موزّعو النظارات يرحّبون بتخفيض المعاليم الديوانية في قانون المالية 2026    عاجل: ''poudre talc'' مشهورة مرفوعة ضدها قضية بسبب مريضتي سرطان...شنيا الحكاية؟    الفيفا يعلن استضافة الدوحة لحفل جوائز الافضل لسنة 2025 يوم الثلاثاء    كأس العرب قطر 2025: مدرب المنتخب السعودي يؤكد أن مواجهة الأردن لن تكون سهلة    كيفاش تتكوّن العاصفة المتوسطية علاش تنجم تتطور إلى إعصار متوسطي؟    تطاوين: انطلاق الشباك الموحد للحجيج لموسم 1447 ه / 2026 م لفائدة 133 حاجًا وحاجة    فوز 11 تلميذا في مسابقات الملتقى الجهوي للصورة والسينما والفنون البصرية للمدارس الإعدادية والمعاهد    قفصة : إنطلاق الحملة الوطنية الأولى للكشف المبكر عن اضطرابات الغدة الدرقية    كأس تونس.. الجامعة تعلن عن موعد سحب قرعة الدور التمهيدي    عاجل: إصابة هذا اللّاعب تجدد القلق داخل الجهاز الفني    هذه الولايات تسجل اعلى عدد في وفيات حوادث المرور..#خبر_عاجل    عاجل/ 10 قتلى بإطلاق النار على تجمع يهودي في سيدني..    وفاة تونسي في حادث مرور بليبيا..وهذه التفاصيل..    حجز 30 غراما من الماريخوانا لدى شخص عاد مؤخرا من ألمانيا..#خبر_عاجل    عاجل: وزارة الفلاحة تدعو الفلاحين والمصدرين للتسجيل في برنامج التخزين    المعابر الحدودية بجندوبة تسجل رقما قياسيا في عدد الوافدين الجزائريين..    مدنين / بلدية بن قردان تنطلق في تركيز 390 نقطة انارة عمومية من نوع "لاد" بالطريق الرئيسية ووسط المدينة    تونس ترفع رصيدها إلى 31 ميدالية في الألعاب الإفريقية للشباب    توفى بيتر غرين.. الشرير اللي عشنا معاه على الشاشة    عاجل: منخفض جوي قوي يضرب المغرب العربي.. أمطار غزيرة وثلوج كثيفة في الطريق    الكاف : مهرجان "بدائل للفنون الملتزمة" يمنح جائزته السنوية التقديرية للفنّان البحري الرحّالي    المسار الحالي لتونس في مجال السلامة المرورية يقود الى تسجيل 74 الف وفاة و 235 الف اصابة بحلول سنة 2055    الريال يواجه ألافيس ومان سيتي أمام كريستال بالاس ضمن الدوريات الأوروبية    كشف هوية أول مشتبه به في هجوم سيدني    شنيا اللي يخلي البنك يرفض يحلّك Compte؟    عاجل: التاكسي الفردي يلوّح بالإضراب بعد تجاهل المطالب    الإطار الطبي للمنتخب يتابع الحالة الصحية لنعيم السيتي للمشاركة في كأس إفريقيا    عاجل: شنيا حكاية ضبط كميات كبيرة من الكبدة المنتهية صلوحيتها كانت متجهة نحو الجزائر؟    شنيا حكاية المادة المضافة للبلاستك الي تقاوم الحرائق؟    إنشاء مجمع صناعي متكامل لإنتاج العطور ومستحضرات التجميل ببوسالم    الرياض تستضيف المنتدى العالمي ال 11 للحضارات بدعم غوتيريش و130 دولة    عاجل: الأطباء يحذرون...الطب الشعبي قد يؤدي للوفاة عند الأطفال    تطورات قضية مصرع مغنية تركية.. صديقة ابنتها تدلي باعترافات صادمة    أزمة وطنية: أكثر من 1500 مريض ينتظرون زرع الكلى    الفئة العمرية بين 18 و44 سنة تمثل 51 بالمائة من مجموع قتلى حوادث المرور (دراسة)    السوق المركزي في المغرب شعلت فيه النار... خسائر كبيرة    شنيا يصير وقت شرب ال Chocolat Chaud في ال Grippe؟    