عائدات تونس من تصدير التمور ترتفع بنسبة 19،1%    سلطنة عمان: ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيء إلى 21 حالة    رابطة أبطال أوروبا...الريال «ملك» وأنشيلوتي يهزم غوارديولا بالضربة القاضية    يعرف ما له من حقوق وما عليه من واجبات...لماذا غاب المسلم القدوة عن مجتمعنا!    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    دعوة إلى مراجعة اليات التمويل    في كمين لقوات الجيش و الحرس ...القبض على أمير كتيبة أجناد الخلافة الإرهابي    القصرين: الداخلية تنشر تفاصيل الايقاع بعنصر ارهابي في عمق جبل "السيف"    بوركينا فاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين    ولاية بنزرت تحيي الذكرى 68 لقوات الامن الداخلي وتكريم الشهيد فوزي الهويملي    أخبار النادي الصفاقسي .. غضب بسبب عقوبات الرابطة وتجاهل مطالب الأحباء    رياح قوية    لأول مرّة في تونس وفي القارة الإفريقية ...شاحنة سينمائية متنقلة تتسع ل 100 مقعد تجوب ولايات الجمهورية    تم جلبها من الموقع الأثري بسبيطلة: عرض قطع أثرية لأول مرّة في متحف الجهة    احداث لجنة قيادة مشتركة تونسية إيطالية للتعليم العالي والبحث العلمي    فيما آجال الاحتفاظ انتهت .. دائرة الإتهام تؤجل النظر في ملف التآمر على أمن الدولة    خلال الثلاثي الأول من 2024 .. ارتفاع عدد المشاريع الاستثمارية المصرّح بها    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    معرض تونس الدولي للكتاب: شركة نقل تونس توفّر حافلة لنقل الزوار    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    أنس جابر خارج دورة شتوتغارت للتنس    نقابة الصحفيين التونسيين تُدين الحكم بالسجن في حق بُوغلاب    سيدي بوزيد.. تتويج اعدادية المزونة في الملتقى الجهوي للمسرح    توزر.. افتتاح الاحتفال الجهوي لشهر التراث بدار الثقافة حامة الجريد    سوسة: الاستعداد لتنظيم الدورة 61 لمهرجان استعراض أوسو    عاجل/ محاولة تلميذ طعن أستاذه داخل القسم: وزارة الطفولة تتدخّل    الرصد الجوّي يُحذّر من رياح قويّة    محمود قصيعة لإدارة مباراة الكأس بين النادي الصفاقسي ومستقبل المرسى    عاجل : هجوم بسكين على تلميذتين في فرنسا    كأس تونس لكرة القدم: تعيينات حكام مقابلات الدور السادس عشر    بعد حلقة "الوحش بروماكس": مختار التليلي يواجه القضاء    حملات توعوية بالمؤسسات التربوية حول الاقتصاد في الماء    جلسة عمل مع وفد من البنك الإفريقي    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    انخفاض متوسط في هطول الأمطار في تونس بنسبة 20 بالمئة في هذه الفترة    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    عاجل/ فاجعة جديدة تهز هذه المنطقة: يحيل زوجته على الانعاش ثم ينتحر..    عاجل : نفاد تذاكر مباراة الترجي وماميلودي صانداونز    عاجل/ تلميذ يطعن أستاذه من خلف أثناء الدرس..    ضربة إسرائيل الانتقامية لايران لن تتم قبل هذا الموعد..    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    زلزال بقوة 6,6 درجات بضرب غربي اليابان    عاجل/ هذه الدولة تحذر من "تسونامي"..    تركيبة المجلس الوطني للجهات والأقاليم ومهامه وأهم مراحل تركيزه    اجتماعات ربيع 2024: الوفد التونسي يلتقي بمجموعة من مسؤولي المؤسسات المالية الدولية    الحماية المدنية: 9 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    سيدي بوزيد: حجز مواد غذائية من اجل الاحتكار والمضاربة بمعتمدية الرقاب    الحماية المدنية تنتشل جثة الشاب الذي انهار عليه الرّدم في بئر بالهوارية..    ريال مدريد يفوز على مانشستر سيتي ويتأهل الى نصف نهائي رابطة أبطال أوروبا    مصر: رياح الخماسين تجتاح البلاد محملة بالذباب الصحراوي..    اليمن: سيول وفيضانات وانهيارات أرضية    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    الكاف: تلقيح اكثر من 80 بالمائة من الأبقار و25 بالمائة من المجترات ضد الأمراض المعدية (دائرة الإنتاج الحيواني)    وزير الصحة يعاين ظروف سير العمل بالمستشفى الجهوي بباجة    جراحة فريدة في الأردن.. فتحوا رأسه وهو يهاتف عائلته    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحافة الحرة بوق السلام وصوت الأمة ..وملاذ المظلوم ولجام الظالم

سئل مونتسكيو عن أخطر الناس فقال: «الممنوع من الكلام لأنه سيتحدث بعضلاته».. وقيل لبيتهوفن وقد ثقل سمعه: «أي خسارة عظيمة أن تفقد سمعك وأنت الفنان العظيم!». فقال: «ستكون خسارتي أعظم لو فقدت لساني لأنه عنوان حريتي».. اما تولستوي فيقول ان الصحافة بوق السلام وصوت الامة وسيف الحق القاطع وملاذ المظلوم ولجام الظالم ، اما توماس جفرسون، الواضع الرئيسي لإعلان الاستقلال الأمريكي، فقد كتب سنة 1787 فيقول، "لو تُرك الأمر لي لأقرر ما إذا كان ينبغي أن تكون لدينا حكومة بدون صحف، أو أن تكون لدينا صحف بدون حكومة، لما تردّدت لحظة في اختيار الأمر الثاني". وهذا لايعني أن الصحف كانت متساهلة معه عندما أصبح رئيساً. فقد نال نصيبه من التحقيقات الصحفية المحرجة. لكن جفرسون ظل ثابتاًً في تأييده حتى لأدق التمحيص الذي تجريه وسائل الإعلام لأنه كان يدرك أنه في غياب مثل تلك المحاسبة وفي غياب التدفق غير المُقيّد للأفكار، يتعطل النمو الخلاق للدولة ولا يكون أهلها أحراراً.
