دولة أوروبية تتهم روسيا بشن هجمات إلكترونية خطيرة    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    لجان البرلمان مستعدة للإصغاء الى منظمة "كوناكت" والاستنارة بآرائها (بودربالة)    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه    توننداكس يرتفع بنسبة 0،21 بالمائة في إقفال الجمعة    اليوم العالمي لحرية الصحافة /اليونسكو: تعرض 70 بالمائة من الصحفيين البيئيين للاعتداءات خلال عملهم    كفّر الدولة : محاكمة شاب تواصل مع عدة حسابات لعناصر ارهابية    كأس تونس لكرة القدم- الدور ثمن النهائي- : قوافل قفصة - الملعب التونسي- تصريحات المدربين حمادي الدو و اسكندر القصري    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة(السوبر بلاي اوف - الجولة3) : اعادة مباراة الترجي الرياضي والنجم الساحلي غدا السبت    الرابطة 1- تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    تفكيك شبكة مختصة في ترويج المخدرات بجندوبة ..وحجز 41 صفيحة من مخدر "الزطلة"    اخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من المهاجرين الافارقة    سليم عبيدة ملحن وعازف جاز تونسي يتحدث بلغة الموسيقى عن مشاعره وعن تفاعله مع قضايا عصره    مركز النجمة الزهراء يطلق تظاهرة موسيقية جديدة بعنوان "رحلة المقام"    قابس : انطلاق نشاط قاعة السينما المتجولة "سينما تدور"    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها (رئيس دائرة الإنتاج الحيواني)    بوريل..امريكا فقدت مكانتها المهيمنة في العالم وأوروبا مهددة بالانقراض    86 مشرعا ديمقراطيا يؤكدون لبايدن انتهاك إسرائيل للقانون الأميركي    قرعة كأس تونس لكرة القدم (الدور ثمن النهائي)    فتحي الحنشي: "الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية أصبحت أساسية لتونس"    إفتتاح مشروع سينما تدور    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    تصنيف يويفا.. ريال مدريد ثالثا وبرشلونة خارج ال 10 الأوائل    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    منير بن رجيبة يترأس الوفد المشارك في اجتماع وزراء خارجية دول شمال أوروبا -إفريقيا    بداية من الغد.. وزير الخارجية يشارك في أشغال الدورة 15 للقمة الإسلامية    القصرين: تمتد على 2000 متر مربع: اكتشاف أول بؤرة ل«الحشرة القرمزية»    بطاقتا إيداع بالسجن في حقّ فنان‬ من أجل العنف والسرقة    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    الاحتجاجات تمتد إلى جامعات جديدة حول العالم    المحمدية.. القبض على شخص محكوم ب 14 سنة سجنا    تالة: مهرجان الحصان البربري وأيام الاستثمار والتنمية    حالة الطقس هذه الليلة    مجلس وزاري مضيق: رئيس الحكومة يؤكد على مزيد تشجيع الإستثمار في كل المجالات    عاجل/ قضية "اللوبيينغ" المرفوعة ضد النهضة: آخر المستجدات..    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    توطين مهاجرين غير نظاميين من افريقيا جنوب الصحراء في باجة: المكلف بتسيير الولاية يوضّح    ألكاراز ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة بسبب الإصابة    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    كرة اليد: بن صالح لن يكون مع المنتخب والبوغانمي لن يعود    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديماغوجيا الخطاب السياسي في تونس وميكانزمات الدفاع الذاتي المرضي

نقلت وكالة الانباء رويترز عن وكالة تونس للانباء الخبر التالي:
