تتواصل في مختلف المدن والقرى التونسية الاف المسامرات الرمضانية والتظاهرات الدينية بمناسبة شهر الصيام . وقد انتظم بمناسبة احياء ليلة غزوة بدر وحدها أكثرمن 1400 مسامرة في الجوامع. لقد رفعت قيادة العهد الجديد منذ التغيير شعار مصالحة تونس مع عمقها العربي الاسلامي ومع هويتها الثقافية والوطنية بما في ذلك بعدها الاسلامي وانهت بذلك قطيعة مفتعلة وخلطا ساد في مرحلة من المراحل في تاريخ تونس الحديثة وافتعل تناقضا بين الحداثة والهوية.. بين واجب نشر قيم الحداثة والعقلانية من جهة والحق في الاعتزاز بالهوية التونسية بمختلف مكوناتها من جهة أخرى. لقد أعاد الرئيس زين العابدين بن علي الاعتبار الى كثير من المعالم الاسلامية والتراثية في تونس بدءا من جامعي الزيتونة وعقبة بن نافع وكبرى جوامع العاصمة والمدن الداخلية وأذن بتاسيس الجامعة الزيتونية ثم قناة الزيتونة الاذاعية وأخيرا قناة "الفردوس" الثقافية الاسلامية التلفزية وبانفتاح القنوات الاذاعية والتلفزية والصحافة المكتوبة الوطنية على العلماء والفقهاء التونسيين لنشر قراءات عقلانية معتدلة للاسلام تنبذ التعصب والتطرف والغلو والارهاب.. وهو انفتاح جاء ليملا الفراغ الذي استغله في مرحلة سابقة بعض المتطرفين ورموز السلفية والايديلوجيات المتشددة. كما شجعت الجوائز العلمية المهمة التي أحدثها رئيس الدولة الباحثين الجامعيين على تاليف كتب واعداد دراسات معمقة عن الاسلام دينا وثراثا وثقافة تبث تاويلات عصرية ومتفتحة ومتوازنة للاسلام وتشجع على تكريس كل تعليماته الداعية الى العلم والعمل والجد ونبذ التكاسل والسلبية والتبريرات السلفية والماضوية للقيم الروحية ونصوص القران الكريم والسنة النبوية. إن الادعاءات القديمة الجديدة في بعض وسائل الاعلام العربية والاجنبية عن علاقة تونس حكومة وشعبا بالاسلام تدحضها مشاهد الاف الجوامع المكتظة يوميا.. خاصة خلال شهر رمضان وفي صلاة الجمعة ..وتفندها الاف التظاهرات الثقافية والمسامرات الرمضانية التي كانت دور الثقافة والشباب والمعاهد الثانوية والجامعات والجوامع مسرحا لها طوال شهر الصيام . ولئن أمكن تبريرسوء فهم بعض الاعلاميين والخبراء العرب والاجانب في العهد السابق لموقع الاسلام في بلد الزيتونة التي تخرج منها ابن خلدون والثعالبي والشابي وزعماء الحركة الوطنية المغاربية ومصلحون مشارقة فان واقع تونس اليوم شاهد على وجود ارادة سياسية عليا في البلاد على كسب تحديات العصر وبناء مجتمع أكثرتقدما وعقلانية وتطورا مع الاعتزاز بالشخصية الوطنية والهوية التونسية بمكوناتها العربية الاسلامية .