غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف مواقع مختلفة في سوريا    علماء يحذرون.. وحش أعماق المحيط الهادئ يهدد بالانفجار    تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    دعما للتلاميذ.. وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية    ترامب يبحث ترحيل المهاجرين إلى ليبيا ورواندا    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 3 معارض ومحاضرات وحفلات فنية بحديقة «ميستي» الاثرية    عاجل: ألمانيا: إصابة 8 أشخاص في حادث دهس    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    النّفطي يؤكّد حرص تونس على تعزيز دور اتحاد اذاعات الدول العربية في الفضاء الاعلامي العربي    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    كلية الطب بسوسة: تخرّج أول دفعة من طلبة الطب باللغة الإنجليزية    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آفاق الوضع السياسي في تونس : مقاربة للفهم

منذ أشهر والأنباء المترددة في كواليس الطبقة السياسية في تونس وفي وسائل الإعلام الخارجية تتحدت عن عديد المرشحين المحتملين لخلافة الرجل المريض على رأس السلطة في بلدي تونس بما يعكس أن حرب الخلافة على المنصب الأول في بلدي شهد صراعا مريرا خفيا بين أجنحة السلطة حيث تتشابك المصالح و العصبيات وتتداخل مع الأجندة الدولية لتغليب مرشح على آخر تتوفر فيه الشروط التي تخدم هذا الطرف أو ذاك من المتصارعين.
والظاهر أن أوج هذه الحرب يوشك على بلوغ نهايته هذه الأيام من خلال بعض التقارير المنشورة على صفحات تونس نيوز والوسط التونسية أو مما رشح من أحاديت منسوبة إلى الطبقة السياسية التونسية؛ حيث أن الحديث يدور حول مرشح أصبح يتوفر على أكثر الحظوظ للفوز بمنصب الخلافة و هو السيد كمال مرجان مما يعطي انطباعا أوليا بأن السلطة في بلدي على وشك أن تحزم أمرها( و لربما حزمت أمرها) بالنسبة لهذا الأ مر وتتوحد حول خليفة أوحد بضغط من الغرب؛ أساسا الأمريكان؛ الذين رأوا فيه الرجل الأقدر بل والأنسب لقيادة البلد في حال موت الرئيس أو عجزه عن الإستمرارفي تولي أمور البلاد, فهو الأقدر في نظرهم باعتباره المتخصص في القانون و العلاقات الدولية ذ و التجربة الطويلة في صلب المفوضية العليا للاجئين بالأمم المتحدة ومقرها في جينيف و قد طالت هذه الخبرة الجانب الإداري و الميداني إذ مثل المفوضية في كل من مصر و جيبوتي فضلا عن دراية بملف النزاعات القانونية الدولية في صلب المنظمة العالمية للتجارة إضافة إلى ترؤسه للجنة الشؤون الإدارية و المالية بنفس الجهازالمهتم بهذه النزاعات.
خبرات و تجارب متعددة يختلط فيها الحقوقي بالسياسي والإداري بالقانوني و المالي بالاقتصادي و الدولي بالإقليمي. خبرة على مايبدو بخفايا السياسة الدولية و توازن المصالح وتشابكها و كيفية مواجهتها والقدرة على المساهمة في إيجاد الحلول بين الفرقاء و قد توج الرجل عمله الدؤوب في إحدى أهم مؤسسات المنتظم ألأممي بنجاحه في آخر مهمة له بجمهورية الكونقو الديمقراطية بما أهله لأن يصبح الممثل الثاني للسيد كوفي عنان لدى المفوضية العليا للاجئين. و تجدر الإشارة كذلك إلى أنه دعي ليتولى منصب سفير تونس في الأمم المتحدة سنة 1996.
هذا ما رشح في ذهني وما استطعت إلى حد الآن تجميعه انطلاقا من الأنباء الشحيحة المتداولة حول الرجل برغم أهميتها( أنظرما نشر في تونس نيوز والوسط التونسية حول الموضوع).
قلت آنفا هو الأنسب من وجهة نظر الأمريكان وبعض الأطراف داخل السلطة للاعتبارات التالية:
أولا:هو ابن الحزب الحاكم رغم عدم توفرمعلومات لدي تفيد بأن الرجل كان عضوا نشيطا في صلبه.
