مطار طبرقة عين دراهم الدولي يستأنف نشاطه الجوي    ترامب: على الجميع مغادرة طهران فورا    هجوم إيراني جديد على تل أبيب وأميركا تنفي المشاركة بالقتال    كاس العالم للاندية : التعادل 2-2 يحسم مباراة بوكا جينيور الارجنتيني وبنفيكا البرتغالي    ملتقى تونس الدولي للبارا العاب القوى (اليوم الاول) : العناصر التونسية تحرز 9 ميداليات من بينها 5 ذهبيات    مشروع الأمر المتعلق بمنع المناولة في القطاع العام ،وحلّ شركة الاتصالية للخدمات ابرز محاور لقاء رئيس الجمهورية بوزيري الشؤون الاجتماعية وتكنولوجيات الاتصال    رئيس الجمهورية : الدّولة التونسية تُدار بمؤسّساتها وبالقوانين التي تنظّمها،,ولا أحد فوق المساءلة والقانون    كاس العالم للاندية : فلامنغو البرازيلي يجسم افضليته ويتفوق على الترجي بثنائية نظيفة    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي ينهزم بثنائية أمام فلامينغو .. ترتيب المجموعة    الترجي الرياضي التونسي ينهزم في افتتاح مشواره بكأس العالم للأندية أمام فلامينغو البرازيلي (فيديو)    فوكس نيوز: ترامب طلب من مجلس الأمن القومي الاستعداد في غرفة العمليات    في 5 سنوات.. 11 مليار دولار خسائر غانا من تهريب الذهب    بالفيديو: مطار طبرقة الدولي يستعيد حركته ويستقبل أول رحلة سياحية قادمة من بولونيا    القيروان: إزالة توصيلات عشوائية على الشبكة المائية في الشبيكة    اسرائيل تتآكل من الداخل وانفجار مجتمعي على الابواب    بعد تسجيل 121 حريقا في 15 يوما.. بن الشيخ يشدد على ضرورة حماية المحاصيل والغابات    انطلاق عملية التدقيق الخارجي لتجديد شهادة الجودة بوزارة التجهيز والإسكان    ميناء جرجيس يستقبل أولى رحلات عودة التونسيين بالخارج: 504 مسافرين و292 سيارة    يهم اختصاصات اللغات والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفنون التشكيلية والتربية الموسيقية..لجنة من سلطنة عُمان في تونس لانتداب مُدرّسين    المندوبية الجهوية للتربية بمنوبةالمجلة الالكترونية «رواق»... تحتفي بالمتوّجين في الملتقيات الجهوية    في اصدار جديد للكاتب والصحفي محمود حرشاني .. مجموعة من القصص الجديدة الموجهة للاطفال واليافعين    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    أخبار الحكومة    بورصة: تعليق تداول اسهم الشركة العقارية التونسية السعودية ابتداء من حصّة الإثنين    تونس تحتضن من 16 الى 18 جوان المنتدى الإقليمي لتنظيم الشراء في المجال الصحي بمشاركة خبراء وشركاء من شمال إفريقيا والمنطقة العربية    تونس تعزز جهودها في علاج الإدمان بأدوية داعمة لحماية الشباب واستقرار المجتمع    طقس الليلة    إسناد العلامة التونسية المميزة للجودة لإنتاج مصبر الهريسة    تجديد انتخاب ممثل تونس بالمجلس الاستشاري لاتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه لليونسكو    "تسنيم": الدفاعات الجوية الإيرانية تدمر مقاتلة إسرائيلية من طراز "إف 35" في تبريز    عاجل/ وزير الخارجية يتلقّى إتّصالا من نظيره المصري    تونس تدعو إلى شراكة صحّية إفريقية قائمة على التمويل الذاتي والتصنيع المحلي    نحو إحداث مرصد وطني لإزالة الكربون الصناعي    جندوبة: اجلاء نحو 30 ألف قنطار من الحبوب منذ انطلاق موسم الحصاد    العطل الرسمية المتبقية للتونسيين في النصف الثاني من 2025    عاجل/ شخصية سياسية معروفة يكشف سبب رفضه المشاركة في "قافلة الصمود"    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    عاجل/ آخر أخبار قافلة الصمود..وهذه المستجدات..    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديموقراطية النيجيرية فوق صفيح الفساد والصراعات العرقية... والعسكر


توفيق المديني
نالت نيجيريا استقلالها عن بريطانيافي 1 أكتوبر عام 1960,و يبلغ عدد سكانها مايقارب 140 مليو ن نسمة ,و تبلغ مساحتها 924000 كيلو متر مربع. ففي هذا البلد ذو الاكثرية المسلمة يتحرك بحر من المجمو عات الاثنية الكبيرة التي تعتقد أديانا تو حيدية ووثنية لا حد لها. و يتوزع السكان في نيجيريا وفق نسب تقارب 47% من المسلمين( خصوصا في المناطق الشمالية)و 34% من المسيحيين, و19%من أتباع الديانات الاغريقية التقليدية.
