دعا المشاركون في"الملتقى الدولي حول الإجتهاد ورهانات التحديث في العالم العربي" الذي عقد بالجزائر مؤخرا إلى ضرورة فتح باب الاجتهاد لاستنهاض الأمة العربية، منبهين إلى مراعاة التوازن بين العودة إلى الماضي واعتبارات الحاضر. وناقش الملتقى الذي عقد في المكتبة الوطنية الجزائرية بالفترة من 26 إلى 28 فبراير/ شباط الماضي غياب التأسيس الثقافي والفكري للحداثة بالمجتمعات العربية والإسلامية. وركزت المداخلات الذي شارك فيها نحو أربعين أستاذا وأكاديميا من المعنيين بقضايا الفكر والفلسفة والأدب والفقه من مصر والجزائر والأردن ولبنان وتونس والمغرب وسوريا، على قضية فتح باب الاجتهاد. وحض مدير المكتبة الوطنية أمين الزاوي في مداخلته على إعادة فتح باب النقاش حول الاجتهاد الذي ظل مغلقا طيلة ثمانية قرون، ونبه إلى غياب الحوار الفكري حول العديد من المسائل العلمية والسياسية والدينية. الاجتهاد وأرجع محمد الميلي (الجزائر) سبب توقف العمل بالاجتهاد لفتوى الإمام أحمد بن حنبل بقتل الداعين بخلق القرآن على أثر الجدال الذي دعت إليه المعتزلة حول ما إذا كان القرآن مخلوقاً. وأضاف "المشكل كيف نتعامل مع مستجدات العصر الحديث". وفي مداخلته حول الموضوع تساءل علي حرب (لبنان) عن سبب تعثر العرب في مشاريع التنمية، بالتلازم مع التراجع الحاد في مجال الأمن. وأرجع السبب في ذلك إلى "ضمور الأفكار والمفاهيم الباعثة على النهضة" مع تراجع الإنتاج المعرفي إضافة إلى "الاستبداد السياسي الذي يشل الطاقة الفكرية وانطلاقها". ودعا حرب إلى ضرورة كسر المنطق الأحادي في التفكير، وقال إن العرب بحاجة للتفكير في إطار كوني بشكل حضاري وديمقراطي، واستشهد بتجربتي ماليزيا وتركيا كنموذجين لأهمية العامل الفكري وحيويته. ونبه مصطفى الكيلاني (تونس) إلى ضرورة الاطلاع على العلوم المتاحة لدى الآخرين، والرد على الذين يبالغون في القياس على الماضي وقال "المطلوب هو أن نعود إلى الماضي ونحسن الرجوع إلى حاضرنا". واستعرض عبد الله شريط (الجزائر) صورا لقيام الدولة الإسلامية وعرض نماذج وأشكال الحكم وتسيير شؤون الدولة، والنظام القضائي في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين. وأوضح كيف اتسم عهدهم بالحكمة داعياً إلى ضرورة الاجتهاد في الفكر السياسي.