البطولة العربية لكرة السلة سيدات: فوز المنتخب التونسي على نظيره الجزائري 87-64    مطار النفيضة-الحمامات الدولي يستقبل أول رحلة مباشرة لشركة "فيزيون اير" قادمة من العاصمة المولدافية كيشيناو    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    تونس – الطقس: عواصف رعدية على الجهة الغربية من البلاد    بداية من الأحد 6 جويلية: توفير 10 حافلات خاصة بالشواطئ    63.07 بالمائة نسبة النجاح في "النوفيام" وتلميذة من المنزه 5 تتصدر الترتيب الوطني بمعدل 19.37    المنستير: برمجة 11 مهرجانًا و3 تظاهرات فنية خلال صيف 2025    عمرو دياب يفتتح ألبومه بصوت ابنته جانا    وزارة الأسرة والطفولة تدعو إلى حسن تأمين الأطفال خلال ممارسة الأنشطة البحرية الصيفية    رونالدو يعبر عن صدمته بوفاة زميله ديوغو جوتا    الجائزة الكبرى لبارا ألعاب القوى: ذهبية وفضية لتونس    منوبة: تقدّم موسم الحصاد بنسبة 81% وتجميع قرابة 320 قنطارا    تنسيقية العمل من أجل فلسطين تدعو إلى "تسليط الضوء على الحصار على غزة وليس على قافلة الصمود في حد ذاتها"    صادم: هكذا يمكن للقراصنة اختراق هاتفك عبر سمّاعات "البلوتوث"!!..    18 سنة سجنا لناقل طرود من الكوكايين من فرنسا إلى تونس    محرز الغنوشي:''المتوسط يغلي غليان..ملا خريف يستنى فينا''    عاجل : تهديد أمني يُوقف الرحلات الجوية في كندا    لديك أموال في حساب متروك؟.. هذا ما عليك فعله لاسترجاعها..    عاجل/ بعد ما راج عن موجة حر الأسبوع المقبل في تونس: عبد الرزاق الرحال يكشف ويوضح..    عاجل/ جريمة مروعة تهز هذه الولاية: شخص يقتلع عيني زوجته..!    بسبب الأسماك النافقة: الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري يوجه هذه الرسالة للمواطنين..    الخبير البيئي حمدي حشاد: "عوموا على رواحكم... وانتبهوا للتيارات الساحبة وظروف الطقس"    عاجل/ حادثة تهشيم معدات بمستشفى القصرين: هذا ما قرره القضاء في حق المعتدين..    عاجل : طلاق بالتراضي بين فوزي البنزرتي و الاتحاد المنستيري ...تفاصيل    فرنسا تشترط الإفراج عن رعاياها لرفع العقوبات على إيران    تعرف شنوّة تعني الأعلام في البحر؟ رد بالك!    نتائج التحاليل تؤكد: لا خطر صحي في استهلاك الدلاع التونسي    ''الستاغ'' تغرق في الديون: أكثر من مليار لدى الحرفاء و7 آلاف مليار لدى الدولة    تنظيم سهرة فلكية بعنوان 'نظرة على الكون' بقصر اولاد بوبكر بمنطقة البئر الاحمر بولاية تطاوين    ''فضيحة اللحوم الملوثة'' في فرنسا: وفاة طفل وإصابة 29    "الزنجبيل".. ينصح به الأطباء ويقي من أخطر الأمراض..    700 مليون د خسائر محتملة.. "الستاغ" تدخل في إضراب عام رفضاً لسياسة التهميش    اختتام اللقاءات الأكاديمية ببيت الحكمة يوم السبت بمحاضرة عن "الثقافة الوطنية في عصر العولمة" يقدمها الأستاذ توفيق بن عامر    جندوبة: حريقان يأتيان على هكتار من القمح وكوخ من التبن    اضطراب في تزويد عين الناظور ببنزرت بماء الشرب وهذا موعد الاستئناف    الهلال السعودي يعلن انضمام المغربي حمد الله للمشاركة في كأس العالم للأندية    مرتضى فتيتي يطرح "ماعلاباليش" ويتصدّر "يوتيوب" في اقلّ من 24 ساعة    نجم المتلوي: تواصل التحضيرات .. وإيفواري يخضع للإختبارات    بلدية تونس تدعو متساكنيها الى الاسراع بالانتفاع بالعفو الجبائي لسنة 2025    رد بالك من الماسكارا اللي تقاوم الماء..