أكد الرئيس التونسي زين العبدين بن علي على أن تونس حريصة على تكريس الاحتشام والحياء ردا على منتقدين اتهموا حكومته بشن حملة على النساء المحجبات في الجامعات ونقلت وكالة تونس للأنباء عن بن علي قوله لدى استقباله وزير الشؤون الدينية: أن تونس المتمسكة على الدوام بإسلامها الحنيف حريصة على تكريس قيمة الاحتشام وفضيلة الحياء وهي تعتبر تقاليدها في الملبس في المدن والأرياف كفيلة بتحقيق ذلك و أكد الرئيس التونسي أنه من الضروري تفاديا لكل تذمر التفريق بين الزى الطائفي الدخيل و اللباس التونسي الأصيل عنوان الهوية دون أن يعطي تفاصيل اضافية
وارتفعت في الآونة الأخيرة أصوات منظمات حقوقية تونسية و معارضين نددوا بمنع الحكومة طالبات تونسيات من متابعة الدروس إلا بعد خلع الحجاب انتهى الخبر
الخبر بما هو منقول عن رأس السلطة في تونس يمثل وجهة نظرنظام الحكم في تونس من موضوع الحجاب وهي وجهة نظر قابلة لان تجادل ويرد عليها بهدوء كأي وجهة نظر أخرى لولا الملابسات السياسية التي تنزلت فيها والتي لم تعد خافية على الجميع بفضل وسائل الإعلام المتنوعة و المنتشرة في كل مكان من العالم.
هذه الملابسات هي التي دفعتني و للمرة الرابعة إلى المساهمة المتواضعة عبر وسائل الإعلام الالكترونية في محاولة فهم وجهة النظر هذه على ضوء مايحدث في بلدي تونس بقطع النظر عن الجدل الدائر حاليا حول قضية الحجاب والذي اتخذ أشكالا متعددة امتزج فيها الفقهي و الفكري بالسياسي. مما يجعل مساهمتي تعبر عن نفسها من زاوية مختلفة بعض الشيء من حيث امتزاج النفسي بالسياسي هذه المرة في فهم خطاب السلطة وهي تدلي بما تدلي به من حين لآخر كلما اضطرها ظرف سياسي لذلك..
إذا عدنا إلى كلام راس الدولة المندرج في سياق الحملة المستعرة و المسعورة على الحجاب و أهله من حيث الشكل الإنشائي فان ما نقل عنه لا يفتقر إلى الوضوح و منهجية التسلسل من حيث تدرج الذين صاغوا عنه الخبر و نقلوه من الحديث عن تمسك تونس بإسلامها الحنيف إلى الحديث عن قيمة الاحتشام و فضيلة الحياء التي تحرص تونس أو بصفة أدق النظام على تكريسها كجزء من الإسلام إلى تقديم نموذج واقعي عبر التقاليد التونسية تحديدا في الملبس في المدن والأرياف وقد تفضل مستشار الرئيس السيد عبد العزيز بن ضياء في حديث أمام عدد كبير من إطارات التجمع ووجوه من المجتمع المدني كما ورد في نشرية تونس نيوز نقلا عن جريدة الشروق التونسية توضيح المقصود من تقاليد الملبس في المدن والأرياف وهي:( السفساري و التقريطة و البخنوق و الملية)
وبهذا تتضح صورة الموقف أكثر بحيث أن التمسك بالتقاليد في الملبس هو النموذج المقترح و الأوحد كما يستفاد من كلام سيادته لتجسيد مفهوم الحياء بقوله (كفيلة بتحقيق ذلك ويعني تقاليد الملبس في المدن والأرياف)
إن كلام سيادته وبالصيغة الواردة لا يمكن أن يبقى المرء معه غير مبال أو يكتفي بالمرور عليه مرور الكرام كما يقال. لذلك أسوق بعض الملاحظات التي قد تساعد على وضع هذا الموقف القديم الجديد ضمن السياق الذهني و النفسي و النظري و السلوكي لسلطة السابع مما يساعدنا على فهم الخلفيات والأهداف لمثل هكذا موقف
من المتعارف عليه بالضرورة و بداهة.أن مفهوم الحياء أكبر بالعودة إلى الإسلام الحنيف نفسه من أن يختزل في اللباس فقط فضلا عن حصره في السفساري و البخنوق و التقريطة و الملية
وان كان هذا النموذج في اللباس يمت بصلة إلى تقاليدنا فالسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو الآتي هل أن ادعاء الحفاظ على التقاليد ذريعة كافية لاعتبار اللباس التقليدي التونسي النموذج الأوحد للتعبير عن قيمة الحياء وبالتالي فان ما دونه و أقصد به الحجاب مرفوض بل ويعرض من اختاره إلى الاضطهاد بمختلف الأشكال وهو ما يحدث في بلدي على مرأى و مسمع من الجميع .
