المراسل-منال حرزي-رغم ضخامة المبلغ المرصود للتنمية الجهوية في المشروع التكميلي لميزانية 2012 والذي يقدر ب6400 مليون دينار فان ضخامتها وجسامتها لم تترجم بعد على ارض الواقع الأمر الذي ألهب مجددا فتيل الاحتجاجات في ولاية سيدي بوزيد شرارة انطلاق ثورة 14 جانفي. و في بعض الولايات الداخلية الأخرى على غرار ولاية القصرين أين ظلت التنمية مطلبا صعب المنال. ومع تأخر انجاز هذه المشاريع رغم الموارد التنموية المرصودة لها تواجه الحكومة تحديا آخر يتمثل في التأخير الحاصل في إعداد الميزانية 2013. فأي تأثير لتأخر إعداد ميزانية السنة المقبلة، وما الذي يعيق تنفيذ المشاريع التنموية؟ يعتبر الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد عبد الرحمان اللاحقة أن عديد الأسباب العملية حالت دون انجاز المشاريع، أول أن هذه المشاريع تم إقرارها وضبطها بصفة متأخرة ولا بد من تخصيص وقت كاف لها حتى يتسنى برمجتها على ارض الواقع، مشيرا إلى أن الإشكاليات التي تواجه كثرة هذه المشاريع هي عدم تهيؤ الإطارات الجهوية لتنفيذ هذه المشاريع. كما أوضح اللاحقة أن تأخر الانجاز يعود أيضا إلى أن طريقة الإعلان عنهم كانت تحت الضغط فضلا عن عدم دراستهم دراسة مستفيضة دون أن ننسى أن المناخ الاجتماعي والسياسي السائد في البلاد لم يساعد بدوره على تنفيذها. من جهة أخرى ذكر اللاحقة أن ضخامة المبلغ المرصود للميزانية الغاية منه هو تهدئة الوضع لا غير ولا سيما أن موارد المشاريع المزمع انجازها لا تتوفر بعد. وفسر في هذا السياق أن الحكومة اعتمدت في قانون مشروع الميزانية التكميلي لسنة 2012 على الأموال المتأتية من الشركات المصادرة وبعض الممتلكات المزمع عرضها للبيع. وكشف في هذا الإطار أنه تم إدراج 450 مليون دينار صلب الميزانية كمبلغ متأت من المساهمات الطوعية في حين أن المبلغ المرصود هو 0 مليون دينار هذا علاوة على إدراج 450 مليون دينار كمبلغ من العفو الجبائي في حين أن مردودية العفو الجبائي قدرت ب70 مليون دينار فقط. وخلص إلى القول بان موارد الدولة ليست واضحة بالقدر الكافي حتى تستطيع تمويل هذه المشاريع. واعتبر المتحدث أيضا أن نوعية المشاريع غير قابلة للتنفيذ نظرا لعدم استشارة الجهات والأطراف المعنية. وهو ما سيفضي إلى دوامة أخرى من حالة الاحتقان الاجتماعي والتي ستنعكس سلبا على المناخ الاقتصادي والاستثمار. وللخروج من عنق الزجاجة يقترح اللاحقة تبني حلول عملية كأن تتوخى الحكومة حلولا سياسية أكثر منها اقتصادية حتى يتسنى بلوغ الوفاق وذلك عبر تشريك اكبر عدد ممكن من الكفاءات. ولعل التحدي الكبير الذي تواجهه الحكومة اليوم هو تأخر الإعداد لميزانية 2013 والانعكاسات السلبية التي ستصحب هذا التأخير. غموض وضبابية ويتوقع في هذا الصدد الخبير الاقتصادي معز الجودي بأن ميزانية 2013 ستكون صعبة في طريقة بلورتها ولا سيما انه لم يعرف بعد العجز الذي ترتب عن ميزانية 2012 التي إلى اليوم ظل اعتمادها حبرا على ورق خاصة في ما يتعلق بنفقات التنمية. وأوضح في هذا الشأن أن ميزانية 2013 تتسم بالغموض والضبابية. كما أنها ليست منسجمة مع إمكانيات وتطلعات الشعب التونسي. مغالطة في العجز وأضاف الجودي أن مشروع الميزانية التكميلية لسنة 2012 يثير المخاوف من ناحية نسبة العجز الذي أقرته الحكومة قد قدرت ب6,6 بالمائة علما أن مجموعة من الخبراء توصلت إلى أن نسبة العجز الحقيقي تقدر ب 8,9 بالمائة .غير أن الحكومة أقرت النسبة السالفة الذكر نظرا لأخذها بعين الاعتبار الموارد المتأتية من بيع الممتلكات المصادرة الأمر الذي يعد نوعا من المغالطة. وبين الجودي أن هذه الضبابية في نسبة العجز من شانها أن تدخل البلاد في مديونية ومرهونية وهو ما سيفضي إلى تكرار سيناريو البلاد استنادا إلى أن نفقات 2012 أكثر من العائدات.