معز حديدان: تونس تدفع ثمن ضعف الإنتاج وارتفاع كلفة الطاقة    اريانة: مندوب الفلاحة بالجهة يؤكد اهمية مشاركة مجامع التنمية الفلاحية بالصالون الدولي "افريكا فود"    جون سينا يقول باي باي للمصارعة بعد 23 عام مجد    محرز الغنوشي يُبشّر: ''إمكانية تسجيل بعض الزخّات المطرية الضعيفة والمحلية بالشمال الشرقي''    اعتقال سوري ومصري و3 مغاربة في ألمانيا بتهمة التخطيط لهجوم إرهابي على سوق عيد الميلاد    جندوبة: استئناف النشاط الجراحي بقسم طبّ العيون    مقتل شخصين على الأقل في إطلاق نار قرب جامعة براون الأمريكية    السعودية.. السماح للأجانب بتملك العقار وتطبيق النظام المحدث ينطلق قريبا    سوسة.. العثور على جثة مسن روسي الجنسية في حديقة المكتبة الجهوية    الجريصة.. اطلاق اسم الفنان عيسى حراث على دار الثقافة    تاكلسة.. قافلة صحية لطبّ العيون تؤمّن فحوصات لفائدة 150 منتفعًا    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    سوسة: "24 ساعة متواصلة من الشعر"    تنطلق اليوم: لجان تحكيم أيام قرطاج السينمائية    المؤسسة المالية الدولية تؤكد مواصلة دعم تونس في مجال الطاقات المتجددة    موعد الشروع في ترميم معلم الكنيسة بقابس    الأمم المتحدة تعتمد قرارا يُلزم الاحتلال بعدم تهجير وتجويع أهالي غزّة    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    تنبيه لكلّ حاجّ: التصوير ممنوع    خطبة الجمعة.. أعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زوبعة السَّلَف في فنجان الخَلَف!
نشر في المصدر يوم 08 - 11 - 2012

لم نكن بحاجة إلى أن نشاهد على الهواء "إمام" جامع النور ب"دوّار هيشر" وهو يرفع كفنه في وجه وزير الداخليّة وفي وجوه الملايين ممّن كان يتابع برنامج الفضائيّة التونسيّة حتّى نوقن أنّ كرة الثلج قد دحرجناها، بدءا وتكرارا، بما يسمح لها بأن تكبر وتكبر حتّى تكاد تستحيل إلى صخرة صلدة. على أنّه من الإجحاف، أيضا، أنْ نحمّل القواعد السلفيّة، وحدها، وزر أحداث العنف منذ الأشهر الأولى التي أعقبت الرابع عشر من جانفي 2011. المسؤوليّة السياسيّة والقانونيّة على أعمال العنف المرتكبة لا تتحمّلها القواعد السلفيّة بدرجة أولى، فهذه القواعد التي قد تمارس العنف تحت راية الجهاد أو "دفع الصائل" أغلبها محدود الوعي والتكوين التعليمي والثقافيّ، وعادة ما تكون هذه القواعد من الشباب الحائر الباحث عن نفسه أو عن دور أو عن موقع في أوساط يغلب عليها التفقير والتهميش والتجهيل. المسؤولية، في المقام الأوّل، ملقاة على قياداتها الحركيّة والتنظيميّة ذات العقائد الإقصائيّة التكفيريّة والارتباطات الإقليميّة والدوليّة، وعلى سائر القيادات الفكريّة الإسلاميّة التي لم تشرع بعد في القيام بترشيد جدّي لل"عمل الإسلاميّ" ولا بمراجعات "لاهوتيّة" و"تيولوجيّة" شجاعة تحمل هذه الجماعات على الاقتصاد في اليقينيّات المطمئنّة، وفي أوهام المطابقة مع الأصل، وتدفع بها إلى قواعد عمل قانونيّة في كنف الديمقراطيّة والمواطنة وحقّ الاختلاف.