و إن صح ما زعم رموز التجمع من أن الدين الإسلامي ليس فيه ما يحدد لباسا معينا للتعبير عن قيمة الحياء فلماذا إذا تتمسك هاته الرموز بنوع معين من لباس الحشمة بدعوى صلته بالتقاليد و ترفض أنواعا أخرى بدعوى إنها دخيلة وطائفية على حد قول الرئيس في حين انه أعلم الناس بأن الحجاب الذي ارتدته زوجته المصون السيدة ليلى بن علي أمام شاشات التلفزيون استعدادا لأداء مناسك العمرة أو الحج لا أذكر يعبر بدوره عن قيمة الحياء المفروضة على المسلمات لأداء فريضة الحج
إن هاتين الملاحظتين تجعلانني اشكك أصلا في جدية تبني السلطة لقيمة الحياء في بلدي تونس فضلا عن الحرص على تكريس قيمها ه
ا
واني لأسأل سؤالا آخر هل من مظاهر تكريس الحياء سماحكم يا سيادة الرئيس بهتك ستر العفيفات المحجبات من بنات بلدك و تعريتهن و خدش حيائهن وانتهاك حرماتهن الجسدية بالضرب و التعنيف و شتى صنوف العنف اللفضي كالكلام البذيء و التهديد و سب الجلالة لكسر إرادتهن الحرة في الاختيار ا كل ذلك يتم بالاستقواء عليهن بجلاوزة مرتزقة لا يرقبون في مؤمن ولا في مؤمنة إلا و لا ذمة بل وصل الأمر إلى حد منعهن من الحق في مزاولة دراستهن . .
وبذلك تكتمل صورة الغول المستمتع بساديته والذي أتى على الأخضر و اليابس في بلدي المبتلى و لم يكد ينجو من سيادته عفوا من ساديته أحد يروم أن يستقل برأيه ويدافع عنه*
إن المنطق المعتمد من راس السلطة و رموزها على المستوى النظري( و لا أتحدث الآن على المستوى العضلي العنفي المسلط على المواطنين كبديل لفشل السلطة في إقناع الناس بسبب سطحية حججها و لا واقعيتها و ضيق أفق أصحابها الفكري) لإقصاء خيار التونسيات للحجاب واعتباره لباسا دخيلا على تقاليدنا فهل أن لباس الدجين و الديكولتي التي تسمحون للمواطنات التونسيات بارتدائها هي من مظاهر تقاليدنا العريقة؟ و هل تعبر حقا عن فضيلة الحياء ؟ (على حد تعبير أحد الكتاب على صفحات جريدة تونس نيوز الغراء)
و إذا لم تكن كذلك فأين إذا أوامركم للبدء بحملات أحسب أنها لن تأتي أبدا على مظاهر العري على شواطئ بلد عقبة والقيروان والسماح بمظاهر التبرج في إتباع لآخر صيحات الموضة بل والسماح بإشهارها عبر المجلات الدخيلة ووسائل إعلامنا أين محل الهوية من الإعراب في مثل هذا الأمر؟
أما إذا تجاوزنا الحديث عن اللباس كمظهر من مظاهر الهوية إلى مفهوم الهوية الاشمل و في حده الأدنى المتفق عليه فاني أسالك ما ذا صنعتم عندما ديس القران الكريم بالأرجل في سجون بلدي مرات وتعمدت وسائل إعلامك السكوت عن ذلك أين حملاتكم على تطاول جلاوزتكم في السجون وفي مخافر الشرطة على مقام الجلالة و قد عاينت أنا بنفسي ذلك عشرات المرات بل و تعرضت له باعتباري سجين سياسي سابق و الشهادات آلاتية من داخل الوطن كما التقارير تمتلئ بحقائق عن التفسخ إلا خلاقي حتى أن المواطن على سبيل المثال لا الحصر أصبح لا يقدر على اصطحاب ابنته أو ابنه في الشارع من كثرة الكلام البذيء أما عن مقاهي الإفطار في شهر رمضان في بلد القيروان والإمام خضر الحسين والإمام سحنون والطاهر و الفاضل بن عاشور كما عدد ذلك مستشارك فحدث و لاحرج كما يقال. .