وتتميز التركيبة الاثنية في نيجيريا بنوع من التعقيد,فالشمال مسلم تقطنه قبائل ا"لهوسا/الفولاني" و التي تمثل 31%من سكان نيجيريا. و ينتمي مسلمو مناطق الشمال الى الثقافة الاسلامية في الساحل الافريقي الغربي منذ بداية القرن التاسع عشر,و هم يعتمدو ن تقليديا قضاء شرعيا ويقيمو ن مركزا خاصالطبقة ارستقراطيةمنبثقة من حملات الجهاد التي قامت في القرن الماضي. و هناك قبائل" اليوربا" التي خرجت بديانة خاصة بها هي خليط من المسيحية و الاسلام و الطقوس الوثنية, وتمثل 30% و تقطن الجنوب الغربي و لاغوس.
فقبائل " اليوربا"تضم أكثر من ثلاثين مليو ن شخص و ينتمي اليها أبيولا المسلم, معرو فة بأن غالبيتها من المسيحيين, و معرو ف من جهة أخرى أن مسلمي المناطق الجنو بية الذين اعتنقو ا الاسلام في عصرحديث , و في أيام السلم, هم أقل تمسكا بالتميز الاسلامي من مسلمي المناطق الشمالية.و"الايبو"و تمثل 17% و تقطن الجنو ب الشرقي, و سبق أن حاولت هذه القبائل الاستقلال مابين 1967-1970, مما فجر حربا اهلية عرفت بحرب بيافرا التي قادها الجنرال المتمرد "أوجو كيو"، وأودت بحياة مابين 600ألف و مليون شخص.و يضاف لما سبق إثنيات أخرى صغيرة ليصبح اجمالي عدد الإثنيات التي تتكون منها نيجيريا250 إثنية لم يو حدها معا سوى قبضة الاستعمار, و سواء هذا أوذاك فإن أي منهم لم ينجح في بناء الدولة القوميةNATION-STATEفي نيجيريا.
منذ الاستقلال , سيطرأبناء الشمال على السلطة في نيجيريا, و استخدموا هيمنتهم على المؤسسة العسكرية في تكريس هذه السيطرة.أما الدولةالنيجيرية فهي من طبيعة فيدرالية, و يحكمها نظاما رئاسياقائما على ثنائية التمثيل, أي يقضي بو جو د مجلسين لتمثيل الشعب: البرلمان و مجلس االشيوخ . وتتكون الدولة الفيدرالية النيجيرية من 36 ولاية و 587 من الاقضية أي الادارات المحلية. و كانت الجمهورية الأولى التي ترأسها زعيم الشمال"تافواباعليو" من 1960 الى 1966, تعاني من عدم تو فر الكادرو عدم الاستقرار السياسي و الإداري, فيما كانت حالة الاتحاد الفيدرالي تترسخ و سط الخصومات القبلية, الامر الذي جعل العسكر يتطلع إلى السلطة بشهيةلا تقاوم. فهو القوة الوحيدة المنظمة في البلاد الى جانب كو نه يمثل النو اة الأساسية للانصهار الاجتماعي.
