندوق النقد أو الدول الخليجية… و عليه فتشكيل الحكومة هو الخطوة الأساسية و الأهم لوقف النزيف و الإنهيار المالي. و لكن هذا الأمر جد صعب ذلك أن تكوين حكومة اختصاصيين (حكومة غير حزبية) تعني إقصاء حزب الله من التركيبة الحاكمة، و الحزب يرى أنه مقصود لذاته في حالة إرساء حكومة من هذا النوع.. كما يجب على رئيس الدولة إرخاء قبضته عن الحكومة الجديدة، و عدم السيطرة عليها كسابقتها.
إذا لم تتوصل لبنان إلى حل للأزمة المالية و السياسية في القريب العاجل، فإنها ستكون عرضة للفوضى و تعمق الأزمة من جديد، لذلك لا حل سوى التهدئة و الرضوخ للحلول السلمية تغليبا للمصلحة العامة، و تحقيقا للثقة بين الدولة اللبنانية مع المجتمع الدولي ككل.

الأردن تدفع ثمن تمسكها بالقدس
ربما بدأت المشاكل الفعلية في الأردن، منذ تأكيدها على أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس باطل، و هو قرار كان قد اتخذه الرئيس الأمريكي المنقضية ولايته، حيث صرح "محمد المومني" و هو وزير الدولة لشؤون الإعلام و الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية سنة 2018 قائلا:" إن القرار الأميركي بنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس هو قرار باطل ومنعدم الأثر القانوني ويضر عملية السلام ولا يخدم سوى القوى المتطرفة".
كما أكد بأن الأردن داعم قوي لبطلان قرار نقل السفارة. و لا تزال الأردن إلى يومنا هذا داعما قويا للفلسطينيين و قضيتهم، و قد حدث مؤخرا و بتاريخ 21 أفريل 2021 أن أدى وزير الخارجية الأردني "أيمن الصفدي" زيارة لرام الله بالضفة الغربية، مسلما بموجبها وثائقا لصالح السلطة الفلسطينية، تثبت ملكية وحدات سكنية لعائلات فلسطينية في القدس الشرقية، تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي إخراجها منها و افتكاكها زورا و بهتانا.
و يواجه أهالي حي الشيخ جراح في القدس خطر طردهم من منازلهم، بعد أن قررت إحدى المحاكم الإسرائيلية إجلاء عدة عائلات مقيمة بهذه المنطقة. وهم عائلات تعيش في "حي كرم الجاعوني" منذ عام 1956، باتفاق مبرم بين الحكومة الأردنية، ممثلة بوزارة الإنشاء والتعمير، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين. هذا و تسعى الأردن كل السعي للفصل بين الدولتين و إقامة الدولة الفلسطينية.
مثل هذه المواقف كانت قد تسببت للأردن بالعديد من المشاكل، خاصة مع إدارة "دونالد ترامب".. و لكن اليوم و برحيل ترامب يبدو أن بايدن متجاوب مع السعي لحل الدولتين، و إرساء السلم بينهما، وقفا للعدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين. و بالفعل كان بايدن قد اتصل هاتفيا بالملك عبد الله الثاني مبديا دعمه لحل الدولتين، من أجل وضع حد للنزاع الخطير في الشرق الأوسط، وهو مبدأ تبناه المجتمع الدولي ككل، قبل أن ينقلب عليه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
من جهة أخرى واجهت الأردن مؤخرا أزمة عميقة وصفت و نعتت بالفتنة، و كانت سببا في زعزعة استقرار المملكة، و ملخص هذه الأزمة هو خلاف نشأ بين الملك "عبدالله الثاني" و أخيه غير الشقيق الأمير حمزة، و كانت هناك مجموعة من التسريبات تضمنت وصفاً لمحادثات خاصة بين الأمير "حمزة بن الحسين" ورئيس الديوان الملكي الأسبق "باسم عوض الله". و قد تم إيقاف عوض الله بتهمة محاولة زعزعة استقرار و أمن المملكة، و ذلك عن طريق التحريض ضد الملك و مخالفة الدستور… و كان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قد توجه برسالة إلى الأردنيين مؤكدا أن "الفتنة وئدت"، و أن الأردن آمنة من كل شر. أما عن هذا الإشكال فأكد الملك بأنه سيتم التعامل معه ضمن حدود العائلة و الأسرة الهاشمية، مؤكدا على أن بلاده قادرة على تخطي هذا المأزق، و الانتصار على كل التحديات و الاستهدافات الماكرة و الساعية إلى النيل من الوطن.
