شكلت الزيارةالرئاسية المورتانية الى تونس نقطة مهمة فى اعادة تشكيل العلاقات الاقتصادية بين البلدين وتنشيط الشراكة على الصعيدين الثنائى والمغاربي، حيث حرصت تونس فى كل مرة على تنسيق الجهود الثنائية من اجل تفعيل الشراكات الاقليمية والعربية. وقد شهدت العلاقات التونسية - الموريتانية تطورا ملحوظا خلال الفترة الماضية، عكسته عديد اتفاقيات التعاون الموقعة بين البلدين، كان آخرها تسع اتفاقيات وبرامج تنفيذية للتعاون فى مجالات النقل والاستثمار، والتربية والإعلام، والمرأة والشباب، والبيئة، وُقعت فى الخامس والعشرين من كانون الثانى "يناير" الماضي. كما اثمر التعاون الثنائى فى مختلف المجالات نتائج ايجابية تجلت من خلال اجتماعات اللجنة العليا المشتركة التى التأمت دورتها الخامسة عشرة بتونس فى جانفى 2008 وتوجت بالتوقيع على عدد من الاتفاقيات والبرامج التنفيذية المشتركة. ومثلت الزيارة الرئاسية فرصة لتباحث سبل مزيد تطوير المبادلات التجارية بين البلدين وتوظيف الفرص المتاحة لدفع الاستثمار وتطويره وتفعيل دور مجلس الاعمال التونسى الموريتاني. علماان حجم المبادلات التجارية بين تونس وموريتانيا بلغ خلال سنة 2007 ما يناهز 21.5 م.د ومثلت الصادرات التونسية منها قرابة 19.5 م.د اى ما يعادل88% فى حين بلغت الواردات من موريتانيا 2.2 م.د. ويذكر ان عدد المستثمرين واصحاب المشاريع الخاصة التونسيين فى موريتانيا تجاوز 60 مستثمرا يشغلون عددا هاما من الكفاءات والاطارات التونسية وحوالى 1000 عامل موريتاني. كما يقدر عدد المؤسسات والشركات التونسية الناشطة فى موريتانيا بحوالى 46 مؤسسة وشركة. وقد تمت دعوة القطاع الخاص فى البلدين لاقامة شركات مختلطة فى قطاع الانتاج الفلاحي. وفى هذا الخصوص ،اكدت اللجنة العليا المشتركة فى دورتها الاخيرة بتونس اهمية انشاء شركة بين الخواص فى مجال الصيد البحرى خلال سنة 2008. وابرم الجانبان على صعيد آخر بروتوكول اتفاق حول استكشاف النفط بين الشركة الموريتانية للمحروقات والمؤسسة التونسية للانشطة البترولية في22 اكتوبر 2007 . كما دعت اللجنة العليا المشتركة الى التوقيع على اتفاق تقاسم الانتاج الخاص برخصة استكشاف المحروقات بين الاطراف التونسية والموريتانية المعنية بهدف مزيد دعم التعاون فى هذا القطاع الواعد. وبخصوص الاتصالات، حققت الشركة التونسية الموريتانية للهاتف الجوال "ماتال" تطورا ملحوظا فى رقم معاملاتها حيث بلغ عدد مشتركيها سنة 2007 حوالى 500 ألف مشترك مقابل 239 الفا سنة 2005. وعلى مستوى قطاع النقل تم فى 18 ديسمبر 2006 انشاء شركة "موريتانيا للطيران" فى اطار شراكة مع الخطوط التونسية التى تملك 51% من رأس مالها والدولة الموريتانية ومستثمر خاص. وقد دخلت هذه الشركة حيز الخدمة فى 26 اكتوبر 2007. كما عبرت موريتانيا عن رغبتها فى انشاء شركة النقل الجماعى بمدينة نواكشوط بالتعاون مع كفاءات وخبرات تونسية الى جانب انشاء مشروع مطار نواكشوط الدولى واستغلال الانشطة المتعلقة بهذا المشروع. ويسير التعاون فى مجال الموارد البشرية بصفة متميزة اذ تم تنفيذ عدد من البرامج والانشطة المشتركة وخاصة فيما يتعلق بقطاعات التعاون الفنى والشؤون الاجتماعية والصحة والقضاء والتربية والتكوين والتعليم العالي. ويخصص الجانب التونسى سنويا 50 مقعدا بيداغوجيا للطلبة الموريتانيين منها 20 بمنحة. وحول دعم التعاون فى مجال الصناعات التقليدية عبر الوفد الرسمى الموريتانى عن رغبة بلاده فى الاستفادة من التجربة التونسية ، لا سيما فى مجالات التدريب والتمويل والترويج ، بالاضافة الى التنظيم المؤسساتي، خاصة فى ضوء توجه موريتانيا نحو مزيد من النهوض بهذا القطاع وتدعيم هيكلته. واشاد بالتعاون القائم بين البلدين فى قطاع السياحة ، مؤكدا ان موريتانيا تعمل على الاستفادة من التجربة التونسية فى هذا المجال. والاكيد ان مثل هذه التكتلات الاقتصادية الثنائية والتعاون التجارى المشترك ستؤثر ايجابا على العلاقات المغاربية، وتبرز هنا مساهمات تونس الملحوظة والتى اخذت على عاتقها اولوية تفعيل هياكل اتحاد المغرب العربي، وهى لا تنفك تبرهن فى كل مرة عن حرصها فى لم الشمل المغاربى وذلك من خلال التحرك الرئاسى الجديد لمحاولة احياء هياكل اتحاد المغرب العربى ومؤسساته التى حالت قضية الصحراء الغربية وبعض الاحترازات دون فاعليتها. وتسعى تونس دائما لعدم التوقف بالتعاون المغاربى عند القضايا السياسية، وتدفع باتجاه التعاون الاقتصادى والتجارى لما لهما من أهمية كبرى تعود بالفائدة على المواطن المغاربي، كما تحتضن الكثير من اللقاءات والملتقيات التى تعقدها اللجان الوزارية واللجان المتفرعة عنها وتساعد على إنجاح مهامها. كما تأمل تونس من خلال تعزيز هذه الشراكة الى ان تصبح بداية التفعيل الحقيقى لاقتصاديات المغرب العربى ولم لا قاطرته. ويشار إلى أن تونس وموريتانيا ينشطان ضمن إطار إتحاد المغرب العربي، الذى يضم أيضا الجزائر والمغرب وليبيا، ومع ذلك لم ترتق علاقات التعاون بين البلدين إلى المستوى المطلوب رغم أنها تغطى كافة المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتجارية. وينطبق هذا الأمر على مجمل المبادلات التجارية البينية بين دول الإتحاد المغاربي، حيث تشير البيانات الإحصائية إلى أن المبادلات التّجارية المغاربية، سواء على الصعيد الثنائى مع الأسواق الخارجية أو على مستوى التّجارة البينية المغاربية مازالت محتشمة جدا، حيث لم تتجاوز بعد نسبة 4% من الحجم الإجمالى لمبادلات دول المغرب العربى مع باقى دول العالم.