أفرزت الأحداث الأخيرة التي أطاحت بالنظام السابق برئاسة الرئيس المخلوع زين الدين بن علي في تونس يوم 14 يناير الماضي حالة من الحراك السياسي المكثف ومنقطع النظير في تاريخ هذا البلد العربي. وقد تجسد هذا الحراك في تسليم وصول الايداع لملفات 15 حزبا سياسيا وتلقي وزارة الداخلية ملفات 23 حزبا جديدا لا تزال على قائمة الانتظار اضافة الى 13 حزبا مرخصا لها قانونيا حتى الآن. وجاء هذا الحراك السياسي والحزبي غير العادي بعد أن كان الحزب الواحد الحاكم سابقا وهو "التجمع الدستوري الديمقراطي" لعهد بن علي وريث "الحزب الاشتراكي الدستوري" لعهد الحبيب بورقيبة يهيمن ولسنوات طويلة بمفرده على الساحة والسلطة الى جانب بعض الأحزاب الصغيرة التي كان يطلق التونسيون على معظمها سابقا "أحزاب الديكور" للنظام السابق. وأفاد تقرير لمكتب الضبط بوزارة الداخلية نشر هنا اليوم بأن المكتب تلقى منذ يوم 25 يناير الماضي أي بعد 11 يوما على سقوط النظام السابق العديد من الملفات لتسجيل أحزاب سياسية حصل 15 منها حتى الآن على وصل استلام ملفاتها. وتشمل هذه الأحزاب حركة النهضة الاسلامية وحزب الوسط الاجتماعي وحزب اليسار الحديث وحزب الاصلاح والعدالة الاجتماعية وحزب الكرامة والمساواة وحزب اللقاء الاصلاحي الديمقراطي وحركة الوحدويين الاحرار وحزب الشباب الديمقراطي والحركة الوحدوية التقدمية وحركة شباب تونس الاحرار والحزب الحر الشعبي الديمقراطي والحزب السني التونسي وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية وحزب الديمقراطية المباشرة وحزب الحرية والكرامة. كذلك هناك تسعة أحزاب حاصلة على تراخيص قانونية فيما حصلت أربعة احزاب جديدة فقط منذ تغيير النظام وحتى الآن على الترخيص لممارسة نشاطها السياسي وهي الحزب الاشتراكي اليساري وحزب تونس الخضراء وحزب العمل الديمقراطي الوطني و"حركة البعث" بزعامة عثمان بلحاج عمر. ولا يزال عدد كبير من الاحزاب الاخرى في انتظار الحصول على وصول الايداع لملفاتها ومنها حزب العدالة والمساواة وحزب الجمهوريين الاحرار وحزب الخضر التونسي وحزب الحرية والتنمية وحزب الحرية من اجل العدالة والتنمية وحركة الشعب وحزب العدالة. ويذكر ان تسلم وصل ايداع الملف لا يعني آليا الترخيص للحزب بالنشاط السياسي طبقا لقانون الاحزاب التونسي الذي يمنح الدوائر المختصة مهلة زمنية لدراسة الملفات ومنح الترخيص فقط في حالة توفر الشروط المطلوبة لذلك. كما ينص القانون الحالي الذي يقضي حتى الان بمنع الاحزاب الدينية والاحزاب التي تتلقى اموالا من الخارج على ان الحزب المتقدم بالطلب للحصول على ترخيص يصبح نشاطه قانونيا تلقائيا اذا لم يحصل على رد من الدوائر المعنية في وزارة الداخلية بالرفض أو بالقبول بعد اربعة اشهر على تاريخ ايداعه ملف الطلب. ويتوقع مراقبون سياسيون في تونس ان التسابق المحموم وغير المسبوق لانشاء الاحزاب السياسية لن يتوقف عند هذا الحد وانما سيتصاعد في المرحلة القادمة التي ستحدد ملامح المشهد السياسي التونسي ولسنوات عديدة في المستقبل.