الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
الإعلان
التونسية
الجريدة التونسية
الحوار نت
الخبير
الزمن التونسي
السياسية
الشاهد
الشروق
الشعب
الصباح
الصباح نيوز
الصريح
الفجر نيوز
المراسل
المصدر
الوسط التونسية
أخبار تونس
أنفو بليس
أوتار
باب نات
تونس الرقمية
تونسكوب
حقائق أون لاين
ديما أونلاين
صحفيو صفاقس
كلمة تونس
كوورة
وات
وكالة بناء للأنباء
موضوع
كاتب
منطقة
Turess
الخطوط التونسية دون مضيفين ومضيفات..!
تونس تتلقى دعوة للمشاركة في قمة "استثمر في باوتشي"
هذه أسعار أضاحي العيد بهذه الولاية..
مصر وقطر في بيان مشترك: جهودنا في وساطة غزة مستمرة ومنسقة
مزاد على قميص صلاح... قيمته تتجاوزال 50 مليون
بداية من بعد ظهر اليوم: أمطار غزيرة ورياح قوية
بعد ظهر اليوم:سحب رعدية وأمطار غزيرة
الدورة الثانية للتظاهرة الثقافية 'عودة الفينيقيين' يوم 11 ماي بولاية بنزرت
الدورة الخامسة لتظاهرة اليوم البيئي يوم الاحد المقبل بمدينة حمام سوسة تحت شعار 'بيئتنا مسؤوليتنا'
اليوم في المسرح البلدي بالعاصمة: فيصل الحضيري يقدم "كاستينغ" امام شبابيك مغلقة
أطعمة تساهم في خفض ضغط الدم دون الحاجة لتقليل الملح
عاجل/ نفوق عدد من الأبقار ببنزرت..وممثّل نقابة الفلاحين بالجهة يكشف ويُوضّح..
وليد بن صالح رئيسا للجامعة الافريقية للخبراء المحاسبين
رفض الإفراج عن الخطيب الإدريسي وتأجيل محاكمته إلى جوان المقبل
خبير بنكي: استعمال ''الكمبيالة'' يزداد وإقبال كبير من الشركات
في تونس: 5 سنوات سجنا لمن يمتنع عن إنقاذ شخص
وزير التشغيل والتكوين المهني يدعو الى ترويج تجربة تونس في مجال التكوين المستمر دوليا
هام/ موعد اختتام السنة الدراسية..وتفاصيل روزنامة الامتحانات..
يقطع الكهرباء ويجدول الديون.. القبض على شخص ينتحل صفة عون ستاغ..
يهم أولياء تلاميذ المدارس الابتدائية: تعرفوا على روزنامة الامتحانات المتبقية
قفصة: أفاعي سامة تهدد التونسيين في الصيف
تونس: أسعار ''علّوش'' العيد بين 800 و مليون و200 دينار
باريس سان جيرمان وأرسنال..موعد المباراة والقنوات الناقلة
ترامب يدعو إلى التهدئة بين الهند وباكستان
سامي المقدم: معرض تونس للكتاب 39... متاهة تنظيمية حقيقية
مهم للحجيج التونسيين: الضحية ب 192 دولارًا والسعودية تُحدّد الجهات الرسمية
واشنطن تُسرّع خططها لضم غرينلاند.. تقارير تكشف تعليمات سرية للمخابرات الأمريكية
نفوق الأبقار: فلاحو بنزرت يستغثون
تفعيل خدمات النفاذ المجاني للأنترنات بمطارات صفاقس وتوزر وقفصة وطبرقة وقابس
وزارة الصحة: احمي سَمعِك قبل ما تندم... الصوت العالي ما يرحمش
المهدية: تحيّل باسم ''الستاغ'' وسلب أموال المواطنين
الإصابة تنهي موسم المهاجم الدولي إلياس سعد
عاجل : وزارة التجهيز تعلن عن موعد انتهاء أشغال تهيئة المدخل الجنوبي للعاصمة
هدف فراتيسي يحسم تأهل إنتر لنهائي رابطة الأبطال بفوز مثير على برشلونة
بطولة الكويت - طه ياسين الخنيسي هداف مع نادي الكويت امام العربي
الصين: روبوت يخرج عن السيطرة و'يهاجم' مبرمجيه!
