لم يكن المجاهد الجزائري هيشور بولخراص، المعروف إبان ثورة التحرير باسم محمد الصالح ينتظر أن تتحول حياة أبنائه الثلاثة وأسرهم إلى جحيم في بلد الغربة وبقرارات من مسؤولين هم من بني جلدتهم.. وأن تتطور القضية وتدخل معترك العدالة التونسية، على إثر الدعوى التي رفعها القنصل العام الجزائري في تونس ضد العائلة داعيا الحكومة التونسية إلى تسليط قوة القانون لإخلاء المنزل الذي يعتبر من أملاك الدولة الجزائرية في الخارج. معاناة عائلة المجاهد الراحل هيشور المكونة من 15 فردا من بينهم 9 أطفال، وجدت تبريرا لها لدى البعثة الدبلوماسية الجزائرية في تونس، حيث اعتمد القنصل العام السيد عبد الكريم سراي، الملتحق بمهامه في سنة 2007، أسلوب ''الترهيب والترغيب'' لدفعه القاطنين بالمنزل المستغل من طرفهم منذ 1983، إلى إخلائه، حسب نص رسالة الأبناء إلى رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذين ناشدوه التدخل لوقف ما يمكن أن يعتبر ''وصمة عار في جبين الدولة''. وجاء في الرسالة: ''في اليوم السابع من وفاة والدنا جاء السيد القنصل العام ومرافقوه للتعزية ومعاتبين على عدم إعلامهم كسلطات رسمية للقيام بواجبهم تجاه المجاهد وأنه كان عليهم القيام بمراسيم الجنازة وتوابعها ودفنه في مقبرة العالية بعد موافقة ورثته''. ويضيف الأبناء الثلاثة أن والدهم كان يشرف على مركز تونس، وعمل إلى جانب أسماء معروفة من أمثال عباس غزيل وعبد الله بلهوشات ومحمد ملوح وصالح قوجيل ومهدي الشريف وغيرهم... بأنهم ''صعقوا'' لدى سماعهم ''الطلب الشفهي وغير الرسمي من القنصل وهو يأمرهم بإخلاء المنزل تحت ذريعة أنه ملك للدولة الجزائرية''، معللا طلبه ب''وجود قرار من السلطات العليا في الجزائر وعليه تنفيذه''. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث ومنذ 2007 دخل أفراد العائلة في دوامة من المشكلات الإدارية نغصت حياتهم، والسبب يرجع، حسب نفس الرسالة، إلى ''رفض القنصلية إصدار أي وثيقة تخص الشؤون القنصلية حتى وإن كان الأمر شهادة ميلاد أفراد العائلة الذين يحملون الجنسية الجزائرية وبطاقات التسجيل القنصلي وتجديد جوازات السفر شريطة الخروج من العقار المذكور''. وقبل أن تحط شكوى هذه العائلة الجزائرية على مكتب رئيس الجمهورية، فإنها راسلت سفير الجزائر في تونس، والمدير العام للشؤون القنصلية السيد رابحي، الذي اتصلت به ''الخبر'' للاستفسار عن تطورات هذه القضية، في عهد ''العزة والكرامة''... لكنه كان في عطلة. ويعترف أبناء هيشور بأنهم على دراية تامة بأن العقار المشغول هو ملك للدولة... وهم لا يمانعون أية تسوية تحترم قوانين الجمهورية الجزائرية وتفادي أن تتحول المشكلة إلى منحى مخزي خاصة بعد إقحام القضاء التونسي فيها جراء إقدام القنصل العام على رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الاستعجالية (!) قوانين لا يستطيع أحد التصديق بأنها تسمح بطرد عائلات جزائرية سواء في داخل الوطن أو خارجه إلى الشوارع.