أسألك و أسأل مستشارك لو كان هؤلاء أحياء فماذا كان يمكن أن يكون موقفهم مما يحدث في بلدي؟
هذا غيض من فيض و القائمة تطول ولا تتهموني بالمبالغة و الكيد لبلدي كما هو عهدكم مع الإعلاميين الأحرار و المناضلين السياسيين الذين يعبرون عن مشاغل المواطن و همومه و آلامه بل و ينتصرون لها و ما ذكرته الان و للأمانة هو حديث المقاهي في بلدي و محتوى التقارير الصحفية والمنظمات الإنسانية فانا لم آت بشيء من عندي أو بالجديد الجديد
أن المتتبع لصيغ الخطاب السياسي لسلطة السابع في بلدي و مضمونها( سواء ما تعلق منها بالحجاب اوما تعلق منها بمواجهة مطالب الحريات من كل شرائح المجتمع التونسي تقريبا) يقف على استنتاجات تقترب في رأيي كثيرا من حقائق رهيبة في التركيبة النفسية و الذهنية للسلطة والتي هي ليست وليدة اليوم كلما تعلق الأمر بقضية من القضايا التي تشغل بال المواطنين دينية كانت أم سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية هذه الحقائق هي كاالاتي:
الطبيعة الكليانية لنظام يرتكز على خطاب
ديماغوجي و أسلوب دكتاتوري في التعامل مع المواطنين؛ فتراه يكيل بمكيالين في معالجة قضايا الوطن(ادعاء التحديث
ومحاربة الحريات في آن واحد وهي لعمري جزء من الحداثة لايستقيم معناها إلا بها فضلا عن مقولة الأولوية لمجهود التحديث على حساب الديمقراطية و حقوق الإنسان(الجمع بين نقيضين و ادعاء إمكانية ذلك:( معيز ولو طاروا)
حديث عن الحرية شخصية إذا تعلق الأمر بالسماح بمظاهر التفسخ في اللبس و السلوك ولا حديث عن الحرية الشخصية إذا ما حارب النظام مظاهر التدين بالإرهاب وو ضعت الخطط تلو الخطط و سخرت الأموال و الرجال لتجفيف منابعه
اللعب على عنصر التخويف من المختلفين معه من الخصوم السياسيين ديمقراطيين أو إسلاميين جمعيات أهلية من قضاة و محامين و نقابيين و رابطيين حقوقيين أو متخرجين جامعيين عاطلين أو طلبة والقائمة لا تكاد تنتهي.
. اعتماد الكذب و تزييف الحقائق عند اعتبار الحجاب لباسا طائفيا يعبر عن حزب سياسي ماضوي و إردافه بمقولة أن الحجاب إذا ما انتشر فانه يهدد المكاسب التي تحققت للمراة في تونس ويهدد بإعادتها إلى البيت (هكذا وبكل بساطة يا مهني)**.