قتلى وجرحى في قصف متبادل بين الهند و باكستان
واشنطن تعلن تهريب خمسة معارضين فنزويليين من داخل كاراكاس
كوريا الشمالية.. الزعيم يرفع إنتاج الذخائر لمستوى قياسي ويعلن الجاهزية القصوى
ر م ع ديوان الحبوب: جاهزون للموسم الفلاحي
تنصيب الأعضاء بمباركة الوزارة...تعاونية الرياضيين مكسب كبير
المهدية: اختتام مهرجان الوثائقي الجوّال في نسخته الرابعة: الفيلم المصري «راقودة» يفوز بالجائزة الأولى
في تعاون ثقافي قطري تونسي ... ماسح الأحذية» في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للمونودراما
أقر اجراءات استثنائية.. مجلس وزاري مضيق حول تحسين جودة قطاع النقل
ديناميكية التحويلات: مساهمة حيوية للمغتربين في دعم الاقتصاد التونسي
زغوان: امتلاء سدود وبحيرات الجهة بنسبة تتجاوز 43 بالمائة
افتتاح مقر جديد بتونس للشركة السويسرية "روش فارما" بتونس وليبيا
قبل أن تحج: تعرف على أخطر المحرمات التي قد تُفسد مناسك حجك بالكامل!
ثورة في عالم الموضة: أول حقيبة يد مصنوعة من ''جلد ديناصور''
تظاهرة ثقافية في باجة احتفالا بشهر التراث
دليلك الكامل لمناسك الحج خطوة بخطوة: من الإحرام إلى طواف الوداع
منزل بوزلفة: الاحتفاظ بتلميذ من أجل إضرام النار بمؤسسة تربوية
هام/ تطوّرات الوضع الجوي خلال الأيام القادمة..
المنتخب التونسي في ثلاث مواجهات ودية استعداداً لتصفيات مونديال 2026
كل ما تريد معرفته عن حفلة ''Met Gala 2025''
بطولة روما للتنس :انس جابر تستهل مشوارها بملاقاة التشيكية كفيتوفا والرومانية بيغو
ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم
أولا وأخيرا: أم القضايا
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
سورية: النظام من الإصلاح إلى الإلغاء
بقلم المفكر العربي السوري جورج طرابيشي
المصدر
نشر في
المصدر
يوم 28 - 11 - 2011
في رسالة إلى رئيسة تحريرموقع " منارات " ، يوضح المفكر جورج طرابيشي موقفه من التطورات الأخيرة في سوريا، مذكّراً بمقال سابق له في جريدة الحياة اللندنية.
" إنّ نفسي اسمحي لي باقتباس هذه العبارة الانقليزية حزينة حتى الموت. فما كنت حذّرت منه في مقالي الذي كتبته في أواخر أيار المنصرم هو الآن قيد التحوّل الى حقيقة واقعة.
ففي حينه كتبت أقول في المقال، الذي جعلت عنوانه "سوريا: النظام من الإصلاح الى الإلغاء"، إن هذا الإصلاح الإلغائي هو المنفذ الوحيد لتفادي الحرب الأهلية. والحال أنّ هذه الحرب الأهلية تقرع الآن الباب السوري بقوة متصاعدة. وبعيداً عن الحذلقة اللفظية التي تزعم التمييز بين الإسراع والتسرّع فإنّه لم يعد مطلوباً اليوم السرعة ولا حتى التسرع بل الفورية، علماً بأن ما كان غائباً عنّي يوم كتبت مقالي ذاك قبل ستة أشهر هو دور المخطط الخارجي. والحال أنّ هذا المخطط هو الآن قيد تنفيذ متسارع. وهذا في الوقت الذي يثبت فيه يوماً بعد يوم أنّ خيار الحلّ الأمني ليس من شأنه سوى أن يزيد المخطط الخارجي قدرة على الفاعلية وعلى نحو متصاعد. وفي مواجهة هذا المخطط، كما في مواجهة الموجة المتصاعدة وربما التسونامية للحرب الأهلية، ليس ثمّة من مخرج سوى ما طالبت به من إصلاح إلغائي: لا في أربعة أشهر ولا حتى في أربعة أسابيع، بل الآن وفوراً وبلا أي تسويف.
