يبدو ان العاصفة التي أثارتها نتائج تقرير لجنة فينوجراد التي شكّلتها الحكومة الإسرائيلية للتحقيق في الخسارة المذلة لجيشها في حرب لبنان الصيف الماضي لن تهدأ بالسهولة التي يتمناها رئيس وزراء دولة الاحتلال ايهود أولمرت. وزلزلت استنتاجات التقرير إسرائيل حكومة وشعبا وانقسم أعضاء الكنيست من المعارضة والائتلاف بين أصوات تنادي باستقالة أولمرت وأخرى تدعو إلى بقائه في منصبه، كما بدأ الشارع الاسرائيلي يشهد تنظيم مسيرات تطالب باستقالة اولمرت ووزير دفاعه عمير بيرتس. وظهرت توابع زلزال "فينوجراد" من خلال دعوات متزايدة تنادي باستقالة أولمرت إثر الانتقادات الحادة التي وجهتها إليه اللجنة، وتبدو الانتقادات قوية إلى درجة لا يسمع معها أي صوت يدعم رئيس الوزراء منذ صدور التقرير أول من أمس، باستثناء صوت أولمرت نفسه ومحاميه وبعض المقربين منه. وبدأت رياح عصيان تعصف بأولمرت حتى في صفوف حزبه كاديما، بينما يلمح أعضاء في حزب الوسط بمن فيهم وزراء إلى أنهم سيدعون رئيس الوزراء إلى مغادرة السلطة. والضغوط التي يواجهها أولمرت امتدت إلى داخل حزبه كاديما، حيث دعت مارينا سولودكين النائبة عن الحزب في الكنيست أمس أولمرت للاستقالة من منصبه. وهي بذلك تعتبر أول نائبة من الحزب ترفع مثل هذا المطلب. كما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية إن التقرير الأولي يشير ضمنا إلى أن لجنة التحقيق ربما توصي باستقالة رئيس الوزراء في تقريرها النهائي المنتظر صدوره هذا الصيف. كما كشف استطلاع للرأي أن حوالى 70% من الإسرائيليين يريدون استقالة أولمرت مقابل 15% يرون أنه ما زال قادرا على البقاء في السلطة. وفي تلك الأثناء نظم عشرات الإسرائيليين صباح أمس مسيرة من مدينة حيفا إلى تل أبيب للمطالبة أيضا باستقالة أولمرت ووزير دفاعه. بريتس وليفني يفكران في الاستقالة.. --------------------- في هذه الأثناء، ذكرت تقارير صحفية اليوم الأربعاء ان وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيرتس ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني باتا الآن أقرب الى تقديم استقالتيهما، كما هدد رئيس الائتلاف الحكومي، آفي يتسحاكي، هو الآخر بالاستقالة من منصبه كرئيس للائتلاف الحكومي وأعلنها حربا مفتوحة وعلنية ضد أولمرت مطالبا باستقالته، محذرا من "تبخر" حزب كديما إذا ما بقي أولمرت في رئاسة الحكومة. ويرى مراقبون أن المواجهة بين أولمرت وليفني تقترب من نقطة الانفجار. ويتوقعون أن يكون اللقاء المرتقب بينهما اليوم سوف يكون حاسما. ويتوقع أن تكسر ليفني اليوم صمتها وتوجه انتقادات شديدة لأولمرت ولأدائه في فترة الحرب. وقال مسؤولون في كديما أن ليفني قالت بعد أن قرأت التقرير أنه يستحسن أن يستقيل رئيس الوزراء. ونقل موقع "صوت إسرائيل" على الانترنت اليوم عن مصادر صحفية قولها، أن ليفني ستبلغ أولمرت لدى إجتماعهما عصر اليوم بقرارها الاستقالة من الحكومة على خلفية تقرير لجنة فينوجراد وذكرت مصادر أخرى أن ليفني ستطالب أولمرت بالاستقالة من منصبه. وهاجم مقربون من أولمرت يوم أمس ليفني بالقول إنها تتآمر ضده علنا وتعمل لتجنيد أعضاء كنيست للتصويت على حجب الثقة عن أولمرت داخل كديما. الضربة الأولى لأولمرت .. ******************* وكانت الضربة الأولى لألمرت يوم أمس باستقالة الوزير بدون حقيبة إيتان كابل والذي يمثل حزب العمل، وتوجيهه انتقادات شديدة لأولمرت مطالبا