تصاعدت اليوم وتيرة الرد الإسرائيلي على خطف حزب الله اللبناني جنديين إسرائيليين، يوم أمس بفرض طوق جوي وبحري وبري إسرائيلي على لبنان، تمثل بقصف مطار بيروت الدولي، ومرابطة البوارج الإسرائيلية قبالة الشواطئ اللبنانية وقصف أحد مقار تلفزيون "المنار" في الضاحية الجنوبية في بيروت، وقصف بلدة "بعلبك" في البقاع التي كان من المفروض أن تشهد مساء اليوم، بدء مهرجانات "بعلبك" الدولية؛ حيث تعتبر هذه المهرجانات من أهم ما يشهده لبنان سنويا، على الصعيد السياحي والثقافي؛ حيث كان سيحضره قرابة مليون ونصف سائح، وفقا لإحصاءات لبنانية. الحكومة اللبنانية من خلال رئيسها "فؤاد السنيورة" والأحزاب القريبة منها، كررت اليوم نأيها بنفسها عن عملية "الوعد الصادق" التي نفذها حزب الله من أجل "الإفراج عن الأسرى اللبنانيين في إسرائيل" وفقا ل"حسن نصر الله" الأمين العام لحزب الله، في المؤتمر الصحافي الذي عقده مساء أمس في بيروت. إذ قال الزعيم الدرزي "وليد جنبلاط" رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي": إن عملية حزب الله لا علاقة للحكومة اللبنانية بها" وأشار في تصريحات صحافية ظهر اليوم "أن على حزب الله أن يلتزم بما يتفق عليه اللبنانيون وأن لا يكون وسيطا للمطرقة السورية الإيرانية في لبنان". وهو يعكس ال في الشارع اللبناني، الذي عمقته عملية حزب الله؛ حيث خرج أنصار حزب الله في الضاحية الجنوبية بيروت؛ محتفلين في الشوارع ظهر أمس، غير مصدقين التهديدات الإسرائيلية بإعادة لبنان عشرين عاما للوراء. فيما بدت سحنات سكان المنطقة الشرقية، من خلال ما تبثه الفضائيات العربية، متجهمة للأزمة التي سيقت إليها البلاد والتي يبدو أنها لن عابرة. هذا ال في الشارع اللبناني، هو امتداد ل مشابه في الحكومة اللبنانية التي استدعت سفيرها في واشنطن "فريد عبود" بعد تصريحاته لتلفزيون "سي ان ان" يوم أمس، التي ذكر فيها أن الحكومة اللبنانية تدعم عملية حزب الله. حيث أثار ذلك التصريح استياء أميركيا البالغ إلى الجانب اللبناني دون تأخير وفقا لجريدة النهار البيروتية "إنكم تطالبوننا بالتدخل لمنع إسرائيل من التصعيد، فيما سفير لبنان يصرح بخلاف ذلك؛ حيث طالب الأميركيون بتصحيح الأمر. وتقرر على الأثر استدعاء السفير "عبود" إلى وزارة الخارجية؛ منعاً للإحراج ولعدم ظهور لبنان منقسما في موقفه الرسمي؛ إذ كانت وزيرة الشؤون الاجتماعية "نائلة معوض" وصفت العملية "عملية قاتلة في توقيت قاتل" وهو ذات الوصف الذي وصف به رئيس الوزراء الراحل "رفيق الحريري" إحدى عمليات حزب الله قبل عامين، على ذات الجبهة اللبنانية الإسرائيلية. عدد ال في الجانب اللبناني بلغت حتى عصر اليوم بتوقيت لبنان المحلي 47 قتيلا، وهي حصيلة قابلة للارتفاع بعد تهديد إسرائيل بقصف الضاحية الجنوبية لبيروت التي تعتبر مقرا لزعيم حزب الله "حسن نصر الله" وكبار قادته. وطلبت إفراغها من المدنيين لأنها ستباشر بقصفها. لكن حزب الله هدد من جانبه بأن قصف بيروت سيوسع عملياته بصواريخه