أرفق اليك ضمناً مقالي الذي كنت طالبت فيه بذلك الإصلاح الإلغائي ولست أدري إن كان ثمّة مجال لإعادة نشره في منارات ولكن مرفوقاً مع هذا التوضيح الذي كتبته لك في هذه المراسلة وفي سابقتها، ولك انت القرار بطبيعة الحال.
مع مودتي
ج.طرابيشي
سورية: النظام من الإصلاح إلى الإلغاء
لأبدأ بهذه المصارحة للقارئ: فلكم قاومت الرغبة وأنا أقرأ خطابَي أوباما المتتاليين عن التطورات الثورية المستجدة في العالم العربي، واللذين أنهى ثانيهما بدعوة الرئيس
بشار
الأسد إلى إنجاز الإصلاحات الموعودة أو التنحي، أقول: لكم قاومت الرغبة في كتابة رسالة مفتوحة إلى الرئيس الأميركي أعيد فيها وضع بعض النقاط على الحروف بصدد أزمة الانسداد الديموقراطي في العالم العربي، وتحديداً في القطر السوري، والعوامل التي قدّمت اللبنات الأولى لبناء نسخة سورية من «الستار الحديدي» السوفياتي أو «الجدار العازل» الإسرائيلي بهدف قطع الطريق أمام كل إمكانية للتواصل مع سيرورة الدقْرَطة المنداحة موجتها في كل مكان آخر من العالم باستثناء العالم العربي، وفي المقدمة منه القطر السوري.
وبديهي أنّي لم أكتب تلك الرسالة المفتوحة. أولاً لأنها غير مجدية، وثانياً لأنها تتطلب قدرة على الادعاء لست أملكها، وثالثاً، ولكن في المقام الأول، لأن مثل تلك الرسالة يمكن أن تُستخدم كحجة تضاف إلى جملة الحجج الموظّفة في تغذية وتبرير ذلك المشجب الكبير الذي كانت ولا تزال تُعلّق عليه قضية الانفتاح الديموقراطي في ما كان يُسمّى بدول المواجهة، القريبة منها (مصر وسورية والأردن) والبعيدة (العراق وليبيا) على حدّ سواء، وفي المقدمة منها سورية بطبيعة الحال. مع العلم أن ذلك المشجب اللاجم للسيرورة الديموقراطية بقي شديد الفاعلية حتى في الدول التي انسحبت من المواجهة، وفي المقدمة منها مصر الساداتية والمباركية.
ماذا كانت ستقول تلك الرسالة التي لم أكتبها؟
بلى، إن الرئيس أوباما محق إذ يندّد بالاستخدام المفرط للعنف من قبل أجهزة النظام في قمع تطلعات شعب سورية إلى الانعتاق الديموقراطي. ولكن ما يغيّبه تماماً عن وعي سامعيه هو السيرورة التولّدية والتضخمية لهذا النظام عينه، وهي سيرورة تتحمل فيها
الولايات
المتحدة
الأميركية نفسها، بعد أن آلت إليها قيادة الغرب، مسؤولية لا يمكن إسقاطها من المحصلة النهائية للحساب.
ولنستعد القصة من أولها.
سورية، قبيل الاستقلال وبعيده، كانت نموذجاً مبكراً وغير مسبوق في المنطقة العربية لدولة ديموقراطية، أو على الأقل لدولة واعدة ديموقراطياً. ولكن هذا الوليد السوري ما لبث أن وئد في مهده. فعقب الهزيمة العربية أمام «الدويلة» الإسرائيلية عام 1948 عصفت بسورية موجة تسونامية متتالية الحلقات من الانقلابات العسكرية تمخّضت عن تضخّم متسارع وغير مسبوق في تاريخ المنطقة، وربما في العالم: ففي سنوات قليلة لا تزيد على العشر تحوّل الجيش السوري إلى واحد من أكبر جيوش العالم قياساً إلى تعداد السكان. وفي البداية تقبّل الشعب السوري هذا التضخم وتحمّل كلفته الباهظة بقدر ما تبدّى له وهو الشعب الحامل للوعي القومي العربي الأكثر تطوراً في حينه أنّ تلك هي الضريبة التي لا بد من دفعها التزاماً منه بعبء المواجهة.
