أعلن رئيس الوزراء التونسي الباجي قايد السبسي في مؤتمر صحافي عن قرار حل كل نقابات الأمن وقال إنها تشكل مخاطر على أمن الدولة. وفي أول رد فعل على ذلك قررت نقابات الأمن التونسي الاعتصام أمام مقر الحكومة في القصبة وأمام مقر وزارة الداخلية مما ينبئ بتصعيد الأزمة. قرر رئيس الوزراء التونسي الباجي قايد السبسي حل نقابات الأمن الوطني في تونس، في خطوة فاجأت المتتبعين خاصة أنها تأتي قبل شهر ونصف من انتخابات المجلس التأسيسي الأمر الذي قد يؤدي إلى مزيد من التوتر بين الحكومة الحالية والأجهزة الأمنية التي تحاول منذ الثورة تحسين صورتها لدى الشعب الذي يتهمها بالتورط في عمليات قتل للمتظاهرين خلال الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي. توقيت هذا الإجراء وتصريحات رئيس الحكومة التونسية الموقتة بعدم التسامح مع الانفلات الأمني وخاصة التهديد بمحاكمة كل من تورط في ما أسماه "بالتمرد"، دفع رجال الأمن الوطني إلى تنظيم اعتصامين أمس الثلاثاء، الأول أمام مقر الحكومة بالقصبة والثاني أمام وزارة الداخلية للمطالبة بتحسين أوضاعهم. فهل سيؤدي التوتر الحالي بين قوات الأمن الداخلي والحكومة إلى مزيد من التصعيد؟ وما هي تأثيرات ذلك على استعداد البلاد لانتخابات المجلس التأسيسي؟ الحكومة تعترض على شكل الاحتجاجات وليس مضمونها يقول المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية هشام المدب إن حكومة السبسي لا تعترض على مطالب هذه النقابات من حيث المضمون وخاصة تحسين ظروف العمل وتحسين عمل الأجهزة الأمنية، فمطالبها مشروعة والحكومة قد تعهدت بدراسة هذه المطالب والعمل على تحقيقها بحسب الإمكانيات المتوفرة إلا أنها لا تتفق مع "شكل" هذه المطالب وخاصة الدعوة إلى عقد اجتماعات مع الوزراء لإيصال مطالبهم. وكذلك المطالبة بتغيير مسؤولين في وزارة الداخلية واستبدالهم بآخرين وهو أمر لا يدخل في صلاحيات هؤلاء ولا في اختصاصهم والحكومة الحالية لن تستشير هؤلاء قبل القيام بأي تغيير في هيكل الوزارة ولا الأخذ بتوصية هذه النقابات التي تفتقد إلى المشروعية، وهو ما دفع السبسي إلى اعتبار هذه التحركات بمثابة التمرد وهدد بملاحقة المسؤولين عنها أمام المحاكم العسكرية. أما عن توقيت هذه التحركات الاحتجاجية فتؤكد وزارة الداخلية أنه غير مناسب نظرا إلى المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد مع اقتراب موعد انتخابات المجلس التأسيسي وضرورة إجراء هذا الاستحقاق الانتخابي الأول في تونس في ظروف أمنية ملائمة. المتحدث باسم وزارة الداخلية لا يبدو متشائما من التوصل إلى اتفاق مع نقابات الأمن، إلا أن تطويق هذه المشكلة بحسب رأيه يبقى رهن قرارات هذه النقابات. نقابة قوات الأمن الداخلي تهدد باعتصام مفتوح وتعتبر مطالبها مشروعة : ويقول عماد الحناشي العضو في نقابة قوات الأمن الداخلي إن مطالب نقابته لم تحمل مبالغة ولم تتجاوز الإطار القانوني المعمول به. كما أن الوقفة الاحتجاجية التي قام بها عناصر الأمن الداخلي أمام مقر وزارة الداخلية لم تحمل سوى مطالب مشروعة لتحسين الأوضاع الاجتماعية لرجال الأمن وتسوية بعض أوضاع غير المثبتين وبعضهم وصلت مدة تعاقدهم مع وزارة الداخلية في بعض الحالات إلى 15 عاما إلا أن موقف الكاتب العام لنقابة قوات الأمن الداخلي عبد الحميد جراية كان أكثر حزما، حيث أكد لفرانس24 من أمام مقر وزارة الداخلية حيث تعتصم نقابته، أن هذا الاعتصام سيكون مفتوحا إلى أن تلبي حكومة قايد السبسي مطالبهم كاملة مع الاعتذار فورا عن التصريحات التي تضمنها خطابه يوم أمس والعبارات المهينة التي وجهها لبعض عناصر الأمن والنقابيين حيث شبه البعض منهم بالورق المقوى والقردة، وكذلك التخلي عن قرار حل نقابات الأمن الوطني والسماح بالعمل النقابي للأجهزة الأمنية وأيضا التخلي عن ملاحقة بعض النقابيين قانونيا. وأكد الكاتب العام للنقابة مشاركة نقابته في اعتصامين في وقت متزامن، الأول أمام مقر الحكومة في القصبة والثاني أمام وزاة الداخلية. ويضيف الكاتب العام أن نقابته تطالب الحكومة بتوضيح موقفها خاصة أنه تبين وجود سياسة مزدوجة في التعامل بين الجيش وباقي أجهزة الأمن الوطني. كما طرح جملة من التساؤلات عن توقيت إقرار العمل بقانون الطوارئ الذي أقره رئيس الوزراء يوم أمس بعد أن تشاور مع قيادات في الجيش الوطني في حين طالبت الأجهزة الأمنية الوطنية به منذ وقت طويل للقضاء على التسيب الأمني الذي لا يزال متواصلا إلى الآن، خاصة أن هذا القانون يحمي رجال الأمن والمواطنين على حد السواء.. النقابة تحمل الحكومة مسؤولية اختيار توقيت الاعتصامات ولئن اعترف الكاتب العام لنقابة قوات الأمن الداخلي بأن موعد هذه الاعتصامات ليس مناسبا بالنظر إلى المرحلة المقبلة الدقيقة إلا أن نقابته تبدو مصممة على مواقفها حتى تحقيق مطالبها، حتى لو داهمتها انتخابات المجلس التأسيسي. مضيفا أن مسؤولية اختيار هذا التوقيت يعود إلى الحكومة نفسها، فرئيس الوزراء هو من اختار هذا الموعد لإعلان حله للنقابات وإطلاق تصريحات مهينة لرجال الأمن الوطني دون مراعاة لضرورة تنقية الأجواء في هذه المرحلة الهامة في تاريخ تونس. ويبدو أن تشبث كل من الحكومة الانتقالية ونقابات الأمن بمواقفها قد يؤدي خلال الأيام المقبلة إلى المزيد من التصعيد، ولئن يؤكد المحتجون أن هذه الاعتصامات تدور خارج أوقات العمل بحيث لا يتعطل سير العمل الأمني، فإن تهديد النقابات الإقليمية بالاحتجاج والإضراب قد يؤدي إلى توسيع رقعة الاحتجاجات وبث الفوضى في وقت لم يستتب فيه الأمن في البلاد بشكل كامل بعد. المصدر : فرنسا 24 تحديث: 07/09/2011