ظلّت الحركة الإسلامية لسنوات، بل لعقودٍ طويلةٍ تبدو كعربة يجرها جَوَادٌ جامِحٌ لا يلوي على شيء.. ولا يفكر في شيء، سوى الاصطدام بكل ما يلوح في الأفق أمامه، دون التفكر في عاقبة الاصطدام، أو حساب مآلات التهور والاندفاع. ظلت الحركةُ مسكونةً – لعقودٍ طويلةٍ – بشعورِ الرغبة في التضحية بأغلى ما تملك: بالنفس، بالمال، بالعمر، من أجل الفوز بالدرجات العلا، وهو شعور طيب لو كان في موضعه؛ لهذا لم يتحَسَّسِ الكثيرون مواضع أقدامهم وهم يُقْدِمُون على أعمال صدام مُرَوِّعٍ مع دولهم ومجتمعاتهم، فضلًا عن استشراف المستقبل، وقراءةِ النتائج فيما وراء الأعمال. لم تكن الحركة الإسلامية لسنوات مَضَتْ قد التفتت إلى أنواعٍ من الفقه كانت مهجورةً؛ درسًا وتدريسًا وتطبيقًا، على الرغم من كونها تُمَثِّل ضوابط هامَّةً لفهم النص الشرعي، مثل فِقْهِ المصلحة والمفسدة، وفِقْهِ النوازل، وفِقْهِ المالآت. والأخير يُمَثِّل ضابطًا هامًّا في استشراف المستقبل، وتَوَقُّعِ النتائج المترتبة على العمل، ومن ثَمَّ الحكم عليه إمّا إمضاءً أو إلغاءً. ولقد تفَطَّنَ فقهاؤنا الأوائل إلى مثل هذا النوع من أنواع الفقه، فيقول الشاطبي رحمه الله (4/552) : "النظر في مآلات الأفعال مُعْتَبَرٌ مَقْصُودٌ شَرْعًا، سواءٌ كانت الأفعال موافقةً أو مخالِفَةً، وذلك أنّ المجتهد لا يحكم على فعلٍ من الأفعال الصادرةِ عن المكلفين بالإقدام أو بالإحجام إلاّ بعد نَظَرِهِ إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل، فقد يكون مشروعًا لمصلحةٍ فيه تُسْتَجْلَبُ، أو لمفسدةٍ تُدْرَأُ.. ولكنّ له مآلًا على خلاف ما قُصِدَ فيه. وقد يكون غيرَ مشروعٍ لمفسدةٍ تنشأ عنه، أو مصلحة تندفع به، ولكنَّ له مآلًا على خلاف ذلك، فإذا أُطْلِقَ القول في الأول بالمشروعية، فربما أدى استجلاب المصلحة فيه إلى مفسدة تساوي المصلحة أو تزيد عليها، فيكون هذا مانعًا من إطلاق القول بالمشروعية. وكذلك إذا أُطْلِق القول في الثاني بعدم المشروعية ربما أدى استدفاع المفسدة إلى مفسدةٍ تساوي أو تزيد، فلا يصحُّ إطلاق القول بعدم المشروعية، وهو مجالٌ للمجتهد صَعْبُ الْمَوْرِد، إلا أنه عَذْبُ المذاق، مَحْمُودُ الغِبِّ، جارٍ على مقاصد الشريعة". ثم يسوق الشاطبي أدلته الشرعية والعقلية على صحة القاعدة التي صاغها. وهذه قاعدةٌ نفيسةٌ، أزعم أنها لم تأخذ حقها فيما مضى على الأقل من التطبيق، وضبط تطبيق النص الشرعي. وما قاله الشاطبي يُقَرِّرُهُ أيضًا ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" عند حَدِيثِهِ عن الوسائل، فذكر منها نوعين يُفْضِيَانِ إلى الحرام، وهما: -وسيلةٌ موضوعةٌ للمباح، يَقْصِدُ بها مستخدمُها التَّوَصُّلَ من خلالها للحرام، كمن عَقَد البَيْعَ بِقَصْدِ الربا، أو تزَوَّجَ بغرض التحليل، وهذه