ذكرت تقارير إعلامية أنّ الأمن التونسي قبض على أكثر من 60 مشجعاً فور وصولهم على متن طائرة الخطوط التونسية لمطار قرطاج الدوليّ لدى عودتهم من مصر، وفيما أفرجت السلطات على البعض منهم، تمّت إحالة عدد آخر إلى التحقيق في مراكز شرطة مختلفة بتونس العاصمة. وتأتي سلسلة الاعتقالات على خلفيّة أحداث الشغب التي جدّت خلال لقاء الأهلي والترجي في ذهاب الدور قبل النهائي بالقاهرة مساء الأحد الماضي. وذكر شهود عيان أنّ الشرطة أوصت طاقم الطائرة بعد فتح أبوابها أمام المسافرين بعد أن حطت في المطار، قبل أن تقوم باعتقال العشرات واقتيادهم إلى مراكز شرطة مختلفة للتحقيق معهم. إلى ذلك، لا زال الفضاء الالكتروني التونسيّ "يغلي" على خلفيّة اعتقال الشرطة المصرية ل14 مشجعا لفريق الترجي الرياضي الذي خسر أمام الأهلي المصري الأحد الماضي 2/1 في ذهاب الدور قبل النهائي ببطولة دوري أبطال أفريقيا. ولاحظ متابعون أنّ الإعلام الرسميّ وشبه الرسميّ حاول تجنّب الخوض في موضوع الشغب في البداية قبل أن تبثّ القناة الحكومية برنامجا لمّح إلى "رواية مخالفة" للرواية المصرية بخصوص تحميل جمهور الترجي مسؤولية أحداث الشغب التي جدّت في إستاد القاهرة بين الأمن المصريّ وتونسيين. وأغرق محبّو نادي الترجيّ الرياضي الفضاء الافتراضيّ بصورهم ومقاطع الفيديو المختلفة والتدوينات التي تحاول في معظمها "تفنيد" الرواية المصريّة وتبرئة المعتقلين وتحميل الأمن المصريّ مسؤولية ما حصل. وصبّ عدد كبير من جمهور الترجي جام غضبهم على الحكومة وطريقة تعاطيها مع الأزمة، وأبدوا استياء عارما من الاعتذار الرسميّ الذي تقدمت به الحكومة رسميا إلى السلطات المصرية، وهو ما اعتبروه "تسرعا في الاعتذار دون تحمل عناء التأكد من حقيقة ما جرى" وازداد حنق المشجعين مع قرار محكمة مصرية الخميس تمديد حبس مشجعي الترجي 15 يوما على ذمة التحقيقات بعد أن وجهت إليهم تهم "التعدي على موظفين عموميين (11 شرطيا) وإحداث تلفيات بمنشآت عامة (تهشيم مدرجات إستاد القاهرة) وإثارة الشغب (إطلاق الشماريخ). وكان النائب العام المصري المستشار عبد المجيد محمود قد أمر بحبس 11 شخصاً من جماهير فريق الترجي التونسي تم إلقاء القبض في إستاد القاهرة. كما تم التحرز على 3 آخرين، اثنان منهم قبل ركوبهم طائرة متجهة إلى تونس، والثالث في أحد الفنادق جنوب العاصمة المصرية القاهرة. وقدم نادي الترجي الرياضي التونسي اعتذارا رسمياً للنادي الأهلي المصري عمّا حدث من أحداث شغب وتبعه كل من إتحاد كرة القدم في تونس واللجنة الأولمبية التونسية بالإضافة إلى السفارة التونسيّة في القاهرة . وشكلت وزارة الشباب والرياضة التونسية في وقت سابق لجنة تحقيق "متعددة الأطراف" في ملابسات الأحداث وأسبابها والنتائج المترتبة عليها. وتضم اللجنة، بالإضافة إلى وزارة الشباب والرياضة والتربية البدنية، ممثلا عن وزارة الداخلية و التنمية المحلية، فضلاً عن الاتحاد التونسي لكرة القدم. وأوضحت الوزارة أنه "سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة تبعا للنتائج التي سيفضي إليها هذا التحقيق". من جهة أخرى، ظهرت دعوات متطرفة على الشبكة العنكبوتيّة تحاول تجميع صفوف المشجعين من مختلف الفرق التونسية ل"الثأر" من المصريين والتعرّض لجماهير الأهلي التي ستحضر مباراة الإياب في ملعب "رادس" بالعاصمة تونس. وهدّد متعصبون محسوبون على فريق "الترجي" بتحويل ملعب "رادس" إلى جحيم للمصرين كردّ فعل على الاعتداءات التي استهدفت مشجعين من الترجي في القاهرة. ونشر محبّو الترجي مقاطع فيديو وصور ونصوص تدعو ل"الثأر" على الشبكات الاجتماعية ك"تويتر" و"فايسبوك"، كما أنشؤوا عددا كبير من المجموعات التي تناصر مشجعي الترجي وتدعو للإفراج عن موقوفيه. وأنشأ مستخدمون آخرون ل"فايسبوك"مجموعة تطالب الرئيسي الجزائريّ عبد العزيز بوتفليقة التدخل لدى السلطات المصريّة لإطلاق سراح مشجعي الترجي الموقوفين، كتعبير عن سخطهم عن التعامل الرسميّ الحكومي مع الحادثة ومبادرة تونس بالاعتذار قبل معرفة حقيقة ما جرى. بالمقابل، نشر عدد من مشجعي الترجي رسالة مفتوحة عبر الإنترنت إلى الرئيس زين العابدين بن علي ناشدوه فيها "التدخل لدى السلطات المصرية للإفراج" عن ال 14 معتقلا من مشجعي ناديهم في مصر. واتهم المشجعون في رسالتهم، التي جرى تناقلها على نطاق واسع على شبكة "فيسبوك" رجال أمن مصريين بالتسبب في اندلاع أعمال الشغب. واتهموا مخرج مباراة الذهاب بعدم الحياد لتركيزه فقط على إظهار صور مشجعي الترجي يعتدون على رجال أمن ودفاع مدني مصريين. وتناقل مشجعو الترجي الرسالة التي أرفقت بمقاطع فيديو بثها التلفزيون التونسي الحكومي (قناة تونس 7) تظهر رجال أمن ودفاع مدني مصريين يضربون عددا من مشجعي الترجي، ورجل إطفاء يرش جانبا من الجمهور التونسي بغاز من اسطوانة إطفاء الحرائق قبل أن ينخرط الجمهور في أعمال عنف وشغب ضد رجال الشرطة والإطفاء بمدرجات الملعب الذي احتضن المباراة وطالب أصحاب الرسالة برفع "دعاوى ضد الشرطة المصرية لاستخدامها العنف المفرط دون حق" وكذلك "إطلاق سراح المعتقلين ومحاكمتهم محاكمة عادلة في تونس". وأضافوا مخاطبين الرئيس التونسي "إن من واجبكم أن تدافعوا عن شباب تونس.. وإن أخطأوا فتونس أولى بعقابهم". وتعهد المشجعون الذين نشروا الرسالة التي لاقت صدى واسعا، بعدم التعرض لجماهير الأهلي التي ستحضر مباراة الإياب في تونس وقالوا مخاطبين الرئيس التونسي :"نحن كما عهدتنا أبعد كل البعد عن التطرف والمغالاة و لن نقوم بأي رد فعل ضد المصريين الذي سيحضرون لقاء العودة ، فهم ضيوفنا".