ومن هذا المنطلق نجد أن الصحافة ما هي إلا سلطة شعبية تنهض برسالتها بحرية واستقلال من أجل تأمين وممارسة حرية الرأي والفكر والتعبير والنشر والحق في الاتصال والحصول على المعلومات الصحيحة ونشرها وتداولها كحقوق أصيلة غير قابلة للمساس بها. وتسهم الصحافة في نشر الفكر والثقافة والعلوم والارتقاء بها. والصحافة وسيلة للرقابة الشعبية على مؤسسات المجتمع من خلال التعبير عن الرأي والنقد ونشر الأخبار والمعلومات في إطار من الدستور والقانون مع احترام المقومات الأساسية للمجتمع وحقوق وحريات الآخرين. وحرية الرأي والتعبير مكفولة لكل مواطن ، وله أن يعبر عن رأيه بكافة الطرق كالقول والكتابة والتصوير والرسم وغيرها من وسائل التعبير، الى جانب ذلك ان حرية واستقلال الإعلام من أهم الحقوق السياسية في مجتمع يتطلع للتعددية السياسية والفكرية. فلا معنى للتعددية دون حرية. ولا فائدة من هذه التعددية إذا لم تتوافر لها الحرية والاستقلال الإعلامي. وتحتل قضية حرية الرأي والتعبير مكانة بارزة كأحد أهم حقوق الإنسان وذلك منذ صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948م. وفي 15 نوفمبر 1989 اعتمد المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بالإجماع في دورته الخامسة والعشرين الاستراتيجية الجديدة للاتصال، التي تجلت فيها فعلاً التغيرات الجذرية التي طرأت على الوجه السياسي لأوروبا والعالم أجمع بعد سقوط سور برلين وأكدت الاستراتيجية الجديدة على أهمية المبادئ الأساسية المتمثلة في حرية التعبير وحرية الصحافة وتنمية وسائل الإعلام المستقلة والمتعددة. وتبني المؤتمر العام لليونسكو في دورته السادسة والعشرين من نوفمبر 1990 العبارة المحورية الواردة في إعلان ندوة ويندهوك المنعقدة في نامبيا مسلماً بأن «الصحافة الحرة والمتعددة والمستقلة عنصر أساسي في كل مجتمع ديمقراطي وان الاتصال الحر وسيلة أساسية لنشر المعارف والقيم ولا ينكر اليوم ما يؤديه من دور محوري في المجتمعات الديمقراطية إذ يُمكّن المواطنين من التعبير عن أنفسهم واسماع صوتهم، وبذا يكون لهم تأثير حاسم على الأحداث التي تحدد مجرى حياتهم اليومية، وكان اعلان ندوة ويندهوك التي عقدت في 3 مايو 1991 في نامبيا واعلان ندوة ألما آتا التي عقدت في كازخستان سنة 92 وندوة سانتياغو في 1994 واعلان ندوة صنعاء في 96 قد أكدت على إنشاء صحافة مستقلة وقائمة على التعددية وحرة، وصونها وتمويلها أمر لا غنى عنه لتحقيق وصون الديمقراطية في أي دولة ولتحقيق التنمية الاقتصادية".
ويقصد بعبارة صحافة مستقلة قيام صحافة مستقلة عن السيطرة الحكومية أو السياسية أو الاقتصادية أو عن سيطرة المواد والبنية الأساسية اللازمة لإنتاج ونشر الصحف والمجلات والدوريات. وفي عام 1991 أوصى المؤتمر العالمي لمنظمة اليونسكو أن تعلن الجمعية العامة للامم المتحدة يوم 3 مايو يوما عالميا للصحافة ويوما لإبراز المبادئ الاساسية لحرية الصحافة ، ويصادف هذا التاريخ الذكرى السنوية لاعلان ويندهوك الذي تم تبنيه في الثالث من مايو عام 1991، والهدف من هذا اليوم العالمي هو احاطة الشعوب علما بانتهاكات حرية التعبير التي تحدث في اماكن كثيرة من العالم وتذكيرهم بان صحفيين كثيرين واجهوا الموت بشجاعة او غابو في غياهب السجون في سبيل أداء واجبهم المهني والاخلاقي، ومن اجل ان يقدموا للناس اخبارا يومية. الى جانب ذلك يشمل الاحتفال بهذا اليوم تشجيع وتطوير المبادرات التي تخدم حرية الصحافة، ورصد وتقييم حرية الصحافة في العالم، وتذكير الحكومات باحترام الالتزامات تجاه حرية التعبير، وتوعية الرأي العام باهمية حرية الصحافة وتخليد ذكرى الصحفيين الذين فقدوا أرواحهم وهم يقومون بأداء واجبهم المهني والاخلاقي الى جانب مساندة المؤسسات الصحفية التي تقع ضحية لاي اجراءات او قيود او مصادرة لحرية العمل. نسبة لأن كثيراً من الحكام الراغبون في الاحتفاظ بزمام السلطة يسعون للسيطرة على وسائل الإعلام، وما يستتبعه ذلك من نفوذ وتأثير على عقول الناس؛ وفي كثير من أنحاء العالم، يتعرض الصحفيون لصنوف شتى من المضايقات، وتُوجَّه إليهم التهم الجنائية، بل وقد تعمد السلطات إلى إيقاف صدور الصحف وإغلاق دور نشرها.
