يستعد المنصف المرزوقي رئيس الدولة المؤقت لزيارة الجزائر مطلع الشهر المقبل. وهي زيارته الثانية خارج البلاد بصفته رئيسا للدولة. وكان المرزوقي قد تعرّض خلال الايام الاخيرة الى حملة عدائية من قبل الصحافة الجزائرية على خلفيّة ما صرّح به ب»عدم الخوف من وصول الاسلاميين إلى الحكم في الجزائر» متهمة إيّاه بالتدخّل في الشأن الداخلي الجزائري. هذه التصريحات تبرّأ منها المرزوقي نافيا «تدخله في الشأن الجزائري» مؤكدا «احترامه للسيادة الجزائرية» ومتهما «بعض الصحف العربية بتحريف خطابه خلال زيارته الى ليبيا». انتهى سوء التفاهم التونسيالجزائري هذا، حسب بعض المراقبين، بحضور الرئيس الجزائري بوتفليقة مراسم الاحتفال الرسمي بالذكرى الاولى ل 14 جانفي وبتلك الوقفة الحماسية التي وقفها الرئيس المرزوقي مصفقا لنظيره الجزائري بعد القاء كلمته ثم مصافحته بحرارة وتقبيله. وبعدها تم الاعلان عن عزم الرئيس المؤقت زيارة بلد الجوار مطلع الشهر المقبل. ويأمل الجزائريون من هذه الزيارة أن تثمر توقيع الاتفاقية الثنائية بين البلدين في مجال التنقل والاقامة والتي ستخلف الاتفاقية الموقعة في جويلية 1963 علما وأن هذه الأخيرة تمّ خرقها من جانب واحد وهو الجانب التونسي من خلال التضييق على النشاط العقاري للجزائريين في تونس وكذلك التضييق على إجراءات الإقامة والشغل وغيرها. الامر الذي عطّل مصالح عدد من التونسيين من تعذّر عليهم التصرّف بكل حرّية في أملاك اشتروها من جزائريين دون التفطّن الى فخ الاجراءات الادارية المفروضة على النشاط العقاري للجزائريين في تونس. وقد علمنا من القنصل الجزائري العام في تونس منّاد حبّاك أنّ مشروع الاتفاقية الجديد توقّفت النقاشات حوله على نقطتين أساسيتين إحداهما يرفض الجانب التونسي الخوض فيها أصلا وهي النقطة المتعلقة بالتشغيل. إذ جاء في المقترح الجزائري في الفصل 18 من مشروع الاتفاقية الذي اطّلعت عليه «الشروق» ضرورة أن «يعترف كل طرف متعاقد لمواطني الطرف المتعاقد الآخر بصفة قانونية بالحق في الشغل دون تمييز وبنفس الشروط التي يخضع لها مواطنوه». وأوضح القنصل الجزائري أنّ مقترح بلاده لا يطلب تمكين كل جزائري بحق الشغل في تونس بل يدافع عن حق التونسيين من أصل جزائري والذين يمثلون الجيل الثاني والثالث للجالية الجزائرية في تونس والمقيمين بصفة قانونية فيها بالحق في الشغل «فهم تونسيون» على حدّ قوله. كما تضمّن مشروع الاتفاقية تنصيصا في الفصل 20 من الباب الخامس المتعلق بحق الملكيّة ضرورة اعتراف «كل طرف متعاقد بحق الملكية وحرية التصرف فيها لمواطني الطرف المتعاقد الآخر المتواجدين بصفة قانونية على ترابه ويعفى مواطنو الطرفين المتعاقدين في العمليات العقارية الناقلة للملكية في الادلاء بالرخصة الادارية» وهو الفصل الذي تتوقف عنده مصالح عدد كبير من التونسيينوالجزائريين ممن وقعوا في فخ الاجراءات الادارية دون التمكّن من الحصول على شهادة ملكيّة في العقّار المشترى. وكنّا قد نشرنا في شهر سبتمبر الماضي مقالا تحدّث عن هذه المعاناة الثنائية وحصلنا على معلومات حينها بأنه تجري مراجعة الاتفاقية وأنّ هذه المراجعة مرتبطة أساسا بحجم المبادرة السياسيّة بين البلدين. إلاّ أن تعطّل المصالح الشخصيّة للأفراد بسبب تلك الاجراءات الادارية جعلت عددا من التونسيين يتصلون بنا مجددا منذ الاسبوع الماضي، بعد 5 أشهر من نشرنا للمقال، بحثا عن معلومة جديدة تفيد بقرب انتهاء أزمة الملكيّة على غرار المواطن رشيد أحمدي الذي مازال ينتظر منذ 10 سنوات تسوية ملف ترسيم قطعة أرض كان قد اشتراها من جزائري دون التفطن الى المشكل القانوني القائم على عقارات الجزائريين. ولدى سؤالنا القنصل الجزائري أكّد أن السلطات الجزائرية لديها أمل في فضّ كل الاشكالات العالقة ومنها تسوية وضعيات الاقامة لعدد من الجزائريين وتوفير مواطن الشغل للتونسيين من أصل جزائري قائلا «تقدّم القنصلية مساعدات ل 600 عائلة تونسية من أصل جزائري بسبب التضييقات على الاقامة وحق الشغل وكذلك حرية التصرف في النشاط العقاري» وفي المقابل تعذّر علينا الحصول على أية معلومة من الادارة العامة للشؤون القنصلية بوزارة الخارجيّة لأسباب مازلنا نجهلها. فهل تكون زيارة المرزوقي للجزائر فرصة لتوقيع هذه الاتفاقية وإنهاء المعاناة الثنائية لمواطني البلدين؟