1- عنف و ترهيب وتزويرفي انتخابات نيجيريا
في 21 أبريل /نيسان الجاري كانت نيجيريا على موعد مع التاريخ لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في آن معا، ودعي نحو 61.5 مليون ناخب لاختيار برلمانهم المقبل وخلف الرئيس أولوسيغون أوباسانجو الذي يتولى الحكم منذ عام 1999، في عملية وصفت بأنها تاريخية لأنها تشكل أول انتقال مدني للسلطة من رئيس مدني إلى آخر،منذ استقلال نيجيريا عام 1960.وكان النيجيريون يعتقدون أن هذه الانتخابات ستشكل منعرجا تاريخيا حاسما لجهة طي صفحة الماضي . لكن الواقع أثبت عكس ذلك، إذ أن نيجيريا تتجه نحو "ديكتاتورية منتخبة" ، على حد قول أحد المرشحين للإنتخابات الرئاسية الثلاثة والعشرين ، الاقتصادي بات أوتومي.
وجرت الانتخابات الرئاسية بين عدد من المرشحين أهمهم عمرو يار آدوا حاكم ولاية كاتسينا الشمالية مساعد الرئيس الحالي أولوسيغون أوباسانجو.وتمكن نائب الرئيس عتيقو أبو بكر الذي حرمته اللجنة الانتخابية الوطنية من الترشح بدعوى الفساد من تقديم ترشيحه في نهاية المطاف بناء على قرار من المحكمة العليا.وكان أبو بكر انفصل عن حزب الشعب الديمقراطي الحاكم بزعامة الرئيس أولوسيغون أوباسانجو، وترشح عن حزب العمل.وترشح الجنرال محمد بخاري المنحدر أيضا من الشمال على غرار عمر يار آدوا، باسم حزب الشعب النيجيري.وكان الجنرال بو خاري ابن العائلة الفولاذية, و الذي كان وزيرا للطاقة في عهد حكو مة شاغاري,ينظر اليه على أنه "الرجل المنقذ" لعملاق افريقيا الذي بدا يتهاوى تحت ضربات الفساد و ارتفاع المديو نية و انخفاض عائدات النفط. فمنذ الانقلاب الذي أطاح بنظام الجنرال" محمد بخاري " في أغسطس عام 1985 ، بدا واضحا أن الجنرال "إبراهيم بابا نجيدا " عازم على تحقيق التحول الديمقراطي في البلاد . فعمل على إصدار دستور جديد في عام 1989 تضمن الكثير من التفاصيل والوسائل المختلفة لضبط السلطات في ظل نظام رئاسي ، مع تحديد قواعد العمل الحزبي الذي اقتصر على وجود حزبين كبيرين فقط هما الحزب الديمقراطي الاجتماعي ، والحزب الوطني الجمهوري ، اللذين تم تشكيلهما من دون أي استشارة ديمقراطية ، فضلا عن أن برنامجيهما يخدمان بشدة توجهات الحكومة العسكرية .
وعمل نظام الجنرال إبراهيم بابا نجيدا العسكري على فرض المزيد من القيود على عملية التطور السياسي في اتجاه ارساء الديمقراطية ، عندما تم اخماد محاولة انقلاب فاشلة في 22 نيسان عام 1990.وحين جرت الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد 12 حزيران 1993 ، وفي وجود ديمقراطي سليم ، وكان ابيولا على وشك الفوز بها ، رفض الجنرال ابراهيم بابانجيد التخلي عن السلطة، وسارع إلى الغاء تلك الانتخابات الرئاسية . وكان الجنرال ساني أباتشا قد انقض على السلطة في 17 نوفمبر من عام 1993 في انقلاب أبيض أطاح بالجنرال والرئيس الأسبق ابراهيم بابا نجيدا . وبالمقابل اعتقل مشهود أبيولا الملياردير الجنوبي المسلم عام 1994 من دون أية محاكمة ، بعد أن أ علن نفسه كرئيس لنيجيريا ، استناداً للانتخابات التي جرت في عهد بابا نجيدا.