ويجب استرعاء الانتباه ايضا إلى أهمية حرية الصحافة باعتبارها شرطاً مسبقاً لديمقراطية سليمة ونافذة فعلا، يتمتع الناس في كنفها بحرية التعبير عن أفكارهم. فلنتذكّر المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن "لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقّيها ونقلها إلى الآخرين. بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود". كيف يمكن للجمهور، إن لم تكن هناك وسائل إعلام حرّة مستقلة وتعددية، أن يتخذ خياراته الانتخابية عن وعي وإدراك، أو أن يستعرض عملية اتخاذ القرارات التي تخص الحياة العامة، أو أن يسهم إسهاماً فعّالا في الشؤون العامة؟ ولذلك، فإن الصحفيين يؤدون دوراً حيوياً في العملية الديمقراطية، وإن كان هذا الدور قد يجلب لهم بعض المخاطر.
وفي أزمنة الحرب والنزاعات العنيفة، يزداد حجم الأخطار المحدقة بالصحفيين عن المعتاد، بيد أن الإعلام المستقل والسليم والمهني إنما يكتسي قيمة قصوى في هذه الظروف بالذات. ونظراً لما تتسم به وسائل الإعلام العصرية من سعة انتشار وبث فوري، فإننا نحمل في أذهاننا جميعاً ما تنقله إلينا هذه الوسائل من صور حديثة وحيّة للقتال والدمار والعنف. وهذا ما يجعلنا ندرك بالتالي الظروف التي يعمل الصحفيون فيها أحياناً، وما يواجهونه من خطر على حياتهم. إنهم هؤلاء الصحفيون الذين يقودهم حرصهم على تقصّي الحقيقة والإعلام في ظروف الحرب إلى ركوب المخاطر. وفي مواجهة أخطار قد تودي بحياتهم، وبإصرارهم العنيد على ملاحقة الحقائق. من اجل رصد الاحداث وتحليلها ويمنحونها شكلا ويقدمون لنا مادة حية عن حياتنا. وأدواتهم في ذلك الكلمات والصور وعقيدتهم حرية التعبير ورغم ذلك ومن اجل القيام بهذا العمل الذي لا غنى عنه يتعرض العديد من الصحفيين للاضطهاد والهجوم والسجن والقتل.
بيد أن الأخطار التي يواجهها الصحفيون لا تقتصر على زمن الحرب. ذلك أن ترجمة مبدأ حرية الصحافة إلى الواقع العملي ليس بالأمر البسيط. ففي بعض الأحيان تكون حرية الصحافة مكبّلة بحكم القانون وبفعل السلطات التنفيذية التي تمارسها الشرطة والمحاكم. وفي أحيان أخرى تُسلط عليها أعمال عنف خارجة عن القانون أو تهديدات وضغوط. والقاسم المشترك في جميع هذه الحالات هو أن الصحفيين وسائر مهنيي الإعلام هم الذين يجدون أنفسهم على خط النار، وأحياناً بالمعنى الدقيق لهذه العبارة، ويمكن أن يكون الثمن الذي يدفعونه غالياً جداً بالفعل. إن الإحصاءات المتاحة من المنظمات المهنية تميل إلى التفاوت ولكن فئات الأحداث التي تحصيها تنطق بذاتها: عدد الصحفيين الذين تمّ اغتيالهم أو تعرضوا لأعمال عنف أو تهديدات؛ عدد الصحفيين الذين ألقي عليهم القبض وسجنوا؛ عدد الوسائط الإعلامية المخضعة للرقابة. وعلى ما يبدو، فإن الوضع الإجمالي لحرية الصحافة يسير في تدهور.
ووراء واجهة الإحصاءات، ثمة الحالات الفردية التي تحكي قصص الشجاعة والمعاناة، وقصص أشخاص حطمت حياتهم، وقصص خسائر وتضحيات شخصية. وأبعد من الإحصاءات هناك أيضاً الآثار التي تنسحب علينا جميعاً كلما تعرّض صحفيون، في ممارستهم لمهنتهم، للمضايقة والسجن والاعتداء، بل والاغتيال أحياناً. إن مظاهر الابتزاز هذه تسبب معاناة فردية قاسية، ولكنها تشكل أيضاً بتراً خطيراً لحرية الصحافة، مع كل ما يترتب على ذلك من قيود تحد من التمتع بالحريات والحقوق على مستوى المجتمع بأسره. ذلك أنه كلما تعرض صحفي للعنف أو التهديد أو الاعتقال التعسفي بسبب التزامه بنقل الحقيقة، يكون كل المواطنين محرومين من حقهم في التعبير عن مواقفهم وفي العمل بما تمليه عليهم ضمائرهم.
