عاد نعش الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي الى بلده الذي خيمت عليه الصدمة يوم الاحد بعد يوم من مقتله هو وعدد كبير من المسؤولين البولنديين في حادث تحطم طائرة في روسيا. وكان برونيسلاف كوموروفسكي القائم بأعمال الرئيس ورئيس الوزراء دونالد تاسك وياروسلاف الاخ التوأم لكاتشينسكي وابنته مارتا ضمن من استقبلوا النعش الذي لف بالعلم الوطني بلونيه الاحمر والابيض في المطار العسكري في وارسو. ووقف عشرات الالوف من الناس في صمت على امتداد طريق بطول عشرة كيلومترات قطعه النعش الى القصر الرئاسي حيث من المتوقع ان يسجى جثمان كاتشينسكي لالقاء نظرة أخيرة عليه. ودقت اجراس الكنائس مع وصول النعش بمرافقة من الشرطة الى القصر الذي تحولت بوابة مدخله الى نصب زين بالزهور والشموع والاعلام البولندية والصلبان. واحتشد ملايين المعزين في انحاء البلد الكاثوليكي في الكنائس طوال يوم الاحد للصلاة على الموتى. وعند الظهر وقف البولنديون دقيقتين صمتا. وأرسلت جثامين ضحايا الحادث الاخرين وبينهم ماريا زوجة كاتشينسكي وكبار ضباط القوات المسلحة البولندية ومشرعون معارضون الى موسكو لتحديد هوياتهم وستعاد الى الوطن خلال الايام القادمة. وفي موسكو ايضا يعكف المحققون الروس على تحليل الادلة من الصندوقين الاسودين للطائرة. وقال الكسندر باستريكين رئيس وحدة التحقيقات في مكتب المدعي العام "التسجيلات التي لدينا تؤكد عدم وجود مشاكل فنية في الطائرة." وتحطمت طائرة الرئيس التوبوليف العتيقة وسط ضباب كثيف قرب سمولينسك في غرب روسيا يوم السبت مما أسفر عن مقتل 96 شخصا هم كل من كانوا على متنها. وكانت السلطات الروسية ذكرت في وقت سابق ان عدد القتلى 97 شخصا. وكان كاتشينسكي في طريقه لاحياء الذكرى السنوية السبعين لمذبحة الضباط البولنديين على أيدي القوات السوفيتية في غابة قريبة. ونقلت وكالة انترفاكس الروسية للانباء عن نائب قائد اركان سلاح الجو الروسي الكسندر اليوشن قوله ان الطيار تجاهل عدة اوامر من المراقبة الجوية بعدم الهبوط. وأعلن كوموروفسكي الحداد لمدة أسبوع وحث المواطنين على تنحية خلافاتهم السياسية جانبا. وكان كاتشينسكي وهو قومي يميني شخصية مثيرة للانقسام وخلق لنفسه الكثير من الاعداء. وقال ليخ فاونسا زعيم حركة التضامن التي أطاحت بالشيوعية في عام 1989 والتي كان كاتشينسكي ينتمي اليها "عملنا معا لبناء الديمقراطية البولندية." وأضاف فاونسا الذي كثيرا ما اختلف مع كاتشينسكي "الخلافات باعدت بيننا فيما بعد... لكن هذه صفحة مطوية الان." وقال البولنديون العاديون ان الحادث سيترك اثارا عميقة. وقالت اجاثا مالينوفسكا (22 عاما) وهي طالبة اجتماع "قلت لنفسي ان هذه لحظة سأتذكرها دائما. أجدادنا عاشوا الحرب وجيل ابائنا عاش في ظل الاحكام العرفية (من 1981 الى 1983) وهذه هي الصدمة الكبيرة لجيل اليوم الاصغر سنا." وقالت اورتسولا روتكوفسا (57 عاما) وهي ربة منزل "ربما تكون هذه (المأساة) علامة لنا لنوقف التشاحن والاغتياب فيما بيننا." ورغم الاحساس العميق بالفقد لدى البولنديين قال مسؤولون ومحللون ان الحادث لن يمثل اي تهديد جدي للاستقرار الاقتصادي والسياسي لبولندا عضو حلف شمال الاطلسي والاتحاد الاوروبي. وقال ميكال بوني مساعد تاسك في مؤتمر صحفي يوم الاحد "نواصل مراقبة الوضع ومستعدون لاتخاذ قرارات متعددة لكننا لا نتوقع أي مخاطر على الاقتصاد البولندي." وقال كوموروفسكي انه سيحدد موعدا لاجراء انتخابات رئاسية كانت مقررة في اكتوبر تشرين الاول بعد اجراء محادثات مع الاحزاب السياسية في بولندا. وبموجب الدستور يتعين اجراء الانتخابات الان خلال فترة أقصاها أواخر يونيو حزيران. وكوموروفسكي (58 عاما) هو المرشح الرئاسي لحزب المنتدى المدني الحاكم المؤيد للاعمال وهو حزب رئيس الوزراء تاسك. وكانت استطلاعات الرأي تشير الى أنه سيفوز على كاتشينسكي في الانتخابات. وقال محللون انهم يتوقعون ان يؤدي تصاعدا في التعاطف مع حزب كاتشينسكي لكنهم اضافوا ان من السابق لاوانه تحديد ما اذا كان ذلك سيترجم الى اصوات انتخابية. وفي حين أن دور الرئيس البولندي شرفي الى حد كبير فانه يستطيع استخدام حق النقض (الفيتو) ضد القوانين. وكان كاتشينسكي قد أغضب حكومة تاسك عدة مرات من خلال عرقلة اصلاحات في قطاعات الصحة والاعلام ومعاشات التقاعد. وعبر زعماء العالم عن شعورهم بالصدمة والحزن. وقال رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين الذي تعد بلاده الخصم التاريخي لبولندا في بيان موجه للشعب البولندي "هذه مأساة بالنسبة لنا أيضا. نشعر بحزنكم." واختلف كاتشينسكي في أحيان كثيرة مع حكومة تاسك المنتمية الى الوسط ومع الاتحاد الاوروبي وكان من أشد المنتقدين لروسيا في عهد بوتين. وكان بوتين قد دعا تاسك وليس كاتشينسكي لحضور مراسم احياء ذكرى مذبحة كاتين يوم الاربعاء الماضي. وتحدث البولنديون عن المفارقة في تحطم طائرة قتل فيها عدد كبير من النخبة البولندية قرب موقع قتلت فيه الشرطة السرية خلال عهد الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين نحو 22 ألف جندي ومفكر بولندي في عام 1940 مما قضى على معظم قيادات البلاد في وقت الحرب. وأعلنت روسيا وأوكرانيا المجاورة يوم 12 ابريل نيسان يوم حداد على ضحايا حادث الطائرة. من جابرييلا باتشينسكا وجاريث جونز Sun Apr 11, 2010 6:53pm GMT