ليس غريبا أن يورد تقرير لتلفزيون البي بي سي قبل سنوات قلائل , خبر اعتماد السيدة ليلى الطرابلسي على والدتها "نانا" في استحضار وصفات سحرية أحكمت بها الخناق على القصر وعلى زوجها المخلوع زين العابدين بن علي ... نفس المضامين أوردتها البي بي سي في معرض تلخيصها لبعض متون كتاب حاكمة قرطاج , الذي كشف الستار عن أهوال وأسرار باتت تلف ب"مؤسسات" الحكم التونسية... قد لايصدق البعض أخبارا يتم تداولها هاته الأيام عن اعترافات عراف تونسي باعتماد "سيدة تونس الأولى" السابقة على أخطر أنواع السحر وأكثرها فتكا من أجل تطويع القصر لمطامحها الفاسدة ... ربما لايؤمن البعض بحقيقة مخاطر السحر في تدمير عوائل وتفريق خطير بين المحبين , أو في قتل أفراد وانتحار جماعات , كما هو حاصل فيما يمارسه البعض من طقوس ملعونة في اطار مجموعات عبدة الشياطين , التي شاءت الأقدار أن تنتشر وتنمو على عهد ديكتاتور تونس بن علي وزوجته ليلى ... شاهد التونسيون على عهد رئاسة ليلى الطرابلسي لمنظمة المرأة العربية في شوارع العاصمة ولأول مرة أفراد ومجموعات ترتدي الزي الأسود وتوشحه برسوم لجماجم وشياطين وصلبان معكوفة , بل أثبتت الوقائع والتحريات تنظيم هؤلاء لحفلات جنسية ماجنة انتهت بالاعتداء على أعراض كما ذبح قطط وكلاب وشرب دماء في اطار طقوس قداس السحر الأسود ... ربما يكون من الطريف أن نعلم بوفاة الحاجة نانا والدة رئيسة منظمة العربية السابقة قبيل سنوات قليلة , وهو ماأوقف على مايبدو مفعول السحر فعجل بسقوط بن علي ورحيل زوجته الساحرة ... شر البلية مايضحك !..., فمفاعيل السحر قد لايصدقها البعض , ولكن كتب التراث العربي وحتى العالمي تزخر بالحديث عنها , ويكفي أن نعلم بأن بعض أبرز الساسة الأوروبيين يترددون على أبرز المنجمين والعرافين حتى نحذر جميعا من مسالك السحر والكهانة والعرافة والعزامة ... ربما يعتب علي بعض اللادينيين بالاغراق في رواية وقائع قد يصفونها بالهيامية والخيالية , ولكن دعوني أقول بصراحة بأن شهادة أخرى رواها لي معارضون تونسيون بباريس جعلتني أجزم وأقطع بأن بن علي كان واقعا تحت مفعول ثقافة شعبوية غارقة في الجهل وعوالم السحر والشعوذة... هل يصدق القارئ القول بأن بن علي حاول التقرب من بعض معارضيه بالعاصمة باريس وبكندا قبل سنوات من سقوطه عبر الاعتماد على عراف كان قد أرسله في مهمة الى العاصمة الفرنسية ؟! ربما لايصدقني البعض ! , ولكن يكفي أن أروي لكم هذه الشهادة للتاريخ , فقبل سنوات كنت في اتصال هاتفي مع سفير تونس الحالي بالعاصمة القطرية وقد روى لي خبر زيارة المدعو حمادي الفرجاوي لباريس ... حمادي الفرجاوي قدم نفسه على أنه متخصص في العوالم الروحية وبأنه أحد المقربين جدا لبن علي , بل ان معارضين آخرين حدثوني عن أنه يلعب دور المستشار في موضوعات أمنية ..., ذكر لي هؤلاء بأن قارئ الكف أو ضارب الخفيف المذكور , أغرى معارضين بالعودة الى تونس في مقابل أموال ومشروعات وعدهم بها حين لقائه ببعضهم في مقاهي باريسية , بل ذكر لي البعض بأن هؤلاء كانوا يحذرون الأخير حين جاء في مهمة من تونس وبسيولة مالية غير طبيعية... ويؤكد معارض تونسي راقب تحركات الفرجاوي عند وفادته الى باريس , بأنه تم توديع الأخيربمطار تونسقرطاج من قبل حاخام يهودي تونسي بارز ... الأغرب من هذا أن معارضا تونسيا بارزا عايش ظروف زيارة الشخص المذكور , روى لي بأن من جملة الأفكار المطروحة من قبل موفد بن علي العراف , هو مشاركة هؤلاء العائدين في مؤتمر للتطبيع فوق الأراضي التونسية ... قصص غريبة وعجيبة أردت قص بعضها على حضرات القراء , عساني أنير الطريق باتجاه الكشف عن حالة سياسية سيطرت على تونس أيام حكم الامبراطور بن علي بابا والامبراطورة ليلى القروسطية ... ربما يرى البعض من اللادينيين التونسيين تكريسا فيما كتبت للخرافة والأسطورية , ولكن ثقوا بأنني أروي أشياء حقيقية كنت قد أشرت اليها في مقال سابق أيام حكم الديكتاتور وقبل سقوطه , وهو مايعني أنني أوثق وللمرة الثانية حالة سياسية عجائبية تثير لدى مثقفي تونس كثيرا من الأرق والقلق والحيرة... هكذا هي تونس زمن بن علي , حداثة مغشوشة وتقدمية كاذبة , وتحريرا زائفا للمرأة أخفى وراءه سحرا وشعوذة ولصوصية وفسادا واستبدادا ومجونا كان يهيمن على قصور بن علي وحدائقها السرية ... ربما لايتجرأ البعض على فتح هاته الملفات المخيفة , توجسا من الساحرة المعتمرة المقيمة بأرض الحرمين , ولكن ايماني العميق بالله ثم بهذا الوطن دفعني مجددا الى اماطة اللثام حول وسط شعبوي أحكم الخناق على تونس استيلاء وفسادا وتعذيبا وتحويلا للدولة الى "صباط للظلام"... الثورة التونسية أنقذت الكرامة وأهدت لنا اليوم حرية مضرجة بالدماء , فدماء الشهداء أبطلت مفعول السحر .., ورحيل الحاجة نانا والدة الساحرة المعتمرة ليلى أوقف مفعول السحر... , فهل نسكت رغم ذلك عن الادلاء بشهادات تنير للرأي العام الوطني حقيقة ماحدث في تونس القرن الواحد والعشرين ؟!