تسلم سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" الإسلامي المغربي جائزة "المسلم الديمقراطي" السنوية التي يقدمها مركز "الدراسات حول الإسلام والديمقراطية" في العاصمة الأمريكية. وجاء تسليم الجائزة خلال الزيارة التي يقوم بها العثماني حاليا للولايات المتحدة بدعوة من المركز، وعلى هامش المؤتمر السنوي السابع للمركز، والذي تم تخصيصه هذا العام لموضوع "تحديات الديمقراطية في العالم الإسلامي"، وشارك فيه نخبة من الباحثين والمفكرين من الدول العربية والإسلامية. وفي مداخلته لدى تسلم الجائزة قال العثماني: "إذا كانت الديمقراطية هي حكم الشعب لنفسه بنفسه بشكل مباشر أو غير مباشر، فإن الاعتقاد بوجود تعارض ما بين الديمقراطية والإسلام قد يكون خطأ جليا". وأوضح أن "السبب الأول وراء ذلك يكمن في أن الإسلام لا يحدد أي شكل ثابت لما يجب أن تكون عليه الحكومة أو مشاركة المواطنين فيها، ولكنه يترك ذلك للإبداع البشري وتطوره حسب التطور الحضاري للإنسان". وأردف قائلا: إن الزعم بوجود "تطابق أو تنافر بين الشورى والديمقراطية قد يكون أيضا خطأ، لأن الشورى مبدأ وليست نظاما للحكم". ولفت العثماني إلى أن "الأحزاب الإسلامية المعتدلة في العالم العربي والإسلامي تضطلع بمسئولية كبيرة تاريخية وحضارية، بما أنها مدعوة اليوم إلى الاضطلاع بدور مهم في العملية الإصلاحية السياسية والديمقراطية في بلدانها". وفيما يتعلق بأنشطة زيارته الحالية للولايات المتحدة، فقد شارك العثماني في ندوة برعاية مؤسسة كارينجي للسلام دافع خلالها عما سماه "ورش الإصلاحات الكبرى في المغرب في مختلف القطاعات، منها مدونة الأسرة (قانون الأحوال الشخصية)، والجهود التي بذلها المغرب من أجل المصالحة وتعويض ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان واعتذار الدولة" عن هذه الانتهاكات. وأشاد القيادي الإسلامي بالتجربة التي سار فيها المغرب بوصفها "تجربة فريدة ويمكن أن تشكل نموذجا يحتذى به في المنطقة". لكن العثماني اعترف بأنه "ما تزال هناك تحديات مطروحة وإصلاحات أخرى ينبغي على المغرب القيام بها على المستوى الدستوري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي". وتطرق إلى الحديث عن نزاع الصحراء قائلا: إنه "من مخلفات الحرب الباردة". وأشار إلى مساندة حزبه للاقتراح الذي طرحه العاهل المغربي الملك محمد السادس بشأن الحكم الذاتي في الصحراء، معتبرا أنه مقترح "يحافظ على سيادة المغرب ويخدم مصالح المنطقة بأكملها". ومن المنتظر أن يشارك العثماني في ندوات بالعديد من مؤسسات ومراكز الدراسات كجامعة هارفارد، كما سيجري مباحثات مع أعضاء من الكونجرس الأمريكي قبل أن يتوجه إلى كندا في منتصف مايو الجاري. واعتبر عدد من المراقبين للشأن المغربي أن الفعاليات والمحاضرات التي سيلقيها العثماني ستتيح للإدارة الأمريكية التعرف عن قرب على فكر الحزب الذي تتصاعد بشكل مطرد التكهنات بخصوص قرب وصوله للحكم. "مهمة وإيجابية" وعلى هامش المؤتمر السنوي السابع لمركز "الدراسات حول الإسلام والديمقراطية"، امتدح ناتان براون الباحث الأمريكي من مؤسسة كارينجي تجربة حزب العدالة والتنمية السياسية بوصفها "مهمة وإيجابية للغاية". وقال: إن الحزب "استطاع التعامل مع المرجعية الإسلامية بطريقة أكثر عمقا وأكثر امتدادا مقارنة مع أحزاب أخرى مشابهة في المنطقة". وأضاف براون أن "العدالة والتنمية ليس حزبا رفع شعارا أو شعارين من أجل المشاركة في الانتخابات، بل ناقش وبحث بشكل جدي للغاية، وعلى امتداد عدة سنوات، ما يعنيه دخوله في اللعبة السياسية على أسس ديمقراطية". واعتبر الباحث الأمريكي أن الحزب لديه أجندة سياسية واسعة وشاملة لا تنحصر فقط في القضايا الثقافية والدينية المحضة التي ترتكز عليها عادة هذه الأحزاب الإسلامية. وأوضح أن "بعض هذه الأحزاب التي أبدت استعدادها للمشاركة في المسلسل الديمقراطي تتحدث بشكل أقل عن تطبيق الشريعة، وبشكل أكبر عن الإسلام كمرتكز مرجعي". أحزاب مؤهلة من جهته ثمن محمد ضريف أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق المحمدية بالمغرب والمتخصص في الحركة الإسلامية تصريحات العثماني، معتبرا أن الحركة الإسلامية المعتدلة "مؤهلة بشكل عام" للعب أدوار رائدة في تطوير بلدانها. وأوضح ضريف في تصريحات خاصة ل"إسلام أون لاين.نت" اليوم الخميس 11-5-2006 أن ثمة سببين وراء ذلك: "أولهما: أن المجتمعات العربية والإسلامية بحاجة إلى الديمقراطية وكل التيارات، ومنها الحركات الإسلامية، التي تناهض الاستبداد، والآخر: أن هذه البلدان في حاجة إلى الحفاظ على هويتها التي يختزلها الإسلام أساسا". وأردف ضريف قائلا: "الذين أرادوا الإسلام دون تطبيق الديمقراطية فشلوا، وكذلك الذين أرادوا الديمقراطية دون إسلام". ولفت إلى أن "القوى السياسية التي توفرت لها فرص النجاح هي تلك التي جمعت بين الإسلام والديمقراطية". وتأتي زيارة سعد الدين العثماني للولايات المتحدة وسط جدل بين الأحزاب السياسية المغربية بشأن استطلاع حديث للرأي منح حزب العدالة والتنمية نسبة 47% من الأصوات المتوقع مشاركتها خلال الانتخابات التشريعية المقررة في 2007، مما قد يؤهله لتشكيل الحكومة المقبلة. في الوقت نفسه أفاد الاستطلاع، الذي أجراه المعهد الجمهوري الدولي، بأن حزبا "الاتحاد الاشتراكي للقوى الشعبية" و"الاستقلال" (القومي) احتلا المركزين الثاني والثالث بنسبة 17% و12% من الأصوات.