أوردت صحيفة "التونسية" الالكترونية على موقعها تفاصيل جديدة عن كيفية هروب الرئيس التونسي المخلوع رواها آخر وزير دفاع في حكومة بن علي من موقع قربه من الاحداث ومساهمته في صنع بعضها. وورد في رواية قريرة لما جرى: "أن أول تدخل للجيش التونسي كان في الليلة الفاصلة بين يومي الخميس 6 والجمعة 7 جانفي في بعض المناطق الداخلية على غرار ولايتي القصرين وسيدي بوزيد وكان ذلك بطلب من الرئيس المخلوع الذي أحس بضرورة تدخل الجيش للمساهمة في حفظ الأمن. ويوم 9 جانفي طلب بن علي تعميم نشر الجيش بكامل تراب الجمهورية و طلب من رضا قريرة الالتحاق بمقر وزارة الداخلية للتنسيق مع أجهزة الأمن. وفي ذلك يقول وزير الدفاع السابق: حضر هذا الاجتماع التنسيقي وزير الداخلية السابق رفيق بلحاج قاسم ومجموعة من الإطارات العليا ومسؤولي الأمن التونسي والحرس ومجموعة من الضباط السامين كانوا قد رافقوني لحضور هذا الاجتماع. وقد لفت انتباهي حضور علي السرياطي مدير الأمن الرئاسي السابق الذي حاول القيام بالمهمة التنسيقية، وما أثار استغرابي حقا هو سعي السرياطي إلى ضم الجيش والأمن تحت غطائه. ويضيف رضا قريرة أن علي السرياطي أشار إلى عملية توزيع مبالغ مالية على عديد الأطراف لكنه –وحسب قوله- لم يعرف من هي ولكنه عبر عن رفضه لاتباع هذه الطريقة قائلا: هذا ما يليقش بينا. وبعد انتهاء الاجتماع نبه وزير الدفاع السابق الضباط العسكريين الذين صاحبوه بضرورة عدم تلقي أية أوامر من علي السرياطي الذي اتصل ببعضهم فيما بعد إلا أن الضباط أعلموا الوزير بذلك فقام بدوره بإعلام الرئيس المخلوع لاتخاذ القرار بشأن هذه الأوامر. وصرح رضا قريرة أن الشائعات التي تقول بأنه تم عزل الجنرال رشيد عمار من مهامه بسبب رفضه الانصياع لأوامر بن علي الذي أمره بإطلاق النار لا أساس لها من الصحة ولم يتم وضع حد لمهام رئيس أركان جيش البر في أية لحظة. وأكد وزير الدفاع السابق أنه لا يعلم من وراء تلك الشائعات وما المقصود منها في تلك الفترة الحرجة. ويواصل رضا قريرة سرد الأحداث قائلا: ليلة 13 جانفي أخبرني أحد الضباط بأن العديد من أعوان الأمن قاموا بتسليم سلاحهم إلى الثكنة العسكرية وهذا الأمر أثار استغرابي ودعوت الضابط لتوقف قبول هذه الأسلحة فقد ظننت أن هناك مؤامرة ضد وزارة الدفاع التونسي وأنه يمكن أن نتهم بأننا قمنا بافتكاك أسلحة أعوان الأمن...وفي تلك الليلة أعلمت الوزير الأول بذلك وأيضا وزير الداخلية أحمد فريعة ولأن الساعة كانت متأخرة فلم أخبر الرئيس السابق بن علي ولكن في يوم 14 جانفي ومنذ الصباح الباكر (في حدود الساعة السابعة والنصف صباحا) أعلمته بذلك وأخبرته بتخوفي من إمكانية حصول مؤامرة ضد وزارة الدفاع لكنه قال بأني أهول الأمور وأن المسألة تتمثل في أن أعوان الأمن أقدموا على ذلك خوفا من تمكن المواطنين من افتكاك أسلحتهم. فواصلنا بعد ذلك قبول أسلحة أعوان الأمن التونسي من شرطة أو حرس. من الوقائع التي جدت أيضا مساء يوم 13 جانفي اتصال علي السرياطي بوزير الدفاع حيث يقول رضا قريرة: اتصل بي علي السرياطي هاتفيا وطلب مني أن أجعل تدخل