تعتزم وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس التوجه مطلع الأسبوع المقبل إلى الشرق الأوسط لبحث سبل التوصل إلى حل سياسي للأزمة الراهنة بين إسرائيل ولبنان. وما زالت واشنطن متمسكة بموقفها غير المؤيد للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله. تأتي تلك الزيارة في أعقاب مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار بين الجانبين. وكان عنان قد حمّل الجانبين مسؤولية تدهور الوضع، ففي الوقت الذي ندد فيه بالهجوم الذي شنه حزب الله ضد قوات إسرائيلية واختطاف جنديين وأكد فيه حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ندد بما وصفه باستخدام إسرائيل للقوة المفرطة والمتجاوز فيها والتي قال إنها أسفر عن مقتل مئات المدنيين الأبرياء وتدمير العديد من المنشآت المدنية الحيوية. وأجرى تقرير واشنطن لقاء مع ألبيرتو فرينانديز Alberto Fernandez مدير قسم الإعلام والدبلوماسية العام في وزارة الخارجية الأمريكية لاستيضاح موقف حكومته مما يجري في لبنان والجهود التي ستقوم بها وزيرة الخارجية كونداليزا اثناء زيارتها المرتقبة للمنطقة لنزع فتيل الازمة. وفيما يلي نص اللقاء: تقرير واشنطن: ما الذي تعتزم الوزيرة كونداليزا رايس تحقيقه خلال زيارتها للشرق الأوسط، ما سبب تأخر زيارتها؟ فيرنانديز: بطبيعة الحال هناك جهود مكثفة لوقف العنف المؤسف والغاشم في لبنان، والجهود التي تقوم بها وزيرة الخارجية كونداليزا رايس هي جزء من سلسلة الاتصالات والمشاورات الجارية على مستوى عال جدا للتوصل إلى نهاية للعنف. ولقد شاهدنا تلك الجهود قبل أيام وهو ما سيستمر خلال الأيام القادمة إلى غاية أن نتوصل إلى وقف لأعمال العنف. تقرير واشنطن: شدد رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة على ضرورة وقف إطلاق النار، وناشد المجتمع الدولي وخاصة الدول الكبرى على التدخل والضغط على إسرائيل لوقف قصفها للبنان ووضع حد لمعاناة المدنيين اللبنانيين. ما هو سبب تأخر الولاياتالمتحدة في التدخل وهل تعتزمون الاستجابة لنداء السنيورة؟ فيرنانديز: أولا نحن نحترم موقف رئيس الوزراء فؤاد السنيورة، الذي معه الحق تماما فيما يتعلق بالقلق والإحباط الذي يشعر به في ظل هذه الأزمة. لكن المشكلة طبعا هي أن هذه الأزمة مفبركة وهي أزمة بدأت بسبب التصرفات التي قام بها حزب الله من خلال دخوله إلى إسرائيل لإثارة تلك الأزمة وهذه الكارثة الإنسانية التي نشاهدها تحدث اليوم في لبنان. وفيما يتعلق بالجهود الرامية إلى وقف العنف في وقت مبكر ومناسب، هي بصراحة أنا أقول انه دائما من السهل إشعال واستفزاز أزمة ما، ومن الصعب وقفها، ولكن وبصراحة نحن نعمل بشكل جدي ونقوم بجهود مكثفة لوقف ما يجري. لأن ما يجري فعلا هو كارثة إنسانية. وهذا العدوان الغاشم على لبنان أمر يجب أن نكون جميعا قلقين بشأنه. تقرير واشنطن: ما هو سبب تحفظ الولاياتالمتحدة على وقف إطلاق النار لدواعي إنسانية مثلما دعت إليه بعض الدول مثل فرنسا؟ نحن نعلم أن الوزيرة رايس قالت إنه يجب التوصل إلى حل دائم، لكن المسئولين اللبنانيين والمنظمات الإنسانية يحذرون من وقوع كارثة إنسانية في لبنان إن لم تكن قد وقعت أصلا. فيرنانديز: المشكلة تكمن في أنه عندما يتوصل المرء إلى وقف لإطلاق النار يكون وقف إطلاق النار بين حكومتين أو فريقين، وهذه الأزمة بدأت بسبب قرار من حزب الله. والقلق الذي تشعر به الولاياتالمتحدة هو أن وقف إطلاق النار من دون وجود ضمانات يمكن أن ينقلب ويتوقف خلال ثوان وساعات. حيث أن نفس الأزمة قد تتكرر إذا لم نغير الأسس والأسباب الأساسية لهذه الأزمة. وهو ما يعني ضرورة تغيير الوضع القائم في لبنان وتقوية الحكومة اللبنانية وتعزيز سيادتها على جميع أراضيها. تقرير واشنطن: لكن عدد القتلى المدنيين اللبنانيين تجاوز الثلاثمائة، وهناك حوالي نصف مليون نازح. وقد أعلن حزب الله استعداده لوقف إطلاق النار. ألا يتعين القيام ببعض الجهود لرفع المعاناة عن المدنيين؟ فيرنانديز: هذا خبر جديد، وكنت قد سمعت أن حزب الله رفض وقف إطلاق النار، واعتقد أن هذا هو بمثابة دليل على ضرورة عدم الثقة بهذه المنظمة. ومن المعروف أن هذه المنظمة وأدت الحوار المدني الوطني اللبناني قبل بداية الأزمة الراهنة. حيث كنا نترقب مشاهدة موسم صيف هادئ في لبنان، وما قام به حزب الله هو وأد لتطلعات اللبنانيين والتطور السياسي في لبنان. وهذا يعني انه لا يمكن الثقة بهذه المنظمة الإرهابية التي شجعت حدوث العنف الجاري. وعلى كل حال ، فإنه على الرغم من ذلك، أنا أتفق معك بأن ما يجري هو كارثة إنسانية بشعة في لبنان حيث يتم قتل الأبرياء بالمئات والآلاف وهناك نصف مليون نازح ومتشرد ودمار كبير تعرضت له البنية التحتية اللبنانية، وهو ما يدعو للأسف وهي كارثة كاملة. ونحن نعتقد أن هناك دينا أخلاقيا دوليا للبنان، حيث أنه يتعين على المجتمع الدولي بطريقة أو أخرى أن يتضامن مع لبنان، وكما قلت هناك دين أخلاقي دولي تجاه الحكومة والشعب في لبنان. تقرير واشنطن: قال رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية إن إسرائيل تهدف من عملياتها العسكرية الجارية في لبنان وفي قطاع غزة إلى إعادة تقسيم المنطقة وخلق حقائق جديدة على الأرض لتطبيق رؤية لخطة إسرائيلية- أميركية. كيف ترد على تلك التصريحات؟ فيرنانديز: أعتقد أن ذلك مثير للغاية، لأنه كما قلت أن حزب الله أصدر بيانات وقام بوأد تطلعات اللبنانيين في صيف هادئ، وما حدث هو استفزاز من قبل حزب الله، وذلك يعني أن هناك ارتباطا بين الأزمتين، وهذا الارتباط يتمثل في النية لدى حركة حماس وحزب الله اللتين لهما علاقات مع النظام السوري لاستفزاز الوضع وتدهوره من سيء إلى أسوأ، في حين أن الضحية هي الشعب اللبناني المناضل والبريء والشعب الفلسطيني البريء. تقرير واشنطن: في الوقت الذي تكثف فيه الولاياتالمتحدة جهودها في إطار الدبلوماسية العامة لكسب العقول والقلوب في الشرق الأوسط، نراها تستخدم حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار عربي بشأن الوضع في قطاع غزة، والآن لم تتحرك لوقف معاناة المدنيين اللبنانيين. ألا تدرك حكومة الرئيس بوش أن من شأن ذلك الإضرار بصورة الولاياتالمتحدة في المنطقة وزيادة الشعور المعادي لها في العالم العربي؟ فيرنانديز: بدون شك نحن نشاهد شاشات التلفزة وهنا بالطبع تزايد في الشعور والعواطف بشان ما يجري وهو أمر منطقي تماما، لان أي إنسان يجب أن يشعر بالغضب لمقتل الأبرياء والنساء والأطفال في فلسطين وفي لبنان، وهو أمر مؤسف ونحن ندين هذا الشكل من القتل. وبدون شك أعتقد أن التحالف الأميركي مع إسرائيل هو بطبيعة الحال ليس بالأمر الجديد. ونحن نعرف أنه كان هناك انتقاد واسع للتاريخ السياسي بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل. وأنا أعتقد أن المهم على الرغم من هذا الانتقاد هو معرفة كيفية التقدم إلى الأمام. إنني أتفهم الشعور بالكراهية والإحباط ولكنني أعتقد بوصفي الشخصي والرسمي أن الطريقة الوحيد هي تكسير سلسلة العنف والانتقام وتزايده بين الإسرائيليين والعرب. لدى كل من الطرفين الإسرائيلي والعربي أسباب مقنعة للانتقام من الآخر وللقتل وردة الفعل. وبصراحة يتعين علينا معرفة السبل الكفيلة بكسر مسلسل الكراهية والعنف.