فيما أكدت صحيفة «الصباح» أمس أن المتورطين في المواجهات مع قوات الجيش الشهر الماضي ومطلع الشهر الجاري أحيلوا على القضاء طبقاً لقانون مكافحة الإرهاب، نفى محامون نقل الملف إلى الدوائر القضائية. وقال المحامي عبدالرؤوف العيادي إنه قدم إلى السلطات القضائية لائحة بأسماء معتقلين بعدما كلفته أسرهم الدفاع عنهم، لكن اتضح أنهم ما زالوا في أيدي الأجهزة الأمنية. وأوضح ل «الحياة» أنه إذا ما ثبت أن عسكريين قُتلوا في المواجهات فإن الملف يُحال حكماً على المحكمة العسكرية، إلا أنه أفاد أن الأخيرة لم تتسلم حتى نهار أمس بأي ملف من هذا النوع. وكان وزير الداخلية رفيق حاج قاسم أعلن في اجتماع حزبي أواخر الأسبوع الماضي أن المواجهات أدت إلى مقتل اثنين من قوات الأمن وجرح ثلاثة آخرين من دون تحديد ما إذا كانوا من الجيش أو من قوات الدرك التي شاركت بكثافة في الاشتباكات مع المجموعة المسلحة. وأسفرت المعارك وفق الحصيلة الرسمية عن مقتل 12 عنصراً مسلحاً من أفراد المجموعة (التي أتى ستة منهم من الجزائر) واعتقال 15 آخرين. وذكرت صحف محلية أن حواسيب محمولة ضُبطت مع أفراد المجموعة كشفت رسوماً لموقعي سفارتي دولتين كبريين كانتا مستهدفتين، ويُرجح أنهما سفارتا أميركا وبريطانيا الموجودتان في ضاحية «البحيرة» الراقية شمال العاصمة. وأفاد مصدر مطلع أن المعتقلين الخمسة عشر سيكونون أول مجموعة تُحال على القضاء قريباً، مُرجحا أن تُفوض المحكمة العسكرية ملاحقتهم قضائياً، فيما سيُحال المشتبه في كونهم ساعدوهم على محاكم عادية. وكانت جمعيات حقوقية أشارت إلى اعتقال عشرات من مدينة سليمان للاشتباه في أنهم ساعدوا أفراد المجموعة وبينهم سندس الرياحي التي وُصفت بكونها صديقة نائب «أمير» الجماعة ربيع الباشا والمُعتقلة منذ أسبوعين. وجرت أعنف المعارك بين عناصر المجموعة المسلحة في محلتين منفصلتين من مدينة سليمان (30 كيلومتراً جنوب العاصمة) في الثالث من الشهر الجاري وأدت إلى مقتل الباشا وأسعد ساسي الذي اعتُبر أمير الجماعة. وفي سياق متصل، أفادت «الصباح» أمس أن شحنة من المتفجرات محلية الصنع عُثر عليها ظهر الأحد في ضاحية أريانة شمال العاصمة تونس من دون تحديد الكمية أو ما إذا كانت عناصر اعتُقلت في الوقت نفسه. وهذه هي المرة الأولى التي يُعلن فيها كشف مواد متفجرة في المنطقة الشمالية، بعدما اقتصر مسرح الأحداث على الضواحي الجنوبية. من جهة أخرى سُجل أمس أول تغيير سياسي بعد الأحداث الأخيرة وتمثل في عزل المستشار السياسي للرئيس زين العابدين بن علي محمود المهيري واستبداله بسفير تونس في لندن محمد الغرياني الذي كان يشغل قبل التحاقه بالسلك الديبلوماسي منصب الأمين العام المساعد للحزب الحاكم. وتوقع مراقبون أن تكر سبحة التغييرات بناء على الواقع الجديد الذي أفرزه تمكن عناصر مسلحة من التسلل إلى مناطق قريبة من العاصمة والاشتباك مع قوات نظامية. ولمحت صحف إلى أن طول الملاحقات التي استمرت أكثر من 10 أيام في مساحة لم تتجاوز 20 كيلومتراً مربعاً دلّ على وجود تقصير امني وسياسي.