هذا و لا تزال القضية قيد التحقيق و البحث و النظر.. و من جهته يؤكد الملك أنه سيتعامل مع هذه الأزمة في حدود العدل و الشفافية، و ما يخدم مصلحة الوطن و مصلحة الشعب.

العراق: قوى خارجية تؤجج الصراعات المذهبية و العرقية
لطالما كان العراق ساحة تتحارب فيها العديد من الفصائل المسلحة، من ما حول هذه الأرض إلى حلبة تتصارع فيها القوى المحلية بتدخل خارجي.. هذا و لا تخفي الأحزاب العراقية تنافسها الشديد من أجل السلطة و فرض النفوذ على العراق و موارده، كما لا يزال الإشكال بين العاصمة بغداد و الإقليم الكردي قائما إلى حد الساعة. و بالتالي فالأطراف المتصارعة كثيرة.. و يبدو أنه لا حل لهذه الإشكالات في المستقبل القريب، و هو ما يبقي على العراق في حالة حرب دائمة دون انقطاع أو راحة، و هو عنف متنوع أهدافه كثيرة، و الصراع قائم منذ ثمانية عشر عاما على التوالي، و لعل أخطر أشكال هذه الحروب حملها الكيان المسمى بداعش، الذي تقلص و يكاد يتشظى و يختفي منذ العام 2018.
من جهة أخرى لا يزال الوجود الأمريكي جد متجذر في العراق، من خلال قواعدها العسكرية المنتشرة على الأراضي العراقية، كما تتهم إيران بالوقوف وراء العديد من الهجمات التي شنت على قواعد عسكرية و مناطق دبلوماسية أمريكية و أخرى غربية.. و تملك كل من أميركا و إيران وجودا عسكريا بالعراق، الوجود الأمريكي مبرر بالتحالف الدولي الذي يساعد العراق على محاربة تنظيم داعش منذ 2014. أما الوجود الإيراني فيمثل دعما لقوات الحشد الشعبي العراقية، وهي عبارة عن تحالف فصائل عسكرية موالية لطهران.
و من أجل حل الأزمة العراقية المتواصلة، تمت الدعوة مؤخرا لضرورة إقامة انتخابات مبكرة، و من المنتظر أن تكون هذه الانتخابات في حال أقيمت فرصة للحد من الاحتقان داخل العراق، و هو ما سيمثل فرصة سانحة لبداية التفاهم و الإصلاح.
أما عن مستقبل الوجود الأميركي في العراق، فقد صرح رئيس الوزراء و القائد العام للقوات المسلحة العراقية "مصطفى الكاظمي" بإمكانية وضع آليات قانونية و زمنية لسحب قوات التحالف الدولي من العراق. و يأتي هذا في ظل تصريح رئيس الحكومة العراقية بأن القوات العراقية أصبحت أكثر جاهزية و قوة لتولي المهام الأمنية في مواجهة ما تبقى من داعش، ومن المنتظر أن تكون الحكومة قادرة على تجاوز التحديات و سد الاحتياجات و تولي كل ما على عاتقها من مهام.
وأضاف: "شكلنا لجنة عسكرية فنية مختصة لتحديد الاحتياجات والضرورات العراقية، وكذلك آليات تسلّم المهام من قوات التحالف الدولي".
و عليه تفيد هذه التصريحات بأنه تم الإتفاق مع القوات الأمريكية، حول إعادة هيكلة وجودها في العراق، و ذلك بسحب كل القوات القتالية، و الإبقاء على شيء منها بصيغة التعاون في مجالات رفع الجاهزية والتدريب والمعلومات الاستخباراتية… و قد يكون هذا ملبيا لطلبات الفصائل المسلحة المحسوبة على إيران في العراق، مطمئنا طهران من ناحية أن العراق لا يريد استفزازها، من خلال وجود قوات قتالية أميركية بالعراق.