ولسنا هنا بصدد عرض تاريخي معروفة تفاصيله للجميع. وكل ما نريد قوله، باختصار شديد، هو أن تلك السيرورة التضخمية للمؤسسة العسكرية قد آلت إلى سلسلة متوالية ومتضامّة الحلقات من الابتلاعات: ابتلاع الجيش للمجتمع، وابتلاع الدولة من قبل ما بات يُعرف باسم «النظام»، ثم ابتلاع الجيش نفسه بقدر ما تمّ تحويله من جيش وطني إلى جيش «عقائدي»؛ وبالتوازي والتضافر، ابتلاع حزب البعث نفسه بقدر ما تمّ تحويله من إفراز سياسي – طليعي في حينه – للمجتمع المدني إلى أداة متحكم بها لمصادرة كل إمكانية لتطور ذاتي لذلك المجتمع المدني إياه.
بل أكثر من ذلك بعد: فإن تلك المهمة التي طُوّرت من أجلها المؤسسة العسكرية السورية إلى حد التضخم والتي تحمّل الشعب السوري في سبيلها ما تحمّل قد جرى إسقاطها بدورها من جدول الأعمال المعتمد من قبل النظام. فمنذ 1973 غدت الجبهة السورية هي الجبهة الأكثر صمتاً مما تبقى من جبهات دول المواجهة، وإن يكن هذا الصمت قد اصطُنعت مقابله جبهة صاخبة على حدود الحلقة الأضعف من حلقات المواجهة، أعني اللبنانية.
بل أكثر وأكثر من ذلك بعد: فمعادلة المواجهة قُلبت رأساً على عقب، أي بدلاً من المواجهة الافتراضية غدت المهمة الواقعية تصميت الحدود وإخراسها، وهذا إلى حدّ لم يمنع أحد أعمدة النظام من أن يطلق مؤخراً تصريحه الذي أحرج النظام نفسه بتأكيده أن ضمانة استقرار إسرائيل هي استقرار سورية نفسها.
هنا تحديداً تفرض نفسها مهمة إعادة قراءة لأبجدية العلاقة بين الدولة والنظام لأن أكثر ما ميّز سورية خلال الأربعين سنة الأخيرة هو انقلاب هذه العلاقة لمصلحة تغييب شبه مطلق للدولة وإحضار شبه مطلق للنظام.
والحال أنه ما دام مدار كل العاصفة التي تعصف بسورية اليوم هو على المطلب الديموقراطي، الذي تقدّم بالنسبة إلى الشعب السوري على أي مطلب آخر، فلنقل إن العلاقة بين الدولة والنظام قد آلت في الحالة السورية إلى محض علاقة ضدّية. فلم يعد يكفي أن نقول إن الدولة شيء والنظام شيء آخر، بل لا بد أن نضيف أن أزمة المجتمع السوري تعود حصراً إلى ابتلاع النظام للدولة، واستتباع سلطتها لسلطته، وبتعبير أقل تجريداً: تغييب السلطة الافتراضية للقانون ممثلاً برجل الشرطة، وإحضار السلطة الواقعية وفوق القانونية للنظام ممثلاً برجل المباحث كما كان يقال في جيلي، أو بعنصر الأمن السياسي كما بات يقال بلغة أكثر معاصرة.
وإذ يقف النظام والدولة على هذا النحو على طرفي نقيض، وإذ تغدو الدولة مستتبعة للنظام بدلاً من أن يكون النظام عاملاً في إمرة الدولة، فلنا أن نفهم لماذا يستحيل أن يكون النظام ديموقراطياً. فلئن تكن الديموقراطية هي بالتعريف المعجمي حكم الشعب، فإنها بالتعريف القانوني تقديم سلطة الدولة المجردة، والعادلة بحكم تجريدها، على كل سلطة مشخّصة، وغير عادلة بالضرورة بحكم تشخّصها، سواء كانت سلطة فرد أم أسرة أم حزب أم طائفة.
