انتخب اليميني نيكولا ساركوزي الاحد رئيسا للجمهورية الفرنسية متقدما بفارق مريح على منافسته الاشتراكية سيغولين روايال بحصوله على اكثر من 53% من الاصوات وفق اولى تقديرات معاهد الاستطلاع. وحصل ساركوزي على 53,2% وفق معهد "سي اس ايه" و53,3%وفق ايفوب و53% وفق تقديرات معهدي سوفريس وايبسوس المنشورة في الساعة 20,00 (18,00 تغ). ويحل زعيم الاتحاد من اجل حركة شعبية البالغ من العمر 52 عاما مكان جاك شيراك (74 عاما) لولاية رئاسية من خمس سنوات. وعكست هذه الانتخابات تعبئة شعبية كبيرة تشير اليها نسبة المشاركة القوية التي قد تحقق رقما قياسيا يتراوح بين 84 و85,5% بالمقارنة مع 83,77% في الدورة الاولى. وحقق ساركوزي الذي تصدر استطلاعات الرأي منذ خوضه الحملة الانتخابية في كانون الثاني/يناير الماضي انتصارا واضحا على منافسته الاشتراكية سيغولين روايال (53 عاما) التي فشلت في تحقيق طموحها بان تكون اول امرأة في سدة الرئاسة الفرنسية. واعتبر ساركوزي في اول تصريح ادلى به بعد انتخابه ان الفرنسيين "اختاروا القطيعة مع افكار الماضي وعاداته وسلوكه". وقال امام انصاره الذي هتفوا له "ساعيد الى الفرنسيين الاعتزاز بانتمائهم الى فرنسا" متعهدا ب"اعادة الاعتبار الى العمل والهيبة والكفاءة". وعلى صعيد آخر دعا شركاء فرنسا الاوروبيين الى الاستماع الى "صوت الشعوب" مؤكدا "انني اؤمن بصدق وبعمق بالصرح الاوروبي". ومن المقرر ان يزور ساركوزي بروكسل وبرلين منذ اسبوعه الاول في السلطة. وبشأن الهجرة والتنمية وجه ساركوزي نداء "اخويا" الى كل الافارقة "لنضع معا سياسة هجرة مضبوطة وسياسة انمائية طموحة". واقرت روايال مساء الاحد بهزيمتها متمنية للرئيس الفرنسي المقبل ان "ينجز مهمته في خدمة جميع الفرنسيين" وتعهدت ب"مواصلة" معركتها السياسية من اجل "ترميم" اليسار. وتجمع الالاف من انصار ساركوزي مطلقين العنان لفرحهم في ساحة الكونكورد عند اسفل جادة الشانزيليزيه حيث ينظم "احتفال شعبي ضخم" يستمر قسما كبيرا من الليل. وبفوزه في انتخابات شهدت مشاركة كثيفة جدا عكست تعطش الفرنسيين للتغيير حقق ساركوزي المتحدر من اصل مجري والذي دخل المعترك السياسي قبل ثلاثين عاما طموح حياته وهو الدخول الى قصر الاليزيه. وبذلك يصل الى السلطة جيل جديد ولد بعد الحرب العالمية الثانية وقد اعتمد ساركوزي التجديد ايضا في الاسلوب فحث اليمين على المجاهرة بمواقفها وقيمها وتعهد باعادة "الاعتزاز" و"التفاؤل" الى بلده. وتعهد ساركوزي "بالقطيعة" مع السياسات الماضية من اجل اصلاح فرنسا بالعمق بعد عهد جاك شيراك وعهد الاشتراكي فرنسوا ميتران (1981-1995) اللذين قادا فرنسا على حد اعتباره الى التراجع. وسعى اخصامه عبثا لتشكيل جبهة تحت شعار "كل شيء ما عدا ساركوزي" مشددين على شخصيته المثيرة للجدل وعلى "العنف" الذي ينطوي عليه برنامجه. والفوز الواضح لساركوزي يعطيه قاعدة سياسية مريحة لتطبيق برنامجه غير انه سيتحتم عليه قبل ذلك خوض معركة الانتخابات التشريعية في حزيران/يونيو لضمان غالبية نيابية يتوقع منطقيا ان يمنحه اياها الفرنسيون. وافاد ساركوزي انه سينسحب بضعة ايام "للاستراحة والتكيف مع المنصب" قبل تسلم السلطة رسميا في 16 ايار/مايو. وانتخب الرئيس الجديد بناء على برنامج اصلاحات اقتصادية ليبرالية يدعو خصوصا الى خفض الضرائب والحد من عدد الموظفين في الدولة وقد تعهد بخفض نسبة البطالة الى ما دون 5% في غضون خمس سنوات. غير انه بنى انتصاره بالمقام الاول على مواضيع الامن و"الهوية الوطنية" والهجرة وعلى وعده ب"اعادة الاعتبار لقيمة العمل" فيما ركزت روايال حملتها على الشق الاجتماعي مؤكدة عزمها على تغيير فرنسا "بهدوء". انصار نيكولا ساركوزي امام مقر حزب الاتحاد من اجل حركة شعبية تجمعوا امام احد مقرات الحزب (جاك ديمارتون / ) وقد تكون هزيمة روايال بداية فترة من الاضطرابات في صفوف الحزب الاشتراكي وصولا الى ازمة مفتوحة. وفرضت المرشحة نفسها على جهاز حزبها في انتخابات داخلية غير مسبوقة لم تتردد خلالها في تخطي بعض ثوابت حزبها وفرض استراتيجيتها الخاصة ومن المتوقع ان يعمد بعض كبار الشخصيات الاشتراكية الان الى محاسبتها. وكانت استطلاعات الرأي منذ الدورة الاولى في 22 نيسان/ابريل لصالح ساركوزي الذي تقدم على روايال خمس نقاط (31,18% مقابل 25,87%) وقد سعت عبثا لاجتذاب ناخبي الوسطي فرنسوا بايرو الذي حل في المرتبة الثالثة في الدورة الاولى (18,6%). وبعد ساعتين على اعلان فوز ساركوزي وقعت صدامات في ساحة الباستيل في باريس بين متظاهرين ضد الرئيس المنتخب والشرطة على ما افاد مراسل وكالة فرانس برس. وقال المراسل ان المتظاهرين الذين كان بعضهم ملثما رشقوا بالحجارة الشرطة التي ردت بالقنابل المسيلة للدموع.