شمال إسرائيل؛ لتصل إلى حيفا بعد قصفه اليوم مدينة صفد (20 كم عن الحدود) موقعا 11 جريحا، بعد مقتل إسرائيلية؛ إثر قصف مدينة نهاريا صباحا. الجانب الإسرائيلي برر كثرة ال اللبنانيين من المدنيين بسبب تخزين الأسلحة التابعة للحزب في الأماكن التي قصفها، بما فيها مطار بيروت الذي اعتبره متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أنه ممر لتهريب أطنان من الأسلحة لحزب الله. وكرر تصميمه على إبعاد صورايخ حزب الله عن شماله من خلال منطقة آمنة داخل الحدود اللبنانية، شبيهة بتلك التي يمهدها في شمال قطاع غزة الآن؛ لإبعاد صورايخ حماس والجهاد الإسلامي عن البلدات المحاذية لشمال القطاع. ردود الرئيس الأميركي "جورج بوش" برر لإسرائيل "دفاعها عن نفسها على أن لا تؤذي حكومة بيروت، ودعا لمحاسبة سورية على أفعالها". "شمعون بيريز" نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي وجد تباين ردود الفعل اللبنانية حول عملية حزب الله، فرصة لإيصال رسالة للمعترضين على العملية قائلا: "إن إسرائيل تدافع عن نفسها وقد وصلنا إلى نقطة لنقول لحزب الله أنه بخطف الأسرى يخدم إيران ولا يخدم لبنان ويضر باللبنانيين". أما الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" فوصف فتح الجبهة الإسرائيلية اللبنانية بأنه “سيشعل المنطقة كلها". أما الحكومة الإسرائيلية، فقد أعطت للجيش الإسرائيلي حق الرد الموجع؛ حسب وصفها من أجل استعادة الجنديين الأسيرين. فظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي كان يصنف في جناح الحمائم الإسرائيلية، كصقر شبيه بخلفه "آرييل شارون" الذي اشتهر بقسوته في الردود العسكرية التي شهدتها فترة رئاسته للحكومة الإسرائيلية السابقة، فقد وصف خطف الجنديين بإعلان الحرب على إسرائيل، وهو ما فسرته صحيفة "هاارتس" فكتبت محذرة من الانجرار في خطر الحرب إلى آخرها "في حالة الحرب التي تواجهها إسرائيل في الأراضي (الفلسطينية) وفي مواجهة حزب الله فلابد من تعزيز قدراتها الرادعة. لكن يجب ألا تسمح إسرائيل لعمليات الخطف بأن تجرها إلى حرب إقليمية". عض الأصابع الحرب الجديدة بين حزب الله وإسرائيل تختلف كليا عن سابقاتها؛ فحزب الله ربما لم يحسن قراءة الواقع بدقة وقد جر على نفسه استياء المجتمع الدولي؛ إذ طالبه الاتحاد الأوربي والأمم المتحدة بإطلاق سراح الجنديين الأسيرين؛ لإنهاء الأزمة المتدرجة إسرائيليا. ولم يحظ بتعاطف عربي رسمي لحد الآن؛ حيث إن أقطاب الوساطة العربية بين الفلسطينيين والإسرائيليين من المصريين والأردنيين والسعوديين، لم يفيقوا بعد من نوبة أحداث غزة، التي تسببت حتى الآن بمقتل عشرات الفلسطينيين وحصار مطبق على قطاع غزة، حتى فاجأهم حزب الله بخطف الجنديين أمس، عابرا الخط الأزرق بين إسرائيل ولبنان، تاركين حزب الله وحده مع حليفيه الأثيرين إيران وسورية، قبالة الرد الإسرائيلي الذي لمح بقصف سورية لتبدأ لعبة عض الأصابع بانتظار من يقضم يديه أولا؛ ليسقط قبل خصمه في حومة الندم. *