والحرية الصحفية نجدها ايضا حتى حين لاتتعرض للهجوم المكشوف من جانب السلطة فتكون مقيدة بالرقابة الذاتية التي يمارسها المتواصلون انفسهم في هذا المجال، فنجد ان الكثير من الصحفيين قد يخفقون في نشر الحقائق التى حصلوا عليها لأسباب عديدة ومن بينها الخوف المجرد، ونوع من المبالغة في احترام بنية السلطة او العزوف احيانا عن استفزاز الاجهزة الرسمية تجنبا للمخاطر باحتمال ضياع فرص الوصول الى مصادر المعلومات، او لكى تحافظ المؤسسة الاعلامية على مصادر الاعلانات التي تدعم الصحيفة، وبذلك نجد ايضا ان الرقابة الذاتية في بعض الاحيان مثلها مثل الرقابة نفسها عامل دائم التشويه والتشويش بالنسبة الى حرية تدفق المعلومات، وبذلك نجد ان ممارسة الحرية في ميدان تدفق المعلومات ينطوى على مسؤوليات اضف إلى ذلك ان علينا من منطلق المطالبة بالحرية الاعلامية فحرية وصول مواطن او فئة اجتماعية الى امتلاك اسباب الاتصالات متلقين ومساهمين على حد سواء، لايمكن ان تشبه بحرية مستثمر معين في استجرار الارباح من توظيف وسائل الاعلام، حيث نجد ان الاولى تحمي حقا اساسيا من حقوق الانسان في حين تتيح الثانية فرصة تحويل حاجة اجتماعية معينة الى سلعة تجارية. وعليه تجب معرفة أن حق جميع المواطنين في إعلام موثوق به هو أمر مرهون بشجاعة الصحفيين ونزاهتهم، وبممارسة حرية التحرير بمنأى عن الخوف، وبالتزام لايحيد من قبل وسائل الإعلام التعددية بمبادئ حرية الصحافة واستقلالها. ولذلك يجب على المجتمع الدولي وأصحاب القرار والمواطنين في كل مكان، كي يبذلوا كل ما في وسعهم لضمان تمكين الصحفيين من مواصلة عملهم بدون عائق أو مانع، من أجل أن ينتفع الناس في العالم أجمع بحرية تداول الأفكار.
وفي هذا السياق ورغم الدور البالغ الاهمية الذي تلعبه وسائل الاعلام تشير منظمة بيت الحرية Freedom House أن هناك من بين عدد سكان الكرة الأرضية البالغ ستة بلايين نسمة - 1.2 بليون نسمة فقط يعيشون في بلدان تتمتع بصحافة كاملة الحرية، و2.4 بليون نسمة يتمتعون بصحافة منقوصة الحرية، في حين يعيش باقي سكان العالم البالغ عددهم 2.4 بليون نسمة في ظل غياب كامل للصحافة الحرة. أي أن هناك نحو 80% من سكان العالم لا يتمتعون بصحافة كاملة الحرية. ومن اللافت للنظر أن معظم هؤلاء يعيشون في العالم النامي. وتعكس هذه الاختلالات في حرية الصحافة اختلالات أوسع بين البلدان الغنية والبلدان الفقيرة.
وتشمل بعض هذه الاختلالات الأوسع: امتلاك بليون نسمة من إجمالي عدد سكان العالم لنحو 80% من إجمالي ثروة العالم، في حين يكافح بليون نسمة آخر للبقاء على قيد الحياة على أقل من دولار واحد في اليوم للفرد الواحد. كما أن هناك بليوني نسمة بدون مياه شرب نظيفة؛ و150 مليون طفل لن تتاح لهم قط فرصة الذهاب إلى المدارس؛ وأكثر من 40 مليون نسمة في البلدان النامية مصابون بفيروس نقص المناعة المكتسب «مرض الإيدز»، وهناك أمل ضعيف في تلقيهم العلاج ضد هذا المرض المخيف.
فما هي العلاقة، إذن، بين ؟ جزء كبير من الإجابة عن هذا السؤال يتعلق بالفساد والحرب الدائرة رحاها ضده. وتظهر دراسات البنك الدولي على سبيل المثال أنه كلما ارتفع مستوى حرية الصحافة في البلدان، زادت السيطرة على الفساد، وبالتالي ازداد توجيه الموارد النادرة إلى قضايا التنمية ذات الأولوية.
والصحافة الحرة لا تمثل متنفساً للتعبير عن الرأي فحسب، بل تتيح أيضاً مصدراً للمساءلة، ووسيلة للمشاركة المدنية، والتحقق من الفساد الحكومي. وهي تساعد كذلك على بناء مؤسسات أكثر فعالية وقوة.
فمن خلال تشجيع الشفافية والمساءلة في القطاعين العام والخاص، بات ينظر وبشكل متزايد إلى وسائل الإعلام في البلدان الفقيرة على أنها "سلعة تنموية" قادرة على المساهمة في تحسين مساءلة الحكومة، واستخدام الموارد على نحو أكثر فعالية.
والصحافة الحرة لا تحقق مردوداً إيجابياً في إطار الحرب ضد الفساد فحسب، بل وتحقق أيضاً مردوداً مماثلاً في تعزيز التعليم المدرسي التقليدي، وفي الجهود الرامية إلى تحسين الصحة العامة، ناهيك عن مساندة التغيرات المؤسسية وتنمية الأسواق، وهناك ارتباط موجب قوي بين المساءلة وإتاحة الفرصة للمواطنين للتعبير عن آرائهم بصوت أعلى، والتحسينات التي تشهدها مستويات الدخل، ومعدلات وفيات الرضع، والقدرة على القراءة والكتابة بين البالغين.
