*صورة الرئيس الجديد لجزر القمر يمثل فوز الشيخ أحمد عبد الله سامبي في الانتخابات الرئاسية بجزر القمر التي خضعت لسنين طويلة للاحتلال الفرنسي انتصارا لتيار "العربفون" على تيار "الفرانكفون"؛ حيث يعد أول رئيس قمري من خريجي الجامعات العربية. والشيخ سامبي ذو التوجهات الإسلامية العربية من مواليد عام 1961، وقد تلقى تعليمه الأساسي على أيدي العلماء القمريين، ثم سافر إلى المملكة العربية السعودية وحصل على الشهادة الثانوية من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في أواخر الثمانينيات، وانتقل بعد ذلك إلى إيران لدراسة النظرية السياسية الإسلامية بكلية الشريعة بجامعة طهران على مدى أربع سنوات. واشتغل سامبي بعد عودته بالعمل الدعوي؛ حيث أدار مدارس لتعليم القرآن في جزيرة "أنجوان" التي ينتمي إليها والتي تعد ثاني كبرى الجزر الثلاث في البلاد لمدة 20 عاما. كما اشتغل بالتجارة؛ حيث أدار العديد من الشركات مختلفة الأنشطة في المقاولات والتشييد وفي المياه الغازية والعطور والسجاد. ودخل معترك السياسة والعمل الحزبي عام 1996 وانتخب نائبا في البرلمان القمري عن أنجوان، وفي عام 1997 قدم استقالته من المجلس إثر انفصال جزيرته عن جمهورية القمر الاتحادية، فتم نفيه إلى جزيرة "موهيلي" المجاورة بسبب معارضته لفكرة الانفصال التي شابتها توترات واسعة، ثم عاد بعد تحسن الأوضاع. وعاد سامبي من جديد إلى السياسية عندما دخل سباق المنافسة على الرئاسة كمرشح مستقل، وحقق فوزا كبيرا على منافسيه في أول انتقال سلمي للسلطة منذ 30 عاما. وأعلن وزير الدولة المكلف بشئون الانتخابات علي عبد الله لوكالة الأنباء الفرنسية الثلاثاء 16-5-2006 فوز سامبي بحصوله على ما بين 60 إلى 75% من إجمالي أصوات الناخبين، بحسب نتائج رسمية شبه نهائية. ووصلت نسبة المشاركة في الانتخابات التي جرت الأحد 14 مايو الجاري إلى 58%، ومن المتوقع أن تعلن المحكمة الدستورية النتائج النهائية الرسمية خلال ساعات. وقد أبدت العديد من الدول العربية ترحيبها بفوز سامبي؛ حيث وصل وفد من أمانة جامعة الدول العربية إلى جزر القمر لتهنئته. وعلى النقيض، فإن هناك مخاوف غربية بشأن فوز سامبي خاصة فيما يتعلق بعلاقاته بإيران؛ حيث أشارت تقارير صحفية فرنسية عقب الإعلان عن فوزه إلى "أن الخلفية المعرفية للشيخ أحمد والتي ترتبط بإيران غير مطمئنة". وحول علاقته بطهران أكد سامبي أنّها "علاقة علمية فكرية ترتبط بالتحصيل العلمي في مؤسساتها العلمية والأكاديمية وليست أكثر". ونفى شائعات تفيد بأن له روابط سياسية مع إيران، لكنه أشار إلى أنه لا يستبعد قيام علاقات ودية معها. وقال لوكالة "رويترز": "في الوقت الحالي ليست لي صلات مع إيران، لكنني لن أرفض العلاقات معها؛ فنحن بحاجة للعون من الجميع". كما أشار إلى أنه ينوي أيضا تطوير علاقات جزر القمر بالدول العربية والإسلامية خاصة الكبرى منها، مثل نيجيريا وماليزيا وتركيا وإندونيسيا وإيران. توجه إسلامي ومعروف عن سامبي توجهاته الإسلامية وريادته للإعلام الإسلامي في جزر القمر؛ فهو أول من أنشأ إذاعة إسلامية، ثم قناة تلفزيونية للبرامج الإسلامية في منتصف التسعينيات من القرن الماضي. واستنكر سامبي التهمة التي ألصقها به منافسوه بأنه "إسلامي متطرف" يسعى لفرض الشريعة وسيستعدي الغرب، وقال لرويترز: "أنا لست متطرفا.. أنا ضد التطرف وضد الإرهاب.. أنا من علماء الدين وأومن بالواقعية". وتابع سامبي الذي زار كنيسة كاثوليكية الأسبوع الماضي لإظهار آرائه المتسامحة: "لم أستخدم شعارا إسلاميا واحدا في حملتي الانتخابية التي كانت تدور حول محاربة الفقر.. من يتهمونني مجرد سياسيين بغاة.. أهل جزر القمر ليسوا متطرفين". برنامجه الانتخابي وانتخب سامبي الملقب "بآية الله" بسبب تدينه ودراسته في إيران استنادا إلى دعوته للتغيير بعد عشرات السنين من الفساد والصراع الأهلي. واشتمل برنامج سامبي الانتخابي على ثلاثة أمور أساسية: أولها تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين، وكذلك الحد من الفقر ومحاربة البطالة بين الشباب، كما تضمن برنامجه مشاريع التحديث العمراني لجزر القمر من خلال إقامة سلسلة من المجمعات السكنية على الطراز الحديث في محاولة للقضاء على ظاهرة الأكواخ المنتشرة هناك. ومن المقرر تنصيب سامبي حاكما رسميا على البلاد يوم 25-5-2006. وعن فوزه قال سامبي، وهو لاعب كرة سلة سابق: "شعب جزر القمر أراد التغيير، وأراد تأنيب الحكومة المنتهية ولايتها التي لم تفعل شيئا خلال فترة توليها السلطة". يشار إلى أن 98% من سكان جزر القمر البالغ عددهم 670 ألف نسمة مسلمون سنة مثل سامبي، والباقي من الكاثوليك. وعانت جزر القمر من 19 انقلابا أو محاولة انقلاب منذ الاستقلال عن فرنسا في عام 1975 قام بأربعة منها المرتزق الفرنسي الشهير بوب دينار. وفي عام 2001 أجريت تسوية دستورية يتناوب بموجبها على منصب الرئاسة شخص من كل جزيرة من الجزر ال3 كل 4 سنوات.