من هنا لامنطقية فكرة «إصلاح النظام». فبصرف النظر عن الغاية التخديرية التي قد تكون – وهي كائنة حتماً – وراء إطلاق مثل هذا الشعار، فإن التجربة التاريخية، التي قدّمت العينات الهتلرية والستالينية والتيتوية والناصرية والصدامية والقذافية أشهر نماذجها في القرن العشرين، تثبت أن النظام أياً كانت طبيعته وواجهته الأيديولوجية لا يقبل بأي خيار آخر سوى تأبيد نفسه.
والحال أن الديموقراطية هي بالتعريف تداول السلطة من دون أن تتعداه إلى الاستيلاء على الدولة. والسبيل الوحيد أمام أي نظام إلى إصلاح حقيقي لنفسه هو إلغاء نفسه وردّ الاعتبار، كل الاعتبار، إلى الدولة التي يكون قد صادرها لمصلحته.
وباستثناء الاستثناء اللبناني الذي أرغمته تعدديته الدينية والطائفية على التوافق على ضرب من التداول والتقاسم للسلطة (وعلى أي حال بين العائلات وليس بين الأحزاب بالمعنى السياسي للكلمة كما تفترض الديموقراطية)، فليس في العالم العربي، المأسور لأنظمته على اختلاف طبائعها وأسمائها، دولة ديموقراطية واحدة، وأقلّه بانتظار النتائج التي ستسفر عنها الثورتان الشبابيتان التونسية والمصرية اللتان يتهددهما احتمال «سرقتهما» بالسقوط من جديد في أسر نظام يعطي لنفسه الأولوية على الدولة.
وفي ما يتعلق بالنظام السوري تحديداً فإن أقل ما هو مطالَب به مرحلياً، تمهيداً لإصلاح نفسه، أي إلغاء نفسه بنفسه في خاتمة المطاف، هو إقرار التعددية السياسية والحزبية التي تقتضي، أول ما تقتضي، إلغاء المادة الثامنة من الدستور التي تنص على قيادية حزب البعث للدولة، وإطلاق حرية الإعلام في زمن غدت فيه هذه الحرية، بفضل الثورة الإنترنتية، هي المقياس والضمانة لكل حرية أخرى. وأخيراً، وليس آخراً بطبيعة الحال، إلغاء جميع مظاهر عبادة الشخصية، وإزالة الصور والتماثيل والشعارات من الشوارع والساحات العامة، وحصر وجود صور رئيس الجمهورية بالمؤسسات الحكومية على أن تكون متواضعة الحجم وقابلة للتغيير مع انتهاء ولاية كل رئيس طبقاً لما سينص عليه الدستور بخصوص تجديد
الولايات
والتداول الدوري للسلطة.
وحرصاً على تداول سلمي وديموقراطي للسلطة يجنّب سورية، المتعددة قومياً ودينياً وطائفياً، مهلكة الحرب الأهلية – وربما التقسيم – فإن الدور الذي ينتظر الرئيس الأسد، الذي يقال لنا إنه كان سبّاقاً منذ توليه السلطة إلى رفع شعار الإصلاح، هو أن يجمع في شخصه، بالإحالة إلى تجربة النظام السوفياتي على الأقل، بين غورباتشوف ويلتسن معاً، ليجعل من إصلاح النظام مقدمة لإلغائه.
ولكن السؤال، كل السؤال: هل ذلك ممكن؟
ليس في التاريخ مستحيل، وإن يكن التاريخ نفسه يقدّم أمثلة لا تحصى على أن دعاوى إصلاح النظام من داخله تكون محكومة في غالب الأحيان بمنطق المناورة، أو عاجزة إذا كانت صادرة عن نية صادقة.
وأياً ما يكن من أمر فإن الشعب السوري الذي دل على شجاعة منقطعة النظير ولامتوقعة- على الأقل بالنسبة إلى كاتب هذه السطور الذي عاش ولا يزال في المهجر منذ أربعين سنة – لم يعد يقبل بأي خيار آخر: بلى لإصلاح النظام إذا كان مقدمة لإلغائه، ولا لإصلاح النظام إذا كانت الغاية منه تأبيده.
