وصف معارضون يمنيون تراجع الرئيس علي عبد الله صالح عن قرار عدم ترشحه في الانتخابات الرئاسية القادمة بأنه "فيلم هوليودي ومسرحية هزلية"، معربين عن أملهم في إتاحة الفرصة للشعب لممارسة حقه في الانتخاب ب"حرية وشفافية". وفي انتقاد لاذع للرئيس اليمني وحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، اعتبر محمد قحطان الناطق الرسمي باسم أحزاب اللقاء المشترك (تكتل المعارضة)، أن صالح "وحزبه يستحقان جائزة هوليود الأولى عن الفيلم الفاشل الذي قاما بتمثيله"، في إشارة إلى تراجع الرئيس عبد الله صالح عن قرار عدم ترشحه لفترة رئاسية جديدة "استجابة لمطالب الشعب". واتهم قحطان في تصريحات ل"" الأحد 26-6-2006 الحزب الحاكم باستغلال إمكانيات الدولة بما فيها وسائل الإعلام الرسمي والفضائية اليمنية، وقطاعات عريضة من المواطنين لصالح الرئيس اليمني. د.محمد المتوكل، القيادي في "اللقاء المشترك" انتقد بدوره ما أسماه "إخراج فيلم تراجع الرئيس"، ووصفه ب"الإخراج الفاشل"، مشيرا إلى خروج آلاف المواطنين "مكرهين" في مظاهرات حاشدة تأييدا لترشح الرئيس صالح. وأكد المتوكل في تصريحات لموقع "الصحوة.نت" اليمني المعارض أن تراجع الرئيس صالح عن قراره بعدم الترشح كان متوقعا بالنسبة له. وقال: "كنا نتمنى أن يكون لدى الدول العربية "نيلسون مانديلا" (رئيس جنوب أفريقيا السابق) آخر من اليمن، إلا أننا عرب وسنبقى عربا من المهد إلى اللحد". وتضم أحزاب اللقاء المشترك: التجمع اليمني للإصلاح، والحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، واتحاد القوى الشعبية، وحزب الحق. خروج آلاف المؤيدين للرئيس صالح مسرحية هزلية، بحسب المعارضة وبدوره انتقد حيدر أبو بكر العطاس، رئيس أول حكومة بعد الوحدة اليمنية (عام 1993) "المسرحية الهزلية التي استخدمت فيها إمكانيات الشعب، وسخرت وسائل إعلامه لها"، حيث تم إرغام "قطاعات واسعة من الشعب على فعل ما لا تريد فعله". وأضاف في تصريحات صحفية: "شاهدنا اليوم كما شاهدت جماهير شعبنا الاختتام البائس لمسرحية خُطط لها بصلف وسذاجة ممن دأبوا يوميا على ممارسة الدجل والتضليل وتزييف إدارة الشعب المقهور والمغلوب على أمره". ومضى العطاس يقول: "نحن على ثقة بأن معظم من خرجوا مكرهين في مظاهرات التأييد لن يكونوا مع هذه المسرحية، وسيمنحون أصواتهم لمرشح كفء من المعارضة". ودعا رئيس الحكومة السابق إلى "إتاحة الفرصة للشعب لممارسة الانتخاب بحرية وشفافية آمنة من كل قمع أو تزييف"، محذرا من النتائج العكسية التي قد تعود حال استمرار ما وصفه ب"وحدة منكوبة وديمقراطية مسلوبة وعيشة منكودة وأمن ضائع". من جانبها، سخرت الكاتبة الصحفية والمرشحة للرئاسة في الانتخابات القادمة "رشيدة القيلي" من مسرحية تراجع الرئيس اليمني وخروج آلاف المتظاهرين دعما له قائلة: "إن الحزب الحاكم أخرج الجنود بملابس مدنية في المظاهرات، كما استطاع أيضا إخراج المواطنين بحجة إعطائهم قمحا". واتهمت رشيدة –في أثناء مشاركتها في البرنامج المفتوح لفضائية "الجزيرة"- الحزب الحاكم بنقض آخر اتفاق مع أحزاب اللقاء المشترك. وقالت: إن الاتفاق كان ينص على حيادية وسائل الإعلام والمساجد، ولكن الحزب استخدم الفضائية اليمنية والإعلام الرسمي لصالح مرشحه؛ حيث تم تصوير خطباء مساجد كرسوا خطبهم لدعوة الرئيس صالح للتراجع عن قراره. وتوقع الدكتور عبد الله الفقيه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، أن يواجه الرئيس صالح معركة شرسة في الانتخابات القادمة، وتراجع رصيده إلى أدنى مستوياته. وقال: إن "الرئيس خيب آمال الجميع في الداخل والخارج، وأحرج نفسه أمام العالم". حوار وطني من جانبه، طلب عبد الوهاب الآنسي الأمين المساعد لحزب التجمع اليمني للإصلاح (التابع للقاء المشترك) من الحزب الحاكم إجراء حوار واسع حول الظروف التي دفعت بالرئيس صالح في البداية إلى إعلان عدم ترشحه. وفضل الآنسي عدم "الانجرار وراء بعض قيادات المؤتمر الشعبي العام التي منعت المناقشة الموضوعية لموقف الرئيس، مع أنه كان بالإمكان تبني خطاب يعطي مصداقية لموقفه الرافض للترشح في السابق، وإجراء حوار وطني جاد يؤكد اهتمام اليمنيين بموقف الرئيس، ويقدم معالجات للمشكلات نحو تأسيس تداول حقيقي للسلطة يرفع رصيد الرئيس وتاريخه الذي قال بأنه حريص عليه". وكان الرئيس صالح قد أعلن في 17-7-2005 خلال الاحتفال بالذكرى ال27 لتوليه الحكم، أنه لن يرشح نفسه في الانتخابات الرئاسية القادمة. غير أنه تراجع عن قراره السبت 24-6-2006. وسبق للرئيس اليمني أن أعلن مرتين عن رغبته في عدم الاستمرار في الرئاسة، وعقب كل مرة كان يعلن نزوله عند رغبة المتظاهرين الذين كان الحزب الحاكم يخرجهم للمطالبة باستمراره في الحكم، بحسب المعارضة. وتولى صالح (60 عاما) الرئاسة في 17-7-1978، وفاز في آخر انتخابات للرئاسة في عام 1999 بفترة مدتها 7 أعوام تنتهي في يوليو 2006. وبالنسبة للانتخابات الرئاسية المقبلة، فقد أكد حوالي 12 شخصا -بينهم 3 نساء- رغبتهم في الترشح، إلا أن معظم هذه الترشيحات لا تؤخذ فعليا على محمل الجد، بحسب مراقبين.