أعرب صندوق النقد الدولي عن استعداده لمساعدة الدول المتضررة من الأزمة المالية معتمدا التوجهات التي أقرها وزراء المال في مجموعة السبع الجمعة، في ختام اسبوع كارثي للبورصات. وقال صندوق النقد الدولي في ختام اجتماع في واشنطن أول من أمس السبت إنه سيكون قادرا "بسرعة" على وضع "موارد كبيرة" في تصرف الدول المتضررة. وقال المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس كان خلال مؤتمر صحافي "قد تعاني بعض الدول مشكلة سيولة. والصندوق موجود وقد أنشئ لهذا الغرض ونحن مستعدون لتوفير السيولة لكل الدول الراغبة بذلك". ونفت ايسلندا التي تعتبر من اكثر الدول تضررا جراء الأزمة وتتفاوض مع روسيا للحصول على قرض بقيمة أربعة بلايين يورو، أن تكون طلبت مساعدة صندوق النقد الدولي موضحة في الوقت ذاته أن هذا يبقى احتمالا بصفتها دولة عضوا في الصندوق. وفي بيان، دعمت الهيئة الإدارية في الصندوق الذي يضم 185 دولة خطة التحرك من خمس نقاط التي اعتمدها الجمعة في العاصمة الاميركية وزراء المال في الدول الصناعية السبع الكبرى. وتطمح هذه الخطة الى إخراج الأسواق النقدية من الأزمة وتمكين المصارف من جمع رؤوس الأموال من القطاعين الخاص والعام وتصحيح الوضع في سوق الرهن العقاري. وتوسع اجتماع مجموعة السبع مساء أول من أمس السبت ليشمل دول "مجموعة العشرين" مع انضمام الدول الناشئة الكبرى مثل جنوب إفريقيا والبرازيل والصين والهند. وشارك الرئيس الاميركي جورج بوش في الاجتماع الوزاري مع ان حضوره لم يكن معلنا مقرا بأن الأزمة انطلقت من بلاده. وقال وزير الاقتصاد البرازيلي غيدو مانتيغا الذي ترأس بلاده حاليا مجموعة العشرين إن "فرضية ان العدوى لا تنتقل قد سقطت. فالأزمة تمتد الى الدول الناشئة". واقترح تحويل مجموعة العشرين الى منتدى لإدارة الأزمة المالية للسماح للدول الناشئة ب"المساهمة في الحل". وفي وقت سابق اتفق بوش ومجموعة السبع على توفير "رد جدي على المستوى العالمي" لمواجهة الأزمة. وقال بوش في البيت الأبيض بعد اجتماع مع الوزراء "الجميع يقر أن ثمة أزمة مالية خطرة وتتطلب تاليا ردا جديا على المستوى العالمي". وقال دومينيك ستروس كان إن تصحيح الوضع يتطلب اجراءات اضافية في وقت بات النظام المالي الدولي على شفير الانفجار. وفوض صندوق النقد الدولي ستروس كان استخلاص العبر من الأزمة وإصدار توصيات بشأن الإجراءات الضرورية لإعادة الثقة والاستقرار الى النظام المالي بحلول حزيران (يونيو) 2009. أما الخبراء فلم يعتبروا ان خطة مجموعة السبع تشكل الدواء الشافي. وأسف الاستاذ في جامعة ميريلاند بيتر موريسي بعد البيان الختامي لمجموعة السبع "لأن الخطة لا تتضمن أي شيء من شأنه تهدئة الأسواق. انها تفتقر الى المضمون للتوصل الى ذلك". وبشأن طول الأزمة، قال حاكم المصرف المركزي الايطالي ماريو دراغي الذي يرأس منتدى الاستقرار المالي إن "عصا سحرية لا يمكنها أن تحل الوضع بلحظة"، لكنه اعتبر أن "بيان مجموعة السبع يذهب في الاتجاه الصحيح". وقال رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون "بالنسبة لاوروبا الرهان كبير جدا وقد دقت ساعة الحقيقة". ويبدو ان المانيا المتهمة بأنها انفردت بموقفها في بداية الأزمة برفضها خطة إنقاذ جماعية للمصارف، قد غيرت موقفها. واعلنت برلين الجمعة خطة وطنية لدعم القطاع المصرفي قريبة من الخطة التي اقترحتها لندن. واعتبرت وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد أن "نقاشا سيجري على الأرجح" خلال اجتماع دول منطقة اليورو حول إمكانية اعتماد ضمانات حول التعاملات بين المصارف في منطقة اليورو. وعبرت فرنساوالمانيا عن موقف موحد أول من أمس السبت. فقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لدى استقباله المستشارة الالمانية انغيلا ميركل "اننا نقوم بتحليل الأزمة معا. والدروس التي يجب ان تستخلص هي موضع تطابق تام في المواقف بين المانياوفرنسا". ولم ينجح خفض معدلات الفائدة ولا الإجراءات الكبيرة لدعم المصارف من خلال استخدام الأموال العامة ولا الضمانات على الودائع التي قررتها الحكومات ولا الدعوات الى التهدئة التي أطلقها وزراء المال، في لجم الذعر الذي ينتاب الأسواق. وأعلنت الحكومة الاسترالية أمس الاحد أنها ستضمن كل الودائع المصرفية في السنوات الثلاث المقبلة. وقال رئيس الوزراء كيفن راد "الحكومة الاسترالية ستضمن كل الودائع مهما كان حجمها في كل المؤسسات المصرفية الاسترالية على مدى ثلاث سنوات". وفقدت البورصات العالمية الرئيسية حوالي نصف قيمتها منذ مطلع السنة الحالية. وهذا الأسبوع شهدت بورصات نيويوركولندن وباريس اكبر تراجع أسبوعي في تاريخها مع هبوطها بنسبة 20%. واعتبرت لاغارد ان تعهد وزراء المال وحكام المصارف المركزية في مجموعة السبع لمنع افلاس اي مصرف كبير يشكل رسالة "قوية للغاية". وهذا التعهد سيسمح بتجنب اختفاء مصارف عملاقة مثل ما حصل مع "ليمان براذرز" الذي تركته إدارة بوش يسقط في 15 أيلول (سبتمبر) وهو ما شكل بداية الانهيار الكبير الذي تشهده الأسواق حاليا. وومن المتوقع أن تتركز كل العيون على ردود فعل المستثمرين اليوم الاثنين عند فتح أسواق المال في آسيا وأوروبا. وقال منتقدو اجتماع يوم الجمعة لوزراء مالية الدول الصناعية السبع الكبرى إن تعهداتهم افتقدت للتحديد غير أن وزير المالية المصري يوسف بطرس غالي أشار إلى أن كل الدول أدركت مدى خطورة الانهيار الحالي. وأوضح غالي، الذي يترأس اللجنة النقدية والمالية الدولية للصندوق، إن هذه أزمة منظمة وعضوية صندوق النقد الدولي تستوجب اتخاذ إجراءات منظمة. على صعيد متصل، وفي الوقت الذي تعكف فيه الدول الغنية على التعامل مع اقتصاداتها التي تسعى جاهدة للتغلب على تداعيات الأزمة المالية العالمية، دشن البنك الدولي صندوقا جديدا أول من أمس السبت بهدف مساعدة الدول النامية على الاستفادة من الدروس فيما بينها. ووصف هذا البرنامج الجديد بأنه "بسيط ومنخفض التكلفة" ويعد وسيلة لمساعدة الاقتصاديات النامية على تعلم أفكار جديدة في ساحاتها الخلفية لمساعدتها في تقليص معدلات الفقر، وتحسين الزراعة، وإدارة مواردها الطبيعية وتحسين أنظمتها السياسية. ويهدف المشروع الأول إلى أن يكرر في الدول الإفريقية صعود نجم الهند لتصبح واحدة من أكبر منتجي الألبان في العالم. ولذا، فإنه يتعين على منتجي الألبان في تنزانيا وإثيوبيا وأوغندا السفر إلى الهند لتعلم أفكار جديدة. وأشار البنك الدولي إلى أنه يتوقع الحصول على عشرة ملايين دولار للصندوق الجديد خلال ثلاث سنوات. وأبدت سبع دول بالفعل استعدادها لدعم الصندوق. وقال نجوزي أوكونجو أويالان المدير الإداري بالبنك الدولي، إن البرنامج سيساعد في نشر الأفكار الناجحة إلى الدول الفقيرة التي "لا يمكنها تحمل فترات الانتظار الطويلة للحصول على الدعم". وتابع "مصداقية البرنامج تعتمد على حقيقة مفادها أن سكان الدول النامية يتقاسمون النجاح فيما بينهم".