ثانيا:صلة الدم و النسب و العصبية بين الرجلين بن علي و مرجان فكلاهما من حمام سوسة وهو زوج إحدى بنات أخته مما بوأ الرجل للحصول على ثقة تكاد تكون مطلقة من قبل رئيس الدولة الذي كلفه بمنصب وزير الدفاع سنة 2005.
ثالثا لم يعرف عن الرجل تورطه المباشر( لبعده عن ساحة الفعل السياسي المباشرداخل البلاد) فيما تورطت فيه أطراف في السلطة بحق مواطني البلد و البلاد.
و بمعزل عما قيل من احتمال لدور قد يلعبه الجيش الذي هو رئيسه كما جرت العادة في الأوقات العصيبة و الحساسة لفرض الأمن و ترتيب الأمور يدورالحديث حاليا كخطوة منطقية تلي الخطوة الاولى(إستدعاؤه لتولي منصب وزارة الدفاع) حول احتمال تحوير الدستور لإحداث منصب نائب رئيس للجمهورية و طلب المصادقة عليه في البرلمان.
هذه الخطوات إن حصلت ستذكرنا حتما بما حدث في تونس عندما تأكد للغرب بدايات عجز الرئيس بورقيبة قبل الإنقلاب بفترة والذي جاء ببن علي نفسه كما يذكرنا بمراحل تقلب هذا الأخير وبتعاقب سريع في المناصب الأمنية بدءا باستدعائه لشغل خطة مدير أمن حتى بلوغه الوزارة الأولى واستفادته مما يخوله الدستور للوزير الأول من صلاحية المسك بزمام الأمور في حالة شغور أو عجز الرئيس وإعداد لانتخابات برلمانية و رآسية لملئ هذا الشغورأو تعويض الرئيس العاجز.
نفس السيناريو قد يعاد هذه المرة وإن بتفاصيل أخرى و أشخاص آخرين تجعل المتابع لتطور الأوضاع في بلدي لا تغيب عنه بصمات التدخل الأجنبي فاستقدام الرجل من جينيف ومنحه منصب وزارة الدفاع كل ذلك قد يكون بداية لخطة لا تترك شيئا للمفاجآت و لا للخروقات القانونية و الدستورية إذا هي تبعها إستحداث منصب نائب رئيس و تعديل الدستور ثم مطالبة البرلمان فيما بعد بالمصادقة مما يقطع الطريق عن أي سلطة أخرى يمكن أن ترث السلطة الحالية ولو كانت الوزارة الأولى!
إذا تم السيناريو بهذا الشكل فإنه يكشف عن خبرة إكتسبتها السلطة في تونس و مراسا متميزا على أساليب إنقاذ نفسها بنفسها بدعم خارجي إذ كلما رصد محرار المصالح الغربية حالة من الإهتراء لدى النظام التونسي إلا و تخلى عن موقف المتفرج والمراقب لما يحدث و تدخل سرا ليحمي مصالحه و مصالح الدائرين في فلكه.
دورة تاريخية أخرى من دورات الإنقاذ ربما هي تطبخ ألآن على نار هادئة بإمضاء الأجنبي الذي يرقب عن كثب ما يحدث في بلدي ليكون له قصب السبق في استباق الأمور من أجل الحيلولة دون حدوث المفاجآت التي تضع مصالح المتنفذين في الداخل و الخارج في خطرحقيقي..
فقد أريد لتونس دوما أن تكون مخبر تجارب الغرب في المنطقة أو محرارا لمدىقدرته على التغلغل الثقافي و السياسي في إفريقيا باعتبارتونس( كما أريد لها أن تكون) النموذج الصارخ لمحاولات هذا التغلغل فضلا عما هو مطلوب منها أن تقوم به من أدوارتخدم أجندة الغرب و استراتيجياته في المنطقة بوفاء نادرإن على حساب شرائح من المجتمع(خذ مثال الإنخراط في مقاومة ما يسمى بالإرهاب؛ أو دورها في إقناع الرئيس القذافي في التخلي عن تجاربه في مجال التسلح و البدء في علاقات جديدة مع الأمريكان...).