ويحتم علينا ذلك أن نواصل جهودنا في دفع حرية الصحافة قُدماً إلى الأمام، ولا يزال هناك الكثير مما يتعين فعله. ففي كثير من بلدان العالم، لاسيما في الاقتصادات السائرة على طريق التحول إلى اقتصاد السوق والاقتصادات النامية، لا تزال استقلالية وسائل الإعلام هشة ومقيدة. إن السياسات المعنية بالوصول إلى المعلومات ونشرها، واللوائح القانونية الأخرى التي تشجع ثقافة الانفتاح، والشفافية، والمساءلة، تعتبر عوامل أساسية. وهي تساعد - في نهاية المطاف - على تشجيع حسن نظام الإدارة العامة، وتحقيق نمو أكثر عدالة.
ويسهم البنك الدولي في هذا الجهد. فمن خلال معهد البنك الدولي وهو ذراع البنك المعني بالتعليم - استطاع إجراء برامج تدريبية شارك فيها أكثر من 3 آلاف صحفي. وتشمل هذه البرامج دورات متخصصة في الصحافة الاقتصادية، والرعاية الصحية، والبيئة. وتم إتاحة معظم البرامج باستخدام تكنولوجيا التعلم عن بعد، مثل المؤتمرات عبر الفيديو، والبث التليفزيوني التفاعلي، وشبكة الإنترنت، وذلك بهدف توسيع نطاق التواصل مع المشاركين في أكثر من 50 بلداً. فمن خلال تناول قضايا صحية مهمة مثل قضية فيروس نقص المناعة المكتسب «مرض الإيدز»، استطاع ايضا حث الصحفيين على إيجاد طرق جديدة لكشف هذا الوباء في بلدانهم. كما أن الدورات الصحفية الاستقصائية تساعد هؤلاء الصحفيين على معالجة قضايا الفساد بطريقة مهنية. ولم يعد هناك أدنى شك في زيادة قيمة مساهمات وسائل الإعلام بالنسبة لتعزيز التقدم الاقتصادي، ومحاربة الفساد، ومعالجة الاختلالات الكبيرة بين الأغنياء والفقراء، وأخيراً، تخفيض أعداد الفقراء في جميع أنحاء العالم.
وحرصت دولة قطر بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى، على الاهتمام والمشاركة بنشاط في الجهود الوطنية والدولية المتعلقة بحقوق الإنسان كجزء من مسيرة التحديث الشامل للدولة وجزء من الالتزام الحضاري تجاه هذه القضايا، وإن الدستور القطري كرس هذه الحقوق وأكد على حمايتها وتعزيزها كما تم انشاء العديد من الأجهزة ذات الصلة بحقوق الإنسان وتفعيل دورها كالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة، واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وإدارة حقوق الإنسان بوزارتي الخارجية والداخلية. وبزغ فجر الحرية والديمقراطية في عهده المبارك فمن إطلاق حرية التعبير من خلال إلغاء وزارة الإعلام وإلغاء الرقابة على الصحف والمطبوعات، وإجراء أول انتخابات حرة لاختيار أعضاء غرفة تجارة وصناعة قطر والمجلس البلدي المركزي، والعمل على إثراء المناخ الديمقراطي وغرسه في نفوس النشء والشباب من خلال انتخابات المجالس الطلابية في كافة المراحل التعليمية. وما زالت الإنجازات تتوالى في هذا المضمار، حيث من المنتظر إجراء أول انتخابات حرة مباشرة لاختيار أعضاء مجلس الشورى، ويأمل المجلس كل النجاح لهذا الحدث المهم وأن يسهم مجلس الشورى القادم الذي نص علىه الدستور وبالتعاون المثمر والبناء مع الحكومة الرشيدة في تحقيق الآمال المرجوة منه.
ومن ضمن هذه الانجازات جاءت قناة الجزيرة التي بثت اول اشارة تليفزيونية عبر الأثير في شهر نوفمبر عام 1996 معلنة ولادة محطة تليفزيونية فضائية عربية ما فتئت ان تحولت في غضون سنوات معدودة من ناقل اخبار الى صانعها، وبذلك تخطت الجغرافيا السياسية من الاقليمية الى العالمية بسرعة فائقة، ويجيء ذلك لوعي القائمين عليها بحتمية تجذر ظاهرة العولمة وبنوا خططهم واهدافهم على هذا الاساس كيلا يبقى الاعلام والمواطن العربي مضطرين للاعتماد على الاعلام الاجنبي في تفهم مناقشة قضاياه المصيرية الحساسة. وهذه الخطوة متقدمة جداً في الإعلام العربي بصفة عامة وبشهادة الخبراء والمختصين فإن هذه المحطة الإخبارية التي تنطلق من أرض قطر أحدثت انقلاباً كبيراً في أسس العمل الصحفي الإعلامي المرئي، سواء من حيث الأداء، أو طريقة الطرح، والتناول، أو التقنية المستخدمة، وهو ما وضع كثيراً من القنوات العربية الرسمية وغير الرسمية في مأزق مجاراة هذه المحطة الوليدة التي فتحت الكثير من الملفات العربية الشائكة، واعتمدت الرأي والرأي الآخر شعاراً لها، وأصبحت القناة التليفزيونية العربية الرائدة المتخصصة اخباريا بعد ان ارست ارضية العمل الصحفي الاخباري الجاد، المتوازن، وهي القناة التي لم تنجح في كسر مقص الرقيب فحسب، بل جسدت التزامها المهني بالمصداقية في الخبر، والتحول الى منبر لكافة الآراء في برامجها الحوارية، والالتزام بالموضوعية في ما تعده من اعمال وثائقية الى جانب مواكبة الحدث عربيا كان او اسلاميا وعملت على تحسين انتاجها المتنوع تحريريا الى جانب مواكبتها التقدم العلمي وكل ما يستجد في عالم التقنية في البث التليفزيوني لتصل الى