إياه بالاستقالة، وانضم المرشح لرئاسة حزب العمل، رئيس الشاباك السابق عامي أيالون إلى الداعين إلى استقالة أولمرت. وقال كابل أنه سيحاول إقناع حزب العمل بالانسحاب من الائتلاف مع حزب كاديما. وتوقع معلق إذاعة الجيش الإسرائيلي أن تؤدي استقالة كابل إلى سلسلة استقالات لوزراء آخرين. وقال موظفون في مكتب أولمرت "لا شك بأنها ضربة قاسية، وثمة شك في أن يستطيع رئيس الوزراء التعافي منها". وذكر عضو كاديما أن "الاستنتاجات واضحة للغاية. التقرير يسمح لرئيس الوزراء بحزم حقائبه وترك منصبه. يجب أن يستقيل". وقال عضو آخر لراديو الجيش الإسرائيلي"سنسمح لأولمرت باستخلاص النتائج بنفسه غير أنه من الواضح لنا أنها نهاية القصة". سيناريوهات ما بعد زلزال "فينوجراد" .. *************** على صعيد آخر, يرى سياسيون أن تغييرات كبيرة سوف تطرأ على الحياة السياسية في إسرائيل، فتقرير فينوجراد أخرج الكثير من القوى عن صمتها وأظهر الكثير من مواضع الخلل السياسية والعسكرية التي تحتاج إلى تصحيح. وفي هذا السياق، حاول متخصصون في الوضع الداخلي الإسرائيلي تلخيص سيناريوهات الفعل الإسرائيلي في فترة ما بعد تقرير فينوجراد المرحلي، وكانت كالتالي .. سيناريو الصمود .. ************* ويتحدث هذا السيناريو عن صمود إيهود أولمرت أمام الضغوط وترك الزمن يفعل فعله في تبديد أثر الحملات ضده من خلال تشكيل لجان لتنفيذ توصيات لجنة فينوجراد. وذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية ان أولمرت سوف يتجاهل التظاهرات وينتظر أن يتحول منتقدوه من شن الحملات ضده إلى الإشادة بقدرته على الصمود وربما جرأته على دفن التوصيات إلى جانب تقارير لجان أخرى سبقتها. ومع الوقت يحاول أولمرت خلق جدول أعمال بديل، كتحريك العملية السياسية أو طرح خطط بعيدة المدى لتحقيق السلام ربما تصرف الأنظار عن آثار الحرب. ولا يستبعد البعض أن تصرف الأنظار عن حرب لبنان بحرب أخرى تقع في المنطقة إما بمبادرة أميركية ضد إيران أو لسوء تقدير على الجبهة السورية. سيناريو الاستقالة .. *************** في هذه السيناريو، يتحدث عدد من قادة حزب كديما الحاكم عن صعوبة مواجهة عواقب التقرير، إذا نص صراحة على أن أولمرت شخصيا فشل في قيادة الحكومة في الحرب، ويرى هؤلاء أن لا حل في وضع كهذا سوى استقالة أولمرت، إذا أراد كديما مواصلة الحياة. وفي المقابل، فإن مقربين من أولمرت يشددون على أنه ليس ثمة ما يستدعي الاستقالة، خصوصا أن تقرير فينوغراد المرحلي لا يتضمن أي توصيات شخصية. ومع ذلك فإن قلة من مستشاري أولمرت، وبعد قراءتهم للواقع الإسرائيلي، نصحوه بالإعلان عن أنه أخطأ وأنه يتحمل العواقب وبالتالي يقدم استقالته. سيناريو الانهيار .. ************** يتحدث هذا السيناريو عن إمكانية انهيار حكومة أولمرت عبر احد احتمالين: تمرد عدد كبير من أعضاء كديما عليه، أو تمرد مكونات ائتلافية مهمة مثل حزب العمل أو اجتماع "شاس" و"إسرائيل بيتنا" ضده. وبرغم أن هناك إشارات متعددة على احتمالات تنفيذ انقلاب في كديما ضد أولمرت، إلا أن أيا منها لن يتحقق قريبا. وتم الحديث مؤخرا عن فكرة قيام عشرة من أعضاء الكنيست من كديما بالانشقاق عن هذا الحزب والانضمام لليكود، ما يجعل الليكود الحزب الأكبر وربما القادر على تشكيل حكومة جديدة برئاسة نتنياهو. كما جرى الحديث عن احتمال قيام 15 عضوا من كديما بتوجيه إنذار لأولمرت للاستقالة أو أنهم سيطيحون به.