الجيش وتدخله أكثر فاعلية لأننا قد لا نجد أي رئيس للبلاد في الغد في قصر قرطاج – على حد قول السرياطي-. ورغم أن هذا القول دفعني إلى بعض التساؤلات وأثار استغرابي لكني لم أوليه اهتماما كبيرا. وتتواصل الأحداث بنسق أسرع يوم 14 جانفي حيث اتصل الرئيس المخلوع بن علي ب رضا قريرة في حدود الساعة منتصف النهار وأعلمه بأن طائرة عمودية سوف تأتي إلى قصر قرطاج تحمل أعوانا ملثمين سيقومون بتصفيته مستخدمين القنابل ولكن وزير الدفاع السابق نفى صحة ذلك الخبر وأعلمه بعدم وجود أية طائرة على ذمة أعوان الأمن فرد بن علي قائلا: شبيه السرياطي يخلوض مالا. وصرح وزير الدفاع السابق بأنه أحس بوجود نية لتخويف الرئيس المخلوع من خلال هذه القصة المزيفة. وفي عشية يوم 14 جانفي وفي أوج المظاهرات طلب الرئيس المخلوع من وزير الدفاع السابق إرسال الجنرال رشيد عمار لوزارة الداخلية ليتولى مهمة التنسيق الأمني بين وزارتي الداخلية والدفاع فامتثل الوزير لذلك الطلب ولكن وخوفا منه على حياة الجنرال طلب منه لباس الدرع الواقي وأن يذهب برفقة ضباط عسكريين مسلحين. وفي حدود الساعة الخامسة والنصف مساء اتصل أحد قادة جيش الطيران بوزير الدفاع السابق وأعلمه بأن الرئيس المخلوع قد غادر البلاد انطلاقا من مطار العوينة على متن الطائرة الرئاسية. ويواصل رضا قريرة قائلا: انزعجت جدا عند سماع ذلك الخبر، ثم أخبرني أحد الضباط هناك بإمكانية حصول اشتباكات بين الجيش وأعوان الأمن الرئاسي فطلبت منه إيقاف علي السرياطي فورا وتجريده من سلاحه وهاتفه. ثم اتصلت بالوزير الأول محمد الغنوشي وأعلمته بفرار بن علي وإيقاف علي السرياطي فسألني عن سبب هذا القرار الأخير وأخبرني أنه في طريقه إلى قصر قرطاج فطلبت منه العودة خوفا على حياته لكن الوزير الأول رفض ذلك وبقيت على اتصال معه إلى أن غادر القصر سالما. ويضيف رضا قريرة أنه بعد إقلاع طائرة بن علي بحوالي 5 دقائق تلقى اتصالا من الرئيس المخلوع وكان كلامه متقطعا وثقيلا فهو أشبه بكلام شخص مخدر. ولم يخبره شيئا سوى أنه في الطائرة ثم انقطعت المكالمة –حسب قوله. وبخصوص الأحداث التي جدت يومها صرح رضا قريرة أنه علم بأن أحد أعوان الأمن الرئاسي قام بدعوة كل من فؤاد المبزع وعبد الله القلال ومحمد الغنوشي ورشيد عمار إلى القصر ولكن لم يقع التعامل معهم باحترام من طرف أعوان الأمن الرئاسي خاصة في ظل غياب جميع الموظفين المدنيين. وفي ليلة سقوط نظام بن علي اجتمع وزير الدفاع رضا قريرة بوزير الداخلية أحمد فريعة والوزير الأول محمد الغنوشي وعدد من الإطارات السامية التابعة للأمن والجيش واتفقوا على دعوة المجلس الدستوري في اليوم الموالي وعلى تنصيب رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع رئيسا مؤقتا للجمهورية. وشدد رضا قريرة في تصريحاته على أن الجيش التونسي لم يتدخل في تلك الفترة للقمع أو الضرب بل لتأمين بعض مناطق السيادة ولحماية المواطنين. كما نفى بشدة أن يكون هناك أي تدخل في شؤون وزارة الدفاع من أي طرف أجنبي سواء مباشرة أو عن طريق السفارات فما حدث كان تونسيا 100 على حد تعبيره".