قصة الغواص اللي ضاع في بحر الهوارية...التفاصيل الكاملة    عاجل: قيس سعيّد يهدد''الخونة والعملاء'' ويعدّ بصفعة ورا صفعة!    عاجل : الحاضر يعلم الغايب ...الصولد يبدا ليوما يا توانسة    عاجل: جويلية 2025 ثالث أحر شهر في التاريخ بتسجيل حرارة قياسية في هذه الدولة ب 50.5°م    عاجل: هذه الدولة تسحب شوكلاطة ''دبي'' من السوق بسبب شبهة تلوّث بالسالمونيلا!    عاجل: قرار صارم ضد الحكم حسام بولعراس بعد مباراة الترجي والملعب    البحر صالح للسباحة اليوم؟ هذي التوقعات    السخانة طلعت شويّة: شنوّة يحكيلنا الطقس اليوم؟    تحب البطاطا المقلية؟'' هذا علاش ممكن تجيبلك مرض السكري!''    وزارة الداخلية: صفحات تعمدت ترويج مغالطات ضد المؤسسة الامنية و يجري تتبعها قضائيا    قراءة قانونية معمّقة في تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية ... حوار مع الأستاذة نجاة البراهمي الزواوي    ترامب يعلن دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ    اليوم.. طقس صاف والحرارة في ارتفاع طفيف    "عربون" لعماد جمعة على ركح مهرجان الحمامات: عرض كوريغرافي يرقص على جراح الفنان التونسي في ظل الوجع والتهميش    اليوم : أنغام تُجري عملية جراحية دقيقة في ميونخ    حزب الله: "سنتعامل مع قرار تجريدنا من السلاح كأنه غير موجود"    تونس وجهة صحية إقليمية: اجتماع وزاري لدعم السياحة العلاجية وتصدير الخدمات الصحية    رئيس الجمهورية يقلد بطل السباحة العالمي أحمد الجوادي بالصنف الأول من الوسام الوطني للاستحقاق في قطاع الرياضة    الجزائر.. مقتل 4 أشخاص في سقوط طائرة بمطار جيجل    5 دول إفريقية تدفع ثمن سياسات ترامب بشأن "وسائل منع الحمل"    فرنسا تعلّق إعفاءات التأشيرة لجوازات السفر الدبلوماسية الجزائرية وماكرون يلوّح بتدابير "أشد حزماً"    الخطوط الجوية الفرنسية تعلن عن اختراق أمني لبيانات المسافرين... وتحذر من رسائل مشبوهة    رئيس الجمهورية يستقبل البطل التونسي أحمد الجوادي    "قتلوا للتو بيليه فلسطين " .. أسطورة مانشستر يونايتد يهاجم إسرائيل    تعرض لأزمة صحية شديدة.. نقل الفنّان المصري محمد منير الى المستشفى    متابعة للوضع الجوي لهذه الليلة..    المهرجان الصيفي «مرايا الفنون» بالقلعة الكبرى .. عبد الرحمان العيادي في الإفتتاح وسنيا بن عبد الله في الإختتام    تاريخ الخيانات السياسية (38): قتل باغر التركي    مستقبل القصرين: انهاء مهام المدرب ماهر القيزاني    سياحة: تونس تسجل أرقاما قياسية في عدد الوافدين والإيرادات خلال النصف الأول من عام 2025    في دورتها الثلاثين... تتويج مبدعات تونسيات بجائزة زبيدة بشير... التفاصيل    20 ألف هكتار مهددة: سليانة تتحرك لمواجهة آفة 'الهندي'    مكانة الوطن في الإسلام    مدير جديد لوكالة التحكم في الطاقة    مبادرة لتنظيم "الفرنشيز"    بطولة الرابطة المحترفة الاولى: الاولمبي الباجي يعلن عن تسوية كل النزاعات والمشاركة في البطولة    قفصة : برمجة 18 مهرجانا صيفيّا خلال هذه الصائفة    عاجل: لقاء الترجي مهدّد بالتأجيل... وهذا هو السبب !    مدنين: فتح تحقيق في ملابسات وفاة شاب أثناء شجار مع عدد من الأشخاص    توننداكس يسجل تطورا ايجابيا قارب 31ر16 بالمائة خلال النصف الأول من سنة 2025    فتح باب الترشح للطلبة التونسيين للتمتّع بمنح دراسية بمؤسّسات جامعية بالمغرب وبالجزائر    تعليق إضراب جامعة النقل المبرمج ليومي 7 و8 أوت    50 درجة حرارة؟ البلاد هاذي سكّرت كل شي نهار كامل!    نجم المتلوي يعزز صفوفه بالمهاجم مهدي القشوري    ما هي التطورات المتوقعة في قطاع الاستهلاك الصيني؟    عاجل/ رئيس قسم طب الأعصاب بمستشفى الرازي يحذر من ضربة الشمس ويكشف..    علامات في رجلك رد بالك تلّفهم ...مؤشر لمشاكل صحية خطيرة    الحمامات: وفاة شاب حرقًا في ظروف غامضة والتحقيقات جارية    لبنان يغيّر اسم شارع حافظ الأسد إلى زياد الرحباني    ماء الليمون مش ديما صحي! شكون يلزم يبعد عليه؟    إحداث قنصلية عامة للجمهورية التونسية بمدينة بنغازي شرق ليبيا    جريمة مروعة تهز هذه الولاية..والسبب صادم..#خبر_عاجل    أوساكا تتأهل إلى قبل نهائي بطولة كندا المفتوحة للتنس وشيلتون يُسقط دي مينو    الرابطة المحترفة الاولى : شبيبة العمران تعلن عن تعاقدها مع 12 لاعبا    مهرجان قرطاج الدولي 2025: الفنان "سانت ليفانت" يعتلي ركح قرطاج أمام شبابيك مغلقة    تاريخ الخيانات السياسية (37) تمرّد زعيم الطالبيين أبو الحسين    عاجل- في بالك اليوم أقصر نهار في التاريخ ...معلومات متفوتهاش    التراث والوعي التاريخيّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليسار قادم...و لو بعد حين
نشر في المراسل يوم 14 - 12 - 2012

المراسل-عندما انهار الإتحاد السوفياتي في بداية التسعينات أعلن رويبضات التاريخ عن نهاية التاريخ بنهاية الحرب الباردة، و نهاية عقود من التجاذب الإيديولوجي الماركسي الرأسمالي و الذي قسم العالم إلى معسكرين شرقي بقيادة الإتحاد السوفياتي و غربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. و نهاية التاريخ حسب هؤلاء توجت بإنتصار الفكر الرأسمالي على الفكر اليساري بمختلف توجهاته.
و ما يحدث فوق كوكبنا هذه الأيام، يدل على أن من تكلموا عن نهاية التاريخ تكلموا كلاما تافها في أمر العامة، فقارة أمريكا اللاتينية، و بعد سنوات من التدخل الأمريكي في شؤونها من أجل إحتواء المد الشيوعي، إستسلمت لعقود من الحكم العسكري بمباركة أمريكية، لكن شعوبها لم تنتظر كثيرا لتقول كلمتها من جديد و تجدد ثقتها في قادة يساريين أتت بهم الديمقراطية إلى ڤينيزويلا في سنة 1998، بإنتخاب هوغو تشافيز الذي نسأل له الله الشفاء و إلى البرازيل سنة 2002 بإنتخاب لولا داسيلڤا المناضل النقابي، و إلى الأرجنتين سنة 2003 بإنتخاب نيستور كيشنر، و لا يمكننا أن ننسى إيفو مرالس الرئيس البوليفي الحالي المعروف بمواقفه المعادية للغرب الإمبريالي و الذو وصل إلى الحكم سنة 2005. و القائمة اللاتينية بإختلاف مواقف زعمائها تطول لتشمل دولا كنيغاراغوا و الأوروغواي، و البيرو و غيرهما.
هذه الفترة ذاتها شهدت عودة اليسار إلى أروبا، و لو بروح جديدة، بعيدة عن الراديكالية، مما دفع بالبعض إلى إتهام يساريي أروبا بالتنكر لمبادئ الفكر اليساري، لكن و بغض النظر عن منطقية هذه الإتهامات من عدمها، فإن اختيار الأروبيين لليساريين في العديد من المرات يدل على أن هذا الفكر لم يمت، و إنما تراجع لفترة من الزمن، فاختيار الإسبان لليساريين في 1982 و 2004 يبرهن على أن ديكتاتورية فرانكو لم تقتل هذا الفكر و لم تمحوه من ذاكرة الإسبان و إنما قمعته لوهلة من التاريخ، و الكلام ذاته ينطبق على فرنسا، و ها أن شعبها بإنتخابه لأولاند يؤكد على رغبة من شعب فرنسا في إحياء التجربة الإشتراكية، و تجديد العهد معها و لو في ثوب جديد، جعل الرئيس الفينيزويلي تشافيز يسخر من تسمية قادة فرنسا الجدد لأنفسهم بالإشتراكيين.