هاو علاش    برد الكليماتيزور بالليل... خطر صامت؟    بشرى سارة لمرضى السرطان..    مقتل 4 أشخاص وإنقاذ 23 إثر غرق عبارة قبالة بالي    اليوم: ارتفاع درجات الحرارة ...والشهيلي حاضر    عاجل: صفقة جديدة للنادي الإفريقي    محمد صلاح يتصدر قائمة أغنى اللاعبين الأفارقة لسنة 2025 بثروة قدرها 110 ملايين دولار    لي سيو-يي.. رحيل مفاجئ لنجمة الدراما الكورية يثير التساؤلات    ما تخبئه الكواكب ليوم الخميس 3 جويلية: يوم حاسم لمواليد الأبراج المائية والنارية    كوريا الشمالية تصعد لهجتها ضد الولايات المتحدة    تراشق فايسبوكي بين خميس الماجري ومحجوب المحجوبي: اتهامات متبادلة بالتكفير والتطبيع و«الإفتاء للراقصات»    وزير التجهيز: تقدم ملحوظ في أشغال الطريق السيارة تونس-جلمة [فيديو]    لدى لقائه الزنزري.. سعيد يعطي تعليماته باعادة هيكلة عديد المؤسسات العمومية    تاريخ الخيانات السياسية (3) خيانة بني أبيرق في عهد رسول الله    عاجل/ تغييرات في رحلات "تونيسار" من وإلى فرنسا خلال هذه الفترة    3 حاجات لازم تخليهم سرّ عندك...مش كلّ شيء يتقال    تذاكر توصل بمليون و 500 : مهرجان الحمامات ولاّ سوق سوداء؟    ماهر الهمامي يدعو إلى إنقاذ الفنان التونسي من التهميش والتفقير    تاريخ الخيانات السياسية (2)... قصّة أبي رُغال في هدم الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في فقه المعارضة ( الجزء الأول ) : مقتضيات المفهوم
نشر في الوسط التونسية يوم 04 - 06 - 2008

قد يلتبس على القارئ الكريم معنى و دلالات العنوان فيكتفي بقصر معنى الفقه على اللغة فلا يظفر إلا بمعنى مفهوم المعارضة ، و إن كان مطلوبا منا بيان هذا المفهوم و نشره كمساهمة منا في نشر ثقافة المعارضة إلا أنه لا يفي بالغرض الذي من أجله حبرنا هذه الورقات ، فمصطلح المعارضة بمفهومه العام المعبر عن الرأي المخالف في شتى الميادين يختلف عن مفهومه السياسي الخاص.
بيان المفهوم:
المعارضة هي الفعل الواعي الذي يحمل في طياته تصورا و إرادة و برنامج عمل نسبي يمتلك إمكانات الإقناع و التغيير ، و لكي نلم بجوانب هذا التعريف علينا أن نخضع المصطلحات المكونة له إلى التحليل لصياغته من جديد بلغة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع ، فقولنا تصور يحيلنا حتما على نظرتنا للسياسة و الدولة ، كيف نفهم السياسة ؟ و ما شكل الدولة وفق هذا المنظور؟ و ما هو منهج الحكم الذي سنلتزم به ؟ فالسياسة ( بمفهومها البسيط و المركب و العام و الخاص كفن لتسيير الشأن العام أو فن الممكن على حد تعبير بعض الفلاسفة ) في علاقتها بالدولة ( هذا الجهاز المسؤول على التسيير و القيادة و الحماية و الحفظ ) لا بد لهما من تصور متفق حوله بين جميع المكونات و الفاعلين في هذا الشأن ، و قبل الدخول في ثنايا هذا المصطلح يجب التأكيد على حقيقة أنها لا توجد معارضة في دولة الاستبداد سواء كان هذا الاستبداد باسم الدين أو الجنس أو الطائفة أو الايدولوجيا أو الفرد.