السيناريو نفسه يتعاود في كلّ مرّة. يقع الزجّ بهذه القواعد التي وقعت دمغجتها في مغامرات غير محسوبة النتائج، ثمّ يتمّ الخلوص إلى النهاية ذاتها: التراجع عن المغامرة، وضمّ الأرواح التي أزهقت إلى قافلة "الشهداء"، والدعوة إلى ضبط النفس والصبر ! جيّشوا للهجوم على السفارة الأمريكيّة من أعلى المنابر، وبعد أن مات خمسة من الشباب المتحمّس ل"نصرة" نبيّهم الكريم، تراجعوا ودعوا إلى التهدئة وحقن الدماء. وبعد أحداث "دوار هيشر" التي انتحلت فيها هذه الجماعات مهمّة الدولة في احتكار العنف وإنفاذ القوانين على الناس، ثمّ مات فيها شابّ (أو اثنان بحسب بعض الأخبار) عاد القادة إياهم ليدعوا إلى الصبر والتهدئة وتفويت الفرصة على الصائدين في الماء العكر. حقيقة بتنا لا نفهم كيف يدعو أمثال "الخطيب الإدريسي" أو "أبو عياض" أو "البشير بن حسن" أو "خميس الماجري" إلى الموعظة الحسنة وعدم التقاتل والبغضاء وإلى نبذ العنف، ولا كيف يقول أحدهم إنّ ظاهرة التكفير ظاهرة خطيرة (وماذا تصنعون أنتم - يا رعاكم اللّه – كلّ يوم بالغدوّ والآصال؟).
من جانب الحكومة، وفيما يلوذ "التكتّل" و"المؤتمر" بشعار "داخل في الربح خارج من الخسارة" فيكتفيان ببيانات التنديد والشجب وكأنّهما من المعارضة، تعمد حركة "النهضة" إلى سياسة الترهيب حينا وإلى سياسة الصمت أحيانا، وإلى سياسة الترغيب والمصانعة في أحيان أكثر.
انظروا إلى التبريرات التي يسوقها بعض رموزها، وبعض المحلّلين المقرّبين منها، وبعض المنابر الناطقة باسمها أو صارت تنطق باسمها( !!)، وهي تبريرات تحاول أنْ تصوّر العنف الحاصل على أنّه مواجهات "مقدّسة" بين "الشباب الملتزم" و"المتديّن" وبين تجّار الخمور ومعاقريها على عتبات البيوت وفي الأزقّة يوم "الأضحى"، أو هي ترخي العنان لخيال مسكون بنظرية المؤامرة فيقول قائلهم إنّ الأحداث، في محصّلتها، من تدبير حزب سياسيّ بعينه (طبعا هو!! )، أو إنّ أحداث "دوار هيشر" مدبّرة من الخارج وتهدف إلى جرّ السلفيّين إلى العنف، وأنّ الإطار الأمني قد شجّ رأسه أحدُ المنحرفين من تجّار الخمور. يقال هذا وأكثر، في حين سمع القاصي والداني أنّ التحرّكات العنيفة التي أدّت إلى مقتل مؤذّن "جامع النور" كانت على خلفيّة القبض على المتّهم السلفي بالاعتداء على الرائد وهو هارب في مدينة بوسالم.
مازالت القوانين الوضعيّة لا تجرّم الافتراء والمكابرة ولا إعمال الخيال المجنّح. أمّا التجارب فتعلّمنا أنّ السحر كثيرا ما انقلب على الساحر. تأمّلوا ما آل إليه "المجاهدون العرب أو الأفغان" وهم صنيعة الولايات المتحدة الأمريكيّة في حربها على المدّ السوفياتي سابقا. لقد توّجت العلاقة يتفجيرات 11 سبتمبر 2001، وبالاشتباك المباشر في أفغانستان والعراق وفي غيرهما من سُوح الجهاد في مشارق الأرض ومغاربها.. وانظروا في محيطنا العربيّ كيف آلت علاقة الودّ بين حركة "حماس" وأحد أذرعتها العسكريّة (جند الإسلام) إلى نهاية مأسويّة حوصرت فيها الجماعة في مسجد "ابن تيميّة" شمال غزّة، وتمّت تصفية أفرادها المعتصمين ببيت اللّه.
شواهد عديدة تعلّمنا أنّ "من يجعل الضرغام للصيد بازه، تصيّده الضرغام فيمن تصيّد..". ولقد كنت هممتُ بعنونة هذه الورقة ب" زوبعة السلفيّة في فنجان النهضة"، ولكنّي عدلتُ لإيماني بأنّ الزوبعة السلفيّة بخلفيّاتها وتداعياتها واقعة في فنجاننا المشترك، فنجان الخَلَف لا فنجان "النهضة" وحدها، ذلك الخَلَف الذي عناه "لبيد بن ربيعة" وتمثّلّت به "أمّ المؤمنين عائشة" في أوقات وحدتها:

ذهب الذين يُعَاشُ في أكنافهم --- وبقيتُ في خَلَف كجِلد الأجرب..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.