وسيلةٌ يُحرّم اللجوء إليها؛ لما تؤدي إليه من المفسدة. -وسيلةٌ مَوْضُوعَةٌ للمباح، لم يُقْصَدْ بها التَّوَصُّلُ إلى المفسدة، ولكنها مُفْضِيَةٌ إليها غالبًا، ومَفْسَدَتُهَا أَرْجَحُ من مصلحتها، ومثالُ ذلك سَبُّ آلهةِ المشركين بين ظَهْرَانَيْهِم، وتَزَيُّنُ الْمُتَوَفَّى عنها في زمن عِدَّتِها، وهذا النوع من الوسائل يُمْنَعُ اللجوء إليه؛ لما يؤول إليه من المفاسد. ثم شَرَع ابن القيم بعد ذلك في سرد الأدلة الْمُؤَيِّدة لكلامه السابق. ومن هنا نُقَرِّرُ أن قاعدة "مآلات الأفعال" من القواعد الهامة التي أولاها الفقهاء عنايةً بإِحْكَامِ نَصِّهَا، وسَرْدِ أدلتها، والتنبيهِ عليها. ولكنْ ظلتْ هذه القاعدةُ بِمَعْزِلٍ عن تصرفات وتوجهات الجماعات الإسلامية، ولم نسمع عنها في أدَبِيَّاتِها المختلفة، على كثرتها وتنوعها، مما أَفْضَى إلى كثيرٍ من الشرور والفتن، ووقوع اقتتالٍ بالغٍ في العديد من البلدان الإسلامية، جَرْجَرَ خلفه مفاسِدَ عِدَّةً، وجلب ضررًا بالغًا على الدعوة ومسيرتها. وقد حظيت الجماعة الإسلامية المصرية بنصيبٍ وافرٍ من هذه الصدامات الدامية، منذ أن شاركت في اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات، ثم عمدت الجماعة الإسلامية إلى تنظير وتأصيل تَوَجُّهِهَا العنيفِ عَبْرَ عدة مطبوعات، منها "حتمية المواجهة"، و"حكم قتال الطوائف الممتنعة عن تطبيق شرائع الإسلام"، و "أصناف الحكام"، وغيرها من المصنفات.. مِمَّا أدّى إلى صدامٍ مُرَوِّعٍ خلال عقد التسعينيات، ولعله الأَشَدُّ والأَعْنَفُ في تاريخ مصر الحديث والمعاصر، خَلَّفَ وراءه مئاتِ القتلى من الجانِبَيْنِ، وعشراتِ الأحكام القضائيةِ ما بين إعدامٍ وسَجْنٍ لِمُدَدٍ مُخْتَلِفَةٍ، واعتقالِ الآلاف لسنواتٍ طويلة، وتشريدِ آلافِ الأُسَرِ، ومصادرةٍ تامَّةٍ للدعوة، وانتهازٍ للفرصة من جانب العلمانيين للانقضاضِ على الحركة الإسلامية هَدْمًا وتخريبًا، بعد أن انتهزوا الفرصةَ وأعلنوا للدولة أنها معها قلبًا وقالِبًا! كل هذه المفاسد أدَّتْ بالجماعة الإسلامية إلى إعلان مبادرتها لوقف العنف عام 1997، ثم تبعتها بدراسات شرعية وفكرية أخرى في أواخر عام 2001، فيما عُرِفَ بتفعيل المبادرة.. وما يهُمُّنَا هنا كيف أثَّرَتْ قاعدة "مآلات الأفعال" على التَّوَجُّه الجديد للجماعة الإسلامية. ففي البدايات الأولى للمراجعات الفكرية، وفي كتاب "مبادرة وقف العنف.. رؤية واقعية، ونظرة شرعية -ص32 وما بعدها، تتساءل الجماعة الإسلامية: "لماذا كانت هذه الأحداث، وهذه الدماء، وهذه الطاقات المهدرة؟! لماذا كانت هذه الحرب الْمُسْتَعِرَةُ، والأَرْوَاحُ الْمُزْهَقَةُ بين بعض الجماعات الإسلامية وبين الحكومة؟! سيقولون: أولم تَرَ ما يحدث لنا؟! أو لم تَصِلْ إلى سمعك الاعتقالاتُ العشوائيةُ التي طالتِ العاطِلَ والباطِلَ؟! أوَلَمْ تَسْمَعْ عن تجديد الاعتقال؟ ألم تسمع عن التعذيب الوحشي الذي ترك بَصْمَتَهُ على أجساد المئات من الشباب؟" وبعد سرد العديد من التساؤلات التي قد يعتبرها البعض مُسوّغاً للصدام والقتال يأتي الرد الحاسم: "وهل هذا هو السبيل المناسب لتحقيق هذه الأهداف؟ وهل بعد هذه التجربة المريرةِ التي ذُقْتُم مرارَتَهَا في السنوات السابقة، فسالت الدماء أنهارًا، وأُزْهِقَتِ النفوس، وتقاتل المسلمون، وقُتِلَ منهم مَنْ قُتِلَ.. هل تحققت هذه الأهداف؟ هل توقف الاعتقال، أم أن السجون امتلأت بالمعتقلين؟! هل تَوَقَّفَ اقتحام البيوت والمساجد، أم أنه ازدادَ وتَضَاعَفَ ولم يَعُدْ للبيوت حُرْمَةٌ؟ ثم هل توقف "الضرب في سويداء القلب"، أم أنه ازداد واتسع، حتى صار هو القاعدة؟! سواء بالرصاص في الطرقات، أو التعذيب أو بإهمال المرضى حتى يقتلهم المرض في السجون"!! وهذا يُشَكِّلُ التفاتًا من الجماعة الإسلامية إلى ما آل إليه أمرُ الصدام مع الحكومة المصرية. وهذه النظرة لم تكن موجودةً من ذي قبل نهائيًّا؛ فكل هذه المفاسد كانت تُعْتَبَرُ ضربًا من البطولة تتوق إليها النفس، وتسعى إليها بكل وسيلة ممكنة، ولكنها شَكَّلَتْ بعد ذلك سببًا قويًّا لِوَقْفِ العمليات العسكرية، وبعبارةٍ أخرى: بدأ "فقه المآلات" يُشَكِّل وَعْيَ قادة الجماعة، ويُساهِمُ في تكوين نظرتهم المستقبلية. ثم بدأت الجماعة الإسلامية تخطو خطواتٍ أَوْسَعَ من التي رأيناها في المراجعات الأولى، فعَقِبَ تفجيرات "الرياض" الشهيرة في 12/5/2003م أصدر د. ناجح إبراهيم (أحد أبرز مفكري الجماعة، والذي كان مسجونًا آنذاك) كتابه الشهير: "تفجيرات الرياض.. الأحكام والآثار"، وكان بمثابة ردةِ فِعْلٍ قويةٍ تصدر حينها. وكأنّ الجماعة الإسلامية لم تكتف ببيان الشجب والإدانة الذي أصدرته آنذاك، ولكنها سارعتْ بدراسةٍ مُفَصَّلَةٍ عن الحادث، وما يهمنا هنا أن نرى كيف وظَّفَتِ الجماعة الإسلامية "فقه المآلات" في إدانتها للحادث. فقد عقد مُؤَلِّفُهُ فصلًا كاملاً للنظر في مآلات التفجيرات، ومدى تأثيرها الضار والسيئ على البلدان الإسلامية، وخاصةً المملكة العربية السعودية. فالفصل السادس في الكتاب جاء بعنوان "الآثار السلبية للتفجيرات على بلادنا"، يقول فيه د. ناجح: "إن تفجيرات الرياض والرباط وإندونيسيا لم يكن لها أثَرٌ فقط على القتلى الذين قُتِلُوا فيها، أو على الجَرْحَى الذين جُرِحُوا من جَرَّائِهَا، أو على المباني السكنية التي هُدِمَتْ، ولكنّ آثار هذه التفجيرات أَعْمَقُ بكثيرٍ من مجرد تأثيرها على الأفراد والمنشآت، وآثَارُهَا أبعد من تأثيرها لأيام أو شهور، ولكنّ آثارَها الخطيرةَ تنسحب على بلاد المسلمين، وتَمْتَدُّ إلى سنوات طويلة، تعاني فيها هذه البلاد من وطأة تلك الآثار". ثم يبدأ المؤلف في تَعْدَاد الآثار السلبية المترتبة على تلك التفجيرات، ومنها على سبيل المثال كما يقول: "بعد تفجيرات الرياض بأيامٍ تحدث كثيرٌ من الأمريكيين- مسؤولين وغير مسئولين- عن ضرورةِ إلغاءِ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على الرغم من أن هذه الهيئة حكوميةٌ، وتَعْمَلُ ضمن قواعد شرعية، ولها دورٌ في انضباط الشارع السعودي شرعيًّا ودينيًّا، وحمايته من الجريمة والمعصية. وبعد التفجيرات الأخيرة كثّفت أمريكا ضغوطَها على السعودية من أجل إجراء تطبيع فوري وكامل للعلاقات السعودية الإسرائيلية؛ لأن إسرائيل وأمريكا يضعان لهذا الأمر أهمية كبرى. وقامت أمريكا وحلفاؤها بالضغط على السعودية منذ فترةٍ لِمَنْعِ تأييدها للانتفاضة الفلسطينية، تحت زعم أن هذا التأييد يصبّ في خانة مساندة الإرهاب! وقد نجحتْ جُزْئِيًّا هذه الضغوط، نتيجةَ أسبابٍ كثيرةٍ، منها: أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والتفجيرات الأخيرة.. فقَرَّرَت السعودية وقْفَ مساعداتها لشهداء وجرحى الانتفاضة، وقَصْرَ مساعداتها على السلطة الوطنية الفلسطينية في مجالات محددة، لا تُسَبِّبُ إشكالياتٍ في علاقاتها الإستراتيجية بأمريكا. بعد حدوث التفجيرات قامت السعودية -مُضْطَرَّةً- بِفَصْلِ ألفٍ وسبعمائة خطيب، كان مُصَرَّحًا لهم رسميًّا بالخطابة، وسحبت التراخيص منهم" اه. إلى آخر الفصل الذي عَدَّدَ فيه المؤلف هذه السلبيات التي ضربتِ الدول الإسلامية، وخاصة السعودية في مقتل، ولك أن تقارن عزيزي القارئ بين هذا الكلام الذي حاول فيه صاحبه ضَبْطَهُ بالقواعد الشرعية الحاكمة للفهم والفعل، وبين خطابٍ آخَرَ صادرٍ من د. أيمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، والذي أصدر شريطًا صوتيًّا عقب تلك التفجيرات، وبالتحديد يوم 22/5/2003م وجاء فيه: "احزموا أمركم.. اضربوا سفارات أمريكا وإنجلترا واستراليا والنرويج ومصالحهم وشركاتهم ومواطنيهم! أشعلوا الأرض نارًا تحت أقدامهم؛ فليس لهم ذِمَّةٌ ولا عهد ولا أمان"! فهذا خطابٌ ثائِرٌ هائِجٌ لا يلوي على شيء، وغير محكوم بضوابط شرعية.. خطابٌ يفتقد الرُّشْدَ الذي وجدناه في خطاب د. ناجح، والذي نظر في "مآلات الأفعال"، وجعلها أحدَ أَهَمِّ الضوابط الحاكمة على حركة جماعته، بالإضافة إلى حكمه على أفعال الآخرين. ثم خَطَتِ الجماعة الإسلامية خُطْوَةً أخرى هامَّةً في إطار صدامها الفكري مع تنظيم القاعدة، والذي بدأ مبكرًا بعد فترة وجيزة من تفعيل المبادرة، ويبدو أنّ الجماعة لم تشأْ أن تقف مكتوفة الأيدي وهي تشاهد رمادَ الصِّدَامِ الدامي تنبعث فيه النار من جديد، بعد هدوءٍ يشي بقرب إغلاق هذه الصفحة الدامية بين الدولة وبين الحركة الإسلامية، خاصةً مع قيامِ تنظيم القاعدة بالعديد من الأعمال الدامية في العديد