لاحظت أوساط جزائرية أن مرشحي الأحزاب السياسية والمرشحين المستقلين للاستحقاقات التشريعية المقررة في 17 أيار (مايو) المقبل باشروا تنظيم سلسلة من التجمعات الانتخابية في الولايات، عشية بدء الحملة الرسمية للاقتراع، في مسعى واضح لتجاوز الصدمة التي أحدثتها بين المواطنين تفجيرات «الأربعاء الأسود» قبل أسبوع في العاصمة والتي تبناها تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي». وركّز قادة الأحزاب السياسية في جولات لهم عبر الولايات، أمس، على حض الناخبين على إدانة الإرهاب والتبرؤ من اعتداءات «القاعدة»، وشحذ عزيمة الجزائريين على «تجاوز المحنة» ودعم «سياسة السلم والمصالحة الوطنية». وتنطلق الحملة الانتخابية رسمياً الخميس المقبل (26 نيسان/أبريل)، إلا أن ليس هناك ما يوحي بأن البلاد مقبلة حقاً على استحقاقات سياسية لتجديد البرلمان، لولا بعض اللوحات الإعلانية التي بدأ عمال البلديات ينصبونها في الساعات الماضية في بعض أحياء العاصمة. ومنذ اعتداءات «الأربعاء الأسود» التي استهدفت قصر الحكومة في قلب العاصمة ومقراً أمنياً في باب الزوار (15 كلم شرقاً) مخلّفة 32 قتيلاً ونحو 226 جريحاً، لا يزال الحديث اليومي للجزائريين يتركز على محاولة فهم سبب التردي المفاجئ للوضع الأمني والأسباب التي دفعت شباناً في مقتبل العمر إلى تنفيذ عمليات «انتحارية» في ظاهرة غير مألوفة عبر سنوات الأزمة المستمرة منذ العام 1992. وفي ظل مثل هذا الوضع والمخاوف من «مفاجآت جديدة» يتردد أنها قد تحصل في الأيام المقبلة، بدا أن الأحزاب السياسية والمرشحين للانتخابات التشريعية المقبلة حصروا الخطاب السياسي في محور واحد أساسي هو «إدانة الإرهاب ودعم المصالحة الوطنية». في غضون ذلك، تشهد الشوارع الأساسية في قلب العاصمة، مثل ديدوش مراد والعربي بن مهيدي، حالاً من الهدوء الحذر، وقد تقلص عدد المشاة فيها في شكل لافت، بلا شك بسبب المخاوف من تفجيرات جديدة. كما عززت المباني الرسمية، مثل التلفزيون الجزائري، الإجراءات الأمنية حولها ووضعت حواجز كبيرة لصد أي محاولة اعتداء بسيارات مفخخة يقودها «انتحاريون». كذلك عُززت التدابير الأمنية حول بعض المسؤولين. ووضعت وزارة الداخلية أرقاماً هاتفية يمكن للمواطنين الاتصال عبرها بأجهزة الأمن لتقديم معلومات عن أي سلوكات أو تصرفات مشبوهة. لكن مسؤولين في خلية تلقي المكالمات سجّلوا في تصريحات نُشرت أمس أن كثيراً من المكالمات التي تتلقاها الأجهزة الأمنية تأتي من أطفال صغار يستهزئون بأفراد الأمن أو من أشخاص يقدمون بلاغات كاذبة. وتم خلال يوم واحد فقط تسجيل 1000 بلاغ كاذب، كما فجّرت أجهزة الأمن 11 سيارة مشبوهة اعتقدت أن فيها مواد متفجرة.