يتوقع مراقبون أن تكون انتخابات مجلس الشورى المصري (الغرفة الثانية في البرلمان) معركة «محسومة» للحزب الوطني الديموقراطي الحاكم، خصوصاً في ظل التعديلات الدستورية الأخيرة التي ألغت الإشراف القضائي المباشر على الاقتراع، إضافة إلى الفتور الواضح في تعاطي جماعة «الإخوان المسلمين» وأحزاب المعارضة الرئيسية مع الاستحقاق المقرر في حزيران (يونيو) المقبل. وتجرى انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى في 23 محافظة من أصل 26، باستثناء مرسى مطروح وبورسعيد وبني سويف التي لم تمر ست سنوات على انتخاب نوابها. ويتنافس المرشحون على 88 مقعداً في 76 دائرة انتخابية، كما سيصدر قرار جمهوري بتعيين 44 عضواً بعد انتهاء مدتهم الدستورية. ويبلغ عدد أعضاء المجلس 264 عضواً، نصفهم معينون. وعلى رغم أن «الإخوان» أعلنوا أنهم سيخوضون الانتخابات، فإن قادة الجماعة بدوا أقل تحمساً في الحديث عنها، مقارنة بانتخابات مجلس الشعب الأخيرة التي حصدوا فيها نحو خُمس مقاعد البرلمان، وقد يبدو هذا مبرراً في ظل مخاوفهم من «تزوير» محتمل في ظل غياب الإشراف القضائي المباشر. كذلك، فإن أحزاب المعارضة الرئيسية لم تبد اهتماماً بانتخابات الشورى كعادتها، نظراً إلى عدم توافر مرشحين لهم ثقل. وفي المقابل، سيستفيد الحزب الحاكم من هدوء المعركة بين جناحي الحرس القديم والحرس الجديد داخله، خصوصاً في ضوء الخسائر التي منيت بها إدارة الحرس الجديد بقيادة جمال مبارك نجل الرئيس لانتخابات مجلس الشعب العام الماضي، حين حقق «الإخوان» انتصارهم غير المسبوق، وعودة الحزب إلى أساليبه القديمة لاحتواء الخسائر من خلال ضم نواب مستقلين لضمان الغالبية. وتجسدت هذه «المعركة الناعمة» في قرار هيئة مكتب الحزب القيادية إسناد مهمة إعداد المجمعات الانتخابية المخولة اختيار مرشحي «الوطني» في الانتخابات إلى رئيس ديوان رئيس الجمهورية الدكتور زكريا عزمي. وإلى جانب عزمي، يلعب أبرز رموز الحرس القديم الأمين العام للحزب صفوت الشريف دوراً مهماً في إدارة الحملة الانتخابية يتقاسمه وأمين التنظيم في الحزب رجل الأعمال أحمد عز القريب من جمال مبارك. ويرى الباحث في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور عمرو الشوبكي أن «المعركة داخل أجنحة الوطني ستكون هادئة للغاية وسيتقاسم كل من الحرس الجديد والقديم عملية إدارة الانتخابات بعد فشل الحرس الجديد في فرض سطوته بسبب هزيمته في انتخابات مجلس الشعب». وأشار إلى أن هذه المعركة «لن يحسمها طرف لمصلحته على حساب الآخر»، مرجحاً أن يكون «الجناحان اتفقا على التوازن في توزيع الأدوار». وأوضح أن «عزمي سيلعب دور رمانة الميزان، في الموازنة بين كفتي الحرس القديم والجديد». لكن الدكتور محمد كمال الناطق باسم أمانة السياسات التي يرأسها جمال مبارك قال إن «مسألة الحرس القديم والجديد ليست دقيقة، فالحزب يضم مختلف الأجيال، وكل جيل وكل مسؤول في الحزب يقوم بدور، ولا يعني هذا أن هناك تنافساً بين هذه الأجيال، فكلنا أبناء حزب واحد بغض النظر عن الجيل». ورفض القول إن انتخابات الشورى ستكون معركة سهلة لحزبه، مشيراً إلى أنها «انتخابات بها تنافسية ويسعى الوطني فيها إلى تحقيق الفوز شأنها شأن أي انتخابات، إضافة إلى أن التعديلات الدستورية منحت الشورى صلاحيات تشريعية».