من الدول الإسلامية، وشعورِ الشباب بالإحباط نتيجةَ الصلف الأمريكي والإسرائيلي. لهذا أرادت الجماعة الإسلامية أن تُحَذِّر الشباب من مَغَبَّة تفريغ هذا الإحباط في صورة أعمال انتقامية، هذا بالإضافة إلى اعتراضها الواضح على تنظيم القاعدة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فكان العمل الفكري الهام "إستراتيجية القاعدة.. الأخطاء والأخطار" لمؤلفه القيادي البارز في الجماعة الإسلامية د. عصام دربالة. وقد بذل فيه مُؤَلِّفُهُ جهدًا ملحوظًا في تأصيل الرد على تنظيم القاعدة من الناحيتين الشرعية والفكرية، من خلال تَتَبُّعِ أعمال القاعدة في السنوات الأخيرة.. وما يَهُمُّنَا هنا هو بيان كيفية استفادة المؤلف من "فقه المآلات" في تأصيل ردوده. فتحت عنوان "إستراتيجية القاعدة..النتائج" يقول المؤلف: "إذا كان كل ما سبق يمثل توصيفًا تقييميًّا لإستراتيجية القاعدة، فإنّ التقييم لا يكتمل إلاّ بالنظر إلى "النتائج" التي تَمَخَّضَت عن وضع هذه الإستراتيجية موضع التنفيذ". ويقول أيضًا :" ومن هنا سوف تتنوّع تلك "النتائج" وتتعدّد مستويات "تأثيرها"؛ من التأثير على الإسلام كدين، وعلى الجهاد كمفهوم، وعلى المسلمين كوجود، سواء على شكل دولة، أو حركة، أو أقلية، أو جالية". ثم يُعَدِّد النتائج السلبية التي ترتبت على الإستراتيجية التي اتبعها تنظيم القاعدة، وهي بإيجاز: -انهيار الدولة الإسلامية الوليدة في أفغانستان. -مطاردة القاعدة والحركات الإسلامية في إطار العولمة الأمنية. -الإضرار بقضايا الأقليات الإسلامية، بالخَلْطِ المتعمدِ بين حركات المقاومة للاحتلال والإرهاب. -إفساح المجال أمام تحقيق الأهداف والطموحات الإسرائيلية. -ابتناء أمريكا لإستراتيجية تستجيب لأجندة اليمين المسيحي في الاندفاع نحو صراع الحضارات. -تَعَرُّض الجاليات الإسلامية في أوروبا وأمريكا خاصةً لمضايقات عنصرية، وتشديد قوانين الهجرة واللجوء السياسي بها. -التأثير السلبي على الإسلام. -إحداث تقارب بين أمريكا وأوروبا الغربية. ود. عصام دربالة هنا يلجأ إلى فقه المآلات في بناء عمل فكري نقدي لأعمال القاعدة، وهي الأعمال التي لا نستطيع أن ننكر أنها استطاعت دغدغة مشاعر البسطاء والشباب، وإن كانت قد مَثَّلَت "صدمةً" لأصحاب العقول الراجحة، الذين يستشرفون مستقبلهم، ويقيمون اعتبارًا للنتائج والمآلات. والخلاصة: فقد استطاعت الجماعة الإسلامية أن تبني لنفسها مشروعًا فكريًّا راشدًا، تخلَّصَتْ به من سنوات طويلة من الصدام المرير، وعادت لدورها الدعوي الذي خَطَّتْهُ لنفسها من البداية. وقد التفتت الجماعة الإسلامية هنا إلى ألوانٍ من الفقه كانتْ مهجورة، وعلى رأسها "فقه المآلات"، والذي يحتاج منا إلى مزيد عناية ودراسة، حتى يُمْكِنَنَا ضبطُ الواقع والحاضر، بناءً على استشراف المستقبل.