و تبعا لهذه الإستراتيجيا في التعامل مع تونس يمكننا أن نفهم تواصل التعامل الاقتصادي و ضخ القروض لنظام بلدي بما يجعل اللبيب يحتار من موقف الدول الأوروبية التي دأبت على الادعاء بريادة العالم في مجال حقوق الإنسان و التي لا أراها تفعل شيئا كلما تعلق الأمر بدوس هذه الحقوق ببلدي بل بالعكس تستمر في القيام بعمليات الإنعاش و إعادة بث الروح بانتظام في جسد السلطة الذي كلما ظننا ان أجلها اقترب إلا وخابت الظنون وسقطت الآمال في انفراج حقيقي!
و الغرب ببراجمايته التي هي من صلب منظومته الفكرية يعطي لكل حالة لبوسها و لكل مرحلة ما يناسبه و يخدمه مقياسه الأوحد : المصلحة و لا شيء غير المصلحة..
فما دام هناك رمق في السلطة قابل للإحياء و إطالة الأمد فلن تتوانى عن تفعيله عبر قروض و استثمارات متهاطلة و زيارات متبادلة وصفقات تزيد من إطمئنان السلطة فيما هي ماضية فيه من إنتهاكات للحقوق الأساسية لمواطنيها و للأعراف الدولية حتى إذا تأكد للغرب أن السلطة لن يجدي معها عمليات الإحياء هذه عبر ما يلوح للعيان من كون الجسد الذي طالما أنعشته أوشك أن يصبح هامدا جيء بجسد جديد من رحم الجسد الميت عسى أن يكون شبيها بالجسد الأول مع اختلاف قليل في الصورة يعود سببه فيزيولوجيا إلى نصيب الأم و التي في حالتنا هذه ( الغرب) و شروطه التي تتلخص في مطالبة السلطة الجديدة بإنفتاح حذر و محسوب بدقة على المعارضة و إنجاز بعض الإصلاحات هنا و هناك لإضفاء نوع من الشرعية من ناحية و ضمان تواصل الدور القديم الجديد في رعاية مصالح الغرب و خدمة ألأجندة السياسية و الثقافية في المنطقة وهو ما حدث تقريبا مع بن علي عندما جيء به على راس السلطة لخلافة بورقيبة!..
فرموز السلطة في بلدي و نظامها يبقيا دوما باكورة زواج متعة مع الغرب ليثمر كل مرة أبناء جددا من بورقيبة إلى بن علي إلى من سيخلفه .
و تكون النتيجة دائما هي التغييب الممنهج لللشعب الذي عليه أن يكتفي بالدور الذي رسم له وهو دور البقرة الحلوب التي تعطي و لا تكاد تأخذ شيئا يذكر وإذا تمردت كان مصيرها المشرحة!!
هو ذا التاريخ يوشك أن يعيد نفسه في بلدي ويستمر أهل بلدي في دفع ثمن لعبة الكبارمن دمهم و دموعهم و عرقهم.
وإلا فبماذا تريدونني أن أفهم أن كل تغيير محتمل يسبقه تعفن أو تعفين للوضع ممنهج و هستيريا متصاعدة اكتوينا بنارها؟... ومازال الباقون من الأحرار في بلدي يكتوون بنارها و يعايشون أهوالها و لم ينج من وبالها حتى الذين زج بهم النظام في أتونها من رجال الأمن في بلدي.
لا أريد من خلال كلامي هذا أن أرجم من سيخلف بن علي بالغيب و لكنها التجارب المرة التي عايشتها ما يقرب من ثلاثين سنة منذ بدأت أعي كيف تدار السياسة في بلدي
و هكذا فقد يكون ما راج أخيرا بخصوص الخلافة المحتملة خير مخرج لوضع صعب يهدد المصالح الخارجية و استقرار البلاد مما يتطلب معه إستباق الإنفجار و نزع الفتيل بما يمكن السلطة من الحياة و إن بروح أخرى وبما يحفظ مصالح أطراف عديدة في الداخل و الخارج.
فالحاجة للإنقاذ أضحت ملحة بالنسبة للغرب نظرا للتحديات الإقتصادية الكبرى التي تنتظر البلاد خصوصا في الخمسية القادمة و التي قد تؤدي باستقرارها إلى الهاوية إذا تواصل الوضع الإجتماعي و السياسي على ماهو عليه و هو ما توصلت اليه اخر تقارير معاهد الدراسات الإستراتيجية في الغرب و محللوها فضلا عما لمسته و لمسه غيري من متابعي الشأن التونسي.(راجع للغرض على سبيل المثال مقال للصحفي كمال بن يونس عن التحديات الإقتصادية المقبلة(تونس نيوز نوفمبر)2006
و لن تتم عملية الإنقاذ في نظر الغرب إلا برجال بقوا بعيدين عن الفعل السياسي المباشر داخل السلطة و هذا قد يؤهلهم من منظورها لكسب المصداقية لدى الشعب التونسي مما سيضفي مزيدا من الشرعية و يفتح أبواب التمكين و البقاء . من هنا قد تصبح لهذه الشائعات معنى و قد تتحول إلى حقيقة و كم من شائعات تحولت إلى حقائق!!!
فالسلطة الحالية في تونس ليست قادرة على التصدي للملفات الشائكة والمتراكمة والتي لم تعد خافية على الجميع و ان تظاهرت بذلك للأسباب التالية:
أولا طبيعتها الكليانية الشمولية و ضيق أفق رؤية منظري الحزب الحاكم للأمور .
ثانيا: تورطها إلى حد النخاع كما يقال في حق مختلف شرائح المجتمع أفرادا و جماعات و في حق البلاد و سمعتها بما خلق حالة من العجز عن الإقدام على أي مبادرة قد تكون بمثابة المغامرة التي ستفتح عليها أبواب جهنم و براكين الأرض كلها و هي التي لا طاقة لها بتحمل مقال يكتب هنا أو هناك في و سائل الإعلام لينقدها أو حتى ليقترح عليها إصلاحات!
من هنا نفهم تلك المبادرات التي ولدت ميتة كمثل فكرة الإتصال بالمعارضة للاستماع إلى مقترحاتها مما يجعل السلطة تراوح مكانها و لا تتقدم خطوة وآخر هذه الأفكار ما ورد في خطاب رأس السلطة الأخير الذي طلب فيه من المعارضة بعد أن حدد كالعادة مفهومه( المتخشب و الأبدي) للمعارضة مده بمقترحاتها من باب الإستئناس!!!(هكذا)(أنظر نص الخطاب كاملا على الوسط التونسية).
قلت إذا بأن التغيير أصبح ملحا في نظر الدوائر الغربية مع إستمرار النظام في تقليد سلوك النعامة التي كلما أحست بالخطر غرست رأسها في التراب!!!
كنت قد قلت بأن بعض الشائعات قد تتحول إلى حقائق! إلا أن دخول السيد عبد العزيز بن ضياء المستشار و الناطق الرسمي لدى الرآسة على الخط ليعلن قبل ثلاث سنوات من إنتهاء المدة الحالية للرئيس الحالي عن رغبة بن علي في الترشح لإنتخابات الرآسة المزمع إنجازها سنة ....2009.و معاضدة الغرفة الثانية لمجلس الشعب له(على شاكلة المثل التونسي القائل الطير يغني و جناحو يرد عليه) يوحي بما يلي:
أولا: و حسب رأي السيد المستيري الإعلامي المعروف في مقال له بالقسم الفرنسي بجريدة تونس نيوز 14 نوفمبر أن الهدف من تصريح كهذا قد يكون بغرض أستبعاد حقيقة ما تردد من أن حالة الرئيس الصحية تنذر بالخطر وتكذيب ذلك ( ورغبة سيادته هذه في الترشح هي الدليل الذي لا يختلف فيه إثنان و لا يتناطح فيه عنزان على أنه بصحة وعافية تمكنه من تحمل أعباء الحكم حتى سنة 2009ولم لا حتى سنة 2050!!!) ما وضعته بين قوسين تتمة مني
ثانيا: و حسب رأيي الإيحاء بأن السلطة بخير و عافية كسيدها و هي قادرة على مواصلة الإنجازات الرائدة بشهادات معاهد دولية خالصة الأجر في مجال الديمقراطية و حقوق الإنسان ومجال المعجزات الإقتصادية!!!
