مجلس وزاري مضيّق لمتابعة خطة إنجاح موسم زيت الزيتون 2025-2026    شارك فيها مئات الاشخاص.. مسيرة بالعاصمة تضامنا مع أهالي قابس    تونس تؤكد على ضرورة إلزام المحتل بالرأي الاستشاري الأخير لمحكمة العدل الدولية    كرة اليد    فاز بذهبية بطولة الصين .. الجندوبي بطل العالم للتايكواندو لأول مرة في تاريخ تونس    الملعب التونسي اسفي المغربي (2 1) .. «البقلاوة» تودّع ال«كاف»    عاجل: بداية من الإثنين...الصيدية ماعادش تعطيك الدواء بهذه الصيغة    في ملف حجز 370 ألف قرص مخدر و12 كغ كوكايين ...6 متورّطين من بينهم رجل أعمال أجنبي    طقس الليلة    مركز الفنون الدرامية والركحية بتوزر .. أكثر من 20 مسرحية ...وندوة فكرية حول هوية المسرح التونسي    كوثر بن هنيّة مخرجة فيلم «صوت هند رجب» ل «الشروق» .. حين يتحوّل العجز الإنساني إلى قوّة سينمائية    ترامب: قطر حليف عظيم للولايات المتحدة    طلب فاق المعدلات العادية على أدوية الغدة الدرقية    تأجيل محاكمة مهدي بن غربية وأحمد العماري في قضية ذات صبغة إرهابية إلى ديسمبر المقبل    بطولة العالم للكرة الحديدية المقيدة تحت 23 عاما - الثنائي التونسي رائد القروي واسامة البلطي يحرز برونزية مسابقة الزوجي    وزارة المالية: الاقتصاد التونسي أظهر مرونة امام الصعوبات وحقق عدة مؤشرات ايجابية    منوبة: افتتاح مهرجان الشاشية بالبطان إطلالة على التاريخ واحياء للذاكرة الشعبية    منوبة: أنشطة توعوية وترفيهية متنوعة تؤثث فعاليات الدورة الأولى للمهرجان الإقليمي لنوادي الأطفال المتنقلة    اختيار دار الثقافة بالرقاب لانجاز مشروع مختبر الإبداع ضمن برنامج "مغرومين"    الرابطة الأولى: النادي الإفريقي يعزز الصدارة ونجم المتلوي يحقق فوزًا ثمينًا    تونس تجدد التزامها الثابت بحقوق الإنسان    شنوا الجديد في مقترح قانون تشغيل أصحاب الشهائد العليا العاطلين منذ سنوات؟    إيمان الشريف :'' ابني هو من اختار زوجي الحالي و غناية جديدة على قريب ''    تفكيك وفاق إجرامي مختص في ترويج المخدرات وحجز حوالي 350 غرام من الكوكايين    مطار قرطاج : استقبال بيسان وبيلسان أبطال تحدي القراءة في دبي    وزارة النقل تفتح مناظرة خارجية في 17 خطة معروضة بداية من 26ماي 2026    تفاصيل تقشعر لها الأبدان عن جزائرية ارتكبت واحدة من أبشع جرائم فرنسا    مدنين: افتتاح فعاليات ملتقى المناطيد والطائرات الشراعية بجزيرة جربة بلوحة استعراضية زينت سماء الجزيرة    اطلاق المبادرة الوطنية التشاركية للوقاية من السلوكيّات المحفوفة بالمخاطر الاثنين 27 اكتوبر الجاري    عاجل/السجن لهاذين المسؤولين السابقين..    وزير الشباب والرياضة يجتمع بأعضاء الإدارة الوطنية للتحكيم    عاجل: مباراة النجم الساحلي و نيروبي يونايتد غير منقولة تلفزيا    ترامب يلتقي أمير قطر على متن طائرته الرئاسية بطريقه لماليزيا    رئاسة الحكومة تقرّر تعليق نشاط الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات لمدة شهر    الاقتصاد التونسي أظهر مرونة امام الصعوبات وحقق عدة مؤشرات ايجابية    وزارة الصحة: تقنية جديدة لتسريع تشخيص الأمراض الجرثوميّة    عاجل: موسم فلاحي قياسي في تونس...خبير يكشف    وفاة ملكة تايلاند الأم سيريكيت عن 93 عاما    أزمة جمركية جديدة مع ترامب.. شوف شنوة صاير؟    شاب صيني يبيع كليته لشراء آيفون وآيباد... الثمن؟ حياته    عاجل: وزارة التربية تعيد فتح المناظرة الخارجية لسنة 2024 لتوظيف أعوان..الرابط والآجال    رضا الكشتبان يحاضر حول "تاريخية العلاقات التّونسيّة الإسبانيّة"    سليانة: افتتاح موسم جني الزيتون    الفحص الدوري للسيارة: كيفاش تحمي روحك وكرهبتك قبل ما تصير مصيبة!    دراسة تكشف: اللي فرحان يعيش بصحة أحسن    تناول ماء الحلبة يوميًّا لمدة أسبوعين.. فوائد ماكش باش تتوقعها    "اليونيسف" تحذر من ضياع جيل كامل مع انهيار قطاع التعليم في قطاع غزة..    زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    بشرى سارة..العالم على مشارف "دواء سحري".. يعالج الصلع في 3 أسابيع    رزنامة جديدة للامتحانات؟....رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ يوّضح    الإفراج عن السائق وعون الصيانة بعد حادث سقوط التلميذ!    اليوم 14:30: تفرجوا في الماتشوات الكل على القنوات الرسمية    رسميا/ أودي "A6 سبورت باك إي ترون" في تونس: أيقونة السيدان الكهربائية.. فخامة واداء..مميزاتها وسعرها..    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة ..حذار من موت الفَجأة    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهاية الجبّارين
نشر في الوسط التونسية يوم 20 - 03 - 2013

تغلّقت أمامه السّبل، وضاقت به السّماء والأرض بما وسعت... وفرّ ... فرّ هاربا لا يلوي على شيء غير النّجاة بروحه المغموسة في الدّماء والمترعة بالمظالم.... نسي أنّ العدل أساس العمران، قرأ "ميكيافيلي"، ونسي أن يقرأ سورة البقرة حتّى يعلم سيرة الجبّارين ونهاية الظّالمين، فانقلب وبطانته منقلبا لم يدر أصله وفصله وبدأه ومنتهاه.