يبقى الوضع في العراق جد حساس و دقيق، و تبقى الصراعات على هذه الأرض قائمة و محتدمة، و أي حدث جديد قادر على إشعال نار الحرب من جديد، و لكن هذا لا يمنع من وجود محاولات جدية لمحاولة إعادة الإستقرار و الطمأنينة لدولة عانت من شبح الحرب و الصراعات لسنوات طويلة.
فلسطين: حلم السلام يبقى سرابا في سراب
لا تزال القضية الفلسطينية عالقة، و لا يزال الكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين ضيفا جد ثقيل على هذه الأمة، هذا و لا تتوقف الغارات الإسرائيلية الموجهة نحو الأراضي الفلسطينية بتعلة رد الهجمات الإستباقية… و شن الجيش الإسرائيلي غارات على مواقع في غزة تعللا بأنه رد على إطلاق صاروخ من القطاع نحو الجنوب الإسرائيلي. و قد أسفرت هذه الغارات عن أضرار مادية جسيمة… ما هذا إلا مثال بسيط لما يحدث داخل التراب الفلسطيني، و قد أصبح هذا النسق بمثابة المعيش اليومي، أو الجحيم الإسرائيلي المغتصب للأرض الفلسطينية بغير حق.
هذا و يعاني العديد من الإعلاميين الفلسطينيين في سجون إسرائيل، بعدما طالبت منظمات حقوقية وهيئات نقابية فلسطينية تسليط الضوء على قضيتهم. واعتبرت تلك المنظمات أن أغلب المعتقلين لم تصدر في حقهم أية أحكام قضائية وأن بعضهم يخضع لنظام الاعتقال الإداري الذي يتيح عمليات الاحتجاز و الاعتقال دون تهم رسمية و لفترات غير محددة و قابلة للتجديد. هذا و يعاني الأسرى من آفة الإهمال الطبي الذي يتعرض له الإعلاميون الفلسطينيون في سجون إسرائيل في ظل تفشي فيروس كورونا.
و قد اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق "إيهود أولمرت" أنه لا بديل للتسوية بين إسرائيل و الفلسطينيين.
و قال أولمرت:" ستكون الدولة الفلسطينية تقريبا مثل حدود 67 من ناحية المساحة، عدا ذلك جرى الحديث عن قضية القدس، و القدس العربية (الجزء العربي من القدس) ممكن أن يكون عاصمة الدولة الفلسطينية والجزء اليهودي في القدس يكون عاصمة الدولة الإسرائيلية كما كان دائما، طوال السنوات وسيبقى".
كما أضاف:" بالنسبة للحوض المقدس بما في ذلك جبل الهيكل والمدينة القديمة، فهذه منطقة لها أهمية كبيرة لليهود، والمسلمين والمسيحيين ولذلك اقترحت أن تتم إدارة هذه المنطقة، حيث يكون متفق على التعريف الدقيق لها، عبر علاقات الثقة بين الدول الخمس التي ستحظى بصلاحية لذلك من الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة.. هذه الدول هي: المملكة العربية السعودية، الأردن، فلسطين، إسرائيل، والولايات المتحدة.. هذا الجسم المركب من هذه الدول الخمس يدير الحوض المقدس ويضمن حرية العبادة لليهود، المسلمين، والمسيحيين".
و لفت أولمرت النظر أنه في حالة توصل الطرفين الإسرائيلي و الفلسطيني لتسوية بينهما، فإن هذا الأمر سينعكس إيجابا على العلاقات الإسرائيلية بينها و بين كامل منطقة الشرق الأوسط، قائلا في هذا السياق "هذه العلاقات لن تكون فقط مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، وإنما ستكون مع المملكة العربية السعودية وجميع الدول العربية في منطقتنا، وهذا يغير كليا التوازن في الشرق الأوسط ويحول هذا المكان إلى إحدى المناطق الأكثر قوة من الناحية العسكرية والاقتصادية في العالم".
مضيفا "لا يوجد بديل لتسوية سلمية بين إسرائيل والفلسطينيين وكل ما حدث حاليا هو مهم".
تصريحات اولمر مهمة جدا لصالح الفلسطينيين من ناحية إيقاف نزيف الأرواح و ضياع الشعب الفلسطيني، و هي من جهة أخرى جد مستفزة لشعب حرم من أرضه و أبسط حقوقه.