بعد ما يسمى "بالربيع العربي" شهدت العديد من المدن الغربية احتجاجات عمالية مناهضة للفكر الرأسمالي، مطالبة بإصلاحه، وها أن الرأسمالية تسائل في عقر دارها الولايات المتحدة الأمريكية، فحركة "إحتلوا وولستريت" هي جزء من هذا التحرك العالمي المنادي بمراجعة الإقتصاد الرأسمالي، و الذي شمل دولا كفرنسا، و إسبانيا، و إيطاليا، و التشيلي، و الأرجنتين، و سلوفينيا، و اليونان، و رومانيا.
و لعله من البديهي القول أن الأزمة الإقتصادية الأوروبية و التي امتدت تأثيراتها إلى بقية دول البسيطة، أو المعمورة، ذات الشكل الكروي ساهمت في إحياء هذه المطالب. و عليه، فإن الأفكار لا تموت، و التاريخ لا ينتهي، و لا يتوقف، فسحر بعض الأفكار قد يتراجع، لكنه لا يموت، و التاريخ ليس موضوعيا، بل هو ذاتي، قد يخضع إلى أهواء الشعوب و السيول البشرية كما يخضع إلى أهواء بعض المؤرخين، ومن بينهم فرنسيس فوكوياما الذي تحدث عن نهاية التاريخ بنهاية الشيوعية سنة 1992.
لا يمكن لعاقل أن يقول أن للإدارة الأمريكية الحالية توجهات يسارية، لكن بالمقارنة مع إدارات سابقة، فإن الإدارة الأمريكية الحالية و العديد من الحكومات الغربية، و في سياساتها الإقتصادية، تنحو يسارا، لكن دون مرجعيات إيديولوجية، و إنما هي خيارات تمليها مقتضيات المرحلة، فأوباما ، الرئيس الأمريكي الحالي، و في خياراته الإقتصادية، يحبذ رفع الضرائب على الإستثمارات، و كذلك على الأغنياء و أصحاب الدخل المرتفع، من أجل الرفع من حجم الإنفاق الحكومي، و إجراء إصلاحات تشمل قطاعات الصحة، و التعليم، و التشغيل، و الرفع من مستوى عيش الفقراء.
يحضى أوباما بدعم كبير من اللاتينين و السود، و الشرق أوسطيين، و الذين يرون فيه المنقذ، و الداعم لهم و لحقوقهم كأمريكيين طالما عانوا من التمييز، فأوباما يخطط من خلال قانون يحاول تمريره (دريم آكت) إلى إحتواء أكبر عدد ممكن من الشباب من أصول لاتينية و تمتيعهم بالمواطنة شرط استكمال دراستهم في الجامعات الأمريكية أو الخدمة في الجيش، مع الإقامة في أمريكا منذ ما يزيد عن الخمس سنوات. و لعله من السذاجة أن نحذو حذو المتطرفين من جمهوريي أمريكا و نقول أن أوباما يساري، لكن من المنطقي القول أن هذه الخيارات هي وليدة مايراه الرئيس الأمريكي مصلحة أمريكية، و التي لم و لن تغير من الخيارات الإقتصادية الكبرى للولايات المتحدة الأمريكية، لكنها تميل بأمريكا ببعض المليمترات يسارا، دون الإستناد إلى مرجعيات إيديولوجية.
قرر وزراء المال في الاتحاد الأوروبي، عشية مؤتمر القمة الأوروبية، وضع البنوك الأوروبية البالغ عددها نحو 200 بنك، تحت إشراف البنك المركزي الأوروبي الذي سيصبح المراقب الرئيسي لعمل البنوك في منطقة اليورو، إذ يرجع خبراء الإقتصاد الأزمة في منطقة اليورو إلى فشل البنوك الأوروبية في تفادي الإنهيار المالي. هذا القرار و حسب محللين
إقتصاديين، ينحو بالإقتصاد الأروبي قليلا نحو اليسار، لكنه يسار "لا إيديولوجي" و الرئيس الأمريكي أوباما أتى بقرارات مشابهة، حين دعى إلى دور أكبر للدولة في العملية الإقتصادية.
هكذا، ينحو العالم اليوم يسارا، بمرجعيات لدى البعض و بدونها لدى البعض الآخر، و من باب الأمانة، يجب الإقرار أنه قد ينحو يمينا يوما آخر، لكن ما يمكن التسليم به هو أن بريق المرجعيات سوف يتراجع حينها و سيستمر التاريخ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.