إن رموز النظام اعلم وهم يسوقون هذه الحجج المتهافتة ويقلبون الحقائق أن ظاهرة الحجاب اليوم مستقلة عن أي تعبيرة سياسية خلافا لما هوعليه الحال في الثمانينات إنها صحوة مرتبطة بتنامي الوعي الديني بفضل القنوات الفضائية التي تدخل بيوت التونسيين رغما عن انف بن علي و مرتزقته و بقطع النظر عما لها أو عليها.
انه ديدن الديكتاتورية في تعاملها مع قضايا الحريات و السياسة استخفافا بعقل المواطن و استنقاصا من قدراته على الفهم و التحليل و إخفاء الحقائق بل و قلبها كما ذكر الدكتور منصف المرزوقي
إن كل تعبيرات الحالة الورمية الخبيثة التي أصيب بها عقل السلطة في تونس وسيكولوجيتها و جسدها تتلخص في الثالوث الرهيب التالي: العقل يساوي فكر كلياني؛ السيكولوجيا مريضة لا ترتاح إلا إلى االديماغوجيا بما أنها استخفاف بالآخر واستنقاص من بشريته (فهي سيكولوجيا شريرة و خبيثة) و أخيرا و ليس آخرا جسد لا يجيد التواصل إلا بلغة العنف بمختلف تعبيراته و اعني به أسلوب الدكترة
وهذا يذكرنا بحملات الدعاية الأمريكية الصهيونية الحالية ضد حركات المقاومة الوطنية والإسلامية في لبنان و فلسطين والعراق باسم الإرهاب والذي لم يعد خافيا أن مشكلة أمريكا و إسرائيل و محافضي تونس الجدد هي مع الإسلام أصلا مع بعض الاختلاف في البوابات إذ في تونس يضرب الإسلام من بوابة الحجاب باعتباره زيا طائفيا دخيلا ويضرب كذلك من بوابة الحريات بدعوى مقاومة الإرهاب و التطرف
و لست بأت بجديد إذا قلت إن كل هذا و غيره يرسخ للمرة الألف حقيقة أن النظام في تونس( فضلا عن طبيعته الكليانية( لا أريكم إلا ما أرى) و الخطاب الديماغوجي و أسلوب الدكترة إن صح التعبير) جمع إلى كل هذا عمالة و ارتهانا لأمريكا و إسرائيل قل و ندر أن شاهدت مثله إذا استثنينا ما يسمى بدول المواجهة و اعني بها الأردن و مصرو سوريا؛ فنظام تونس منخرط ضمن الأجندة الأمريكية و يستجيب لسياساتها في المنطقة في ضرب مقومات الأمة باسم مقاومة التطرف و الإرهاب و الحفاظ على مكاسب الحداثة ولكن هذه المرة من بوابة الحجاب فلكن الله يا غفيفات تونس الصامدات وروع الله من روعكن و روع و ما يزال الآلاف من قبلكن من مناضلات الحرية و مناضليها
قال تعالى: و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون الشعراء
أما علاقة السلطة في تونس مع البعد الزمني للأحداث في تطورها فتلك حكاية أخرى ألخصها في بعض الجمل و قد يكون لنا عودة إلى ذلك.
1)غيبوبة متعمدة عن سير الأحداث و تطوراتها في العالم و لدى جيراننا (مصالحات من حولنا؛ وجبر للأضرار إلى أخره من ناحية )و من ناحية أخرى تيار عالمي يدفع باتجاه ولوج الزمن الديمقراطي و نظامنا في ذهول عن هذا يذكرنا بذهول شارلمان ملك فرنسا وهو لا يكاد يصدق أن ما أهداه إليه الخليفة الرشيد هو ساعة ميكانيكية لا دخل للجن فيها .
2)تكرار ممل ممجوج لم يعد يقنع حتى المعتوهين لحجج أصبحت رديفا لمومياء الفراعنة المحنطة و دليلا على توقف ملكة التفكير عند بن علي و مرتزقته عند حدود العصر الفرعوني أو ماقبله.