في معرض العبدليّة بذخ فاحش، سيّارات فارهة، وملابس من آخر طراز، وأدوات زينة عالية الجودة، وأحذية تُقدّر بآلاف الدّنانير، ومجوهرات فوق الوصف، وبُسُط أنيقة، ودرر فريدة تكاد تكون بلا مثيل، وتماثيل من ذهب، وفروش مزخرفة، ولوحات فنّية، وأثاث منزليّ لا تراه إلاّ في الأفلام وعند عُتاة المترفين... كان الرّئيس الهارب وزوجته وتبّعهم في نعيم، وكان معظم النّاس عيّاشين في الضّنك، ويعانون شظف الحياة، وشدّة الفقر وألم البطالة...
كان العامّة في جحيم، وكان الخاصّة يتربّعون على كلّ شيء، ويستأثرون بكلّ شيء، جمعوا ومنعوا، شربوا حتّى ثملوا، وأكلوا حتّى تخموا، وأرسلوا أيديهم في الحجر والبشر، كانوا يستمدّون سعادتهم من بؤس الآخرين، ويشيّدون قصورهم من تعب المعدمين، ويستعذبون أيّامهم من عذاب المظلومين، يستلذّون سرقة المال العامّ، ونهب البطون الخاوية والجيوب الملآنة... كانوا ينامون في ريش النّعام، ولا يبالون ببرد قارس يلفع جسد طفل طريّ يسكن كوخا في أقصى المدينة أوفي جوف الرّيف... كانوا يأكلون الخرفان الطّازجة، ولا يأبهون إلى مئات المشرّدين والعاطلين والمعدمين الذين أخذ الجوع منهم مأخذه... كانوا يعيثون في الأرض فسادا، ويطمسون آثار الجريمة ومعالم المظلمة... مظلمة في حقّ شعب سلّطوا عليه سوط العذاب على مدى عقود، وتكلّموا بدلا عنه، ومارسوا عليه الوصاية، وصادروا ذاكرته وصوته وهويّته... وما علموا أنّ "تحت الرّماد اللّهيب... ومن يزرع الشّوك يجني الجراح ...".
ظنّوا أنّهم مخلَّدون في الدّنيا، وأنّهم أمسكوا أبواب العرش، وأسباب القوّة جميعا، وما علموا أنّ التّاريخ دوّار وأنّ الزّمان قُلَبٌ، وأنّ أحفاد حنّبعل وخلف عقبة وأبناء حشّاد قوم سكنتهم الإرادة، وصنعوا التّاريخ على مدى قرون... ولا سبيل إلى استمرار حال الهوان إلى ما لا نهاية ... انتفض النّاس وجاؤوا من كلّ فجّ عميق، شيبا وشبابا، رجالا ونساء، من كلّ حدب وصوب، وخرجوا على الطّاغية وأعوانه... وقتها لم تنفعه القناطير المقنطرة من الذّهب والفضّة، ولم يجد متّسعا من الوقت ليحمل معه قوارير عطره الباريسيّة وبدلاته الأنيقة وهداياه الفاخرة وأمواله الطّائلة...
كان صوت الشّعب هدّارا، وزحف المظلومين لا يرحم،دقّت ساعة الحقيقة، وارتعدت فرائص المستبدّ، وانفرط عقد سلطانه، وانفضّ من حوله حرّاس وأتباع ومدّاح ومناشدون... وجد نفسه في مواجهة المقهورين وفي مواجهة مصير مظلم رسمه لنفسه على مدى عقود .... جوّب في كلّ مكان وما من سبيل للخلاص، وخاطب وأنذر وتوعّد، وأرعد، وأزبد، وتردّد وتلعثم، وتوسّل ولم ينفع... وحرّك أبواق إعلامه في الدّاخل والخارج ولم ينفع... صيحات المظلومين لا تسكت وأنّات المعذّبين لا تخمد، وصرخات المحبوسين لا تهدأ، ودعاء الثّكالى لا يُردّ ...
تغلّقت أمامه السّبل، وضاقت به السّماء والأرض بما وسعت... وفرّ ... فرّ هاربا لا يلوي على شيء غير النّجاة بروحه المغموسة في الدّماء والمترعة بالمظالم.... نسي أنّ العدل أساس العمران، قرأ "ميكيافيلي"، ونسي أن يقرأ سورة البقرة حتّى يعلم سيرة الجبّارين ونهاية الظّالمين، فانقلب وبطانته منقلبا لم يدر أصله وفصله وبدأه ومنتهاه.
-الوسط التونسية بتاريخ 20 مارس 2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.