المفاجأة في هذه الانتخابات الرئاسية الأخيرة ليس فوز الحزب الحاكم ، و إنما في حجم هذا الفوز.إذ أعلنت اللجنة الوطنية المشرفة على الانتخابات في نيجيريا فوز مرشح حزب الشعب الديمقراطي الحاكم عمر موسى يارادوا رئيسا للبلاد, وسط موجة تنديد دولي بعدم نزاهة العملية وافتقارها للديمقراطية والشفافية.وقال رئيس اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة موريس لو إن حاكم ولاية كاتسينا حصل على 24638036 صوتا مقابل 6605299 صوتا لأقرب منافسيه محمد بوهاري من حزب الشعب النيجيري. ويذكر أن الرئيس النيجيري الحالي أولوسيغون أوباسانجو هو الذي رشح يارادوا ليصبح خليفة له بعد فشله في تغيير الدستور للسماح له بتولي فترة رئاسة ثالثة.
هناك إجماع محلي و دولي أن الانتخابات النيجيرية الأخيرة ، شابتها مخالفات عديدة ، منها أنها لم تبدأ في الوقت المحدد وشهدت نقصا في بطاقات الاقتراع وترهيب واسع للناخبين والاستيلاء على صناديق الاقتراع وشراء الأصوات. فقد تواطأت الحكومة النيجيرية ومسؤولو الانتخابات في عمليات التزوير والعنف التي شابت الانتخابات الرئاسية في بعض المناطق، و التي خلفت 200 قتيلا على الأقل ،وذلك في الفترة الممتدة بين ال14 وال21 من أبريل/نيسان الجاري.
وقال ماكس فان دين بيرغ كبير مراقبي الاتحاد الأوروبي في البيان الذي رفعه ،أن لجوء أعضاء بعض الأحزاب السياسية إلى العنف خلق أجواء من الرعب والتخويف رافقت سير العملية الانتخابية. وقال البيان إن الاتحاد الأوروبي يشدد على حق الإنسان في الحياة والديمقراطية، ووصف مراقبوه الانتخابات في نيجيريا بأنها "بعيدة عن المعايير الدولية".وأضاف فان دين بيرغ في مؤتمر صحفي عقده في أبوجا أن الانتخابات كانت "تفتقر إلى التنظيم والشفافية, كما أن الاتحاد الأوروبي يملك أدلة دامغة تؤكد حصول تزوير وخاصة خلال عملية جمع الأصوات وإعلان النتائج وسحب رخص التصويت من الناخبين المسجلين وغياب الشروط المتساوية للمتنافسين".
وفي أول رد فعل له على هذه التقارير قال البيت الأبيض في واشنطن إنه "قلق للغاية من أعمال العنف التي رافقت الانتخابات, ودعا كافة الفرقاء إلى ضبط النفس".وقال المتحدث باسم البيت الأبيض غوردون جوندرو "نحن قلقون للغاية مما رأيناه نهاية الأسبوع الفائت, لقد دعونا إلى انتخابات عادلة وحرة, ولست متأكدا من أن هذا ما حصل عليه الشعب النيجيري, نحن في انتظار المزيد من المعلومات".
وقد اعترف الرئيس النيجيري بأن الانتخابات التي شهدتها البلاد "لا يمكن اعتبارها مثالية", لكنه ناشد النيجيريين مواصلة الثقة في العملية الديمقراطية". وأضاف أن النتائج لم تبتعد كثيرا عن التوقعات, وناشد كل من لم يرض عنها اللجوء للسبل القانونية.