اليمن: الربيع العربي يتحول إلى زوبعة تؤججها دول الجوار
هي السنة السابعة على التوالي التي تمر و اليمن لا يزال في حالة حرب، و تعتبر هذه الحرب تعبيرة عن فشل الحكم بعد رحيل الرئيس "عبد الله صالح" حيث فشلت الدولة في إرساء حكم وطني اتحادي جديد.
و قد اجتاح المقاتلون الحوثيون العاصمة صنعاء و استولو على السلطة فيها بقوة السلاح في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014.
تسبب هذا الصراع في سقوط ما يزيد عن 330 ألف قتيل و عشرات الآلاف من الجرحى والمصابين على جانبي النزاع من بينهم عدد كبير من المدنيين.
هذا و قد أدى القتال البري بين قوات الحكومة اليمنية المعترف بها، وحركة أنصار الله المتمردة و الغارات الجوية التي شنتها مقاتلات التحالف بقيادة السعودية إلى نزوح و تشريد الملايين داخل البلاد وخارجها. و قد تسببت هذه المعارك الشديدة و الطويلة في دمار البنية التحتية المدنية و العسكرية و الأمنية للبلاد.
هذا و قد قادت المملكة العربية السعودية تحالفاً عسكرياً كبيراً للتدخل المباشر في النزاع و ذلك دعما للشرعية اليمنية من أجل استعادة الدولة وعودة الرئيس المنتخب "عبد ربه منصور هادي" و كان ذلك بناء على طلب شخصي منه.
من جهة أخرى كانت إيران داعما أساسيا للحركة الحوثية التي تحالفت مرحليا مع خصمها السابق رئيس البلاد الراحل صالح الذي قتل لاحقاً، كما تبادلت طهران السفراء مع الحوثيين في اعتراف صريح بالحركة كحكومة شرعية.
و بسبب تدخلها في الشأن اليمني، تعرضت بعض المدن والمنشآت الاقتصادية والموانئ العسكرية والمدنية في السعودية لهجمات متكررة من قبل الحوثيين. هذا و قد انسحبت القوات المتدخلة في الشأن الإيراني تباعا الواحدة تلو الأخرى.. و لكن لا يزال للسعودية وجود عسكري باليمن، و يعود استمرار النزاع في اليمن و عدم قدرة المتدخلين الخارجيين على إيقافه، إلى الخصوصية اليمنية الجغرافية الطبيعية و التاريخية مناطقياً و مذهبيا و اجتماعيا لليمن… و الدولة اليوم جد منقسمة على المستوى المذهبي، و ما دام الحوثيون منتشرين باليمن فلا سبيل لإخماد هذه الحرب، و حتى الشق الثاني لا يزال متناقضا مع نفسه.
و قد صرح مؤخرا المبعوث الأميركي لليمن بأن دعم إيران للحوثيين كبير و فتاك. و أشار "ليندركينغ" بأن النظام الإيراني مواصل في سياسته لدعم هذه الحرب دون البحث عن حل ينهي هذا الصراع. و في هذا السياق تحمل الولايات المتحدة الأمريكية ميليشيا الحوثي مسؤولية الحرب في اليمن، هذا و تسعى أميركا لإنهاء هذا النزاع و وقف إطلاق النار، و بالفعل أعلنت المملكة العربية السعودية في الثاني و العشرين من مارس، إنهاء الصراع في اليمن والتوصل إلى حل سياسي شامل، يتماشى مع اقتراح المبعوث الخاص للأمم المتحدة بوقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، وإعادة فتح مطار صنعاء الدولي، والسماح بحرية حركة السفن للوقود والسلع الأخرى إلى ميناء الحديدة وفقًا لاتفاقية ستوكهولم.
و عليه فالأزمة في اليمن تتجه نحو الإنفراج، بعد طول سنين من الحروب و الصراعات.
إن التعمق في مشاكل دول الشرق الأوسط يضعنا أمام منطقة جد ديناميكية و ساخنة، فهذه الدول دائمة التغير و التحول و لا شيء فيها مستقر أو ثابت، و ذلك بسبب الصراعات الداخلية، و كل ما يندرج ضمنها من تدخلات خارجية سياسية بالأساس، ساعية لخراب هذه الدول من أجل استنزافها و إضعافها و الإستيلاء على ثرواتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.