رحلة البحث عن حياة كريمة دون خطر و مرض أو نقص في مرافق الحياة هو ما ألت إليه البلاد في ظل حكم ألفيناه يتطلع إلى إيديولوجيا حزبية و لا لإرادة شعبية لكنها رحلة اصطدمت بجدار التهميش و الإهمال الذي من الواضح انه تسبب في تسجيل حالات كوليرا في البلاد اذ تم اكتشاف ثلاث حالات كوليرا في رادس مليان في الآونة الأخيرة. ولقد أسفرت الظروف التي فرضتها حكومة الترويكا على جزء كبير من الشعب من قطع الكهرباء و نقص المياه إلى ارتفاع أكوام الأوساخ و المزابل المتعفنة التي لا طالما نبه أطباء من خطورتها لكن الحكومة لم تعر اهتماما إلى مثل هذه المسائل الاجتماعية لا سيما أنها منشغلة في تعييناتها الوزارية و مؤتمراتها دون أن تكترث إلى شعب يعاني مخاطر أكوام القمامة المتعفنة وما ينجر عنها من أمراض معدية انقرضت منذ القرن 19. " أين الحكومة" تساؤل رئيس الحكومة حمادي الجبالي في زيارته ضمن حملات التنظيف لإحدى ضواحي العاصمة قد يحيل إلى حقيقة حكومة فشلت في حمل البلديات على تنظيف المدن و تكدس الفضلات وفي ابسط مرافق الحياة فلا يحق لنا التساؤل عن أسباب ظهور الكوليرا عندما نرى أطفالا يشربون من مياه وادي تراكمت فيه القمامة و جثة حمار وسط البركة ليست بعيدة عنه أفلا تحيل الظروف المعيشية إلى عصور خلناها رحلت و لم تعد و الحال أن الحكومة في حالة سكر مع السلطة مطمعا في 30 سنة في الحكم أو في تقسيم ثروات الغنائم الموروثة من النظام السابق و الم يكن من الأجدر بحكومة تنكرت لوعودها الانتخابية صرف الألف مليار التي ستوزعها على مساجين سياسيين على تنظيف البلاد و إغاثة العائلات المعوزة. لم تعد تونس تواجه سوى تحديات البطالة و التمنية في المناطق المحرومة لكنها أصبحت في منعرج تخوفات من مرض الكوليرا القاتل أمام تخاذل الحكومة في رفع الأكوام الهائلة للقمامة التي باتت تحاصر المدن التونسية في ظل عدم قدرة في التحكم في مؤسسات الدولة مثل البلدية حتى أن الحكومة بدل أن تقاوم أكوام القمامة بتجهيزات جديدة و عصرية قامت بحملات تنظيف باشرها أعضاء الحكومة في صورة مبادرات استثنائية أهدافها التوعية وليس ضرورة إرساء حلول دائمة و ناجعة. أمام هذه الانعكاسات الصحية و مخاطرها الاجتماعية تناقضت أطراف وزارة الصحة في تبريرها لهذا الخطر حيث نفت وزارة الصحة في بيان لها عدم تسجيل أي حالة إصابة بجرثومة الكوليرا في حين أكد مدير إدارة حفظ الصحة و حماية المحيط بوزارة الصحة محمد الرابحي لاحد وسائل الإعلام(موزاييك) خبر اكتشاف الكوليرا في محطة تطهير رادس مليان و الحال ان الموطن أضحى ضحية عديد الممارسات و التناقضات التي حادت بالثورة عن مسارها الحقيقي.