مشاهديها في كافة انحاء العالم التي تبث اليها بابهى حلة تليق بمحطة فضائية عالمية. ومن هذا المنطلق اصحبت "الجزيرة هدية قطر إلى العالم العربي".. لم تكن هذه الجملة التي أطلقها مشاهد عربي اتصل بأحد برامج قناة الجزيرة ذات يوم مجرد تعبير عن فرحته بالمشاركة في البرنامج، فالجملة تحمل في طياتها من بين ما تحمله من دلالات، تلك الدلالة العميقة للقفزة الهائلة التي تحققت للإعلام القطري بفضل ما يلقاه من رعاية واهتمام ولاة الأمر في دولة قطر. وإذا كانت هذه الرعاية تتجلى في العديد من الملامح والتطورات المصاحبة لمسيرة الإعلام القطري على كافة المستويات فإن ثمارها الناضجة تتبلور في تلك الحرية الإعلامية التي باتت مضرب المثل في التجربة الإعلامية العربية بصفة عامة والتي أعلنت عن نفسها بوضوح من خلال القرار الرائد بإلغاء وزارة الإعلام في 30/3/1998 ومن ثم الرقابة على حرية الرأي والتعبير وهو ما يمثل أحد أهم مرتكزات التجربة الديمقراطية في الحكم. فالمشاهد والمستمع والقارئ العربي على امتداد خريطة الوطن الكبير والذي اعتاد على إعلام الرأي الواحد لسنوات طويلة حتى فقد الثقة فيما تبثه وسائل الإعلام العربية من معلومات فتح عينيه فجأة على مقولة جديدة لم يسمع بها من قبل تنطلق من بلد عربي - وهذه هي المفارقة - وتتجسد في هذا الشعار (الرأي والرأي الآخر) لكن هذا المستمع والمشاهد والقارئ ما لبث أن استفاق من دهشته ليجد أن حلمه أصبح حقيقة وأنه لم يعد بحاجة إلى أن يدير مؤشر وسيلته الإعلامية إلى محطة أجنبية لكي يستقي منها معلوماته حول ما يجري من أحداث عربية وعالمية فقد قدمت له دولة قطر هديتها التي أغنته عن هذا العناء.
غير أن التجربة الإعلامية القطرية ليست وليدة عام أو عامين أو عشرة أعوام فهي تمتد إلى أكثر من ثلاثين عاماً مرت خلالها أجهزة الإعلام القطرية بكثير من المراحل التطورية حتى استوت وأتت أكلها على كافة المستويات الإعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة. ففي إطار اهتمام الدولة بأجهزة الإعلام وأثرها في نشر الوعي والتثقيف أنشئ جهاز التليفزيون في 15 أغسطس من عام 1970 ليبدأ بثه بمعدل 3 إلى 4 ساعات يومياً ثم تتزايد فترات البث إلى 20 ساعة يومياً، بعد أن تحولت القناة الأولى بالتليفزيون إلى قناة فضائية. وبدأ بث إذاعة قطر في اليوم الخامس والعشرين من شهر يونيو عام 1968 ليبشر بميلاد إذاعة متكاملة يطل منها إشعاع معرفي وفني وسياسي من خلال ما تبثه من برامج ومسلسلات ونشرات إخبارية.
الصحافة القطرية وحرية التعبير
شأنها شأن الصحف الخليجية جاء صعود الصحافة القطرية متزامناً مع التقدم الهائل في فنون الطباعة وتقنية المعلومات ومن ثم استفادت الصحف القطرية من كافة التقنيات الحديثة في مجالات التنفيذ والإخراج والطباعة إلا أن قيمتها الأساسية بين الصحف العربية تنبع من استثمارها الجيد لقيم الحرية والانفتاح والديمقراطية التي تعيشها الدولة، ومن ثم تميزت بتبني هموم المواطنين وقضاياهم من خلال طروحات متوازنة كما أصبحت جسراً يربط بين المواطن والمسؤول في مختلف القطاعات. وإلى جانب اهتماماتها المحلية بالشأن الداخلي فان الصحافة القطرية لم تغب عن الأحداث والقضايا العربية ذات الاهتمام المشترك كما أنها واكبت الأحداث العالمية التي لها تأثيراتها وانعكاساتها على الشأن العربي وذلك من خلال جدلية الرأي والخبر. وإلى جانب حرية التعبير وغياب الرقابة الخارجية على الصحف القطرية - إذا استثنينا الرقابة الذاتية للمحرر - فإن قيمة أخرى تستمدها الصحف القطرية وتتجسد في تنوع صفحاتها وشموليتها لكافة مجالات الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
وتعتبر مجلة العروبة أول مطبوعة قطرية في الصحافة المكتوبة إذ صدر أول عدد منها بتاريخ 5/2/1970 ثم تأتي صحيفة (العرب) التي أصدرت أول أعدادها بتاريخ 6/3/1972 ومجلة (الدوري) يناير 1978 والجلف تايمز 1978 فجريدة (الراية) التي أصدرت عددها الأول بتاريخ 10/5/1979 تليها مجلة (التعاون الصناعي في الخليج) التي تأسست كمجلة علمية عام 1980 ثم جريدة «الشرق» التي أصدرت عددها الأول بتاريخ 3/9/1985 ثم مجلة المأثورات الشعبية التي تأسست عام 1986 تلتها مجلة المرايا التي صدرت في يناير عام 1994 ثم جريدة الوطن التي صدرت في 3سبتمبر عام 1995، وفي هذا السياق لايمكن تجاهل بعض المطبوعات القطرية التي كان لها تأثيرها الكبير على الشارع العربي مثل مجلات (الدوحة) و(الأمة) و(الصقر) التي توقفت فترة ثم عاودت الصدور. ورغم توقف بعض الإصدارات الصحفية القطرية فإن الصحف الرئيسية مازالت مستمرة في عمليات التطوير التقني والتحريري من خلال استقطاب الكفاءات الصحفية القطرية والعربية وهي منافس جيد لصحف المنطقة.