وفي المقابل شكك مرشح المعارضة الجنرال محمدو بوهاري بنتائج الانتخابات الرئاسية، ووصفها بأنها الاسوأ في تأريخ البلاد.كما شكك المرشح الرئاسي الآخرعتيق أبو بكر نائب الرئيس بها، بعد أن حصل على نسبة 2،6 مليون من الأصوات، واعتبرها غير نزيهة وغير ديمقراطية.وبدورها طالبت أكبر جماعة نيجيرية محلية لمراقبة الانتخابات بإلغاء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وإعادة إجرائها خلال ثلاثة أشهر, ووصفت العملية بأنها مسرحية من ترتيب الحكومة. وخرج مئات الشباب إلى شوارع مدينة كانو التي تعد معقلا للمعارضة شمالي البلاد احتجاجا على نتائج الانتخابات.
ودعاائتلاف يضم عشرين حزباً سياسياً نيجيرياً معارضاً بينها أبرز حزبين في البلاد الأربعاء إلى تنظيم تظاهرات كثيفة، ولكن سلمية ابتداء من الأول من مايو/أيار للمطالبة بإلغاء انتخابات ابريل/نيسان التي اعتبروها مزورة.كما دعا ائتلاف من 16 منظمة غير حكومية إلى التحرك بكثافة للمطالبة بإلغاء انتخابات الولايات والانتخابات الرئاسية التي نظمت في 14 و21 ابريل/نيسان. ويضم الائتلاف كذلك حزب كل شعوب نيجيريا بزعامة الجنرال محمد بخاري، الذي ترشح هو أيضاً للرئاسة.
2-تراجع الديمقراطية في نيجيريا
السمة الرئيسة المأخوذة عن الانتخابات النيجيرية ، سواء منها المحلية ، أو الرئاسية، أنها كانت كاريكاتورية ، وشابتها العيوب كلها المعروفة في البلدان المتخلفة، وعبرت عن تراجع الديمقراطية في نيجيريا،و أسهمت من دون شك في أن يضع الرئيس المنتهية ولايته أولوسيجون أوباسانجو خليفته مكانه لكي يظل يتحكم بمقاليد الحكم من بعيد.
رغم أن إفريقيا تعيش منذ منتصف الثمانينات مرحلة تحول جديدة نحو الديمقراطية التعددية، اتضحت ملامحها في تزايد المطالب الشعبية المنادية باحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ، وبإضفاء الطابع الديمقراطي على مؤسسات الحكم و السياسة ، و في تزايدالضغوط الغربية بزعامة الولايات المتحدةالاميركية, التي تطالب بضرورة تحويل ممارسة النشاط السياسي في دول العالم الثالث الى العمل تحت مظلة الديمقراطية الغربية ، فإن نيجيريا لم تستطع أن تحقق انتقالا سلسا للسلطة.
وعلى الرغم من كل ذلك,بدأت معالم الديمقراطية الغربية تغزو أرض نيجيريا,بصورة عرجاء,لاستنادهافقط على و عود الحاكم العسكري, باحترام نتائج الانتخابات, دون ضمانات برلمانية يكفلها الدستور, و دون مراعاة للتقاليدالشعبية المتوارثة,التي تربط دستورية السلطة و شرعيتها,بانتماء الممارسين لها أو الفائزين بها, إلى قبيلتي الهوسا او الفلاتي, المسلمتين في الشمال,بحكم تمثيلهما للأغلبية الساحقة من الشعب النيجيري.
وكان الرئيس أوليسيغون أوبا سانجو الذي انتخب في السابع والعشرين من شهر شباط 1999، و أعيد انتخابة مرة ثانية في عام 2003 ،يفتخر بأنه رئيس الدولة العسكري الوحيد الذي حكم نيجيريا طيلة فترة ( 1976 – 1979 ) ، وسلم السلطة إلى المدنيين في التاريخ المحدد عام 1979 . وكانت معرفته الجيدة بالعسكريين جعلته الوحيد القادر على تأكيد استمرارية وتدعيم أواصر التحول إلى الديمقراطية في نيجيريا ، خصوصاً وان هذا التحول الديمقراطي محكوم بعدة عوامل أساسية لعل أبرزها ضمان مصالح المؤسسة العسكرية المهيمنة ، التي تصر على ضرورة استمرار سيطرة الجيش على عملية التحول ، وان تم ذلك بشكل غير مباشر ، ومن خلال شخصية عسكرية في رداء مدني .