فمنذ عشرين سنة وأنا اسمع ما يلي:. الحجاب زي طائفي و لم اسمع كلاما مثل هذا قط في دول العالم التي يكثر فيها الحجاب أو يقل مسلمة كانت أم غير ذلك فتونس البلد الوحيد في العالم الذي يتبنى هذه المقولة هل هي العبقرية أم الغيبوبة عن الزمن وواقع الحال.
أنظر مثلا أخي حكاية البخنوق و السفساري و الملية التي تحدث عنها بن ضياء مستشار الرئيس و دعا إلى العودة إليها مكان الحجاب وهو اعلم الناس بعزوف الفتيات عنها وان مآل هذا اللباس في افول فهل تراك يا بن ضياء تريد إحياء ما هو آفل وتنفخ في قربة مقطوعة و تعترض ما هو خاضع لسنة تطور المجتمعات ويبدو منسجما أكثر مع روح العصر و متطلبات االدور الجديد الذي تقوم به المراة اليوم و اعني به لباس الحجاب
أما عن الخلفية السيكولوجية للخطاب السياسي لرأس السلطة و مرتزقته فتندرج باختصار شديد( وبقطع النظر عن المحتوى الديماغوجي لها) ضمن ما يسمى في علم التحليل النفسي الحديث: ميكانزمات الدفاع الذاتي وهي متعددة و متنوعة من حيث مضامينها و أسماؤها وتتفق في أمرين كونها طبيعية اولا و ثانيا هي تروم حماية الإنسان لنفسه مما يسبب لها رعبا أو إزعاجا خانقا ات من المحيط Le dénie الإنكار و أخطرها ميكانيزم
ويليه
Le clivage, le déplacement et l'intellectualisation
و ما يهمنا في مقال اليوم هي الحالة الأولى و الثالثة و الرابعة. فهناك تجنب لمواجهة لب الامر وهو موضوع الحريات في حالة الخطاب الرسمي المرتبط بالحجاب ثم تحويل و جهة الموضوع الحقيقي إلى حديث حول موضوع فرعي (هنا الحجاب) يسعى لان يكون معقلنا في بحثه عن مبررات منعه.
و بذلك تتجمع ميكانزمات الدفاع الذاتي الثلاثة لتلقي حجبا كثيفة حول لب الموضوع و تبعدنا عنه كيف لا وهو يمثل باستمرار مجلبة للمتاعب ومصدر إزعاج للسلطة على مختلف الأصعدة سياسية كانت أم نفسية وهو ما تريد تجنبه باستمرار
ان الاستمرار في انتهاك الحرمات الجسدية للمواطنين ومحاربة المختلفين في الرأي بشتى الو سائل و تسخير أموال الدولة و رجالها لهذا الغرض و الأمر به و التشجيع عليه بالترقيات و الحوافز المختلفة مع خطاب ديماغوجي يستخف بعقل الشعب و اعتماد اخطر ميكانزمات الدفاع الذاتي المرضي كل هذا يهدف إلى الاحتماء و البقاء أطول مدة ممكنة في الحكم
أن إرهاب الدولة المسلط بكل قسوة على مواطنات بلدي و مواطنيها بمختلف الأشكال و دون توقف و بسبب الاختلاف في الرأي و لا شيء غير الاختلاف في الرأي أثبتت التجارب الإنسانية انه مخالف لسنن الله في خلقه وقد بلغ المرض الخبيث بالرجل و بالسلطة درجة أن الطبقة السياسة في بلدي و خارجه أصبحت تتحدث عن إمكانية التغيير هذه السنة و عن احتمال مفاجآت و دخول الغرب على الخط كما جرت العادة و لله الأمر من قبل و من بعد والسلام عليكم و رحمة الله
**أستاذ و سجين سياسي سابق
متخصص حاليا في التربية النفسية و الاجتماعية بإحدى ملاجئ سويسرا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.