***
هنا تحديداً تفرض نفسها العودة إلى مشروع الرسالة المفتوحة برسم الرئيس أوباما. فحلمه بقيام شرق أوسط عربي ديموقراطي لا يمكن أن يكون - بصرف النظر عن النيّات والمخططات – موضع اعتراض من قبل أحد. بل أكثر من ذلك: فهو موضع ترحيب، إذ إن العالم العربي هو، أولاً وأخيراً، جزء من العالم. والعالم اليوم عالم يضع الديموقراطية في أعلى سلّم قيَمه السياسية. ولكن الشرق الأوسط يمثل مع ذلك حالة لها خصوصيتها. فالديموقراطية نبتة غير مؤهلة للنماء في تربة حربية. والشرق الأوسط العربي، وبخاصة جناحه السوري، ما زال منذ 1948، وعلى الأخص منذ 1967، في حالة حرب ولو موقوفة عن القتال. وحالة الحرب تربة مولّدة لجراثيم الديكتاتورية، وهذا إلى حدّ أن الأنظمة الديكتاتورية ذاتها غالباً ما تبقي عليها قائمة حتى تشرْعِن نفسها بقدر أو آخر في نظر مواطنيها، أو بتعبير أكثر مطابقة لواقع الحال في سورية كما في معظم الأقطار العربية الأخرى: رعاياها.
وقد يكون النجاح السلمي النسبي للثورة الشبابية المصرية يدين بعض الدينونة لكون مصر قد استعادت سيناءها. ولا شك في أن عدم استعادة سورية لجولانها قد جرى توظيفه من قبل النظام لإبقائها معزولة عن سيرورة الدقْرَطة المنداحة موجتها عالمياً منذ سقوط المعسكر السوفياتي.
ومن هنا بالتحديد تقع على عاتق الرئيس أوباما، بوصفه رئيساً لأقوى دولة في العالم، مسؤولية عقد قران غير قابل للفصم بين شرق أوسط ديموقراطي وشرق أوسط سلمي.
ولقد كانت آمال العديدين من الديموقراطيين العرب قد انعقدت على أوباما منذ أن أعلن من بداية ولايته أنّ وضع خاتمة للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني (– السوري) يأتي في مقدمة أولويات الدبلوماسية الأميركية. ولكن ها هي ولايته الأولى على وشك الانقضاء من دون أن يكون وفى بشيء من عهده. بل لنقل إنه أخلف وعده طبقاً لرواية الرئيس محمود عباس، إذ قال: لقد طلب منا الرئيس أوباما أن نصعد معه الشجرة، فصعدنا، فما كان منه إلا أن نزل، ثم سحب السلم أيضاً.
وليس يدري أحد ما إذا كانت ولايته ستتجدد. ولكن سواء نجح أم أخفق، فإن إيجاد حل سلمي وعادل بقدر الإمكان للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني – السوري يبقى هو الضمانة التي لا مناص منها لنماء النبتة الديموقراطية وعدم انتكاسها في ما كان يُعرف سابقاً باسم دول المواجهة. ولأعترف مرة أخرى وأخيرة بأنني لست متفائلاً بهذا الخصوص. وحسب القارئ أن يكون شاهد على القنوات التلفزيونية الكيفية التي استُقبل بها نتانياهو بالأمس في الكونغرس الأميركي: فشخصياً لم يستحضر هذا المشهد التهريجي إلى ذهني سوى مشهد ما يسمى بمجلس الشعب السوري وهو يستقبل رئيس الجمهورية.
عن موقع منارات الثقافية © 2011 - 2012
www.manaraat.com
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
ترويج الديمقراطية عند المرشحين الديمقراطيين
أكبر دلالة للثورة التونسية أنها وقعت في بلد كان يتم تقديمه على أنه نموذج اقتصادي ناجح
المفكر القومي العربي التونسي محمد صالح الهرماسي في حديث نادر لجريدة الشعب: الشعب التونسي مساهم أصيل في الخبرة العالمية المعاصرة للثورة ضد الدولة البوليسية
ثورة سوريا تخلق فزّاعة جديدة اسمها.. "الهلال الإخواني"؟!
الديموقراطية الأميركية بين هندوراس وإيران: نقولا ناصر
في مصدر العلاقة بين القومية العربية والإسلام
أبلغ عن إشهار غير لائق