عام 2005 عام الاغتيالات والاعتداءات
وجاء في تقرير تحت عنوان "الإعلام في 2005" للجزيرة نت: نشرته في التاسع والعشرين من ديسمبر من نفس العام اشار فيه ان عام 2005 شهد عددا كبيرا من حوادث انتهاك حرية الصحافة، ومحاولات إعاقة الإعلامي وتهديده بسبب أدائه مهمته في نشر الحقيقة، كما تعرض إعلاميون للاغتيال وآخرون للاعتداء بالضرب والاعتقال القسري في بلاد عربية وغربية. ومع ذلك شهد ذلك العام انطلاقا لقنوات فضائية وإذاعات جديدة ومشاريع إعلامية واعدة، وكرم صحفيون عرب باعتبارهم رموزا لحرية الصحافة، وبرزت قضايا وتجاذبات ثقافية كان الإعلام طرفا فيها أو جزءا منها. ونالت قناة الجزيرة النصيب الأوفى من محاولات انتهاك حريتها كمؤسسة وحرية صحفييها في نشر الحقيقة وأداء مهنتهم. فالزميل تيسير علوني مراسل الجزيرة تصدر السلطات الإسبانية في 26 سبتمبر 2005 حكمها بسجنه سبع سنوات مع الغرامة بتهمة "التعاون" مع ما أسمته منظمة إرهابية، رغم تبرئته من الانتماء لتنظيم القاعدة. وقد رأى خبراء القانون أن العقوبة لا تتناسب مع التهمة التي أدين بها علوني. ولا يزال الزميل سامي الحاج مصور الجزيرة معتقلا في سجن غوانتانامو للسنة الرابعة دون محاكمة أو اتهام محدد كما يقول محاميه كلايف ستافورد. وفي 22 نوفمبر تنشر صحيفة الديلي ميرور البريطانية مذكرة بالغة السرية تضمنت اقتراحا للرئيس الأمريكي جورج بوش بقصف مقر قناة الجزيرة في قطر، وذلك في محضر حديث جرى بين بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير. وفي 10 نوفمبر تعرض الزميل أحمد منصور لاعتداء بالضرب بينما كان واقفا قرب مكتب الجزيرة في القاهرة، وفي مصر أيضا تعرض عدد من مراسلي الجزيرة ومصوريها لمضايقات خلال تغطية الانتخابات البرلمانية المصرية في نوفمبر.
وفي فلسطين اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الزميل عوض الرجوب مراسل الجزيرة نت.
توسعت الاعتداءات وتعددت أشكالها بما لم يسبق له مثيل، وقد برزت في أبشع صورها ضمن الاضطرابات التي يعيشها المشهد السياسي اللبناني في ظل مسلسل الاغتيالات، حيث اغتيل الصحفي اللبناني سمير قصير والإعلامي جبران تويني ونفذت محاولة لاغتيال الإعلامية مي شدياق أدت إلى بتر يدها ورجلها. وفي مصر وأثناء إجراء استفتاء في 25 مايو 2005 تعرضت صحافيات للإهانة ولتحرشات جنسية. وكان رئيس تحرير جريدة العربي الناصرية عبد الحليم قنديل قد تعرض للاختطاف أواخر العام 2004 وجرد من ملابسه ثم ترك في طريق وعر، بعد الاعتداء على الصحفي والنائب المعارض حمدين صباحي بالضرب. وفي تونس تعرض مراسل صحيفة ليبيراسيون كريستوف بولتانسكي للضرب على أيدي أربعة أشخاص قبل قمة المعلوماتية بأيام. وفي اليمن تعرض الأمين عام لمركز التأهيل وحماية الحريات الصحفية محمد صادق العديني للضرب مرتين خلال أسبوع واحد، وقال رئيس تحرير مجلة الوسط الأسبوعية اليمنية جمال عمرو إنه تعرض للخطف في صنعاء على أيدي مجهولين استجوبوه حول مصادر معلوماته واعتدوا عليه وهددوه ثم أخلوا سبيله.
