فى تصريح جديد وكبير قال السيد سيف الاسلام القذافى للجزيرة ان: (مؤسسة القذافى تلقت شكاوى متعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان فى ليبيا وأنه قريبا سيطوى هذا الملف. وانه سوف يفاجأ الجميع ويفتح شخصيا وعلى التلفزيون ملفات القتل والإعدامات التى تمت منذ السبعينات وحتى آخر ملف مقتل الصحفى ضيف الغزال). هذا التصريح يؤكد ان المهندس سيف الإ سلام ما زال يخوض معركة الإصلاح وفى اهم مربع من مربعاتها، وهو مربع حقوق الإنسان، فمن الانسان وبالإنسان يكون الاصلاح والنهوض والانطلاق نحو البناء والتعمير. وبدون الإنسان الليبى الحر العزيز الكريم لا معنى للوطن ولا لإي شيئ فى ذلك الوطن. لاشك ان معالجة الإنتهاكات السابقة، والكشف عن كل الجرائم التى ارتكبت خطأ او قصدا هي الأساس فى اي مشروع اصلاحي، وبعد الكشف عما جرى منذ السبعينات تاتى مرحلة اخرى هي رد الحقوق وتعويض اهل الضحايا تعويضا عادلا ، ثم تاتى مرحلة اخرى وهي الأهم على الإ طلاق هي مرحلة المصالحة وفتح آفاق اجتماعية وسياسية جديدة، اساسها الشرعية الدستورية واقامة نظام ديمقراطي توافقي. ان تصريح سيف الاسلام اذا تم تنفيذ مضمونه بطرق صحيحة يعتبر خطوة مرضية لأعداد كبيرة من المجتمع الليبى، وخاصة للآباء والأمهات والزوجات والأبناء الذين فقدوا حبيبا او احبابا من عائلاتهم واقاربهم فى مداهمات واعتقالات واعدامات ظالمة ولم تقم على اي أسس قانونية او قضائية. ليبيا هذا الوطن الغني بتاريخه وتضحيات أهله فى الصراعات المتلاحقة عبر نحو قرن من الزمان يستحق ان ينهض من كبوته، وان يضمد جراح الأحياء من أهله، وان يسوده التسامح، وان تكبر فى ثقافته وتقاليده حرمة الدماء، وكرامة الإنسان وقيم التسامح. انا احد الذين عاصروا بداية الأخطاء فى السبعينات، واكتويت بنارها وعذاباتها، ونال اسرتى واصدقائى واخوانى الكثير من آلام تلك المرحلة وما بعدها من مآسى وفجائع، وطالبت وما زلت اطالب بفتح تلك الملفات لإحقاق الحق، ولعل ذلك يفتح القلوب الى ما هو افضل وانجع للجميع. ان التسامح يبدأ باعتراف الجانى بجريمته، ثم ياتى دور اولياء الدماء واهل الحقوق. ولعل خطوة سيف الاسلام هذه تكون استمرارا لمبادراته السابقة الايجابية والتى تجسدت فى اطلاق مئات السجناء السياسيين. وعندما اقول هذا الكلام، واتوجه بهذا الخطاب لا أقوله لأي مصلحة شخصية ،ولا طمعا فى اي شيء من حطام الدنيا، ولا اقوله تمهيدا لأي خطوة تتناقض مع قناعاتى السابقة، فانا ما زلت اؤمن بان الوطن ليس التراب وليس الذكريات وليس الناس فقط، لكن الوطن يعنى الحرية والعدل ودولة القانون التى يتساوى فيها كل الناس فى الحقوق والواجبات، وهو المكان الذى ترتفع فيه كل القامات وكل الهامات، ولا تنحنى الا لله الواحد الصمد. تلك هي ليبيا الوطن الذى نحبه ونريده وندفع بكل مبادرة صادقة ربما تقربنا من تحقيقه ولو بعد حين. *