فالمعارضة كتصور ديمقراطي تتوق إلى فضائين اثنين أولهما أنها بانطوائها على إرادة التحسين و الإصلاح و التأسيس تستهدف السياسة المدنية التي تعترف بالمنافسة المنضبطة للقانون و الدستور و تقبل التسوية و الحل الوسط كآلية لفض الإشكالات و تذليل العقبات ، و الفضاء الثاني أنها تستهدف الدولة الديمقراطية كمولود شرعي لزواج شرعي بين أغلبية الشعب و مشروع طموح يغري هذه الأغلبية و قيادة ميدانية منضبطة لمصادر مشروعها و مقاصده و مسؤولة عن عملية تطبيقه أمام الشعب و الدستور و القانون.
و لا يكتمل مثلث المعارضة كمفهوم إلا بإضافة الضلع الثالث الغائب دائما في حياة معارضاتنا اليوم و هو ضلع الفعالية ، فالتصور و الإرادة لوحدهما لا يكفيان ما لم يكن هناك برنامج عمل طموح يحمل في طياته ممكنات التغيير الإيجابية التي تنقل التصور و الإرادة من مجرد مفهوم للتحليل و النظر إلى فعل واقعي تلتف حوله الجماهير.
و بما أن المعارضة في جوهرها تنافس بين عدة برامج عمل فإنها لا يمكن أن تكون إلا نسبية منضبطة لعاملي الزمان و المكان ، تنافس ليس بين حق و باطل و إنما بين حقين على حد تعبير المفكر ياسين الحاج صالح ، فلا يمكن لمعارضة جادة أيا كان انتماؤها اعتبار مخالفيها نقيضا لوجودها و عامل فناء لها كما لا يمكنها خوض صراع إبادي للآخر المخالف و المنافس لها لأن مفهوم المعارضة يأبى بكل بساطة الانسجام مع الثقافة السياسية المبنية على مبدأ التغيير الفوقي و الاستيلاء على السلطة بالقوة أو حتى استعمال الديمقراطية كمطية للاستحواذ على الحكم.
لا يمكن أن نتحدث عن معارضة داخل سياق الدولة الدينية ، لأن مجرد الحديث عن فعل المعارضة يُدخل القائم بالفعل في أتون مخالفة النص الديني و بالتالي يجد نفسه في حقل ألغام التكفير ، و مما يؤكد هذا الكلام انقسام الإسلاميين إلى قسمين في اعتبار المعارضة تديّنًا أو خروجا عن الدين فقسم يرى أن المعارضة حرام لأنها باعث على زعزعة الوحدة الإسلامية و القسم الآخر يرى أن الاختلاف حق ما دام الاختلاف مستندا إلى ضوابط و قواعد الشريعة و أن وحدة الصف واجبة ، كما أنه لا يمكن الحديث عن المعارضة في دولة الاستبداد ( حكم الفرد أو الفئة أو الايديولوجيا أو العرق أو الطائفة ..) لأن المستبد لا يترك لك فرصة الحديث إلى الشعب و لا يخلّي بينك و بينه و إنما يقف في أحسن الحالات حائلا بينكما إن لم نقل أنه يعمل جاهدا على تجفيف منابعك و اجتثاثك و إقصائك عن الساحة السياسية حتى لا ينازعه منازع أو ينافسه منافس ، و دور ألوان الطيف السياسي هنا ليس المعارضة السياسية و إنما المقاومة السياسية و التشبث بكل مربع من مربعات الحرية و الذود عنها بالغالي و النفيس و لا ينصبّ جهد المقاومة السياسية على طرح برامجها و إيصالها إلى الشعب عبر قنوات التفهيم و التبيين المتعارف عليها و إنما ينصب كامل جهدها على فضح الاستبداد و كشف عوراته و توعية الشعب لأخطاره و نواياه وصولا إلى الهدف المنشود المتمثل في إرساء دولة مدنية ديمقراطية تتاح فيها فرصة المشاركة للكل دون استثناء و لا إقصاء في تنافس كبير بين أطروحات مختلفة و برامج عمل جدية و مثمرة يختار الشعب منها ما يناسبه في الزمان و الحال.
و تقتضي النسبية أيضا التأكيد على أن الديمقراطية لا تمثل النموذج الأفضل على الإطلاق لممارسة الحكم بل تمثل خير ما وصل إليه الإنسان طيلة خوضه لتجارب سياسية ملأت صفحات تاريخه الطويل ، و يقتضي المنطق أن نسلم بإمكانية اكتشاف الإنسان لمنهج أفضل و آلية أحسن تقلص إلى درجة الصفر سلبيات المنهج الديمقراطي في الحكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.