استنكر رئيس الوزراء الدانماركي، أندرس فو راسموسن، إقدام بعض أعضاء شبيبة حزب "الشعب" اليمني، حليف الائتلاف الحاكم، على رسم صور مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، مشددا على أن ذلك التصرف لا يعبر عن نظرة الشباب الدانماركي للمسلمين والإسلام. واعتبر قيادي مسلم بالدانمارك في تصريحات ل"إسلام أون لاين.نت" أن الصحيفة الدانماركية التي نشرت تلك الرسوم لا تتحمل أي مسئولية؛ كونها ناقلة للحدث، وليست متسببة في الأزمة كما حدث العام الماضي مع صحيفة "يولاندز بوستن". وتناقلت وسائل الإعلام الدانماركية اليوم الأحد قول راسموسن: "أريد أن أنأى بنفسي عن التصرفات التي قام بها بعض أعضاء شبيبة حزب الشعب (حليف الائتلاف الحاكم) في مخيمهم الصيفي". وأضاف: "تصرفهم غير اللائق لا يمثل بأي طريقة نظرة الشعب الدانمركي أو الشباب الدانماركي للمسلمين والإسلام". ووصف راسموسن هذا التصرف بأنه "غير مقبول من جانب مجموعة صغيرة من الشباب". وفي تعليقه على نشر صحيفة "النيوهيد أفيسن" للرسوم المسيئة، قال الإمام أحمد أبو لبن، أشهر أئمة العاصمة كوبنهاجن، عقب اجتماعه برئيس تحرير الصحيفة الأحد: "الصحيفة قامت بعملها وفضحت ما يحدث في مخيمات شبيبة حزب الشعب الدانماركي". وأضاف في تصريحات ل"إسلام أون لاين.نت": "رئيس التحرير أكد لنا أن الصحيفة ليست المتسبب في هذه المشكلة، وهذا يتطابق مع وجهة نظرنا بأن هذه الحادثة رغم حساسيتها تختلف عن الحادثة الأولى التي تولت زمامها من الألف إلى الياء صحيفة يولاندز بوستن"، الصحيفة الدانماركية التي نشرت رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبي الكريم في سبتمبر 2005 رسمت خلال مسابقة نظمتها؛ وهو ما تسبب في احتجاجات إسلامية قتل فيها أكثر من 50 شخصا في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط. وأوضح أبو لبن: "بذلك نكون أنهينا النقطة الأولى (مسئولية الصحيفة)، ويمكننا القول إن الإعلام الدانماركي غير متورط أو مسئول عن أمر من هذا النوع بل يقوم بدوره في نقل الأخبار. وهنا نحن نتعامل مع قضية إخبارية، فالصحيفة نقلت خبرا ولما أظهرنا عتابنا كان ردهم أن هذا الاجتماع لم يكن خاصًّا، ولكنه كان اجتماعا رسميًّا"، في إشارة إلى اجتماع الشباب خلال المسابقة التي نظمها الحزب. وأعرب أبو لبن عن أمله في أن يتخذ سياسيو الدانمارك موقفا إيجابيا من هذه القضية قائلاً: "نأمل أن يعلق التيار السياسي في الدانمارك بوضوح على هذا الموضوع بما يمثل رصيدا جديدا ضد هذا الحزب العنصري (الشعب) الذي أتعب الكثيرين، والذي آن الأوان لوضعه في إطار من الانضباط". أما عن الأمة الإسلامية فوجه لها أبو لبن رسالة بقوله: "نريد أن نكون أكثر عمقاً في التعامل مع هذه القضية. الأمة الإسلامية لا تملك وضع أجهزة مراقبة على أجهزة الإعلام". وشدد على أن صحيفة "النيوهيد أفيسن" هي "ناقلة للخبر وليس سببا للأزمة". كشف المستور "ديفيد ترادس"، رئيس تحرير الصحيفة، أوضح ل"إسلام أون لاين.نت" بعد اجتماعه مع أبو لبن أن "الغرض من نشر الرسوم ومحتوى الفيلم كان لكشف ما يحدث خلف الستار في اجتماعات شبيبة حزب الشعب". وقال: "نعتقد أنه من المهم جدًّا توضيح هذه الثقافة السياسية الموجودة لدى هذا الحزب الذي يعتبر حليف قوي للحكومة. أردنا كشف ما يحدث خلف الستار في اجتماعات ثالث أكبر حزب سياسي بالدانمارك"، يمتلك 24 مقعدا في البرلمان. وشدد ترادس على أن الصحيفة غطت الحدث ولم تصنعه قائلاً: "غطينا فقط حدثا سياسيا، ولم نفتعله أو نصنعه". واستطرد يقول: "نعتقد أن هذا الخبر مسيء جدًّا لحزب الشعب، ونتفهم أيضا أنه سيغضب العديد من المسلمين في الدانمارك والعالم والإسلامي، ولكن من المهم كشف العنصرية الموجودة داخل حزب دانماركي، فهذا الحزب ليس جيدا كما يعتقد البعض، بل هو حزب متطرف حين يبدأ الحديث عن الإسلام". وأشار ترادس إلى أن حزب الشعب "كان يتمنى لو أن هذه الخبر لم ينتشر، وأعتقد أننا سببنا له خسارة كبيرة بكشفنا صورته الحقيقية". وشدد على أن "ما حدث في اجتماع حزب الشعب شيء مقزز، ولكن كان من المهم تغطيته". "تصرف أحمق" حزب "الشعب" المتسبب في الأزمة الجديدة مع المسلمين وصفت رئيسته "بيا كاسيغراد" تغطية الصحيفة لهذا الاجتماع الشبابي بأنه "تصرف أحمق". وفي محاولة لرفع المسئولية عن حزبها قالت بيا: "كان تصرفا أحمق من قبل الصحافة، كان يجب أن يكونوا أكثر نقداً لمصادرهم". وعرض التلفزيون الحكومي الدانماركي الجمعة الماضية مقتطفات من شريط التقطه أحد الهواة يظهر عددا من أعضاء جناح الشبيبة بحزب الشعب في معسكر صيفي وهم يحتسون الخمر ويغنون خلال مشاركتهم في مسابقة لرسم صور مسيئة للنبي الكريم، فيما نشرت يومية "النيوهيد أفيسن" هذه الرسوم السبت 7-10-2006. وأدان زعماء المسلمين في الدانمارك بشدة ما جاء في الشريط المصور من إهانة للنبي الكريم، غير أنهم أكدوا أنهم لن ينجروا إلى اتخاذ إجراء متسرع، مشددين على أن هذه الحادثة "فعل صبياني". وفي سياق ردود الفعل الداخلية أعلنت شبيبة الحزب الليبرالي المشارك بالحكومة وشبيبة حزب المحافظين قطع الاتصالات مع شبيبة حزب الشعب "نتيجة للتصرف غير المسئول" بحسب بيانات لها، بينما التزمت الأحزاب الأخرى الصمت تجاه هذه القضية. والمعلوم أن حكومة الدانمارك تتكون من الحزب الليبرالي وحزب المحافظين، وهي حكومة أقلية تحتاج دائما لأصوات نواب حزب الشعب لتمرير القوانين؛ وهو ما يجعل لهذا الحزب وزنا كبيرا في البرلمان.