مع تفاقم الأزمة المالية العالمية وظهور بوادر ركود اقتصادية عالمي، وبعد مرور قرابة عقدين على ظاهرة "العولمة" وتسليم جميع المنظرين بفرضيات سقوط دور الدولة كناظم للإنتاج والتوزيع، تعود نظريات مؤسس الاشتراكية العلمية، كارل ماركس، إلى سدة الأحداث من جديد بعدما بدأت تلوح في أفق البشر نُذر أزمة اقتصادي عالمية. فقد سبق للمفكر الألماني الأصل أن حذّر بأن الرأسمالية تميل إلى توليد أزماتها الذاتية، وهاهم الألمان يجدون بعض العزاء في كلمات فيلسوفهم الشهير، باعتبارها مصدراً لطمأنة بالهم في وسط من التوترات حيال الأزمة الاقتصادية العالمية الحاصلة. فقد أشارت دار النشر "كارل ديتز فيرلاغ" Karl-Dietz Verlag الألمانية إلى أن نسبة مبيعات كتب كارل ماركس ارتفعت إلى 300 في المائة، خلال الأشهر القليلة الماضية، ليصل مجموع المبيعات إلى 1500 نسخة لهذا العام. وأدت هذه الزيادة إلى تقدم مرتبة الكتاب إلى المراكز الأولى لأفضل الكتب مبيعاً، حيث وصل عدد النسخ المباعة خلال شهر واحد إلى حوالي 200 كتاب أي أكثر مما باع هذا الكتاب سنويا في الماضي، وفقاً للأسوشيتد برس. وقال صاحب دار النشر، يرون شويترمف، إن "كتاب كارل ماركس هو مجلة 'فوغ' جديدة"، مضيفاً أن "الأزمة الاقتصادية قد تحركت لصالحنا بالتأكيد." وأوضح شويترمف أن كتاب ماركس الذي ألفه عام 1867 كان نادراً ما تصل مبيعاته إلى رقم مكون من فئتين، موضحاً أن كتابه الشهير "رأس المال" Das Kapital قد بدأ باستعادة نجاحه في عام 2005عندما بلغت مبيعاته حوالي 400 كتاب. ويعتقد شويترمف أن الجيل الجديد في ألمانيا قد بدؤوا يشككون بمدى صحة الطريق الذي سلكه أجدادهم والذي أوصلهم إلى الأزمة الحالية، كما أنهم فقدوا الثقة بمدى قدرة رؤساء بلادهم على الخروج من الأزمة. وأضاف قائلاً: "هناك جيل جديد من الأكاديميين، الذين يبحثون عن الأسئلة، فلجئوا إلى ماركس للحصول على الإجابات." ويلاقي الكتاب رواجاً عند الجميع في ألمانيا، لاسيما الأحزاب السياسية التي ما تزال تستلهم أفكار ماركس كقاعدة أساسية لسياستها. إلا أن شويترمف لم يظهر سعادة بهذه الانجازات، حيث يشكك بقدرة "كل من قام بشراء الكتاب على قراءته، لأنه كتاب صعب جدا."