لكن المحللين يقولون أن هناك عقبات أساسية اعترضت الرئيس أوباسانجو عند تسلمه السلطة ،
أولاً : ميراث الحكم العسكري الطويل، حيث توجد عدة تيارات داخل المؤسسة العسكرية لها مواقف متباينة ومتفاوتة الحدة من موضوع برنامج الاصلاح وعملية التحول إلى الديمقراطية والانتقال نحو الحكم المدني . فالجيش يريد أن يكون له دور يمكنه من المحافظة على رقابة معينة لشؤون البلاد ، لا سيما حول عملية إعادة هيكلة الدولة ، التي جوهرها التخلص من التسلطية والتحول من نظام هيمنة عسكرية إلى صيغ أكثر ديمقراطية في الحكم .
ثانيا :التركيبة العرقية في نيجيريا ، حيث تسيطر قبائل الهوسا المسلمة على الجيش والسلطة في نيجيريا رغم وجود 250 جماعة أثنية أخرى . ويشعر أبناء الجنوب المسيحي بالغبن والاضطهاد من هيمنة الشمال المسلم الذي يوظف المؤسسة العسكرية حسب وجهة نظرهم لترسيخ احتكار قبائل الهوسا الشمالية مصادر القوة الاقتصادية والسلطة في نيجيريا .
ثالثا :الأزمة الاقتصادية ، فعلى الرغم من أن نيجيريا تحتل المرتبة الخامسة في قائمة البلدان المصدرة للبترول في العالم ، إذ يقدر انتاجها ما بين 2.2 و3 ملايين برميل يومياً من الآن وحتى العام 2007، قبل أن ترفعه إلى 4.42 مليون برميل في العام 2020، وتلقب غالبا ب"عملاق إفريقيا "، فإن نيجيريا مهددة بالانفصال، جراء شمولية الفساد المنتشرفي أجهزة الدولة،ولدى الشركات النفطية العاملة في البلاد. فمنذ بداية إنتاج النفط،تم تحويل ما يقارب مبلغ 352 مليار دولار من عائداته ، إلى جيوب وأرصدة مافيات الفساد، أي ما يعادل أربع مرات حجم المساعدات الغربية لإفريقيا طيلة العقود الأربعة الأخيرة.إضافة إلى ذلك ، فإن الصراعات الطائفية و العرقية تهدد وحدة البلاد،بسبب انقسامها بين شمال زراعي يقطنه سكان مسلمون في غالبيتهم ،إذ يتم تطبيق الشريعة الإسلامية في عدد من ولاياته، و بين جنوب مسيحي و غني بالنفط.ورغم هذه العائدات النفطية الضخمة، فإن نيجيريا تحتل المرتبة ال159 على مستوى الصحة، من أصل 177 بلدا- في قائمة التنمية الانسانية التابعة للأمم المتحدة.
لهذه الأسباب مجتمعة ، تواجه عملية التحول الديمقراطي في نيجيريا تحديات داخلية وخارجية كبيرة ، يتطلب من الرئيس المدني الجديد إعادة ترتيب وتنظيم البيت النيجيري من الداخل، عبر اضطلاع مؤسسات المجتمع المدني بعبء قيادة عملية التحول هذه ، باعتبارها البديل الاستراتيجي لاخراج نيجيريا من قمقمها بعد خمسة عشر سنة من الحكم العسكري التسلطي الذي ترك وراءه أزمات مستعصية ،عجز الرئيس المنتهية ولايته عن حلها.
كاتب تونسي
أرسل الى الوسط التونسية بواسطة الكاتب التونسي توفيق المديني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.