تقول حركة النهضة: إنها جاءت للحكم لتكتشف أنها أمام دولة قوية وادارة متينة الاركان وكفاءات تونسية لا يمكن التخلي عنها لمجرد انها كانت تنتمي الى الحزب الحاكم منذ اكثر من 50 عاما. كما ان الوضع الاقتصادي لم يحتمل اقصاء المئات من رجال الأعمال بسبب علاقاتهم بالحكم السابق تسعى حركة النهضة الحاكمة في تونس جاهدة هذه الأيام الى إعلان مصالحة وطنية شاملة لتجاوز مخلفات الماضي، حيث أكدت أنها جاءت أمام دولة قوية وإدارة متينة الأركان وكفاءات تونسية لا يمكن التخلي عنها لمجرد أنها كانت تنتمي إلى النظام السابق، فيما تصر أحزاب اليسار على رفض هذه المصالحة، وما انفكت تدعو الى اجتثاث من كانوا ينتمون الى الحزب الحاكم السابق، «التجمع الدستوري الديمقراطي»، أو الحكومة السابقة من مواقع العمل الاداري والامني والاقتصادي. ومن منطلقات عقلانية، تراهن حركة النهضة على إخراج تونس من مأزقها الحالي بإعادة الثقة بين جميع التونسيين خصوصاً بعد أن تولت تشكيلة الحكومة ووصولها الى نتائج مهمة من بينها أن الخلاف مع النظام السابق كان بالأساس سياسياً حول الحريات والديمقراطية والتعددية، وان ذلك لا يعني التشكيك في كل رموز او برامج او انجازات المرحلة السابقة للثورة. بل إن الحكومة الحالية تعمل إما على إتمام أو إنجاز مشاريع أعدتها حكومات الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بميزانيات تم الاعداد لها سلفاً. دولة قوية : وتقول حركة النهضة: إنها جاءت للحكم لتكتشف أنها أمام دولة قوية وادارة متينة الاركان وكفاءات تونسية لا يمكن التخلي عنها لمجرد انها كانت تنتمي الى الحزب الحاكم منذ اكثر من 50 عاما. كما ان الوضع الاقتصادي لم يحتمل اقصاء المئات من رجال الأعمال بسبب علاقاتهم بالحكم السابق ومنهم 430 رجل أعمال مازالوا ممنوعين من السفر منذ أكثر من عام، ما يحول دون المساهمة في اخراج البلاد من أزمتها المستفحلة. شعارات جديدة : ومن يزور مقر الحركة ذات المرجعية الاسلامية يلاحظ مجموعة الشعارات التي ترتفع في واجهته ومنها «يداً بيد نتسامح»، «يداً بيد نتحابب»، «يداً بيد نبني»، «يداً بيد ننجح». وهذه الشعارات، هي التي تميز اليوم توجهات الحركة نحو المصالحة الوطنية، على اعتبار أن تونس لا تحتمل الهزات ولغة التشفي والثأر والانتقام. وهي بلد صغير ذو إمكانيات محدودة ثروته الوحيدة هي الانسان والقدرة على إرساء السلم الاجتماعي وتجاوز الخلافات مهما كان حجمها، بهدف الاتجاه نحو العمل للخروج من المأزق الاقتصادي ومن حالة الاستقطاب الفكري والايديولوجي التي أضحت تميز المرحلة الحالية. تحركات الغنوشي : وبحسب مصادر مطلعة في الحركة، فإن زعيم الحركة راشد الغنوشي عقد في الفترة الماضية عدة جلسات مع شخصيات حكومية وحزبية وسياسية للبحث في افضل السبل المؤدية لإرساء عدالة انتقالية تعيد الى البلاد حركة العمل والنمو في ظل وحدة وطنية لا تقصي أحداً. ونقلت هذه المصادر ل«البيان» أن الغنوشي أكد أن الحركة الاسلامية في تونس «لا تسعى إلى الانتقام أو التشفي». وأن البلاد «تتسع لكل أبنائها، والدولة يجب أن تستمر وتسترجع هيبتها بكل أبنائها»، مشيرة إلى أن «تجربة الحكم، وإن كانت قصيرة، إلا أنها اوضحت للحركة الكثير من المسائل، فممارسة الحكم ليس كالوقوف على الربوة، ومن يريد مصلحة تونس عليه أن ينظر الى المستقبل وان لا يتوقف عند الماضي، خصوصا ان الثورة التونسية كانت نظيفة وخاطفة ولم تتسبب في انقسام مجتمعي مثلما حدث في دول اخرى نظرا لأن النظام السابق لم يجد من يدافع عنه حتى من أقرب المقربين إليه». وعلمت «البيان» أن الغنوشي أكد خلال استقباله من قبل وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو «ضرورة الاسراع بطي صفحة الماضي وتجميع طاقات التونسيين على طريق الغد الافضل». وقال الغنوشي، بحسب ما علمت «البيان»، إن «مشروع العدالة الانتقالية يجب ان يتم بسرعة، حتى تتجاوز البلاد كل العراقيل المتبقية والناتجة عن التحول الثوري وحل الحزب الحاكم سابقاً والخطاب المتشنج الذي واكب مرحلة ما بعد الثورة»، مشيرا الى ان حركة النهضة «لا يمكن ان تكون عنصر جذب الى الخلف، وانما عنصر تقدم الى المستقبل». المصدر : صحيفة البيان الاماراتية -التاريخ : 24 مارس 2012