ثالثا: قد يكون تصريحه هذا يندرج ضمن عودة صراع الأجنحة و التي أخبرت تقارير صادرة من داخل البلاد عن عدم رضاها بالمقترحات الأمريكية لإحداث خطة نائب رئيس و إقتراح السيد كمال مرجان لتوليها خاصة وأن هناك حديث عن مخاوف الطرابلسية من هذا المنافس المحتمل الذي لا يملكون عليه سلطة لكونه بحكم بعده عن الفعل السياسي غير مورط فيما هم فيه متورطون فيه.
ومن هنا أفهم مصلحة بن ضياء نيابة عن الطرابلسية في التعجيل قبل ثلاث سنوات بإعلان ترشح سيادته(هكذا و إلا بلاش الحنكة واستباق الأمور في السياسة التونسية يا بن ضياء)( صربعة نادرة على حد تعبير إخواننا المصريين)*
و بالمناسبة و بعيدا عن رؤيتي للأ حداث التي قد لا يوافقني فيها البعض لا أخفي على القارئ الكريم إستغرابي مما أقرأ أحيانا لمن لهم باع في فهم الشأن التونسي و تحليله عندما يعبر البعض منهم عن خيبة أمله في السلطة وهو يراها تمعن في سياسة الإنتهاكات و الإقصاء و الإنغلاق إثر كل خطاب و إثر كل مناسبة وبالخصوص إذا أطلقت بعضا من المساجين السياسيين و يزداد شعوري بالخيبة عندما ينقل البعض من هؤلاء الإعلاميين عن بعض ما يسمونهم بالمراقبين والمعارضين في الداخل تفاؤلهم بالخطاب الرآسي الأخير مما يعطي إنطباعا بأن السلطة في بلدي على و شك الإقدام على اصلاحات وقد بينت التجربة المرة أنه كلما تمخض الجبل في تونس إلا وولد فأرة فليتقوا الله في مشاعر القارئ و عقله!!
و رغم كوني لست ضد التفاؤل من حيث المبدأ إلا أنني ألوم على هذه الفئة من الإعلاميين التونسيين تسويق صيغ من مثل هل تنقشع الغيوم عن سماء تونس (بقطع النظر عن محتوى المقال إجمالا) فضلا عن انتقائية في إختيار العناصر ذات التصريحات المتفائلة من بعض رموز المعارضة ,وإني لا أنكر فهمي لمثل هذا التمشي المهني في العمل الإعلامي كما لا أتجاهل الخلفية النفسية لهكذا تصريحات بمعزل عن الدافع السياسي و أحيانا الأمني!
فهي تندرج ضمن ميكانيزمات الدفاع الذاتي التي يلجأ إليها الفرد لحماية توازنه النفسي جراء واقع مر لاشيء يلوح في الأفق لتغييره أو جراء حالة ملل و يأس تروم الإنفلات من هذا الواقع لتحلم بواقع أفضل و تمني النفس به!
وفي الختام مهما كان فهمي و تحليلي للأوضاع المعقدة في بلدي يبقى السؤال القائم هل أن الرياح ستجري بما تشتهي سفن دوائر مخابرات الغرب ومن يدور في فلكها أم أنها ستجري بما تشتهيه سفينة المعارضة التونسية على اعتبار أنها المعبر الحقيقي عن هموم التوانسة و تطلعاتهم؟؟؟
نسأل الله العافية و له عاقبة الأمور
والسلام عليكم
نهضوي
سجين سياسي سابق
لاجئ حاليا بسيويسرا
[email protected]
* يقول أخوتنا من المصريين إذا لمحوا شخصا مستعجلا و مضطربا وبوجهه صفرة ( مالك كده متصربع؟ و منه إشتقاقي لكلمة صربعة و ليعذرني الشيخ محمد الهادي الزمزمي حفظه الله فيما تعمدته في حق لغة الضاد)
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.