وفي سوريا اعتقلت السلطات الصحفي والأكاديمي السوري حسين العودات مدير دار الأهالي للنشر والمسؤول عن رصد الحريات التابع لاتحاد الصحفيين السوريين مع سبعة أعضاء في مجلس إدارة منتدى الأتاسي، بعد عشرة أيام من اعتقال الصحفي علي العبد الله عضو مجلس إدارة منتدى الأتاسي أيضا. وفي ليبيا قامت السلطات باعتقال الكاتب الليبي عبد الرازق عبد الونيس المنصوري في 12 يناير. لم تكن هذه الاعتداءات ذات أثر سلبي دائما على العمل الإعلامي، بل كانت إلى حد كبير دافعا للصحفيين للتمسك بتقاليد مهنتهم، خاصة أنهم تلقوا دعما شعبيا كبيرا ومن المنظمات الحقوقية، فضلا عن التضامن المتبادل بينهم والاصطفاف للدفاع عن حريتهم في أداء مهمتهم، وشهد عام 2005 عددا كبيرا من مؤتمرات التضامن مع الصحفيين، وشهدت قطر مع بدايته تدشين اللجنة العربية للدفاع عن الصحفيين.كما كرم عدد من الصحفيين في أكثر من بلد، فقد منح الاتحاد العالمي للصحف في سول جائزة القلم الذهبي الحر لعام 2005 للصحفي السوداني محجوب محمد صالح رئيس تحرير صحيفة "الأيام"، ومنحت يومية "الخبر" الجزائرية جائزتها الدولية السنوية للصحافة لمراسل الجزيرة طارق أيوب الذي استشهد أثناء تغطيته أحداث الحرب على العراق من بغداد. وفازت قناة الجزيرة الفضائية بجائزة التميز للعلامات الوطنية الخليجية، في إطار فعاليات المنتدى الاقتصادي الرابع لدول مجلس التعاون الخليجي بدبي بالتزامن مع القمة الخليجية التي تستضيفها الإمارات. وفي هذا العام أطلقت شبكة الجزيرة قناتين من باقتها إحداهما "الجزيرة مباشر" والأخرى "الجزيرة للأطفال"، وأعلنت هيئة الإذاعة البريطانية BBC أنها ستطلق قناة تلفزيونية باللغة العربية بعد عملية إعادة هيكلة خدمتها الدولية عبر إنهاء عمل عشر إذاعات بينها ثمان موجهة إلى أوروبا. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي أن محطة التليفزيون الفرنسية الإخبارية الدولية ستطلق قريبا وستبث بالفرنسية والإنكليزية والعربية والإسبانية. وفي ديسمبر بدأت قناة عشتار التي تختص بالشأن الآشوري الكلداني السرياني في العراق، كما بدأت مجموعة من الصحفيين المصريين تجربة طموحا لإطلاق أول إذاعة إخبارية عبر شبكة الإنترنت، في خطوة تستهدف كسر احتكار الدولة للبث الإذاعي والتليفزيوني. ومع ذلك شهد هذا العام قيام مسؤولي الرقابة بالاتحاد الأوربي بمنع بث قناة المنار التليفزيونية التابعة لحزب الله اللبناني عبر الأقمار الصناعية الأوروبية، وعلقت السلطات الإيرانية عمل مكتب قناة الجزيرة في طهران على خلفية التطورات الأخيرة في إقليم خوزستان ذي الغالبية العربية. وقد شهدت الأوساط الإعلامية والثقافية هذا العام سجالا استمر فترة طويلة في قضية الدكتور أحمد البغدادي، حيث قضت محكمة استئناف كويتية بحبس الكاتب الصحفي أحمد البغدادي لمدة سنة واحدة مع وقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات بسبب، آراء تتضمن - حسب الادعاء - سخرية وتحقيرا للدين الإسلامي . وقد أثارت قرارات تمنع ظهور المذيعة على شاشات التليفزيون بحجاب إسلامي جدلا واسعا في مصر، بعدما صدر حكم قضائي يلغي قرارا بمنع ظهور مذيعات محجبات على شاشة القناة الخامسة، وفي الأردن رفعت المذيعة نوف التميمي دعوى قضائية ضد إدارة مؤسسة الإذاعة والتليفزيون لأن المؤسسة قررت نقلها للإذاعة بعد ارتدائها الحجاب.
الاحتلال يعتقل مراسل الشرق
كما اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلية في ساعة مبكرة من فجر الأحد 25 سبتمبر 2005 الصحافي نزار رمضان مراسل الشرق في الأراضي الفلسطينية، ومدير مؤسسة المستقبل للدراسات والإعلام في الخليل. وقال منتصر رمضان نجل الأسير نزار إن قوات كبيرة من جيش الاحتلال حاصرت منزله واقتحموه وشنوا حملة تفتيش في البيت ثم اقتادوا والده إلى الاعتقال. ونددت كتلة الصحفي الفلسطيني بعملية الاعتقال. وكانت سلطات الاحتلال قد اعتقلت رمضان لمدة ستة عشر شهرا لدى اجتياح الأراضي الفلسطينية قبل نحو ثلاثة أعوام ثم أفرج عنه، ليعاد اعتقاله ثانية.
200 جندي يقتحمون مكتب الشرق
وفي 20 ديسمبر 2005 اقتحمت قوات كبيرة من جيش ومخابرات الاحتلال الإسرائيلي، تقدر بحوالي مائتي جندي يرافقها العديد من السيارات العسكرية، مقر مكتب صحيفة الشرق في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، حيث قامت هذه القوات بتطويق عمارة الإسراء، التي يقع في أحد طوابقها المكتب، وكسرت الأقفال والأبواب الحديدية وتم العبث بجميع محتويات المكتب، حيث قامت بمصادرة بجميع الحواسيب والأجهزة الموجودة داخل المكتب إضافة إلى تحطيم وبعثرة الأثاث والمحتويات. ويأتي هذا الاقتحام في إطار الهجمة على المؤسسات الإعلامية والصحفية واعتقال وملاحقة الصحفيين لمنع حرية الكلمة والتعبير عن الرأي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.